منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #11  
قديم 02-11-2011, 07:31 PM
أبو ايوب السلفي الكردي أبو ايوب السلفي الكردي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: كردستان العراق -- منبع أهل السنة السلفية -
المشاركات: 77
شكراً: 1
تم شكره 8 مرة في 8 مشاركة
إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى أبو ايوب السلفي الكردي
افتراضي بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي" (الحلقة الثانية) ..للإمام ربيع المدخلي حفظه الله

"الحلقة الثانية" من:
بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال
رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"


مختار طيباوي يُجَهِّل أهل الحديث ويحط من شأنهم

قال المحتار بعد ادعائه أن من أهل السنة من يدافعون عن أهل البدع ومنهم من يمدحهم، ولا يمتحن بعضهم بعضًا، وبعد استخراجه منهج الموازنات من كلام منسوب للإمام أحمد –رحمه الله-، قال:
" قلت: هذا مذهب أهل السنة في الرجال ، وأقول أهل السنة، و لا أقول أهل الحديث لأفرق كما فعل عبد الرحمان بن مهدي بين الإمامة في السنة والإمامة في الحديث ولأبيّن أن أئمة السنة أئمة في العلم الشرعي، و ليس في الحديث فقط، في القرآن واللغة، والحديث، وأصول الفقه، و الفقه وغير ذلك، يبنون مذاهبهم في أصول الدين، ويطردونها في غيرها من العلوم، فقواعدهم كلية مطردة في جميع الأبواب ، ويفرقون بين الأصول وبين الفروع، وما هو في مجراها".

أقول: هذا ما توصل إليه هذا الرجل من مذهب أهل السنة على زعمه، والواقع أن أهل السنة وأهل الحديث إنما هم جماعة واحدة، منهجهم واحد وأصولهم لا تختلف، ومواقفهم من أهل الأهواء موحدة، وإنما يسير هذا الرجل على مذهب الإخوان المسلمين الذي يجمع ويؤاخي بين أهل السنة والروافض والخوارج والصوفية وفيه الدفاع عن الروافض وعن غيرهم من أهل الضلال.
وعلى مذهب أبي الحسن المصري المأربي الذي يتولى أهل البدع ويشهد لهم بأنهم من أهل السنة ويدافع عن أهل وحدة الوجود والحلول ووحدة الأديان وأخوة الأديان، ويؤيده الحلبي وزمرته في هذه الضلالات ويدافعون عنه، ويدّعون له بأنه سلفي.
هذا مع تزكية الحلبي لغلاة الروافض وغلاة الصوفية والعلمانيين والشهادة لهم بأنهم علماء ثقات.
وتنـزيه أهل هذه المذاهب من التطرف (أي الغلو) وعدهم من أهل الوسطية، في الوقت الذي يرمون فيه أهل السنة هم والمأربي بالغلو والشذوذ إلى غير ذلك من الطعن والتشويه لهم ولمنهجهم الذي هو منهج أهل السنة.
لقد توصل هذا المحتار إلى أن أهل السنة الذين اخترعهم قد أسقطوا منهج الولاء والبراء الذي دلَّ عليه الكتاب والسنة وطبقوه فعلاً حق التطبيق، فأي تزوير لواقع أهل السنة والحديث وتأريخهم الناصع يلحق هذا التزوير والمسخ ، قاتل الله أهل الأهواء أي عظائم يرتكبون.
وانظر إليه كيف يُفرِّق بين أهل السنة وأهل الحديث ليسقط منهج أهل الحديث ومكانتهم ويذكر لأهل السنة صفات عظيمة كما ترى ليكسبهم إلى صفه ومنهجه، ويدَّعي أنه على طريقة عبد الرحمن بن مهدي في هذا التفريق ونزه الله ابن مهدي وأهل السنة أن يكونوا على شيء من أهداف وضلالات هذا الرجل وزمرته.
هذا الرجل إنما يسير على طريقة أهل الأهواء في انتقاص أهل الحديث من أمثال عمرو بن عبيد والجاحظ والنظام وأبي الهذيل العلاف ومن سار على نهجهم من أهل الأهواء والضلال.

إن مؤدى كلامه هذا:

1- أن أهل الحديث من أهل البدع؛ لأنهم ليسوا من أهل السنة.
2- ومؤدى كلامه أن من عَلِمَ الأصول والقواعد والعربية ...الخ يكون من أهل السنة، مهما كانت عقيدته ومنهجه صوفياً أو رافضياً أو خارجياً أو...أو...
ويقبل جرحهم في أهل الحديث، ولا يقبل جرح أهل الحديث فيهم؛ لأنهم ليس عندهم ما عند أهل السنة على اصطلاحه من العلوم والقواعد والأصول.
3- ومؤدى كلامه أن أهل الحديث عنده ليسوا من أئمة العلم الشرعي، فليسوا من أهل العلم بالقرآن، واللغة، وأصول الفقه، والفقه، وغير ذلك.
ولا يبنون مذاهبهم في أصول الدين، ويطردونها في غيرها من العلوم، ولا قواعدهم كلية مطردة في جميع الأبواب، ولا يفرقون بين الأصول والفروع وما هو في مجراها، فهذا حال أهل الحديث عنده، فهم في بعد سحيق عن أهل السنة الذين أضفى عليهم هذه الصفات والمزايا الكثيرة لأهداف قبيحة.
وأهل الحديث لغبائهم وجهلهم عنده بهذه العلوم وغيرها أي المنطق والفلسفة ليس عندهم أصول يبنون عليها مذاهبهم كما هو حال أهل السنة حسب تعريفه لأهل السنة، وليس عندهم قواعد كلية مطردة في كل الأبواب، ولذا نجد عندهم الاضطرابات والتناقضات التي لا توجد عند أهل السنة.
ولا يفرقون لشدة جهلهم بين الأصول وبين الفروع وما جرى مجراها.
بينما أهل السنة يفرقون بين الأصول والفروع وما جرى مجراها.
والظاهر أنه يدخل في أهل السنة أهل الكلام والفلسفة، فضلاً عن رؤوس الأشاعرة والماتريدية والإخوان المسلمين وجماعة التبليغ.
وإذا كان هذا هو حال أهل الحديث، فلا يُقبل منهم جرح ولا تعديل ولا كلام في أهل البدع وهذا هو النهاية في احتقار أهل الحديث وعداوتهم وإسقاط أحكامهم وإسقاط مكانتهم ومنهجهم.

شهادات أئمة الإسلام لأهل الحديث بأنهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وأنهم أنصار دين الله وحماته


لكن أئمة الإسلام على خلاف منهج هذا الرجل وأسلافه المذكورين آنفاً.
فقد دافع الإمام ابن قتيبة عن أهل الحديث وبيَّن مزاياهم العظيمة، وهتك أستار أعدائهم، وكشف عوارهم وضلالاتهم.
وعمل مثله الخطيب في كتاب "شرف أصحاب الحديث"، بيّن مزاياهم العظيمة ومكانتهم في الإسلام.
وكنتُ قد كتبتُ رسالة باسم "مكانة أهل الحديث ومآثرهم الحميدة في الدين"، قبل ما يقرب من عشرين عاماً، بيّنتُ فيها جهودهم العظيمة في خدمة السنة النبوية ومؤلفاتهم الكثيرة جداً فيها، ومؤلفاتهم الكثيرة في العقيدة السلفية والذب عنها والدعوة إليها.
وكتبتُ رسالة أخرى بعدها باسم "أهل الحديث هم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة" رداً على من فرّق بين الفرقة الناجية والطائفة المنصورة لأهداف سياسية.
واليوم يأتينا من يفرِّق بين أهل السنة وأهل الحديث لأهداف عقدية بدعية.
والآن أسوق للقارئ اللبيب بعض ثناء وشهادات أئمة الإسلام لأهل الحديث وبيان مكانتهم التي احتلوها:
قال الخطيب البغدادي: قرأت على أحمد بن محمد بن غالب الفقيه عن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، قال: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة، يقول: سمعت يونس يعني ابن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: "إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- حياً"(1 ).
وقال البيهقي: أخبرنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ، أبنا أبو بكر محمد ابن جعفر البغدادي الحافظ، قال: سمعت محمد بن الربيع بن سليمان الجيزي، قال: سمعت سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، يقول: سمعت الشافعي رحمه الله يقول: "كلما رأيت رجلا من أصحاب الحديث فكأنما رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"(2 ).
وقال الفضيل بن عياض: "إذا رأيت رجلا من أهل السنة فكأنما أرى رجلا من أصحاب رسول الله  ، وإذا رأيت رجلا من أهل البدع فكأنما أرى رجلا من المنافقين"( 3).

