عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-10-2010, 02:36 AM
أبو عبد الودود عيسى البيضاوي أبو عبد الودود عيسى البيضاوي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 92
شكراً: 29
تم شكره 14 مرة في 10 مشاركة
افتراضي الفروق بين الغزو السوفيتي لأفغانستان وبين الغزو الأمريكي للعراق

الفروق بين الغزو السوفيتي لأفغانستان وبين الغزو الأمريكي للعراق


الحمد لله ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله أما بعد:

تساءل بعض الناس عن الفرق بين الغزو السوفيتي لأفغانستان وبين الغزو الأمريكي للعراق وقال: [والحقيقة أننا لم نعد نسمع ونقرأ فتاوى رسمية في وسائل الإعلام المتعددة والتي تنادي بإخراج القوات الصليبية المحتلة لأرض العراق كما كنا نسمع أيام غزوا الأتحاد السوفيتي لإفغانستان ولعل السبب معروف لدى الجميع !! وقد يكون لأسباب لا نعلمها .

ولكن في المقابل هناك من أهل العلم المعروفين من يصرح صراحة بالجهاد في العراق وقد سمعنا كثير من أهل العلم في هذه البلاد وغيرها بضرورة مقاومة العدو المحتل في أرض العراق ، وبعض أهل العلم التزم الصمت لأسباب منها ما ذكرت سابقا ومنها التذرع بالخوف ! مع أن هؤلاء كانوا يوماً من أشد الناس دعوة للجهاد في أفغانستان !

فما الذي أختلف اليوم عن الأمس وما الذي حدث وتغير ! وما الفرق بين غزو افغانستان سابقاً وغزو العراق اليوم ؟ ].
فأقول جواباً على كلام ذلك المتسائل:

إن الفرق بين قتال الروس وقتال الأمريكان كالفرق بين الليل والنهار لا ينبغي أن يجهله طالب علم مطلع على الواقع!

ولما تنظر إلى الفرق بين الواقعتين لابد من مراعاة القواعد الشرعية وإلا سيكون تصورك فاسدا مخالفا لما أنزل الله ..

أولاً : قتال الروس ..

أ- قامت في أفغانستان حكومة شيوعية يرأسها نجيب الله ..

ب- قام الشيخ السلفي المجاهد جميل الرحمن بإعلان الجهاد فتبعه على ذلك خلق وبدأت المواجهات بين الشيوعيين والمجاهدين المدعومين من الشعب ذي الغالبية المسلمة ..

جـ - انتشر الجهاد في جميع الولايات وصارت الحكومة الشيوعية مهددة وقد ضعفت عن مقاومة المجاهدين حينئذ طلبت المساعدة من الاتحاد السوفيتي فجاء بجيوشه الجرارة وبعدده الجبارة ..

د- لما دخلت روسيا بثقلها انتاب العالم بأسره قلق كبير وخافوا من تنفذ روسيا ومحاولتها التمدد إلى الخليج العربي(المياه الدافئة) فبدأت المساعدات تفد إلى المجاهدين من الدول العربية والإسلامية ومن أمريكا نفسها!!

[هنا مداخلة وملاحظة : في تلك الأثناء كانت أمريكا مساندة لليهود كعادتها وتسعى لمد نفوذها في العالم وكانت تخطط لغزو العراق وكان وعد كسنجر قد ظهرت بوادره ومع ذلك لم نر تحركا من أسامة بن لادن ولا من غيره حربا ضد أمريكا وهي قائدة المعسكر الغربي بل كان بن لادن يحصل على دعم من أمريكا في حربه مع الروس] -فهناك فرق حتى عند بن لادن في تلك الفترة!!-

هـ - انهالت أموال المسلمين على الأفغان الفقراء الجوعى فدخل الأدعياء والانتهازيين[إضافة إلى وجود الصوفية الغلاة كمجددي والرافضة وكان ثلاثة من قادتهم في الحكومة الأفغانية أيام عزام] مما طول أمد الحرب دون تقدم يذكر اللهم إلا ما كان من انسحاب روسيا مع بقاء الدعم المادي والسلاحي للحكومة الشيوعية ..

