عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-28-2015, 11:14 AM
أبوشعبة محمد المغربي أبوشعبة محمد المغربي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 761
شكراً: 0
تم شكره 71 مرة في 63 مشاركة
افتراضي [خطبة مفرَّغة] : وُجوبُ التَّشبُّتِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ لفضيلة الشيخ العلامة : محمَّد تقي الدِّين الهلالي المغربي -رحمه الله تعالى-

خطبةُ جمعةٍ :

وُجوبُ التَّشبُّتِ بالكِتابِ والسُّنَّةِ
لفضيلة الشيخ العلامة :
محمَّد تقي الدِّين الهلالي المغربي
-رحمه الله تعالى-






بسم الله الرحمان الرَّحيم
الخطبة الأُولى:
الحمدُ لله نحمدهُ ونستعينُه ونستغفرُه ، ونُؤمنُ به ونتوكَّلُ عليه ونبرَأُ من الحولِ والقُوَّة إليهِ ، ونعُوذُ بالله من شرورُ أنفسنا ومن سيِّئاتِ أعمالِنا ، من يهده اللهُ فلا مضلَّ لهُ ، ومن يُضلِل فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأشهدُ أنَّ محمداً عبده ورسولهُ أرسلهُ بشيراً ونذيراً بالحقِّ بين يدَي السَّاعة ؛ فبلَّغَ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانةَ وجاهدَ في الله حقَّ جهادهِ ونصحَ لعبادهِ وعبدَ الله حتَّى أتاهُ اليقين .
اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آل محمَّد كمَا صلَّيتَ على إبراهيم ، اللَّهمَّ بارك على محمَّدٍ وعلى آل محمَّد كما باركتَ على آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيدٌ
أمَّا بعدُ :
فإنَّ أصدقَ الحديث كلامُ الله وخيرُ الهديِ هدْيُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ، ما معنى ذلك؟ هكذا كانَ يقول النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ جُمعةٍ على المنبرِ؛ أمَّا بعد: (فإنَّ أصدق الحَديث كتابُ الله) : أي أصدَقُ الحديثِ والقولِ والخبَرِ هو كلامُ الله تعالى وأفضَلُ الكلامِ -كلامُ الله تعالى-.
ومنذُ أن أنزله الله تعالى على هذه الأمَّةِ ، الَّتي فضَّلها الله على سائرِ الأُممِ إنْ تمسَّكت بهِ. قرنهُ الله تعالى بالعزِّ والنَّصرِ والإقبَالِ واليُمنِ والبَركة والتَّيسيرِ والغنَى (والعز) وكلَّ شيءٍ طيّبٍ في هذهِ الدُّنيا أو قرنَهُ بالسَّعادةِ الأبديَّةِ بـ ( سعادَةِ الدُّنيا والآخرَةِ ) ، فمنْ تمسَّكَ به وأخذَ بهِ سعِدَ ونجَى ومنْ أعرَضَ عنهُ خسرَ وهلك، ثمَّ لا يفوزُ أبداً إلاَّ إذا عادَ إلى كتابِ اللهِ ، فمنْ تعلَّق بأيِّ دولةٍ شرقيَّةٍ أو غربيَّةٍ فإنَّها لا تزيدُه إلاَّ خبالاً وخسرانا(!).

