لا زلت أحترم فلانا من المشايخ ما دام لحسن الظن موضعا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } [الحجرات: 12]
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إياكم والظن، فإنه من أكذب الحديث).
وثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عدة حِكَم تحتاج منا إلى تذكر وتذكير:
"1-ما كافأت من يعصي الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
2- وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك.
3-ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا.
4 ومن تعرض للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن".
وقال عمر بن عبد العزيز: «أحسن الظن بصاحبك حتى يغلبك»
وبعد هذا أقول: ليس معنى احترامنا للعلماء، وحفظنا لحقهم أن لا نرد خطأهم، ولا نبين للناس الحق من الباطل.
بل لابد من بيان الحق.
ومع احترامي للشيخ ربيع والشيخ عبيد مع ذلك بينت خطأهما في ثقتهما بالصعافقة، وما نتج عن ذلك من أخطاء، غير ما بينته من أخطاء عقدية وعلمية وقعت منهما.
كذلك مع احترامي لشيخنا محمد ابن شيخنا ربيع حفظهما الله غير أني ما زلت أخالفه في عدة قضايا رأيت فيها أنه مخطئ.
من ذلك: كثرة إنكاره على الشباب شدتهم على الصعافقة، ومحاولة طلب الصلح معهم مع شدة مكر الصعافقة ورفضهم للصلح، وكم عانيت مع الشيخ لتفهيمه هذه القضية، ولكنه كل فترة يعيد نفس خطئه، ويستدل بمصالحة قطر مع الدول التي قاطعتها محتجا على السلفيين بأنهم لا يهتمون بالصلح، مما يبين أنه لا يدرك حقيقة ما عليه الصعافقة، وأنه تغلبه العاطفة الجياشة أحيانا حتى يتكلم بهذا الكلام الذي يخالف الواقع، وبعيد عن حقيقة ما عليه صعافقة المدينة من الخبث والمكر والفساد.
وكذلك خطؤه في دفاعه بالباطل عن الرضواني، وأنه لم يقف له على كذب، وأنه نفع الله به، رغم ضلالات الرضواني، ورده الاحتجاج بالحديث الحسن في إثبات أسماء الله الحسنى، وبدعة الرضواني في تفسيره لحديث الأسماء أنه يدل على الأسماء المفردة بلفظه: (تسعة وتسعين)، والمركبة بلفظ: (مائة إلا واحدا)، وزعمه أن الحديث يدل على إثبات (198 اسما)، مع غلو الرضواني في اتهامه لبعض علماء السنة بأنهم إخونجية حتى لم يسلم منه العلامة الشيخ صالح آل الشيخ، والشيخ العالم طلعت زهران..
وفي الأخير شدته غير المبررة على الشيخ فركوس حفظه الله، وقيامه في هذه القضية قياما خاطئا، ثم طعنه في ووصفه لي بأوصاف باطلة..
ومع ذلك فلا يمنعني حبه واحترامه وتقديره من رد خطئه، وبيان الحق له ولغيره حتى لو غضب..
وأنا أعلم أن بعضهم يستغل غضبه للتحريش والفتنة، والشيخ نفسه مسؤول عن هذا ومحاسب أمام الله..
وأريد أن يفهم شيخي وغيره من المشايخ جيدا: أني لن أداهنهم، ولن أسكت عن خطئهم وباطلهم، وأن دين الله أغلى من الجميع، وفوق الجميع..
وكذلك مع احترامي للشيخ فركوس والشيخ جمعة والشيخ لزهر، وحبي لهم، إلا أن ذلك لم يمنعني من الرد على خطئهم، ونصيحتهم، وتحذيرهم من بطانة السوء عندهم، ومن المحرشين..
وقد رأوا من انقلاب بعض بطانتهم عليهم ما يكون لهم في معتبر ومدكر ..
وأنا مستمر في طريقي السلفي الواضح على المحجة البيضاء، وإن رغم أنف من رغم أنفه، وإن شاء من شاء، وأبى من أبى، ومتى ما تبين لي أن فلانا من المشايخ متلاعب، ويتعمد الكذب، ويتعمد الفتنة فلن أتردد في التحذير منه، ومن إلحاقه بأهل الضلال، ولو كان من شيوخي ومن له فضل علي، ولو كان من أحب الناس إليَّ، فالأمر دين، وليس لأحد عصمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم..
لكن ما دام أن الظاهر لي بالأدلة هو إحسان الظن به، وأنه يخدع من قبل أهل الباطل، وأن خطأه لا يظهر منه تقصده للكذب أو للباطل، وأن خطأه لا يخرجه من السنة فسأتعامل معه وفق هذا الظاهر، والله يتولى السرائر..
فلا يفهمن أحد عنده ذرة سلفية أن احترامي للشيخ السلفي أنه معصوم، ولا يفهم من احترامي له أن هذا الاحترام سيستمر إذا التحق بركب أهل البدع أو أهل الفسق، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما، وليست القضية قضية هوى وشهوة ومزاجية، بل ندور مع الحق حيث دار..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
28/ 2/ 1444هـ