شهادة ابن قتيبة:

ألف فقيه الأدباء وأديب الفقهاء الإمام أبو عبد الله بن مسلم بن قتيبة (المتوفى سنة 276ه‍) كتابـًا سماه ((تأويل مختلف الحديث)) دفاعـًا عن سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعن حملتها وناقليها وحفاظها أهل الحديث.
قال في مطلع الكتاب: ((أما بعد: أسعدك الله تعالى بطاعته، وحاطك بكلاءته، ووفقك للحق برحمته، وجعلك من أهله؛ فإنك كتبت إليّ تعلمني ما وقفت عليه من ثلب أهلِ الكلام أهلَ الحديث وامتهانهم وإسهابهم في الكتب بذمهم ورميِهم بحمل الكذب ورواية المتناقض حتى وقع الاختلاف، وكثرت النحل، وتقطعت العصم، وتعادى المسلمون، وأكفر بعضهم بعضـًا، وتعلّق كل فريقٍ منهم لمذهبه بجنس من الحديث)).
ثم ذكر الخوارج وما تعلقت به من الأحاديث في تأييد مذهبها، والمرجئة وما تعلقت به كذلك، والمفوضة وما تعلقت به من الأحاديث، والرافضة وما تعلقت به من الأحاديث في ضلالها وتكفيرها الصحابة، ومفضِّلوا الفقر وما تعلقوا به؛ ثم ذكر طعون الزنادقة في أهل الحديث.
ثم قال: ((باب ذكر أصحاب الكلام وأصحاب الرأي))، فقال: ((وقد تدبرت ـ رحمك الله ـ مقالة أهل الكلام فوجدتهم يقولون على الله ما لا يعلمون، ويفتنون الناس بما يأتون، ويبصرون القذى في عيون الناس وعيونهم تطرف على الأجذاع، ويتهمون غيرَهم في النقل ولا يتهمون آراءهم في التأويل ومعاني الكتاب والحديث وما أودعاه من لطائف الحكمة وغرائب اللغة لا يدرك بالطفرة، والتولد، والعرض، والجوهر، والكيفية، والكميّة، والأينية؛ ولو ردوا المشكل منهما إلى أهل العلم بهما وضح لهم المنهج واتسع لهم المخرج؛ ولكن يمنع من ذلك طلب الرياسة وحب الأتباع واعتقاد الإخوان بالمقالات؛ والناس أسراب طير يتبع بعضها بعضـًا، ولو ظهر لهم من يدعي النبوة مع معرفتهم بأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم الأنبياء، أو من يدعي الربوبية لوجد على ذلك أتباعـًا وأشياعـًا( 4).
وقد كان يجب ـ مع ما يدّعونه من معرفة القياس وإعداد آلات النظر ـ أن لا يختلفوا كما لا يختلف الحُسّاب والمسّاح والمهندسون؛ لأن آلتهم لا تدل إلا على عدد واحد وإلا على شكل واحد؛ وكما لا يختلف حذّاق الأطباء في الماء وفي نبض العروق لأن الأوائل قد وقفوهم من ذلك على أمرٍ واحد، فما بالهم أكثر الناس اختلافـًا لا يجتمع اثنان من رؤسائهم على أمرٍ واحد في الدين؟)).
ثم ذكر تضارب الآراء، واختلاف الأهواء والاتجاهات بين زعماء أهل الكلام، وانتقدهم أشد النقد.
ثم قال: ((ذكر أصحاب الحديث: فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من وجهته، وتتبعوه من مظانه، وتقرّبوا من الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وطلبهم لآثاره وأخباره برًّا وبحرًا وشرقـًا وغربـًا، يرحل الواحدُ منهم راجلاً مقويـًّا في طلب الخبر الواحد أو السنة الواحدة حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة.
ثم لم يزالوا في التنقير عن الأخبار والبحث لها حتى فهموا صحيحَها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي، فنبّهوا على ذلك حتى نجم الحق بعد أن كان عافيـًا، وبسق بعد أن كان دارسـًا، واجتمع بعد أن كان متفرِّقـًا، وانقاد للسنن من كان عنها معرضـًا، وتنبّه لها من كان عنها غافلاً، وحكم بقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن يحكم بقول فلان وفلان وإن كان فيه خلاف عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم.
وقد يعيبهم الطاعنون بحملهم الضعيف، وطلبهم الغرائب، وفي الغريب الداء؛ ولم يحملوا الضعيف والغريب لأنهم رأوهما حقـًّا، بل جمعوا الغثّ والسمين، والصحيح والسقيم، ليميزوا بينهما، ويدلوا عليهما، وقد فعلوا ذلك)).
ثم ذكر طائفة من الأحاديث الموضوعة، وذكر نقد المحدثين لها، وتزييفهم إياها وفضح واضعيها.
رحمه الله وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا.

شهادة الإمام ابن حبان:

قال الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان بن معاذ بن معبد بن سعيد التميمي (المتوفى سنة 354ه‍) في مقدمة ((صحيحه)) ـ انظر: ((الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان)): (1/20 ـ 23).
بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهلُه:
((ثم اختار طائفة لصفوته، وهداهم للزوم طاعته من اتباع سبل الأبرار في لزوم السنن والآثار؛ فزيّن قلوبَهم بالإيمان، وأنطق ألسنتهم بالبيان، من كشف أعلام دينه واتباع سنن نبيه بالدؤوب في الرحل والأسفار وفراق الأهل والأوطار في جمع السنن، ورفض الأهواء، والتفقه فيها بترك الآراء، فتجرّد القوم للحديث وطلبوه، ورحلوا فيه وكتبوه، وسألوا عنه وأحكموه، وذاكروا به ونشروه، وتفقهوا فيه وأصلوه، وفرعوا عليه وبذلوه، وبينوا المرسل من المتصل، والموقوف من المنفصل، والناسخ من المنسوخ، والمحكم من المفسوخ، والمفسر من المجمل، والمستعمل من المهمل، والمختصر من المتقصي، والملزوق من المتفصي، والعموم من الخصوص، والدليل من المنصوص، والمباح من المزجور، والغريب من المشهور، والفرض من الإرشاد، والحتم من الإيعاد، والعدول من المجروحين، والضعفاء من المتروكين، وكيفية المعمول والكشف عن المجهول، وما حُرِّف عن المخزول، وقلب عن المنحول من مخايل التدليس وما فيه التلبيس؛ حتى حفظ الله بهم الدين على المسلمين، وصانه من ثلب القادحين، جعلهم عند التنازع أئمة الهدى، وفي النوازل مصابيح الدجى؛ فهم ورثة الأنبياء ومأنس الأصفياء)).(5 )
ثم بعد الشهادة لرسول الله بالرسالة والبلاغ المبين والجهاد وآثار ذلك قال: ((وإن في لزوم سنته تمام السلامة وجماع الكرامة لا تطفأ سرجها، ولا تدحض حججها؛ مَن لزمها عصم، ومن خالفها ندم؛ إذْ هي الحصن الحصين، والركن الركين الذي بان فضله، ومَتُن حبله، من تمسّك به ساد، ومن رام خلافه باد؛ فالمتعلقون به أهل السعادة في الآجل، والمغبوطون بين الأنام في العاجل)).
وقال (1/105): ((وصف الفرقة الناجية من بين الفرق التي تفترق عليها أمة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم))، ثم ذكر حديث العرباض بن سارية وفيه: ((فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافـًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)).
ثم قال: ((في قوله ـ صلى الله عليه وسلم: ((فعليكم بسنتي)) عند ذكره الاختلاف الذي يكون في أمته بيان واضح، أن من واظب على السنن وقال بها، ولم يعرج على غيرها من الآراء من الفرقة الناجية في القيامة ـ جعلنا الله منهم بمنه)).
ثم قال في (1/107): ((ذكر البيان بأن من أحب الله عز وجل وصفيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإيثار أمرهما وابتغاء مرضاتهما على رضا سواهما يكون في الجنة مع المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم)).
ثم قال في (1/151): ((كتاب العلم: ذكر إثبات النصرة لأصحاب الحديث إلى قيام الساعة))، ثم أورد حديث معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم خذلان من خذلهم حتى تقوم الساعة)).