و - [وهذا مهم للفرق ومواقع الفتوى وتغيرها لتغير أسبابها الشرعية] : ظهر في أرض الجهاد في أفغانستان الفكر التكفيري والمعتقد الخارجي واستشرى بين الشباب حتى كان كثير من الشباب يذهبون للتدريب العسكري فقط فيرجعون وهم مملوؤون حقدا وحنقا على بلادهم ويودون لو أنهم يقتلون كل عسكري فيها ..

فصار كثير ممن ينادي بالجهاد متلوثاً بهذا المعتقد الخبيث العفن ألا وهو معتقد الخوارج الأنجاس حتى صار يصعب التمييز بين الخارجي والمجاهد في كثير من الأحوال إلا بعد الفحص والتحليل والتأكد من خلو من يدعو للجهاد من فيروس الخوارج ..

هذا حال أفغانستان باختصار شديد مع لفت الانتباه إلى التفرق الكبير بين أحزاب المجاهدين وما كان عند كثير منهم من خلل في المعتقد ومن فكر متطرف ..


ثانيا : حرب أمريكا على العراق :

وضع العراق يختلف تماماً عن أفغانستان من وجوه عديدة هي كالتالي :

أ- أول الذين قاموا على الحكومة الشيوعية في أفغانستان هم المجاهدون من أهل السنة بل شيخهم جميل الرحمن -رحمهُ اللهُ- قتيل الغدر الإخواني القطبي!

أما العراق فلم يقم عليها أحد من الداخل لضعفهم وقوة السلطة .

ب- أمريكا جاءت متذرعة بعدة ذرائع منها حماية دول الجوار ، ووجود أسلحة الدمار الشامل!! ، وبطلب ومطالبة من كثير من فئات الشعب من الشيعة والسنة والعلمانيين(خليط) لتخليصهم من الحاكم البعثي الاستبدادي.

فأمريكا جاءت بناء على طلب فئات من الشعب [إضافة إلى ذرائع أخرى وأهداف مرسومة لا تخفى على اللبيب!!].

أما أفغانستان فلم تأت روسيا بناء على طلب الشعب بل بناء على طلب الحكومة الشيوعية !

جـ - الحرب في أفغانستان أيام تواجد الروس كان لإيقاف روسيا عن الوصول إلى الخليج العربي ومنابع النفط حيث لا وجود لها هناك إلا بعيداً في اليمن الجنوبي!-قديما-

بخلاف أمريكا فهي موجودة وبقوة في المنطقة وهي ليست بجديدة عليها فالخوف منها [مع وجوده بقوة] ليس كالخوف من المد الأحمر إضافة إلى أمر مهم وهو :

د- روسيا لم تكن لها سيادة ولا تأثير على الرأي العام والسياسي في الشرق الأوسط لضعف نفوذها وخاصة بعد موت جمال عبد الناصر ، فكان المساعدة في حرب أفغانستان من الأمور الطبيعية نظراً للعداء بين دول المنطقة وبين روسيا ..

أما أمريكا فلها نفوذ وقوة وتأثير وضغط ، وليس من السياسة الشرعية مواجهتها بالحرب كما فعلت حركة طالبان متجاهلة أيسر مبادئ السنن الكونية والشرعية ..

فكيف تريد من الدول الإسلامية أن تحارب أمريكا في العراق وليس عندها من القدرة والقوة والاجتماع والالتحام بينها وبين كثير من أبنائها على مقاومة دولة كأمريكا ..

إذا كان الأعداء موجودون في الداخل ومتربصون ويعملون التفجيرات في الأسواق والمجمعات السكنية ويلتمسون غفلة من الأجهزة الأمنية لعمل فسادهم وتخريبهم فكيف بالله عليك تريد من الدول المسلمة أن تحارب الأعداء الخارجيين وهي لم تقض على الأعداء في الداخل ؟!!

