عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-02-2011, 04:29 PM
عبد الغني الجزائري عبد الغني الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف - هداه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 70
شكراً: 0
تم شكره 6 مرة في 4 مشاركة
افتراضي إنحرَافُ المنهَجِ يُورثُ التّناقُضَ والتَّـنَقُّل ثمّ الهزِيمةَ والفَشَل...-ولا بُدّ-.

بسم الله الرحمن الرحيم




إنحرَافُ المنهَجِ يُورثُ التّناقُضَ والتَّـنَقُّل ثمّ الهزِيمةَ والفَشَل
-ولا بُدّ-







الحمد لله ربّنا المعبود، والشكر له على منّه وكرمه الغير محدود، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد المصطفى -خير البَرِيَّة- صاحب المقام المحمود، وعلى آله وأصحابه وإخوانه ما غرّدَ قُمريٌّ وأورَقَ عود.

«أمّا بعدُ:
ففي لقاء بين المفتي الأسبق الشيخ محمد الأمين الحسيني وطائفة من أبناء وطنه فلسطين، سُئل رحمه الله -كما هي العادة إذا ما التقى به بعض أبناء وطنه السّليب-: متى نعود إلى فلسطين؟
قال: إذا عُدتم إلى اللهِ عُدتم إلى فلسطين.
... فلا رجوع إلى العزِّ، ولا عودةَ إليه، ولا تَحصُّلَ عليه، إلاّ بالعودةِ إلى الله ربّ العالمين، «حتى ترجعوا إلى دينكم» إلى الدين الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-، وبالطريقة التي أرشد إليها محمد -صلى الله عليه وسلم-»(١).
«... ألستم تؤمنون به؟
بلى!
حسنٌ؛ فلتسمعوا قوله، ولتأتمروا بأمره، ولتتّبِعوا سنّته»(٢).
فهو الذي نزلت عليه: {يا أيّها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويُثبّت أقدامكم} [محمد: ٧].
و{إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم مِن بَعده} [آل عمران: ١٦٠].
و«لا نجاةَ لنا من هذا التّيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوَّع الذي نذوقه ونقاسيه، إلاَّ بالرّجوع إلى القرآن: إلى علمه وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتّفقُّه فيه، وفي السُّنَّة النّبويّة شرحُه وبيانُه، والاستعانة على ذلك بإخلاص القصد وصحَّة الفهم والاعتضاد بأنظار العلماء الرّاسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن ربّ العالمين»(٣).

فإذا قُلتَ -أنت أيّها السُّنيُّ-:
لا يتمّ إصلاح المجتمع إلاّ بإقامته على ما أوجب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، والنّأيِ به عمّا نهى عنه الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا لا يتِمُّ بدَورِه إلاّ بإصلاح الفرد كوحدة بناء أساسيّة لأسرته -أهله وأبنائه-، ثم يتعدّى لجاره في شارعه، ثمّ لحيّه، ثمّ لبلدته، ثمّ لمجتمعه في وطنه... حتّى ينالَ ألو الأمر (=الحُكّامُ والملوكُ...) نصيباً مِن هذا الصلاح بالإصلاح، «وأولو الأمر أصحاب الأمر وذووه؛ وهم الذين يأمرون الناس... فإذا صلَحوا صلَح الناس، وإذا فسَدوا فسَد الناس»(٤)؛ فتستقيم الدولةُ والأمّة على ما يجبُ أن تكون عليه.
مُتّخِذين في هذا السُّبُلَ المشروعة على ضوء فهمِ سلف الأمّة المرحومة، وهذا ما في الوسعِ مِن طاقةٍ يمكن بذلها لِمَن لم يجعلِ اللهُ لهُ (الوِلاية) و(السُّلطة) في التّغيير للأحسن، وتدشين بدأ مشروع الإصلاحِ في الرّعية من رأس الهرم.

