عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-15-2011, 08:26 AM
إبراهيم زياني إبراهيم زياني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 401
شكراً: 0
تم شكره 53 مرة في 38 مشاركة
افتراضي

الفتوى رقم: 867
الصنف: فتاوى البيوع والمعاملات المالية للشيخ فركوس حفظه الله
في مكس أصحاب الحافلات

السـؤال:
قام شخص بإنشاء حظيرة إجبارية للحافلات على أرض شاغرة ملكٍ للدولة، من غير ترخيص، يؤدي فيها الحراسة وتنظيم دخول وخروج الحافلات بمقابل مالي مفروض، وحاولت السلطات غلق هذه الحظيرة لكن دون جدوى، واستمرَّ عملها حتى أصبحت ضرورية إذ تحافظ على نظام سير الحافلات تنظيما محكمًا، فنرجو -من شيخنا- أن يبيِّن لنا حكم هذا الكسب؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فاعلم أنَّ ما أُخِذَ من أصحاب الحافلات أو السيارات من الأموال بالكيفية المذكورة في السؤال يُعدُّ من المكس والانتقاص من حقوق الناس والظلم لهم، وهو من البخس الذي قال الله تعالى فيه: ﴿وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [هود: 85]، سواء كان الظلم بالمكس فرديًّا أو جماعيًّا أو عن طريق هيئات عامَّةٍ أو خاصَّة، وإن غلب استعمال المكس فيما يأخذه أعوان السلطان ظلمًا عند البيع والشراء أو عند إدخال المبيعات المدن(١- قلت: والمكوسُ لم يُقصَر أمرها على التجار -في زمننا- بل تعدَّ حتى أصبح المكس يُؤخذ لزومًا من الحجَّاج القاصدين بيت الله الحرام لأداء فريضة الحجِّ. والله المستعان)، ويتأوَّلون فيه معنى الزكاة أو الصدقات، فقد كان هذا من سُنَّة أهل الجاهلية والعجم الذين كانوا يفرضون على التجار عُشرَ أموالهم ضريبةً يجبونها منهم إذا مرُّوا عليهم، قال أبو عبيد عن المكس: «إنه كان له أصلٌ في الجاهلية يفعله ملوك العرب والعجم جميعًا، فكانت سُنَّتهم أن يأخذوا من التجار عشر أموالهم، إذا مرُّوا عليهم»، إلى أن قال: «فعلمنا بهذا أنه قد كان من سُنَّة الجاهلية مع أحاديث فيه كثيرة فأبطل الله ذلك برسوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وبالإسلام، وجاءت فريضة الزكاة بربع العشر، من كلِّ مائتي درهم خمسة»(٢- «الأموال» لأبي عبيد القاسم بن سلام: (212)).
والمكسُ قد ورد فيه الوعيد والتغليظ، وهو من الكبائر، قال صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ صَاحِبَ المَكْسِ فِي النَّارِ»(٣- أخرجه أحمد في «مسنده»: (16553)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (5/29)، من حديث رويفع بن ثابت رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (3405)، وحسنه شعيب الأناؤوط في «تحقيقه لمسند أحمد»: (4/109))، وجاء في قصة توبة الغامدية قولُه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ»(٤- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى: (4432)، وأبو داود في «سننه» كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها من جهينة: (4442)، وأحمد في «مسنده»: (22440)، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه)، قال النووي: «فيه أنَّ المكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده، وتكرّر ذلك منه، وانتهاكه للناس، وأخذ أموالهم بغير حقِّها، وصرفها في غير وجهها»(٥- «شرح مسلم» للنووي: (11/203)).
وعليه، فإنَّ الاسترزاق بهذه الطريق معدود من المكاسب المحرَّمة الداخلة في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188].
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 11 ربيع الأول 1428ﻫ
الموافق ﻟ: 18/03/2008م


١- قلت: والمكوسُ لم يُقصَر أمرها على التجار -في زمننا- بل تعدَّ حتى أصبح المكس يُؤخذ لزومًا من الحجَّاج القاصدين بيت الله الحرام لأداء فريضة الحجِّ. والله المستعان.

٢- «الأموال» لأبي عبيد القاسم بن سلام: (212).

٣-أخرجه أحمد في «مسنده»: (16553)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (5/29)، من حديث رويفع بن ثابت رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (3405)، وحسنه شعيب الأناؤوط في «تحقيقه لمسند أحمد»: (4/109).

٤- أخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنى: (4432)، وأبو داود في «سننه» كتاب الحدود، باب المرأة التي أمر النبي برجمها من جهينة: (4442)، وأحمد في «مسنده»: (22440)، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه.

٥- «شرح مسلم» للنووي: (11/203).
__________________
قال الشيخ ربيع حفظه الله تعالى
ولا يتنقص أهل الحديث وينتقص علومهم إلا جاهل ضال مفتر .
والجرح والتعديل هم أئمته وهم مرجع علماء الأمة فيه من مفسرين وفقهاء وهم الذين تصدوا لأهل البدع فكشفوا عوارهم وبينوا ضلالهم من خوارج وروافض ومعتزلة ومرجئة وقدرية وجبرية وصوفية , ولا يزالون قائمين بهذا الواجب العظيم , ولا يزال باب الجرح والتعديل قائماً ومفتوحاً ما دام هناك أهل حق وأهل باطل وأهل ضلال وأهل هدى , ولا يزال الصراع قائماً بين الطائفة المنصورة ومن خالفها من أهل الضلال ومن خذلها
http://www.m-noor.com/

رد مع اقتباس