وأنت تعلم أن الحرب تصاحبها فوضى واختلال في الوضع الأمني مما يسهل على الخوارج العبث بالأمن والفتك بأرواح الناس .

هـ - إن المطالبة بمقاومة الاحتلال الأمريكي دون قيود ولا شروط ولا واقعية ولا حكمة في الوضع الراهن من أكبر الجهل والضلال ..

فالقوة العظمى في العراق لثلاث طوائف :

الطائفة الأولى : الرافضة مدعومون من إيران بكل قوة ، وفي حال خروج أمريكا فستكون على السنة مذبحة عظمى من هؤلاء الأوغاد –كما حصل من الخميني- إلا أن يشاء الله.

الطائفة الثانية: الأكراد ويغلب عليهم الطابع العلماني فهل هؤلاء هم أمل أدعياء الجهاد؟!!

الطائفة الثالثة: البعثيون وعندهم التقنيات والأسلحة والكثرة الكاثرة فهل هؤلاء هم أمل الأدعياء؟

ثم تأتي طائفة رابعة وهي السنة وهم الأقلون الأضعفون من حيث العدد والعدة خاصة عند تكالب الأعداء وضعف النصير ..

والله -عزَّ وجلَّ- يطلب من عباده الاعتبار والاتعاظ بمن سبق ولا يطلب منهم التهور وإهلاك النفس!

فمقاومة الأمريكان في هذه الحالة لا تتحقق منه مقاصد الشريعة ، فما يحصل من عمليات في العراق ليس من الجهاد في شيء إلا في حالة واحدة ..

إذا كان المسلم في بيته ودخل عليه جنود أمريكان أو أكراد أو رافضة أو غيرهم فأرادوا قتله أو هتك عرضه أو أخذ داره وماله فله أن يدفع عن نفسه ويقاتلهم فإن قتل فهو شهيد .

وهذا هو جهاد الدفع المشروع في العراق فقط ..

لما سبق من الفوارق العظام بين الحرب في أفغانستان إبان حرب روسيا ، وبين الحرب في العراق فمن الطبيعي ألا تجد عالما بشريعة الإسلام يفتي بالجهاد في العراق لما فيه من الفساد وغلبة أهل الشر والفساد اللهم إلا ما ذكرته من جهاد الدفع عن المداهمة ..


وأخيراً ما هو الحل ؟ وكيف نستطيع إخراج المحتل مع وجوبه شرعاً ؟

فالجواب على هذا السؤال طويل جداً وهو باختصار :

ليس الأمر بالسهولة التي يظنها البعض بل هذا أمر عسير يحتاج إلى جهود جبارة من العلماء وطلاب العلم وجميع المسلمين في بقاع الأرض ...

فهناك بعض الدول محتلة منذ عشرات السنين ولا نجد حراكا لهؤلاء كالدول التي يحكمها من يؤله عيسى ، أو يؤله محمد بن نصير النميري أو رافضي يؤله الأئمة الإثنا عشر!!..

إضافة إلى اليهود في فلسطين ..

فلماذا يركز أدعياء الجهاد على القتال في العراق ويهملون تلك الدول؟!!

أم هو الانسياق خلف الإعلام والجهاد المسير من قبل اليهود؟!!

فهل تحرير العراق من الأمريكان أولى من تحرير تلك البلدان من المحتلين المحليين؟!!!

فهذه ملاحظة لا يفهما إلا لبيب فقيه بالواقع لم ينخدع ببهارج الإعلام ولم ينسق وراء مخططات القطبيين والسروريين المسيرين من قبل الموساد –وهم قد لا يعلمون!!- ..

عموما : الحل لمآسي المسلمين في البلاد المحتلة في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا وإفريقيا هو حل واحد لا ثاني له وهو :

قال تعالى: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.