أَتْبـَعَ مَن انحرف -وإن لم يعترف بما قد قارف!- يقول:
بل صلاح المجتمع والأمّةِ مرهونٌ بصلاح وإصلاح الحاكم، السّلطان،... وجلُّ المعاصي التي تلبّس بها الناسُ من العامّة بسببِ تَسيُّبِهِم في إقامة دين الله عليهم، وينهالُ يصُبُّ غضبه سبّا وشتما وطعنا في مَن ولاّهم اللهُ أمرَهُ! وأنّهم ليسوا على ما أوجبَ الشّرعُ؛ فهم عُصاةٌ؛ بل هم فُسّاقٌ وظلمَة؛ لا بل هم كُفّارٌ و(طّواغيت)؛ ثمّ يخلُص في الأخير أنّهم مُرتدُّون، وعملاء للصّليبيّين، وأعداءٌ لدين الله الإسلام؛ بل هم مُلحِدون!
ولا مناص من العودة بالأمة -عودا حميدا- لدين ربِّها والسّعادة في الدّنيا والآخرة إلاّ بإزاحة هؤلاء (الطّواغيت)، ولو كلّفنا هذا دماءنا وتشريد أولادنا وثكل زوجاتنا... كلّ هذا لإقامة الدين ومرضاة ربّ العالمين!
وينسى ذاك المنحرف الموتور أنّ «المجتمعات الإسلاميّة تنهار أخلاقيا! وذلك لو عدتَ للأمر الأوّل لعلمتَ أن السّبب إنّما هو ما وقع من الصّدام صراعا على (السلطة)؛ فلمّا نجمت تلك الجماعات تصارعُ على (السُّلطة).
فتركت ما هي عليه قادرةٌ، وحاولت ما لا تقدر عليه!
وتركت ما كلّفها اللهُ به [مِن التّصفية لدين الله مِن: شوائب الشّرك، ورواسب البدع، والرّديِّ والهجن مِن الأخلاق. ثمّ التّربية للأمّة على هذا الدين المُصفّى] إلى ما نهاها اللهُ عنه!
... لأن الصراع على (السلطة) لا يتأتّى منه خيرٌ»(٥).
وكفى العاقلَ الواقع دليلا يكشِفُ له عن حقيقة القول.
وعندما يتأمّلُ أحدُنا في الواقع -وهو يتألّمُ وربّما يُأَمِّلُ الخيرَ فيما سنستقبل- يجدُ عجباً!
فـ: «كثير من المسلمين عندما يريدون الإصلاح يفكرون في العالم الإسلامي، وهذا جميل. ولكنّي لم أَرَ أحدًا ينظرُ هذه النظرة العامة الشُّمولية على أساسٍ صحيحٍ إلاّ من رحم الله ربُّ العالمين؛ فكلُّ الذين ينظرون في حال العالم الإسلامي يستبعدون أنفسهم؛ فلا ينظرون فيها وكأنّهم بِمَبْعدَة، وليسوا من العالم الإسلامي!
... فقط نريد أن نُصلِح العالم الإسلامي»(٦)!
وما دام العالم الإسلامي لا يُصلحُ -عندهم؛ في نظرتهم الآفلة- إلاّ مِن الأعلى -مَن في يده (السّلطة)- نحو القاعدة (=الرّعيّة)؛ ضربة لازِبٍ!
إذن؛ فليُبدأ العملُ على أرض الواقع بعزم وحزم -شدِيدَين-؛ لِحَسمِ الأمر المُر، والتمكين لأبناء الأمّة بإخراجهم من الغُمّة، واستبدال استبداد سلاطين الجَورِ بِمَن يَرْقُبُ فينا الإلّ والذِّمّة.
وليكُن هذا بـ:
