عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-02-2012, 10:24 AM
أبوشعبة محمد المغربي أبوشعبة محمد المغربي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 761
شكراً: 0
تم شكره 71 مرة في 63 مشاركة
افتراضي التفريغ :

يقول السائل : كيف التَّوفيق بين نهيِ النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام عن طلب الرئاسة ، وعن طلب يوسف عليه الصَّلاة والسَّلام عن طلب الحكم من العزيز ؟
الجواب :
الأول : أن الرسول صلى الله عليه وسلم في شرعنا نهى عن طلب الرئاسة مطلقاً ،
وذلك لما تكون فيه يعني من المسؤولية العظيمة عند الله ،[...] والنبي عليه الصلاة والسلام لا يولي أحداً طلب العمل هذا الأصل . ويوسف عليه الصلاة والسلام نبي من أنبياء الله وفي شريعته أمره الله أن يطلب هذا ، فالأنبياء أعمالهم وحي من الله ـ سبحانه وتعالى ـ فهذه خصيصة ليوسف اقتضتهـا حكمة الله لما ترتب عنها من نشر التوحيد ولما ترتب عنها من نصرة بني إسرائيل وخاصة أهل يوسف عليه السلام وجآءوا من البدو وتمكنوا في مصر وما كان من توطئة الله ـ عز وجل ـ لما كان بعد مجيء موسى وإرساله وبعثه فهذا الطلب الذي حصل ليوسف عليه السلام حصلت به حكم عظيمة إنَّما يعلم بشرع الله وبوحي الله ؛ أمّا في زماننا هذا من الذي يوحي إلى الشخص أنه إذا طلب السلطة أنه ستحصل مقاصد عظيمة في نصرة الدين ؟!
والواقع خلاف ذلك... والأدلة تدل على ترك طلب الرئاسة ، لما فيها من المسؤولية ومن الأذى الحاصل على أصحابها وعدم إعانة الله لهم فإنه إن جاءته بغير طلب أعانه الله . وإن كان يطلبها ويسعى لها لذاتها فإن الله ـ عز وجل ـ يوكِّله إلى نفسه ... وقد يقال إنَّ يوسف عليه السلام لما كان مطيعا لأمر الله أعانه الله ، لما كان مطيعا لأمر الله بطلبها أعانه الله ـ وهذا لا يوجود ـ اليوم .
والله ـ عزَّ وجل ـ لم يطلب من العبد أن يرشح نفسه للإمارة أو أن يطلب بها العمل ، لكن قد يُقال الإنسان إذا كان في مكان ويرى أنه الأصلح والأحسن لهذه الإدارة لهذه الرئاسة في العمل والشَّركة والدائرة الحكومية ، وأنه بتقواه لله ـ عز وجل ـ وبما آتاه الله من العلم لعله يصلح كثيرا مما أفسده غيره ...
فإن كان يرى أنَّ الأمر هكذا ... وأنَّ من عادة الناس الطلب وأن بدون الطلب لا يحصل ، ولم يطلب أحد غيره هذا الأمر فاجتهد ، فأسأل الله أن يعينه إن كان يرى أن هذا العمل إنما طلبه لنصرة الدِّين لا في أمر الدنيا وأمر المعاش فقط !
إنما للآخرة ، ومافيه مصلحة لدين الله ـ عز وجل ـ وللعباد حتى لو كانت في أمور الدنيا التي يكون فيها مصلحة للعباد ( للناس ) ودرء المفسدة عنهم والضرر، فإذا كان هكذا ويعني يستشير أهل العلم في ذلك فإن أشاروا عليه ، فأسأل الله أن يعينه .أمَّا إذا كان لنفسه وحظها وطلب العلو في الأرض وطلب العمل لأجل الدنيا فقط في دنياه الخاصة فهذا تنطبق عليه النصوص أنه لا يطلبها ولا يعان عليهـا .والله أعلم .اهـ
______________
[...] ـ كلمة غير مفهومة ولعله ـ حفظه الله ـ أشار إلى الشاهد من هذا الحديث : عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة، وبئست الفاطمة) [البخاري (8/106)] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : " فالواجب اتخاذ الإمارة ديناً وقربة يتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات" [مجموع الفتاوى(28/391).]
رد مع اقتباس