عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 10-01-2015, 02:34 PM
الصورة الرمزية أسامة بن عطايا العتيبي
أسامة بن عطايا العتيبي أسامة بن عطايا العتيبي غير متواجد حالياً
المشرف العام-حفظه الله-
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 5,370
شكراً: 2
تم شكره 273 مرة في 213 مشاركة
افتراضي كلمة "فتان" ليست جرحا مفسراً في اللغة ولا الشرع ولا العرف ولا الاصطلاح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فقد نسب بعض الناس للشيخ محمد بن هادي المدخلي حفظه الله أن عبارة "فتن" أو "فتان" من الجرح المفسر، وهذا كلام غريب، وسأذكر بعض النصوص الموضحة للقضية بإيجاز.

1- صحيح أبي داود - الأم (7/ 260) :

عن فضالة بن عبيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كل ميت يختم على عمله؛ إلا المرابط؛ فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة، ويؤمن من فتَّان القبر".

فهل الذي يفتن الناس ويختبرهم يكون اسمه جرح مفسر؟!

2- وقال تعالى: { وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ } [الأعراف: 155]

تفسير ابن أبي حاتم (5/ 1575) : عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إن هي إلا فتنتك يقول: إن هو إلا عذابك.

تفسير ابن أبي حاتم (5/ 1576) : عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله: إن هي إلا فتنتك قال: أنت فتنتهم.

قال الحافظ ابن كثير(3/ 481-طيبة) : وقوله: {إن هي إلا فتنتك} أي: ابتلاؤك واختبارك وامتحانك. قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبو العالية، وربيع بن أنس، وغير واحد من علماء السلف والخلف. ولا معنى له غير ذلك؛ يقول: إن الأمر إلا أمرك، وإن الحكم إلا لك، فما شئت كان، تضل من تشاء، وتهدي من تشاء، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، فالملك كله لك، والحكم كله لك، لك الخلق والأمر.

فالله عز ويجل يفتن الناس أي يختبرهم ويبتليهم.

3- عن جابر قال: كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي فيؤم قومه فصلى ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف فقالوا له أنافقت يا فلان قال لا والله ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأخبرنه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا أصحاب نواضح نعمل بالنهار وإن معاذا صلى معك العشاء ثم أتى قومه فافتتح بسورة البقرة فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ فقال: " يا معاذ أفتان أنت؟ اقرأ: (الشمس وضحاها " (والضحى) (والليل إذا يغشى) و (وسبح اسم ربك الأعلى). متفق عليه.

وفي رواية للبخاري: عن جَابِر بن عبد اللَّهِ قال: كان مُعَاذُ بن جَبَلٍ يُصَلِّي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ فَقَرَأَ بِالْبَقَرَةِ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ منه فَبَلَغَ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "فَتَّانٌ فَتَّانٌ فَتَّانٌ" ثَلَاثَ مِرَارٍ أو قال: "فَاتِنًا فَاتِنًا فَاتِنًا" وَأَمَرَهُ بِسُورَتَيْنِ من أَوْسَطِ الْمُفَصَّلِ قال عَمْرٌو-هو ابن دينار- لَا أَحْفَظُهُمَا.

فالشخص قد يقال فيه فتان: لكونه أطال الصلاة على الناس وحصلت مشكلة، ويكون فعله له عن غير معرفة بأنه يسبب مشكلة، فلا يكون مذموماً.

وتقال في شخص فتن الناس ببدعه، وفي شخص فتن الناس بكفره وشركه.

فأي جرح مفسر للفظة "فتان" بدون بيان وتوضيح؟

ومع كل ذلك لو قيل إنها جرح مفسر وواضح ومبيَّن فإذا ردها أهل الحديث ولم يقبلوها ممن أطلقها لم تقم على ساق التحقيق، ولا يقر لها قرار إلا ببينة واضحة.

وكذلك لابد من ثبوتها وصحتها إلى قائلها.

وغير ذلك من الضوابط عند علماء أهل الحديث.

والله الموفق

كتبه:

أسامة بن عطايا بن عثمان العتيبي.

17/ 12/ 1436 هـ
رد مع اقتباس