شهادة الخطيب البغدادي:

وألّف الإمام الكبير أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (المتوفى سنة 463ه‍( كتاباً أسماه: ((شرف أصحاب الحديث)) قال في مقدمته بعد أن ذكر أقوال العلماء في ذم الرأي (من ص 3 ـ 5):
((ولو أن صاحب الرأي المذموم، شغل نفسَه بما ينفعه من العلوم، وطلب سنن رسول رب العالمين، واقتفى آثار الفقهاء والمحدِّثين، لوجد في ذلك ما يغنيه عما سواه، واكتفى بالأثر عن رأيه الذي رآه؛ لأن الحديث يشتمل على معرفة أصول التوحيد، وبيان ما جاء من وجوه الوعد والوعيد وصفات رب العالمين تعالى عن مقالات الملحدين، والإخبار عن صفات الجنة والنار، وما أعد الله تعالى فيها للمتقين والفجار وما خلق الله في الأرضين والسموات، من صنوف العجائب وعظيم الآيات، وذكر الملائكة المقرَّبين ونعت الصافين والمسبحين.
إلى أن يقول: وقد جعل الله تعالى أهله أركان الشريعة وهدم بهم كل بدعة شنيعة(6 )؛ فهم أمناء الله من خليقته، والواسطة بين النبي وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائرة، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة؛ وكلُّ فئة تتحيّز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيـًا تعكف عليه سوى أصحاب الحديث فإن الكتاب عدتهم والسنة حجتهم والرسول فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يتلفتون إلى الآراء، يقبل منهم ما رووا عن الرسول، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته، إذا اختلف في حديث كان إليهم الرجوع، فما حكموا به فهو المقبول المسموع؛ ومنهم كلّ عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلته، ومخصوص بفضيلته، وقارئ متقن، وخطيب محسن؛ وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر(7 )، وعلى الإفصاح بغير مذهبهم لا يتجاسر؛ من كادهم قصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، ولا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالشر إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير)).
ثم ساق إسناده إلى علي بن المديني قال في حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم)).
قال ـ أي: ابن المديني: (هم أهل الحديث، والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ويذبون عن العلم، لولاهم لم تجد عند المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الإرجاء والرأي شيئـًا من السنن؛ فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حرّاس الدين (8 )، وصرف عنهم كيد المعاندين لتمسّكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين؛ فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى، لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى؛ قبلوا شريعته قولاً وفعلاً، وحرسوا سنته حفظـًا ونقلاً، حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحقَّ بها وأهلَها؛ فكم من ملحد يروم أن يخلط في الشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها فهم الحفاظ لأركانها، والقوامون بأمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها؛ فهم دونها يناضلون: {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}(9 ) [المجادلة: 22])).
ثم قال (في ص 6): ((قال الخطيب: قد ذكر أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتابه المؤلف في تأويل مختلف الحديث ما يتعلّق به أهل البدع من الطعن على أصحاب الحديث، ثم ذكر من فساد ما تعلقوا به ما فيه مقنع لمن وفقه الله لرشده ورزقه السداد في قصده؛ وأنا أذكر في كتابي هذا إن شاء الله تعالى ما روي عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحث على التبليغ عنه، وفضل النقل لما سمع منه، ثم ما روي عن الصحابة والتابعين ومن بعدهم من العلماء الخالفين، في شرف أصحاب الحديث، وفضلهم، وعلو مرتبتهم ونبلهم، ومحاسنهم المذكورة، ومعالمهم المأثورة.
نسأل الله عز وجل أن ينفعنا بمحبتهم، ويحيينا على سنتهم، ويميتنا على ملتهم، ويحشرنا في زمرتهم إنه بنا خبير بصير؛ وهو على كل شيء قدير))".
ثم واصل ذكر محاسنهم والثناء عليهم إلى آخر كتابه –رحمه الله-.

شهادة الإمام ابن تيمية:

وقال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية ـ رحمه الله: (المتوفى 728ه‍( في ((فتاواه)): (4/9- 11):
((من المعلوم: أن أهل الحديث يشاركون كل طائفة فيما يتحلون به من صفات الكمال، ويمتازون عنهم بما ليس عندهم؛ فإن المنازع لهم لا بد أن يذكر فيما يخالفهم فيه طريقـًا أخرى، مثل المعقول، والقياس، والرأي، والكلام، والنظر، والاستدلال، والمحاجة، والمجادلة، والمكاشفة، والمخاطبة، والوجد، والذوق، ونحو ذلك؛ وكل هذه الطرق لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها؛ فهم أكمل الناس عقلاً، وأعدلهم قياسـًا، وأصوبهم رأيـًا، وأسدّهم كلامـًا، وأصحهم نظرًا، وأهداهم استدلالاً، وأقومهم جدلاً، وأتمهم فراسة، وأصدقهم إلهامـًا، وأحدهم بصراً ومكاشفة( 10) وأصوبهم سمعاً ومخاطبةً، وأعظمهم وأحسنهم وجدًا وذوقـًا؛ وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم، ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل.
فكل من استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين أحدّ وأسدّ عقلاً، وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أضعاف ما يناله غيرُهم في قرون وأجيال؛ وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك متمتعين؛ وذلك لأن اعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه: قال تعالى: { والذين اهتدوا زادهم هدى }، وقال: { ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشدّ تثبيتـًا. وإذا لآتيناهم من لدنا أجرًا عظيمـًا. ولهديناهم صراطـًا مستقيمـًا }.
وهذا يُعلم تارة بموارد النـزاع بينهم وبين غيرهم؛ فلا تجد مسألة خولفوا فيها إلا وقد تبين أن الحق معهم، وتارة بإقرار مخالفيهم ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم، أو بشهادتهم على مخالفيهم بالضلال والجهل، وتارة بشهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض، وتارة بأن كل طائفة تعتصم بهم فيما خالفت فيه الأخرى، وتشهد بالضلال على كل من خالفها أعظم مما تشهد به عليهم.
فأما شهادة المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض: فهذا أمرٌ ظاهر معلوم بالحس والتواتر لكل من سمع كلام المسلمين، لا تجد في الأمة عظم أحد تعظيمـًا أعظم مما عظموا به، ولا تجد غيرهم يعظم إلا بقدر ما وافقهم فيه، كما لا ينقص إلاّ بقدر ما خالفهم، حتى إنك تجد المخالفين لهم كلهم وقت الحقيقة يقرّ بذلك، كما قال الإمام أحمد: (آية ما بيننا وبينهم يوم الجنائز)؛ فإن الحياة بسبب اشتراك الناس في المعاش يعظم الرجل طائفته، فأما وقت الموت فلا بد من الاعتراف بالحق من عموم الخلْق؛ ولهذا لم يعرف في الإسلام مثل جنازته، مسح المتوكل موضع الصلاة عليه فوجد ألف ألف وستمائة ألف سوى من صلى في الخانات والبيوت.
وكذلك الشافعي، وإسحاق، وغيرهما إنما نبلوا في الإسلام باتباع أهل الحديث والسنة، وكذلك البخاري وأمثاله إنما نبلوا بذلك، وكذلك مالك والأزواعي، والثوري، وأبو حنيفة، وغيرهم إنما نبلوا في عموم الأمة وقُبل قولهم لما وافقوا فيه الحديث والسنة (11)، وما تكلم فيمن تكلم فيه منهم إلا بسبب المواضع التي لم يتفق له متابعتها من الحديث والسنة إما لعدم بلاغها إياه، أو لاعتقاده ضعف دلالتها، أو رجحان غيرها عليها)).
وقال أيضاً في ((مجموع الفتاوى)) (4/23):
((وما يوجد من إقرار أئمة الكلام والفلسفة وشهادتهم على أنفسهم وعلى بني جنسهم بالضلال( 12) ومن شهادة أئمة الكلام والفلسفة بعضهم على بعض(13) كذلك فأكثر من أن يحتمله هذا الموضع، وكذلك ما يوجد من رجوع أئمتهم إلى مذهب عموم أهل السنة وعجائزهم كثير، وأئمة السنة والحديث لا يرجع منهم أحد لأن الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب لا يسخطه أحد.
وكذلك ما يوجد من شهادتهم لأهل الحديث بالسلامة والخلاص من أنواع الضلال وهم لا يشهدون لأهل البدع إلا بالضلال وهذا باب واسع كما قدمناه.
وجميع الطوائف المتقابلة من أهل الأهواء تشهد لهم بأنهم أصلح من الآخرين وأقرب إلى الحق فنجد كلام أهل النحل فيهم وحالهم معهم بمنزلة كلام أهل الملل مع المسلمين وحالهم معهم)).
وقال في ((مجموع الفتاوى)) (4/91-92) أثناء مناقشته للمتفلسفة وأهل الضلال:
((وإن قلتم: يمكن الخطاب بها مع خاصة الناس دون عامتهم، وهذا قولهم.
فمن المعلوم أن علم الرسل يكون عند خاصتهم كما يكون علمكم عند خاصتكم، ومن المعلوم أن كل من كان بكلام المتبوع وأحواله وبواطن أموره وظواهرها أعلم وهو بذلك أقوم، كان أحق بالاختصاص به، ولا ريب أن أهل الحديث أعلم الأمة وأخصها بعلم الرسول وعلم خاصته مثل الخلفاء الراشدين، وسائر العشرة.
ومثل أبي بن كعب، وعبدالله بن مسعود، ومعاذ ابن جبل، وعبدالله بن سلام، وسلمان الفارسي، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وأبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان.
ومثل سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسعد بن عبادة، وعباد بن بشر، وسالم مولى أبي حذيفة، وغير هؤلاء ممن كان أخص الناس بالرسول وأعلمهم بباطن أموره وأتبعهم لذلك.
فعلماء الحديث أعلم الناس بهؤلاء وببواطن أمورهم وأتبعهم لذلك فيكون عندهم العلم علم خاصة الرسول وبطانته كما أن خواص الفلاسفة يعلمون علم أئمتهم وخواص المتكلمين يعلمون علم أئمتهم وخواص القرامطة والباطنية يعلمون علم أئمتهم وكذلك أئمة الإسلام مثل أئمة العلماء فإن خاصة كل إمام أعلم بباطن أموره)).
وقال –رحمه الله- في (4/95-97) من "المجموع":
"ومن المعلوم أن المعظمين للفلسفة والكلام المعتقدين لمضمونهما هم أبعد عن معرفة الحديث وأبعد عن اتباعه من هؤلاء هذا أمر محسوس بل إذا كشفت أحوالهم وجدتهم من أجهل الناس بأقواله صلى الله عليه وسلم وأحواله وبواطن أموره وظواهرها حتى لتجد كثيرا من العامة أعلم بذلك منهم ولتجدهم لا يميزون بين ما قاله الرسول وما لم يقله، بل قد لا يفرقون بين حديث متواتر عنه وحديث مكذوب موضوع عليه.
وإنما يعتمدون في موافقته على ما يوافق قولهم سواء كان موضوعاً أو غير موضوع فيعدلون إلى أحاديث يعلم خاصة الرسول بالضرورة اليقينية أنها مكذوبة عليه عن أحاديث يعلم خاصته بالضرورة اليقينية أنها قوله وهم لا يعلمون مراده بل غالب هؤلاء لا يعلمون معاني القرآن فضلاً عن الحديث، بل كثير منهم لا يحفظون القرآن أصلاً، فمن لا يحفظ القرآن ولا يعرف معانيه ولا يعرف الحديث ولا معانيه من أين يكون عارفاً بالحقائق المأخوذة عن الرسول.
وإذا تدبر العاقل وجد الطوائف كلها كلما كانت الطائفة إلى الله ورسوله أقرب كانت بالقرآن والحديث أعرف وأعظم عناية وإذا كانت عن الله وعن رسوله أبعد كانت عنهما أنأى حتى تجد في أئمة علماء هؤلاء من لا يميز بين القرآن وغيره بل ربما ذكرت عنده آية فقال لا نسلم صحة الحديث وربما قال: لقوله عليه السلام كذا، وتكون آية من كتاب الله.
وقد بلغنا من ذلك عجائب وما لم يبلغنا أكثر.
وحدثني ثقة: أنه تولى مدرسة مشهد الحسين بمصر بعض أئمة المتكلمين رجل يسمى شمس الدين الأصبهاني شيخ الأيكي فأعطوه جزءاً من الربعة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم المص حتى قيل له: ألف لام ميم صاد.
فتأمل هذه الحكومة العادلة ليتبين لك أن الذين يعيبون أهل الحديث ويعدلون عن مذهبهم جهلة زنادقة منافقون بلا ريب، ولهذا لما بلغ الإمام أحمد عن ابن أبي قتيلة أنه ذكر عنده أهل الحديث بمكة فقال: قوم سوء، فقام الإمام أحمد وهو ينفض ثوبه ويقول: زنديق، زنديق، زنديق، ودخل بيته، فإنه عرف مغزاه.
وعيب المنافقين للعلماء بما جاء به الرسول قديم من زمن المنافقين الذين كانوا على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم-.
وأما أهل العلم فكانوا يقولون: هم الأبدال؛ لأنهم أبدال الأنبياء وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه: هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعاً.
وكانوا يقولون: هم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، الظاهرون على الحق؛ لأن الهدى ودين الحق الذي بعث الله به رسله معهم.
وهو الذي وعد الله بظهوره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً )).
وقال أيضاً في ((مجموع الفتاوى)) (4/139-140):
((فدل الكتاب والسنة: على أن الله يؤتي أتباع هذا الرسول من فضله ما لم يؤته لأهل الكتابين قبلهم فكيف بمن هو دونهم من الصابئة دع مبتدعة الصابئة من المتفلسفة ونحوهم.
ومن المعلوم أن أهل الحديث والسنة أخص بالرسول واتباعه، فلهم من فضل الله وتخصيصه إياهم بالعلم والحلم وتضعيف الأجر ما ليس لغيرهم كما قال بعض السلف: ((أهل السنة في الإسلام كأهل الإسلام في الملل)).
فهذا الكلام تنبيه على ما يظنّه أهل الجهالة والضلالة من نقص الصحابة في العلم والبيان أو اليد والسنان وبسط هذا لا يتحمله هذا المقام.
والمقصود التنبيه على أن كل من زعم بلسان حاله أو مقاله: أن طائفةً غير أهل الحديث أدركوا من حقائق الأمور الباطنة الغيبية في أمر الخلق والبعث والمبدأ والمعاد وأمر الإيمان بالله واليوم الآخر وتعرف واجب الوجود والنفس الناطقة والعلوم والأخلاق التي تزكوا بها النفوس وتصلح وتكمل دون أهل الحديث، فهو إن كان من المؤمنين بالرسل فهو جاهل، فيه شعبة قوية من شعب النفاق، وإلا فهو منافق خالص من الذين ( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون).
وقد يكون من { الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم}، ومن { الذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد})).
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام كثير في الثناء على أهل الحديث ينتشر ذلك في كتبه وفتاويه.