فكتابُ اللهِ هو الحياةُ وتركُه موتٌ ، كتابُ الله هو العزُّ وتركهُ ذلٌّ ، وكتَابُ اللهِ هو الغنى وتركُهُ الفقرُ ، وكتابُ الله هو الإنسانيَّةُ وترْكُهُ وحشيَّةٌ وهمجيَّةٌ ، وأنتم ترونَ الآن [
(أنَّه)] ما رأينا دولةً ولا شعباً ولا أمَّةً ، تركتْ كتابَ اللهِ إلاَّ وأذلَّها الله وغضِبَ عليها وأخزاها ، وأضلَّها ضلالاً بعيداً ، إذاً فلا سعادَةَ للمسلمينَ إلاَّ بالرُّجوعِ إلى كتابِ الله يُحكِّمونهُ في بيُوتهم في مدارسهم في محَاكمِهم في أسواقهم في كلِّ مكانٍ ، يكونُ له الأمرُ والنَّهيُ ويكونُ له السَّمعُ والطَّاعَةُ ويكونَ نهجاً ونوراً وهُدىً ؛ وبدون هذا يسْتمرُّ الشَّقاءُ إلى الأبَدِ والذُّلُّ إلى الأبدِ.
ونحن نقول هذا منذُ أكثرَ مِن خمسين سنةٍ ونتحدَّى من يُخالفنَا في هذا منَ الشُّيوعيِّين ومنَ الكفَّار ومنَ الجاحدين أنهمُ يغيِّرونَ هذا الوضعَ بدون الرُّجوع للقرآن العظيم.
وممَّا كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقولهُ: وخيرُ الهديِ هديُ محمَّدٍ، أفضلُ الطُّرُق في عبادة الله في الحُكم في العدْلِ في الأخلاق في كلِّ شيءٍ ... ، أفضلُ الطُّرُق الَّتي يسيرُ عليها المؤمنُ في حياته هي الطَّريقة الَّتي كان عليها سيِّدُ البشَرِ محمَّد رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم)، ولا توجدُ طريقَةٌ تساويها أبداً فكيفَ تكونُ أحسنَ منها؟! ، وشرُّ الأمورِ مُحدثاتها: هذا خاصٌّ بأُمورِ الدِّين ، فشرُّ أمورِ الدِّين.
كما قال مالكٌ -رحمه الله- :
وخيْرُ أمورِ الدِّين ما كانَ سنَّةً … وشرُّ الأمورِ المُحدثاتُ البَدائعُ
فشرُّ الأمورِ مُحدثاتها في أمُورِ الدِّينِ أمَّا في الدُّنيا فمَا أحسنَ البِدَعَ : ما أحْسن البِدع في البناء وفي الحَرثِ وفي وسائلِ السَّفَرِ منْ طَيرانٍ ، وسيَّاراتٍ وغَيرها وسائِل النَّقلِ...، البِدَعُ طيِّبةٌ في أُمورِ الدُّنيَا.



لأنَّ النَّبيَّ ﷺ لمَّا هاجرَ إلى المدينةِ وجدهُم يلقِّحونَ النَّخْلَ يعني : يأخذُون من الذَّكر ويضعونَه في الأنثى ، فقال : ماهذا ؟ -لأنَّ النَّبيَّ ﷺ لم يكنْ في البلد ما نقل وما زرع وهو من النُّسَّاك - ، فقالوا شيء نأخذه من الذَّكر ونجْعلهُ في الأنثَى يَصلُح عليهِ التَّمرُ، فقال : مَا أراهُ ينفعُ ( هذا ما ينفعُ ) ، فتَركواْ التَّلقيحَ ففسَدَ التَّمرُ وصارَ رفيفاً، وهو ما يُسمَّى عندنا بتافيلالت بلغتنا (بالخِصيان) ، يعني : التَوى وصار رقيقاً ومُلتوياً ، ليسَ بتمرٍ ولا ينفعُ ، فأخبرواْ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقال : إذا حدَّثتكُم عن الله فخُذُواْ بهِ إذا قلتُ لكم : أوجَبَ الله عليكم كذا وكذا من أمورِ الدِّين وحرَّم عليكُم كذا وكذا أو أمركمُ بكذا وكذا فخذواْ بهِ فإنِّي لا أكذِبُ على الله ؛ وأنتم أعلمُ بأمورِ دنياكُم)
[١].
أمَّا الفلاحةُ والصِّناعةُ والتِّجاراتُ أنتم أعلمُ بها ، فلِذلكَ كانتِ البدَعُ هيَ شرّاً عندَ العلماءِ المحقِّقينَ من المعاصي كالقتْل والسِّرقة والزِّنا وشُربِ الخمرِ وأكلِ أموالِ النَّاس بالباطلِ وقدفِ المُحصنَاتِ، فالبِدَعُ أقبَحُ وشرٌّ منها عندَ الله تعالى، لأنَّ البدعَةَ لايرجع صاحبُها وهو يظن أنَّها ترفعهُ وتقرِّبهُ إلى الله ، وأمَّا أهلُ المعاصي فلا يعتقدونَ أنَّها تقرِّبهم إلى الله فقد يتوبونَ منهَا.
واتِّباعُ سنَّةِ النَّبيِّ ﷺهي حياةُ الدِّين وحياةُ المُؤمنينَ.
عن أبي شُريحٍ الخزاعيِّ -رضيَ الله عنهُ- قال خرَجَ علينا رسولُ الله ﷺ فقال : أليس تشهدونَ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وأنِّي رسولُ الله ؟ ، قلنا : بلى يا رسولَ الله ، قال : فإنَّ هذا القرآنَ طرفُهُ بيَدِ الله وطرفُهُ بأيديكُم ، فتمسَّكواْ بهِ فإنَّكم لن تضلُّواْ ولنْ تهلكواْ أبداً ما تمسَّكتم بهِ[٢].
معناه بالعاميَّة: يقول أبُو شريح الخزاعي : -كنَّا قاعدين وخرج علينا النَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ؛ وقال لينا- : أما تشهدون أن لا إله إلاَّ الله؟ ـ لا معبود بحقٍّ إلاَّ الله ـ وأني رسول الله؟ قالواْ : بلى يارسول الله نشهد.
قال فإنَّ هذا القرآن هو حبل ممدُود ـ طرفه بيدِ الله وطرفٌ بأيديكم ، فتمسَّكواْ به الحبلِ فإنَّكم لنْ تضلُّواْ ولنْ تهلكواْ ما تمسَّكتُم بهِ أبداً، لا يقوى عليكُم لا نصارى ولا يهود ومجوس ولا أيَّ شعب في الدُّنيا، ما دُمتم مُتمسِّكينَ بهذا الحبل هذا [القرآن]، فالآن ما سببُ هلاكِنا؟! رُبَّما يَجهَلُ كثيرٌ مِنَ النَّاسِ سببُ هلاكِ المُسلمينَ والعرَبِ بالخصوصِ، وهو واضحٌ جدّاً.
وهُوَ أنَّهم ضيَّعواْ هذا الحَبلَ وتركوهُ وتمسَّكواْ بحبلِ الشَّيطانِ الرَّجيم بالإعراض عن كتابِ الله.
وعنْ أبي سعيدٍ الخذري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ :(( من أكلَ طيِّباً ، وعمِلَ في سُنَّةٍ وأمِنَ النَّاسُ بوائقهُ دخلَ الجنَّة ... )) [رواه الطَّبراني] [٣].
هذه شروطٌ ثلاثةٌ جعلها النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- شروطاً للسَّعادَةِ الدُّنيويةِ والأخرويَّةِ.
فالأولى: أنْ يأكُلَ حلالاً ، لا يأكلُ غصباً ولا رباً ولا شيئا [محرما](...) .
وهيَ بالإختصارِ يكونُ سائراً علَى القُرآنِ والسُّنَّةِ، لا فيهِ رباً وغصباً ولا شيء غير طيِّب أبداً
-هذا أكَلَ طيِّباً-ـ .
وعمِلَ في سُنَّةٍ : يَكونُ عمَلُهُ من عباداتهِ وفي أخلاقهِ موافِقاً لسُنَّة الرَّسولِ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-.
الشَّرطُ الثَّالثُ : وأنْ يَأْمَنَ النَّاسُ بوائقَهُ، يأْمنُ النَّاسُ مِن شرَّهُ لا يُؤذي مسلماً أبَداً ولا معاهداً (لا يهودياً معاهَداً ولا نصرانياً) ولاَ غيْرَ المعاهَدِ.