١/ التّحزّبِِ -بالانحياز جانباً- عن الأمّة، ولازمهُ نقض البيعة، ونزع يد الطّاعة ولو في المعروف.
٢/ التنظيمِ لأفراد هذا الحزب -كلّ في مكانه، وله صلاحيّاته فيه- وهذا مبناهُ: (التكفير، والتّهيئة لإعلان النّكير -أي: الخروج-)، والتنظير لهم ممّن يشغل مرتبة المرجع بالنسبة لهم للخروج بالأمّة مِن فَوهة الزُّجاجة، والوصول بها لبرّ الأمان!
٣/ التهييجِ السِّياسي مِن على المَنابر في الأعياد والجُمُع والمناسبات، وفي كلّ فرصةٍ تسنح للنّاس بالتّجمُّعات، ببثّ أفكار قَصْدَ التوعية الإسلاميّة؛ مفادُها-بصيغة الخطاب-:
أيّها المسلمون؛ أنتم المضطهدون، والمحرومون حقوقكم المتعدّى عليها مِن (الطواغيت)، وأنتم المظلومون، أبناؤكم مُلِئت بهم السّجون، ومَن لم يُدخَلها أُدخِلَ البطالة من بابها الواسع...
أمّا هؤلاء الحُكّام؛ فظلمة، فجرة، كفرة، أَرِقّاءُ على الكفّار أشدّاءُ عليكم، سلبوكم حقوقكم، خانوا الدين والأمّة... هم أحفاد فرعون وهامان!
٤/ حشدِ الجُموُعِ والدّعوة -بالمنشورات والإعلانات- للاعتصام والإضرابات والمسيرات، والهُتافات تملأ الأُفُقَ بتغيير الحكومة، والمناداة بإطاحة السلطة المركزية... لتحسن الظروف، وإعادة الحق المسلوب لأهله.
٥/ إعلانِ التكفير للحُكّام ومَن وَالاَهُم، أو عَمِل في سِلكِ الدولة مِن: الشرطة، ورجال الأمن، والحرس البلديِّ، والدرك الوطنيِّ، وجيش الدِّفاع، والجمارك... وربما إعلان استحلال دمائهم؛ باسم (الولاء والبراء)!
٦/ الخروجِ على الحكّام -وقد يكون بالكلمة أو بالسِّلاح؛ إذ لا يكون الثّاني إلاّ بالأوّل الذي أصحابُهُ أشرُّ من أصحاب السِّلاح!- المرفوع له شعار: (الأمر بالمعروف والنّهيِ عن المنكر)؛ فاعجب -يا صاحبي- وإيّاك عليهم أن تَعتَب!
٧/ التّنحِّي عن جسم الأمّة والانعزال عن نسيج المجتمعِ بصعودِ الجبال -كما هو الحالُ عندنا في الجزائر-، واللّجوء للكهوف، والمناطق النّائيّة البعيدة عن الأعين وأمن الدّولة؛ ثم إعلان الحرب وشنّ الغارة بكلِّ ما يُستطاع إليه سبيلاً: كتفجير مراكز الشرطة ومؤسسات الدولة، والمُواجهة المسلّحة لرجال الأمن إذا تحتّم الأمرُ، وزرع القنابل في بعض الطُّرُقات (=كمائن)... فَتُراق الدّماءُ في الطُّرقات، وتُشاع الفوضى على مستوى قُطرٍ كان ينعم بالأمنِ والسّلامة؛ لا يُدرَى متى يُعَادُ له ذاك السِّلمُ وتنقشع عنهُ ظلمة ليل أشدُّ احلُولاكاً من القَطِران -ولا تنفع حينها النّدامة-.