شهادة الإمام ابن القيم:


قال شيخ الإسلام أبو عبـد الله محمـد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (ت751هـ) في قصيدة العديمة النظير الموسومة بـ ((الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية)) (ص:320-322)، مادحاً أهل الحديث وذامّاً من يبغضهم ويذمهم:
((فصل: في أنَّ أهل الحديث هم أنصار رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وخاصّته ولا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر:

يا مبغضا أهل الحديث وشاتما ... أبشر بعقد ولاية الشيطان
أو ما علمت بأنهم أنصار ديـ ... ـن الله والإيمان والقرآن
أو ما علمت بأن أنصار الرسو ... ل هم بلا شك ولا نكران
هل يبغض الأنصار عبد مؤمن ... أو مدرك لروائح الإيمان
شهد الرسول بذاك وهي شهادة ... من أصدق الثقلين بالبرهان
أو ما علمت بأن خزرج دينه ... والأوس هم أبدا بكل زمان
ما ذنبهم إذ خالفوك لقوله ... ما خالفوه لأجل قول فلان
لو وافقوك وخالفوه كنت تشـ ... ـهد أنهم حقا أولو الإيمان
لما تحيّزتم إلى الأشياخ وانـ ... ـحازوا إلى المبعوث بالقرآن
نسبوا إليه دون كل مقالة ... أو حالة أو قائل ومكان
هذا انتساب أولي التفرق نسبة ... من أربع معلومة التبيان
فلذا غضبتم حينما انتسبوا إلى ... خبر الرسول بنسبة الإحسان
هم يشهدونكم على بطلانها ... أفتشهدونهم على البطلان
ما ضرهم والله بغضكم لهم ... إذ وافقوا حقا رضا الرحمن
يا من يعاديهم لأجل مآكل ... ومناصب ورياسة الإخوان
تهنيك هاتيك العداوة كم بها ... من حسرة ومذلة وهوان
ولسوف تجني غيها والله عن ... قرب وتذكر صدق ذي الإيمان
فإذا تقطعت الوسائل وانتهت ... تلك المآكل في سريع زمان
هناك تقرع سن ندمان على التـ ... ـفريط وقت السير والإمكان
وهناك تعلم ما بضاعتك التي ... حصلتها في سالف الأزمان
إلا الوبال عليك والحسرات والـ ... خسران عند الوضع في الميزان
قيل وقال ما له من حاصل ... إلا العناء وكد ذي الأذهان
والله ما يجدي عليك هنالك إلا ... ذا الذي جاءت به الوحيان
والله ما ينجيك من سجن الجحيـ ... ـم سوى الحديث ومحكم القرآن
والله ليس الناس إلا أهله ... وسواهم من جملة الحيوان
ولسوف تذكر بر ذي الأيمان عن ... قرب وتقرع ناجذ الندمان
رفعوا به رأسا ولم يرفع به ... أهل الكلام ومنطق اليونان
فهذا قليل من كثير في حال أهل الحديث وواقعهم وما قيل من مدح بحق وشهادة بصدق؛ نقلتُ هذا لمن كان على نهجهم في اتباع الكتاب والسنة ليزداد إيمانـًا وثباتـًا، ولمن خدع من المنتسبين إلى السنة بمغالطات وتلبيسات أهل الأهواء وشبهاتهم وضلالاتهم ليعود إلى أصله ويأوي إلى عرينه، فيلزم عرين أهل الحديث، ويكون في ركبهم ويتبع حاديهم.

أهل الحديث همو أهل النبي وإن *** لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحـبوا

***

دين النبي محمد أخبار *** نعم المطية للفتى آثار
لا ترغبن عن الحديث وأهله *** فالرأيُ ليلٌ والحديث نهار
ولربما غلط الفتى سبل الهدى *** والشمس بازغة لها أنوار

(ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقـًا. ذلك الفضلُ من الله وكفى بالله عليمـًا ) [النساء: 69 ـ 70].
جعلنا الله وإياكم من أتباع أهل الحديث والسلف الصالح، إنه سميعُ الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب في
8/3/1432هـ


==========

الحواشي:
1 - (شرف أصحاب الحديث)، (1/46).
2 - "المدخل إلى السنن الكبرى" (1/391)، و"مفتاح الجنة" للسيوطي (1/51).
3 - "شرح السنة" للبربهاري (ص126)، رقم (172).
4 - كما يفعل الرعاع اليوم يتبعون كل ناعق ضال، ويتحزبون له ولضلالاته، ويردون الحق، ويحاربون أهله.
5 فما هو رأي الطيباوي وحزبه في هذه الصفات العظيمة التي يتحلى بها أهل الحديث ويشهد لهم بها فحول العلماء وما رأي العقلاء ؟ أيؤخذ بقول العلماء الفحول العدول أم بهراء الطيباوي الجهول؟
6 - وأهل الأهواء الجدد يجزعون من هدم البدع، ووضعوا لحمايتها أصولاً منها: "نصحح ولا نجرح"، وبعضهم يقول: ولا نهدم.
7 - كما يفعل اليوم بعض الأحزاب الماكرون، ولا سيما الحزب الجديد.
8 - اللهم اجعلنا منهم.
9 - جعلنا الله من هؤلاء المفلحين المناضلين القوامين بهدي وسنة خير المرسلين.
10 - يريد بالمكاشفة: الفراسة.
11 - تأمل هذا الكلام من هذا الإمام الذي عرف مكانة أهل الحديث وقدرهم وتقريره أن هؤلاء الأئمة الكبار إنما نبلوا في الإسلام باتباعهم لأهل الحديث، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ألوا الفضل، فلا تلتفت إلى أهل الغباء والحقد والجهل.
12 ، 13- مع الأسف الشديد كان من أهل الكلام والفلسفة من يشهدون على أنفسهم وبني جنسهم بالضلال، ويشهد بعضهم على بعض بالضلال، وهذا يتضمن شهادتهم لأهل السنة بأنهم على الحق والهدى، ولا نجد اليوم من أدعياء السلفية من يعترف بخطئه وضلاله ولا بأخطاء أهل حزبه وضلالهم مهما كان هذا الخطأ والضلال ، ولا يشهد لأهل السنة بالحق، فاعجب لهؤلاء الأدعياء.
__________________
لمراسلتي :
[email protected]


قال أبو بكر بن خلاد: دخلتُ على يحيى بن سعيد في مرضه، فقال لي:
يا أبا بكر! ما تركتَ أهلَ البصرةِ يَتكلّمون؟ قلت:
يَذكرون خيرًا، إلا أنهم يخافون عليك مِن كلامك في الناس. فقال:

احفظ عني:
لأن يكون خصمي في الآخرة رجل مِن عُرْضِ الناس، أَحَبُّ إليّ مِن أن يكون خصمي في الآخرة النبيّ صلى الله عليه وسلم، يقول: بَلَغَكَ عني حديثٌ وَقَعَ في وَهْمِكَ أنه عني، غير صحيح - يعني فلم تنكره-.

"الكامل في ضعفاء الرجال" (1/ 98).

أخوكم المحب أبوأيوب محمد الكردي
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 02-28-2011, 09:31 AM
أبو عبد الرحمن الجزائري أبو عبد الرحمن الجزائري غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 376
شكراً: 3
تم شكره 26 مرة في 23 مشاركة
افتراضي "الحلقة الثالثة" من بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"للشيخ ربيع -حفظه الله-

"الحلقة الثالثة" من بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال

رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"


هدم أباطيل وتعصب وجهالات الطيباوي وبيان بعض تناقضاته الشنيعة

رابعاً- قال المحتار في (ص 2-3): "وقد أوضح الشيخ صالح الفلاني هذا الأمر بصورة واضحة و جلية في كتابه (إيقاظ همم أولي الأبصار للإقتداء بسيد المهاجرين والأنصار)(1/28) حيث قال:

((مما قاله أبو السمح: فلقد طفت من أقصى المغرب، ومن أقصى السودان إلى الحرمين الشريفين فلم ألق أحدا يسأل عن نازلة فيرجع إلى كتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين، وآثار الصحابة والتابعين إلا ثلاثة رجال، وكل واحد منهم مقموع محسود يبغضه جميع من في بلده من المتفقهين، وغالب من فيه من العوام والمتسمين بسيم الصالحين، وموجب العداوة والحسد: تمسكهم بالكتاب، وسنة إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، ورفضهم كلام الطائفة العصبية والمقلدين.)).

ثم ضرب أمثلة، و قال: ((فترى كل واحد منهم يعظم إمامه المجتهد تعظيما لا يبلغ به أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا وجد حديثا يوافق مذهبه فرح به وانقاد له وسلم ،وإن وجد حديثا صحيحا سالما من النسخ والمعارض مؤيدا لمذهب غير إمامه فتح له باب الاحتمالات البعيدة، وضرب عنه الصفح والعارض ويلتمس لمذهب إمامه أوجها من الترجيح مع مخالفته للصحابة والتابعين والنص الصريح، وإن شرح كتاباً من كتب الحديث حرف كل حديث خالف رأيه الحديث وإن عجز عن ذلك كله ادعى النسخ بلا دليل، أو الخصوصية، أو عدم العمل به أو غير ذلك مما يحضر ذهنه العليل، وإن عجز عن ذلك كله ادعى أن إمامه اطلع على كل مروي أو جله فما ترك هذا الحديث الشريف إلا وقد اطلع على طعن فيه برأيه المنيف، فيتخذ علماء مذهبه أربابا، ويفتح لمناقبهم وكراماتهم أبوابا، ويعتقد أن كل من خالف ذلك لم يوافق صوابا، وإن نصحه أحد من علماء السنة اتخذه عدوا، ولو كانوا قبل ذلك أحبابا.