فهذَا يُدرِكُ السَّعادَةَ كلَّها، في الدُّنيا والآخِرةَ.
وعنْ ابنِ عبَّاسٍ -رضيَ الله عنهما- قال: قالَ رسولُ الله ﷺ :( مَنْ تمسَّكَ بسنَّتِي أُمَّتي فلهُ أجرُ مِائةِ شهيدٍ) [٤].
والشُّهداءُ الَّذينَ قُتلُواْ فِي سبيلِ اللهِ، جاهدُواْ حتَّى قُتِلواْ في سبيلِ اللهِ أحياءٌ عندَ ربِّهمُ يرزقُون (فرحينَ بما آتاهُمُ اللهُ منْ فضلِهِ، ويستبشرون بالَّذين لم يلحقواْ بهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [٥].
فالشُّهداءُ أفضلُ النَّاس عنْدَ اللهِ درجَةً، والَّذِي يتَّبعُ سنَّةَ الرَّسولِ في هذا الزَّمنِ بعيْنِهِ فلهُ أجرُ منْ قُتلَ في سبيلِ اللهِ مائةَ مرَّةٍ.
وفي روايةٍ أُخرَى وَهيَ أَصحُّ :( فلَهُ أجرُ منْ جَاهد مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى قُتلَ) [٦].
الَّذي يسيرُ على طريقةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلَّم في أُمورِ الدِّينِ في هذا الزَّمانِ الفاسِدِ.
وعنْ ابنِ عبَّاسٍ -رضيَ الله عنهما- ـ أيْضاً ـ قالَ: قال رسولُ الله ﷺ :( إنَّ الشيطانَ قد يئسَ أنْ يُعبَدَ في أرضكم) [٧].
يعني النَّبيُّ ﷺ :أنَّ الشَّيطانَ يئسَ أنْ يُعبدَ في جزيرةِ العربِ، في ذلكَ الزَّمانِ لا إلى الأبدِ.