والسؤال:
هل هذا هو «درء المفاسد وتقليلها، وجلب المصالح وتكثيرها»الذي جاءت به الشريعةُ؟
الله المستعان!
لا ينفع النّدمُ -حينئذٍ- وإن عضّ الجاني أصابعه كمداً؛ بل حتّى وإن قضم عِضامها وأكلها بِلحمِ أطرافه إلى المرافق!
يفعلون هذا كلّهُ ديانةً!
كيف لا، وهم يتَّكؤُون -في زعمهم- على حديث نبويٍّ جعلوه العمدة لديهم –وليكُن كذلك-؛ فيه يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
«أفضل الجهاد، كلمة عدل عند سلطان جائر»(٧).
وفي رواية: «إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر»(٨).
ويَشهَدُ -دائما في زعمهم!- لِصحّةِ فِكرِهِم المَوبُوء -وهو أنّ التغيير لحال الأمّة والإصلاح فيها، لا يكون إلاّ مِنَ الحاكم الآمر الناهي- ما قالهُ ابن تيمية -رحمه الله-: «وأولو الأمر أصحاب الأمر وذووه؛ وهم الذين يأمرون الناس؛ وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام؛ فلهذا كان أولو الأمر صنفين: العلماء والأمراء، فإذا صلَحوا صلَح الناس، وإذا فسَدوا فسَد الناس»(٩).
قلتُ:
شاهت الوجوه! هذا استدلالٌ أهل الجهل والفساد، ومِثالُهُ كمن استدل بآيات وبأحاديث تُرَغِّبُ في النّكاح -لعفّة الزوجين- على زواج المتعة عند الرافضة، الذي فتح باب سفاح تعاني الأمّةُ من ويلاته وما تزال -عاملهم الله بعدله-.
فأفضلُ وأعظمُ الجهادِ بنص الحديث يتحقَّقُ بقول كلمة الحق والعدل (عند) سلطان (جائر)؛ أي: أمامهُ مُباشرةً، عندهُ، بين يديه، في حَضْرتِهِ... حتّى وإن كلّفت صاحب كلمة الحق القائل بها الموت.
لا كما يعتقد ويصنع الإخوان المفسدون؛ يُحرِّشون، يُهيِّجون، يثورون على السُّلطان، ويُكفّرونه... من ورائه، ويسعون في ذلك بالكتمان والسِّريّة وفي الخفاء حتّى لا يُعلم منهم خبراً، ولا يُعرف عنهم أثرا خوفاً مِن هذا السُّلطان أو الحاكم ذاك!
هذا بالنّسبة للحديث.
بَقِيَ كلام ابن تيميّة -رحمه الله- وهو حقٌّ لا يردُّه إلاّ جاهلٌ، وتوجيهُهُ يكون بكلامه -وكذا كلام غيرهِ من بعد- حيث قال:
«وأمَّا أهل العلم والدين والفضل فلا يرخّصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور، وغِشِّهِم، والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عُرِف من عادات أهل السنّة والدين قديمًا وحديثًا، ومن سيرة غيرهم»(١٠).
سُقِطَ في أيديهم إذا، وتنبّه للآتي...
وأمّا واجب النّصيحة للإصلاح من شأن الحاكم والقول بكلمة العدلٍ (عندهُ) -في حضرته- ما هو إلاّصدعٌ بالحق؛ليتحقّقَ عظيم الجهادِ في القائم به، و«الصدع بالحق عظيم يحتاج إلى قوة وإخلاص، فالمخلص بلا قوة يعجز عن القيام به، والقوي بلا إخلاص يخذل، فمن قام بهما كاملا فهو صدّيق، ومن ضعف فلا أقل من التألم والإنكار بالقلب، ليس وراء ذلك إيمان فلا قوة إلا بالله»(١١)، وهذا -بلا شك- في حدود ما كان عليه السّلف الصالحُ؛ حيث قال ابنُ رجبٍ -رحمه الله-:
«وكان السلف إذا أرادوا نصيحة أحدٍ وعظوه سرًّا، حتى قال بعضهم: «من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنما وبَّخه».
وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله- «المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويعيِّر».
قال عبد العزيز بن أبي رواد: «كان مَنْ كان قبلكم إذا رأى الرجلُ من أخيه شيئًا يأمره في رفق فيُؤْجَرُ في أمره ونهيه، وإنَّ أحد هؤلاء يخرق بصاحبه فيستغضب أخاه ويهتك ستره».
وسئل ابن عباس -رضي الله عنهما- عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر، فقال:
«إن كنتَ فاعلاً ولا بدّ ففيما بينك وبينه»»(١٢).
وأمّا في غيبته -أي: الحاكم-فقد قال الصابوني -رحمه الله-:
«ويرى أصحاب الحديث الجمعةَ والعيدين، وغيرَهما من الصلوات خلف كلِّ إمامٍ مسلمٍ بَرًّا كان أو فاجرًا، ويَرَوْنَ جهاد الكفرة معهم وإن كانوا جَوَرَةً فَجَرَةً، ويَرَوْنَ الدعاءَ لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبَسْطِ العدل في الرعية، ولا يَرَوْنَ الخروج عليهم وإن رَأَوْا منهم العدول عن العدل إلى الجَوْرِ والحيف، ويَرَوْنَ قتال الفئة الباغية حتَّى ترجع إلى طاعة الإمام العدل»(١٣).
قلتُ:
هذا ما يليقُ بمقامِ الحاكم لمرتبته قصد إصلاحه والتقليل ممّا يُؤاخذُ عليه أو بِهِ؛ لأنّ الإنكار بالتهييج -من خلفه- للدهماء عليه أدعى للمفسدة لِمَا في يده من قوّة يصدُّ بها من ناوأه وحرّض ضدّه، وهذا غير سبيل المؤمنين كالصحابة -رضي الله عنهم- ومن سلك سبيلهم من بعدهم كالإمام أحمدَ مع حاكم زمانه -الذي حملهم على القول بخلق القرآن!- حيث قال بالحق عندهُ، وكان يدعو له بظهر الغيب ويستغفر له بعدُ، وكذا فعل الإمام ابن باز في بعض رسائله للحكّام، مع دعائه لهم بالهداية والتوفيق، في ذا العصر -رحم الله الجميع-، وإنّما كانوا يجمعون بين قول الحق عند الحاكم والدُّعاء له في ظهر الغيب، ولا تناقُض بينهما؛ «فشأن الراسخين تصوّر الشريعة صورة واحدة يخدِمُ بعضها بعضاً»(١٤).