وإن وجد كتابا من كتب مذهب إمامه المشهورة قد تضمن نصحه، وذم الرأي والتقليد، وحرض على اتّباع الأحاديث المشهورة نبذه وراء ظهره، وأعرض عن نهيه وأمره، واعتقده حجرا محجورا، وجعل مختصرات المتأخرين سعيا مشكورا لتركهم الدليل، وتعصبهم للتقليد، واعتقادهم أنه الرأي السديد.

وشاهد ذلك كله أن تتأمل مذهب مالك فترى كتب علمائهم المتقدمين قد ملئت بالأدلة،وحشيت بذم المقلدين، كـ (المبسوط) للقاضي إسماعيل، و(المجموعة) لابن عبدوس، و(التمهيد) لابن عبد البر، و(الطراز) لسند بن عنان.

وقد نبذها المتأخرون وراء ظهورهم، وأقبلوا كل الإقبال على ما ابتدعه المتأخرون من حذف الدليل في مختصراتهم، وأولعوا بالتقليد بلا دليل لاعتقادهم أن الاشتغال به عناء وتطويل، إنا لله وإنا إليه راجعون)).

قلت: فكل ما قاله الفلاني موجود في كثير من أتباع الشيخ ربيع، و قد يحملون لك حقدا في باطنهم ،وهذا أمر مفهوم إذ عانى منه المتقدمون كالشافعي ،بل قال بعض الشافعية أظنه ابن النقاش: ((الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية))،والحديث قياس.

وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء واختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية والمسالك المذهبية.

ولكن الإشكال عندما يقبله العلماء أو طلبة العلم كالبازمول و العتيبي و الظفيري و بعض أذنابهم، و يغذونه، ويشجعون عليه، و يبنون عليه أحكامهم في الناس فهؤلاء جهلة، و إن سمّوا زورا طلبة علم.

وعندما ننظر بعين العلم و العدل نجد أكثر تجريحات الشيخ ربيع قائمة في حقيقتها على العداوة لمخالفيه، وكذلك تزكياته جلّها ناجمة عن العصبية أو الحمية،ولا علاقة لها بأصول التعديل،كما بيّنته في مقال خاص[ـ يبدو أن هذا المقال قد هيّج القوم،فقد قام نائمهم ونام قائمهم، و بين النوم و القيام تجري الأيام،أصلح الله حالهم، وبدل جهلهم علما، وردهم إلى الصواب بلطف وحكمة إنه لطيف خبير.]".

أقول: استشهد المحتار بكلام العلامة الشيخ صالح الفلاني ونَقْلِهِ عن أبي السمح في ذم المقلدين المتعصبين الذين أعرضوا عن الكتاب والسنة وغلوا في أئمتهم وعظّموهم تعظيماً لا يبلغ به أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وردهم للأحاديث الصحيحة إذا خالفت مذاهبهم، إلى تفاصيل أخرى في ذم هؤلاء المقلدين المتعصبين .

استشهد هذا المحتار بهذا الكلام الذي تضمن بحق ذم المتعصبين المقلدين للأئمة المجتهدين ليتوصل به إلى ذم أهل الحق المتمسكين بكتاب ربهم وسنة نبيهم ومنهج سلفهم الصالح .

وأقول له: إنك لترمي زوراً أهل السنة والحق المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بتقليد ربيع، وهذا من أعظم أنواع الظلم والإفك، وهذا والله داؤكم: "رمتني بدائها وانسلت".

ما هو التقليد؟

التقليد هو قبول قول الغير بغير حجة.

والسلفيون لا يقبلون الأقوال إلا إذا قامت على الحجج والبراهين.

وإنكم لتسمون الأشياء بغير أسمائها، وترمون الأبرياء بأدوائكم المهلكة.

فما هي أدلة الحلبي على رد الحق والإشادة بالضلالات الكبرى المعروفة؟

وهل من يتابعه يكون من المجتهدين أو المتبعين للحق، أو يكون من شر أنواع المتعصبين المقلدين؟

إني لا أعرف تقليداً أعمى شراً من تقليد أتباع رؤوس هذه الزمرة، التي أطلت برؤوسها الجاهلة المتعالمة من غير دور العلم والعلماء، فلا شيوخ لهم، ولا جامعات تخرجوا منها، ولا ندري في أي الأوكار والشوارع تعلموا، ولا سيما الأخلاق.

ومنها الكذب والخيانة والغش في الدين والتطاول على أهل السنة والحق من علماء وطلاب علم شرفاء، والخنوع والانقياد والتبعية الدنيئة لأهل الضلال، والاستماتة في الذب عنهم.

أيها المحتار أنت ومن معك في التبعية العمياء من شر أنواع المقلدين في أسوء الضلالات والأباطيل.

فمهما سقط رؤساؤكم ، ومهما انحدروا سقطتم وانحدرتم وراءهم، وإذا نعقوا بأي باطل قلدتموهم تقليد الببغاوات.

فكم هي المسافات والمفاوز بينكم وبين المقلدين الذين انتقدهم الفلاني وأبو السمح وأبو شامة وابن تيمية وابن القيم وابن الوزير والصنعاني ومحمد بن عبد الوهاب ومدرسته.

كم هي الفروق بين من يقلد العلماء، وبين من يقلد الأوغاد المتعالمين البائعين لدينهم، المحاربين للحق وأهله والمناضلين عن الباطل وأهله.

وهل أنت وأمثالك تُصَدَّقون في محاربتكم للتقليد، وأنتم في حضيض حضيض التقليد المخزي؟

وأقول: هذه كتابات ربيع وإخوانه تزخر بالحجج والبراهين في الدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومحاربة الهوى والتعصب والبدع والتقليد الأعمى، ومن يقول: إنهم مقلدون لربيع، فإنه والله من أكذب الكذابين، ولا سيما شيخك أبو الحسن الذي تقلده تقليد الببغاوات، فأنتم ممن يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، فالمعروف عندكم منكر، والمنكر معروف، والحق باطل، والباطل حق، وأنكر المنكرات لا تنكرونها، بل تدافعون عنها.

وإذا رأيتم أهل السنة يحترمون الحق ويحترمون الحجج والبراهين ويتعاونون على البر والتقوى ونصرة الحق ورد الأباطيل والضلالات رميتموهم بالتقليد والغلو والشذوذ و..و...

لقد نسي هذا المسكين أنه وأمثاله من المقلدين للسفلة الساقطين المتاجرين بدينهم والمدافعين عن الضلالات الكبرى أحق بهذا الذم الذي ذم به أبو السمح والفلاني مقلدة الأئمة المجتهدين.

والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إننا لا نعرف عن إخواننا إلا الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة والتمسك بمنهج السلف الصالح ومحاربة التعصب والتقليد الأعمى، والأخذ بقاعدة السلف: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ويحاربون الغلو حتى في الصحابة وأهل البيت بل حتى في الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسائر الأنبياء وأدلتهم نصوص الكتاب والسنة.

قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً)، [سورة النساء : 171].

وقال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ)، [سورة المائدة : 77].

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْد فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"([1])، ونحوه من الأحاديث الناهية عن الغلو في العبادات والأشخاص.

ولا أسفه وأشد غلواً وأقبح تعصباً ممن يعظم المهازيل المدافعين عن الضلالات الكبرى وأهلها.

ويدافع عن الخرافيين والقبوريين ويعدهم من أهل السنة.

ويحارب أهل السنة ويصفهم بالأوصاف القبيحة ومنها التعصب والتقليد والغلو، وهذا من هذه الزمرة ومقلديها من أفجر الفجور وقول الزور.