فإنَّه -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- قال: (لاَ تقُومُ السَّاعةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلْيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ) [٨].
الشرحُ :
قال :( لاَ تقُومُ السَّاعةُ ): حتَّى تركبَ نساء قبيلَةِ دوس الأصنام وتعبدَها !، كما كانتْ تعبُدُها من قبلُ.
ولكن في زمانِ الرَّسولِ والخُلفاءِ ودولةِ الإسلام كان الشيطان يائساً أنهمُ يبنون قبباً وأوثاناً ويعبدُونها من دونِ اللهِ، في أرضِ العرَبِ، ولكنَّهُ رضيَ بما سوى ذلك ، ممَّا تحقرونهُ من أعمالِكُم.
لكن رضي بما سوى ذلك ممَّا تحقرونهُ من أعمالكمُ كالغيبةِ والنَّميمةِ والظُّلمِ وغيْرِ ذلكْ، فإنَّهُ يرضى بذلكَ ويتَّخِذهُ سبيلاً إلى تفرقتكُمُ وإلى هلاكِكُم.
فاحذرُواْ، خافواْ من الله، ( خافواْ الله ) خافواْ على أنفسكمُ من الهَلاك.
[قال -عليه الصلاةُ والسَّلامُ-] :( فإنِّي تركتُ فيكُم ما إِنْ تمسَّكتم به ـ ما إن اِعتصمتم به ـ لنْ تضلُّواْ أبداً كتابَ الله وسُنَّتي ).
فكلُّ جماعةٍ تمسَّكتْ بكتابِ اللهِ وسنَّةِ رسوله [-عليه الصلاةُ والسَّلامُ-]: لابُدَّ لها منَ القوَّةِ، والعزَّةِ والسَّعادَةِ في الدنيا وفي الآخرَةِ. [ٱنظر كتاب جماعةٌ واحدَةٌ لا جماعات للشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله فإنهُ أستاذٌ في المنهج السلفي -رعاهُ الله- ].
وكلُّ جماعةٍ نبذَت كتابَ اللهِ وسُنَّةَ رسوله وراءَ ظهرهَا فلابـدَّ لها من الشَّقاءِ العاجلِ والآجل.

وعن ابن مسعودٍ -رضي اللهُ عنهُ- قال :(الإقتصادُ في السُّنَّةِ خيرٌ من الإجتهادِ في البدعةِ) [٩].
عملٌ قليلٌ من سنَّةٍ خيرٌ من إجتهاد من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ كبيرَةٍ في بدعَةٍ ، فإنَّ البدعَةَ تُفسِدُ العمَلَ، والسُّنَّةُ يقبلها الله تعالى ويرضى عنْ صاحبها.
نفعني الله وإيَّاكُم بالقرآنِ العظيمِ، وبحديث نبيِّهِ الكريمِ وأجارنا من عذابِهِ الأليمِ ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين ، فاستغفروهُ إنَّهُ هو الغفور الرَّحيم .




الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً كما يحبُّ الله ويرضى، وصلِّ اللهم على عبدك المصطفى وعلى آله وأصحابه أهل الصَّفاء والوفاءِ ، خصوصاً الخلفاءَ الرَّاشدين الأئمَّة المهديِّين، أبي بكرَ وعمرَ وعثمانَ وعليّاً، وآل بيتِ النَّبيِّ الطَّيِّبين الطَّاهرينَ.
أمَّا بعدُ:
فعن أبي أيُّوبٍ الأنصاري -رضي الله عنه- قال خرج علينا رسولُ الله ﷺ وهو مرعوبٌ [...] فقال:(إنَّ هذا القرآن شافعٌ مُشفَّعٌ، فمنْ تمسَّكَ به قادهُ إلى الجنَّةِ) [١٢].[...] بعدَ أن يحيى حياةً سعيدةً طيِّبةً، ومَنْ جعلهُ وراءَ ظهرهِ أو تَركهُ(!)، أو أعرضَ عنهُ زجَّ في قفاهُ إلى النَّار.
فاللهُ تعالى يجعلُ القرآنَ على شكلِ رجُلٍ، فَـمنْ تبِعَهُ منَ الأفرادِ والجَماعاتِ، يقُودُهُ إلى الجنَّةِ ويشفَعُ لهُ عندَ الله تعالى، وهو شافعٌ مشفَّعٌ.
من شهدَ لهُ القرآن بأنَّه أحيى به ليلهُ وعملَ به في نهارهِ فإنَّ الله تعالى يُشفعهُ فيه ويقودهُ إلى الجنَّة ومنْ أعرضَ عنهُ زجَّ في قفاهُ أي: ضرَبهُ علَى قفاهُ حتَّى ساقهُ إلى النَّار ويُدخلهُ جهنَّم.
هذا هو القُرآنُ الَّذي هو مضيَّعٌ في هذا الزَّمان.
وعن حارث بن ربيعةَ -رضي الله عنهُ- قال : ( رأيتُ عمر بن الخطَّابِ رضي الله عنه يقبِّلُ الحجر) يعني : الأسودَ [الحَجرَ الأسود].