أمّا صنيعُ مَن انحرف عن جادّة الصّواب في هذا الباب، وبعد ما أحدثوه مِن بدعة وضلالة، وجرٍّ للأمّة -على مذهب الخوارج والإباضيّة والمُعتزلة- إلى الفوضى -كالإخوان المفسدين مثلاً، والحركِيّين عموما والتكفيريين خصوصاً-؛ ثمّ يقولون -بصفاقة أو بحماقة، أو بهما معاً؛ أنا لا أدري!- جهادٌ في سبيل الله(١٥)!
الله أكبر! ما هذا ؟
لا يُحسِنونَ -لجهلهم بأصول الدين والعقيدة الصحيحة- إلاّ مُناهضة (الطّواغيت) وتقريعهم، بل تكفيرهم، وبثِّ الاضطراب في صفوف العوام تشيع؛ لتهييجهم والثورة بهم في مواجهة الحكومات بالمصادمة والعصيان المدني!
ثمّ إذا ما انتهى الوضعُ؛ بتفريق الجموع الثائرة بالقوّة، وقَتل البعض، وسَجنِ البعض الآخر في المعتقلات... فيدّعي هذا القسمُ الأخير بأنّهُم مسجونونٌ في سبيل الله! وأنّهم كابن تيميّة الحرّاني -رحمه الله- الذي سُجِن في سبيل الله -في سجن القلعة-!
ونَسوا أنّ ابن تيميّة، شيخَ الإسلام سُجِنَ من أجل العقيدة السلفيّة الأثريّة؛ من أجل أسماء الله وصفاته، لا أنّهُ هيّجَ النّاس وثار بهم على (السلطة) آنذاك، أو سُلِبَ حقّهُ فنادى به...
فانتبه؛ لأنّ القوم لهم شُبهٌ -في الحقيقة- لا ترقى لمرتبة الشُّبهة ولا حتّى تُشبِهُها؛ فالقياس فاسد كاسد كما ترى.
ورغم هذا؛ فلو كان لهم مِن الحظّ -وأنا أدري هذه المرّة ما أقول- بمُلاقاةِ السُّلطان لأَنكَروا أَنفُسَهُم ولتنازلوا حتّى استووا ومَن كانوا يُكفِّرونه! بل ربما نصروه بالغالي قبل الرّخيص أو كانوا أنصاراً له!
وحتّى لا تظنّ هذا من نسج الخيال؛ فـ: (الإخوان المسلمون) اتّحدوا في مصر -في فترة سبقت- مع (حركة وفد) ثمّ مع (حزب عمل)!
قلتُ:
وهنا في الجزائر اتّحدت (حركة مجتمع السِّلم -الإخوانيّة-) مع (حزب التّجمع الوطني الديمقراطي!) و (حزب جبهة التحرير الوطني)! فلا جديد، ومن شابه أباه فما ظلم.
لأنّ الغاية عندهم -وهي الوصول للحكم، أو لنيل بعض الحقائب الوِزاريّة، وقد كان- تبرّرُ الوسيلة -في الاتّحاد مع الديمقراطي، وغيره-...
وكذا الماضي يشهدُ أنّ (الإخوان المسلمون) هم من أعدّوا جمال عبد الناصر ليركب كرسي سيادة مصر؛ فلما كان ذلك وتحقق في أرض الواقع؛ ضربهم أوّل ما ضربَ بِيَدٍ مِن حديد.
فأهلُ البدعةِ يُؤتَوْنَ -كما ترى- مِن قِبَلِ أنفسهم -دائما- لمُخالفتهم مِنهاجَ النّبوّة.
فاعتبروا يا أُولي الألباب...
طيّب... إنتبِهْ لِما بعدَ هذا؛ لِترى التّناقُضَ -وإن كانت قد لاحت في الأُفُق بوادرُهُ!- بأمِّ عَينِكَ.