وأذكرك بمدح شيخك للمذاهب، ومنها مذهب الروافض والخوارج وغلاة الصوفية، فهل أحد من هذه العصابة أنكر عليه هذا المدح وهذه الشهادة، التي هي من أعظم شهادات الزور، بل هل أنكرت أنت عليه ذلك، وما هو أسوأ منه؟

ثم أقول: إنه بعد أن نقل هذا المحتار كلام الفلاني في ذم المقلدين وكشْفِ تعصبهم لمذاهبهم وردهم لنصوص الكتاب والسنة ونبذهم لهذه النصوص وراء ظهورهم ...الخ

قال هذا المحتار:

" قلت: فكل ما قاله الفلاني موجود في كثير من أتباع الشيخ ربيع، و قد يحملون لك حقدا في باطنهم ،وهذا أمر مفهوم إذ عانى منه المتقدمون كالشافعي ،بل قال بعض الشافعية أظنه ابن النقاش: ((الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية))،و الحديث قياس.

وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء و اختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية و المسالك المذهبية.

ولكن الإشكال عندما يقبله العلماء أو طلبة العلم كالبازمول و العتيبي و الظفيري و بعض أذنابهم، و يغذونه، ويشجعون عليه، و يبنون عليه أحكامهم في الناس فهؤلاء جهلة، و إن سمّوا زورا طلبة علم".



أقول:



وسق لنا عدداً من النصوص التي ردوها في العقائد والمناهج والعبادات وغيرها، وإلا فأنت من أهل الإفك المفترين.



أي أنه وزمرته ارتقوا إلى هذا المستوى الرفيع، وأما ربيع وإخوانه فجهال لا يعرفون شيئاً مما ذكر، وأقول له ولأمثاله المثل المشهور: "رمتني بدائها وانسلت"، وأتمثل بقول الشاعر: يشمر للج عن ساقه ويغمره الموج في الساحل

فهل يعقل أن يرتفع إلى هذا المستوى من لا يُدرى من أي الأوكار والشوارع تخرجوا.

ولا يصل إليه من درسوا الشريعة الإسلامية ولغتها وآلاتها من المراحل الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية ثم الجامعية ثم الدراسات العليا وحَمْل شهادتها العليا عن طريق كبار العلماء.

أي استكبار وحقد يحمله هذا الرجل على علماء المنهج السلفي؟

أليس الكِبر غمط الناس ورد الحق؟ فهو يرى هؤلاء النخبة التي أفنت حياتها في طلب العلم من مناهله جهلة ومقلدين.

ويرى نفسه في قمة المجتهدين، وهو في أحط دركات المقلدين للفاشلين، خريجي الأوكار والشوارع، ولذا فهو يحقد على أهل العلم الصحيح والمنهج الصحيح.

فهو وأمثاله من أشباه من قال الله فيهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) [سورة الأحقاف : 11].

فالكفار ينتقصون المؤمنين وينتقصون القرآن منبع العلوم.

وهؤلاء ينتقصون العلماء وعلمهم بالكتاب والسنة، فيرمونهم بالجهل وبالتقليد.

ويضرب الناس لهذا الصنف مثلاً، وهو أن قرداً أراد أن يتناول عنقوداً من العنب، فعجز عنه ولم يلحقه، فقال: إنه حامض.



خامساً-قال مختار في (ص3):

"قال السرخسي في أصوله (2/11): " وأما الطعن المفسر بما يكون موجبا للجرح، فإن حصل ممن هو معروف بالتعصب أو متهم به لظهور سبب باعث له على العداوة، فإنه لا يوجب الجرح، وذلك نحو طعن الملحدين والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة، وطعن بعض من ينتحل مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ في بعض المتقدمين من كبار أصحابنا، فإنه لا يوجب الجرح لعلمنا أنه كان عن تعصب وعداوة".

قال هذا المحتار معلقاً على كلام السرخسي :

"وعليه، فإن هؤلاء ولو جرحوا جرحا مفسرا أو مشروحا بمئات المجلدات، وأقسموا عليه اليمين المغلظة لا يقبل منهم، وقد بانت منهم العداوة لمخالفيهم فتركوا الأدلة وأقبلوا على الكذب والإشاعة وتشييخ المجاهيل الجهال حتى عند أمهاتهم وآبائهم، فكيف نقبل قول هؤلاء في الناس، وقولهم في شعرة لا يسوى بعرة!".

أقول:





وقوله " وذلك نحو طعن الملحدين والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة".

هذا حق، فلا يقبل طعن الملاحدة والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة.

وأما قوله : " وطعن بعض من ينتحل مذهب الشافعي -رحمه الله- في بعض المتقدمين من كبار أصحابنا، فإنه لا يوجب الجرح لعلمنا أنه كان عن تعصب وعداوة" .

فهذا القول فيه نظر، لأن فيه تعصباً على الشافعية، ولو كان متجرداً من التعصب لبدأ بمتعصبي الحنفية، فإنهم أشد تعصباً سابقاً ولاحقاً أكثر من الشافعية وغيرهم وأكثر مخالفة للنصوص من سائر أهل المذاهب المنتسبة إلى السنة، فلو كان متجردًا لمثَّل بهم للتعصب الأعمى .

حتى لقد قال قائلهم :

فلعنة ربنا أعداد رمل على من رد قول أبي حنيفة

وقال شاعر آخر متعصب :

إن الذين بجهلهم لم يقتدوا بمحمد بن كرام غير كرام

الفقه فقه أبي حنيفة وحده والدين دين محمد بن كرام

وكثير من الأحناف إن لم يقلها بلسانه يقولها بلسان حاله.

فلماذا يرمي السرخسي الشافعية وحدهم بالتعصب ويرد طعنهم في زعمه ولا يعرج على من هو أشد منهم تعصباً ورداً للنصوص، وكتبهم تشهد بذلك؟



ويذكرنا موقف هذا الحاقد المنطوي على الكذب والتعصب الأعمى للباطل وأهله بقول أئمة السنة: "من علامات أهل البدع الطعن في أهل السنة"، وأقوال شديدة لأهل السنة فيمن طعن في أهل السنة، وما رأيت في أهل الأهواء أشد عداوة وطعناً في أهل السنة وفي منهجهم من هذه الزمرة .

ومن أساسيات أهل السنة الولاء والبراء الذي منه الحب في الله والبغض فيه ومن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه.

وهذه الزمرة تتولى أهل البدع الكبرى وتدافع عن بدعهم بكل حماس، وتؤصل الأصول الباطلة للذب عنهم ولحرب أهل السنة فبأي ميزان يكونون من أهل السنة؟



أقول:

أ- إن هذا الكلام قد تجاوز نهايات الكذب والفجور والمكابرة.

فأهل السنة ما تكلموا في هذه العصابة الباغية المأجورة المتأكلة بدينها إلا بالأدلة والبراهين التي تدل على بطلان أصولهم الفاسدة، ودفاعهم الباطل عن الضلالات الكبرى، وعن ضلال مرتكبيها.

وكل منصف وصاحب دين وخلق يعترف بصدق أهل السنة وأمانتهم، ويعترف بصحة استدلالهم، ويعترف ببطلان دفاع هؤلاء المأجورين الأفاكين وتلبيساتهم وسوء سلوكهم في مقاومة الحق والصدق وردهما.

ب- لا يحتاج الذكي المنصف في كشف ضلالهم إلى مئات المجلدات، ولا إلى الأيمان المغلظة، فالذكي يستفيد من المثال الواحد ما لا يستفيده الغبي من ألف شاهد.

وما أشبه تكذيبك للحق وأهله بمن قال الله فيهم: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)، [سورة الأنعام : 111].

فهؤلاء كذبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذبوا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد.

فلا يستغرب أن يكون لهم أشباه ونظراء يكذبون بالحق والصدق وأدلته وبراهينه، ولو بلغ -على حد قوله-: "مئات المجلدات".

وإذا كان بغض أهل الحق لأهل الأهواء يبطل أقوالهم وحججهم، فيلزمك أن تبطل أقوال الرسل في أقوامهم المكذبين لهم، وتبطل حججهم، ولا سيما إبراهيم ومن معه، الذين قالوا لأعدائهم: (إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..)، [سورة الممتحنة : 4].

ويلزمك أن تبطل حجج أهل السنة على الروافض وغيرهم من أهل الأهواء، ويلزمك إبطال كل ما نسبوه إلى هؤلاء الضلال من عقائد باطلة وأقوال فاجرة، وإبطال حججهم وبراهينهم.

وهكذا يفعل الهوى بأهله يهوي بهم إلى أحط الدركات.