وقال النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- : ((سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)).

و((دينكم)) قد بينه النبي -صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم- في حديث جبريل لما سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان وأشراط الساعة فأجابه ثم في آخر الحديث: ((فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)).

فبالعودة الصادقة إلى الله ودينه من الحكام والمحكومين ينصلح حال المسلمين ويكون لهم الاستعداد التام لتطبيق الشرع في القول والفعل والاجتماع على الحق وترك التفرق وترك المعتقدات الفاسدة كمعتقد الخوارج والمرجئة ، ومحاربة المنافقين والزنادقة ، وجهادهم وجهاد الكفار ..

فيجب على المسلمين نشر الحق والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، وتجريد التوحيد لله رب العبيد ، والبعد عن الفلسفة والجدل وأباطيل أهل البدع ، وأمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، والالتفاف حول العلماء والأمراء ، وطاعتهم في أمر الدين والدنيا ..

فإذا استيقظ الناس ، واجتمع الراعي مع رعيته فحينئذ تتمهد أسباب النصر وتدق بشائره ..

أما مع الفرقة والخلاف ، والتحزب والتفرق ، والكيد بولي الأمر ومحاولة المكر به ، وازدراء ولاة الأمر من العلماء والأمراء ، وتهييج الناس على علمائهم وأمرائهم ، ونشر الدعوات الباطلة والمعتقدات الرذيلة كمعتقد الخوارج والمرجئة ، ومع إساءة الظن بالولاة والعلماء فلن تقوم للمسلمين قائمة في العراق ولا في غيرها من الدول المحتلة إلا أن يشاء الله ..

فالأشياء لا تقع ولا تحصل إلا بتحقيق أسبابها ووجود شروطها وانتفاء موانعها بعد مشيئة الله وإرادته ..

هذا ما حضرني في بيان الفرق بين حرب الروس والأمريكان ، وسبب عدم إصدار العلماء لفتاوى كما صدرت أيام حرب الروس أفغانستان ، والحل الشرعي لهذه المشاكل العالقة في بلاد المسلمين .

ونبهت على خطورة الإعلام الغربي الذي يركز على المقاومة في العراق مغفلاً حال بعض الدول المحتلة التي هي أولى بالمطالبة بتحريرها وإقامة دين الإسلام فيها


وأطمئن إخواني المسلمين الذي طهروا قلوبهم من معتقدات الخوارج والمرجئة أن الدول المسلمة وعلى رأسها الحكومة السعودية -حرسَها اللهُ- حريصة كل الحرص على استتباب الأمن والأمان في جميع ربوع بلاد المسلمين وخاصة في العراق ، وتسعى جاهدة لنشر الوعي الديني بين الشعوب في أنحاء العالم ، وتحاول أن تجلي للبلاد كلها حقيقة الإسلام المبني على الوسطية والاعتدال ، البعيد عن الغلو والإجحاف ..

والدولة السعودية -حرسَها اللهُ- ماضية في دعوتها ونشر رسالتها الشرعية رغم اتهام المنافقين لها بالتهم الباطلة ، ورغم تركيز الخوارج على حربها وتشويه صورتها ، ورغم الضغوط الخارجية عليها إلا أنها صابرة محتسبة ، لا تألو جهدا في الدفاع عن العقيدة السلفية والدفاع عن علمائها وأئمتها ، راعية لحال المسلمين وإن ظلموها وأنكروا جميلها ..

فلله درها من بلد إسلامي أصيل ، ولله درها من معقل للدين والإيمان ما أحصنه وما أرفعه ..

نسأل الله أن ينصرها ويعلي شأنها في الدنيا والآخرة ..

وأسأل الله لها التوفيق والسداد والهدى والرشاد.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

كتبه: أبو عمر أسامة بن عطايا العتيبي


منقول مع تصرف يسير
رد مع اقتباس