إذا دعاَ اللهَ إمامٌ خطيبٌ مِن على المِنبر -وهذا دينٌ، ولا يصدرُ إلاّ ممّن كان سُّـنّياً على الأثر في منهجه- لِوَلِيِّ الأمر بـ:
الصّلاح لهُ ولبطانتِهِ، والسّداد في الخير، وهدايتِهِ ومَن كان بالقُربِ منهُ -كالحاشية والوزراء- لتطبيق شريعة الله في أرضه، والتّوفيق في خدمة العباد والقيام على مصالحهم...

قال مَن انحرفَ -وهو ذاك الأوّلُ!-:
أتدعونَ لهؤلاء (الطُّغاة) ومَن ظَهرَ جَوْرُهُ بل كُفرُه؟!
ويطفِقُ باللّعنِ وكَيْلِ ألوانِ السِّبابِ والشّتمِ لهم؛ بأن يقصِمَ اللهُ ظُهورَهم ويُعامِلهم بعدله، وأن يُدخِلهم النّار فيها داخرين!
وهذا ما درجَ عليه أفرادُ الحزبِ -الإخوانيِّ- المُنْحَلّ عندنا في الجزائر (جبهة الإنقاذ!)؛ لا... لا بل (قَفَا الإغراق)! لأنّهم أرادوا أن ينمَحي أثر وجود الحاكم مِن مَنصبهِ؛ فلم تَطِبْ نفسُ الواحدِ منهم ببقائه وهدايتِه لِما يجِبُ أن يكون عليه؛ فيحكُم بما أنزل الله ويأمُر الناس بالبر والتقوى، وينهاهم عن الفحشاء والمنكر، ويُعاقِبُ المسيء وينصُر المظلوم...
أتعلمون لماذا؟


... يُتبع
رد مع اقتباس