ويقول :( والله إنِّي أعلمُ أنَّكَ حجَرٌ لا تضرُّ ولا تنفعُ، ولولا أنِّي رأيتُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقبِّلكَ ما قبَّلتُكَ) [
١٣].
الحجرُ الأسود : هو حجرٌ لاصق في ركن من أركان الكعبةِ المشرَّفةِ، وقد قبَّلهُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما كانَ تقبيلهُ له عهداً بينه وبينَ أمَّتهِ، فكلُّ من قبَّلهُ فقد جدَّد العهدَ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنْ تبعهُ في جميعِ الأمورِ.
أمَّا من قبَّلهُ عادةً ولمْ يقبِّلهُ بنيَّةٍ فإنَّه ليس له عبادةً وحجّاً ولاصلاةً ولا صياماً.
فعمرُ -رضي الله عنه- بيَّن للنَّاس أنَّ هذا الحجَر لا نقبِّلهُ احتراما لهُ لأنَّه حجرٌ من الأحجارِ لا يضرُّ ولا ينفعُ، ولكن نقبِّلهُ إتِّباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، ومُحافظةً على العهدِ الَّذي بينَنا وبينهُ أنَّنا نسيرُ بسيرتهِ ونستنُّ بسنَّتهِ.
فنسألُ الله تعالى أن ينفعنا وإيَّاكم بما سمعنا، وما قرأناهُ ، وأن يجعلنا وإيَّاكُم من الآمنينَ في الدُّنيا والآخرةِ؛ وأن يوفِّق جميع المُسلمين إلى إتِّباع سنَّة رسول الله ﷺ ، وإلى التَّمسُّكِ بكتاب الله وإلى العملِ بكتابِ الله، وإلى تحكيم كتاب الله، ونسألهُ أن ينصرَ المسلمينَ على الكافرينَ في كلِّ مكانٍ وأن ينصُرَ أهلَ الحقِّ على أهل الباطِلِ.
كما نسألهُ أن يوفِّق جلالةَ الملك الحسن الثَّاني ، وأن ينصُرَ جيشهُ على الظَّالمينْ المُعتدِينْ، وأن ينصر به كتابه وسنَّة نبيِّه، إتِّباعاً لأسلافه الطَّاهرينَ، ونسألهُ أن ينصرَ أهلَ بيته جميعاً خصوصاً وليَّ عهدهِ محمَّداً.
و نسألهُ سبحانهُ أن يتوبَ علينا وأن يهدينا ويعفُو عنَّا وأن يوفِّقنا لإتِّباع سنَّة نبيِّهِ.
اللَّهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معـصيتك ومن طاعـتك ما تبلّـغـُـنا به جنتَـك، ومن اليَقـين ما تُهـّون به عـلينا مصائبَ الدُّنيا، اللَّهُمَّ متِّعـنا بأَسْماعِـنا وأبْصَارِنا وقُـوَّاتـِنا مَا أحْييتَنا، واجعـلهُ الوارثَ منَّا، واجعـل ثأرنا على مَن ظلمنَا، وانصُرنا على من عادانَا، ولا تجعـل مُصيبـتَـنا في ديـننا، ولا تجعـل الدُّنيا أكبرَ هـمِنا، ولا مبلغَ علمِنا، ولا اٍلى النَّار مَصيرنا واجعـل الجنَّة هي دارنا، ولا تُسلط عـلينَا بذُنوبـِنا من لايخافـُـك فينا ولا يَرحمُـنا.
﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ(١٨٠) وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ(١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(١٨٢)﴾ [الصافات :١٨٠ ـ ١٨٢].



فرَّغه :
أبوشعبة محمد القادري
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين


تمَّت بحمد الله



يتبع إن شاء الله
__________________
قال حرب الكرماني -رحمه الله- في عقيدته :" هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشَّام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلها، فهو مخالف مبتدع، خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السُّنة وسبيلِ الحق".اهـ


رد مع اقتباس