جـ- إن عداوة وبغض أهل الحق لأهل الباطل والمنكرات لأمر مشروع، ومن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه.

وعداوة أهل البغي والباطل للحق وأهله من أعظم الجرائم، ومن أوضح علامات أهل الزيغ والهوى.

سادساً- قال مختار في (ص4):

"من المعلوم أن التناقض جائز على العلماء، وهو من الاضطراب الناشئ عن عدم طرد الأصول، أو عن الوهم والنسيان، أو عن التزام القواعد العلمية الباطلة.

والتناقض يدل بداهة على بطلان أحد القولين المتناقضين، ومع ذلك فهو أيسر على أهل العلم من مخالفة الضرورة، والتناقض قد يكون سائغا لا يعبر إلا عن آدمية المتناقض، ولكنه في حال آخرين يدل على عظيم الجهل والبغي، وشدة العداوة.

وممن لا يعقل نظير تناقضهم في القواعد العلمية الشيخ ربيع أحسن الله إليه وختم لنا وله بخير.

ومعلوم أنه لا يوجد بشر غير نبي يسلم من التناقض، و لذلك كان دفع التناقض عن الشرع ضرورة بالنسبة لأهل العلم، بخلاف تناقض أهل العلم فإننا لسنا ملزمين بدفعه ،وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع([2]) بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية.

ولكن في كلام الشيخ ربيع من التناقض و الفساد ما فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، و لذلك استحال دفعه عنه -عند حاشيته- إلا بالكذب، و إنكار الحقائق الثابتة".
2- وانظر إلى قوله: " وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء و اختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية و المسالك المذهبية". 2- إن السرخسي من كبار الأحناف وهم معروفون بالتعصب لأقوال أبي حنيفة.
1- هات الأدلة والبراهين من أعمال ومواقف من تسميهم زوراً بأتباع ربيع على أنهم يردون نصوص الكتاب والسنة وينبذونها وراء ظهورهم. 1- لقد بلغت نهاية العناد والاستكبار، وتجاوزت حدود الشرع والحق في الاستعلاء ورفض الحق. 3- وتنـزيلك كلام السرخسي على السلفيين وطعنك فيهم ومبالغتك في إسقاطهم وإسقاط أقوالهم يشبه طعن الملاحدة في أهل السنة، وأما التهمة بالهوى فإليك وإلى زمرتك المنتهى في الهوى والكذب والغش والتدليس وقلب الحقائق وجعل الباطل حقاً والحق باطلاً، فأنتم من أحق الناس أن ينـزل عليكم هذا الكلام. 4- وقولك: " وعليه، فإن هؤلاء ولو جرحوا جرحا مفسرا أو مشروحا بمئات المجلدات، و أقسموا عليه اليمين المغلظة لا يقبل منهم، و قد بانت منهم العداوة لمخالفيهم فتركوا الأدلة و أقبلوا على الكذب و الإشاعة و تشييخ المجاهيل الجهال حتى عند أمهاتهم وآبائهم ،فكيف نقبل قول هؤلاء في الناس، و قولهم في شعرة لا يسوى بعرة!".

يتبع
__________________

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 02-28-2011, 09:37 AM
أبو عبد الرحمن الجزائري أبو عبد الرحمن الجزائري غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 376
شكراً: 3
تم شكره 26 مرة في 23 مشاركة
افتراضي


التعليق على هذا الكلام :



قال: "... لذلك كان دفع التناقض عن الشرع".

وهذا تعبير رديء، فالشرع ليس فيه تناقض أبداً، قال تعالى: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً)، [سورة النساء : 82].

وإنما يتوهم التناقض فيه أهل الضلال والإلحاد فيدفع توهمَهم وإيهامَهم وتشكيكَهم العلماء الربانيون بالحجج والبراهين، فلو كان هذا الرجل يفهم لقال: "...لذلك كان دفع توهم وإيهام التناقض عن الشرع ضرورة ...الخ

وقال: "من المعلوم أن التناقض جائز على العلماء، وهو من الاضطراب الناشئ عن عدم طرد الأصول، أو عن الوهم والنسيان، أو عن التزام القواعد العلمية الباطلة".

ثم صرّح بقوله: "فإننا لسنا ملزمين بدفعه" ، أي التناقض.

ثم هدم هذا كله بقوله: " وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع([3]) بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية".

أقول: أليس هذا الاضطراب الشنيع من هذا الرجل تناقضاً؟

فمرة ينفي وجوب دفع التناقض عن كلام العلماء.

ومرة أخرى يوجب دفع التناقض عن كلام العلماء بقوله:

" وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع بعض".

فالعدل واجب، قال تعالى: (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)،[ الحجرات: 9].

وقال تعالى: (إنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، [سورة النحل : 90].

وقال تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)، [سورة المائدة : 8].

فالعدل واجب مع القريب والبعيد والصديق والعدو ولو كان كافراً، فإذا كنت تعتقد وجوب حمل كلام العلماء المجمل على مفصله، فلماذا تقول: فإننا لسنا ملزمين بدفع تناقضهم؟

فالرجل متناقض جداً، لقد مشى مع الحق والفطرة في تقرير وجود التناقض في كلام البشر، ومنهم العلماء، وأنه لا يلزم دفع تناقض كلام العلماء.

ثم نكص على عقبيه، فقال هادماً ما بناه: "وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع بعض".

فاعجبوا لهذا التناقض الشنيع.





وتوضيحاً لكلامه نقول : معلوم أن التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات، فإذا قال العالم مرة في لباس المرأة الذهب المحلَّق: إنه حلال، وفي مناسبة أخرى قال: إنه حرام، كان هذا منه تناقضاً؛ لأنه تارة يثبت أنه حلال، وتارة ينفي هذا الحكم وهو الحِلِّية.

أو قال في النبيذ تارة: إنه حلال، وتارة قال : إنه حرام، صار متناقضاً، أو قال في الجهمية مرة: إنهم مسلمون، وقال مرة أخرى: إنهم كفار، فهذا تناقض؛ لأنه تارة يثبت إسلامهم، وتارة ينفيه .

ومن الهوى والجنون أن يحمل كلام من يقع في هذا التناقض بعضه على بعض، بل يقال هذا القول صواب وذاك خطأ.

ثم إن هذا الرجل ينسب ربيعاً إلى التناقض الذي "فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، ولذلك استحال دفعه عنه - عند حاشيته- إلا بالكذب، وإنكار الحقائق الثابتة".

أقول: ولا أدري ما هو تناقضي هذا الذي يستحيل دفعه في العقائد أو في المنهج أو في غيرهما؟ وهل أنا معذور عند الله في هذا التناقض أو غير معذور؟ وبعبارة أخرى هل ربيع من أهل الأهواء فلا يعذر في تناقضه؟؛ لأنه صدر عن هوى، ومن كان كذلك فإن صاحبه مأزور غير مأجور ولا معذور.

وهذا الرجل لم يسلك مسالك أهل العلم والنصح في نصحه وجرحه فهو يسوق التهم جزافاً ويبالغ في هذه المجازفة والطعن والتجهيل، فتراه يقول : "والتناقض قد يكون سائغا لا يعبر إلا عن آدمية المتناقض، ولكنه في حال آخرين يدل على عظيم الجهل والبغي، وشدة العداوة. وممن لا يعقل نظير تناقضهم في القواعد العلمية الشيخ ربيع أحسن الله إليه وختم لنا وله بخير".

ويؤكد هذا الاتهام، فيقول : "ولكن في كلام الشيخ ربيع من التناقض و الفساد ما فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، ولذلك استحال دفعه عنه- عند حاشيته- إلا بالكذب، و إنكار الحقائق الثابتة" .

وبهذا القول الفاجر يكون ربيع قد فاق في التناقض عتاة أهل البدع، بل لعله فاق أهل الكفر.

ولا أدري هل هذا الرجل قد أدرك واستوعب بنفسه هذه التناقضات أو أخذها من عالم الخيال أو من فجور أبي الحسن في إلزاماته الباطلة لربيع، فإذا ساق ربيع نصوص سادة أبي الحسن من القائلين بوحدة الوجود، أو الدعاة إلى وحدة الأديان وحرية الأديان وأخوة الأديان ألزمه بمجرد سوقه لنصوص كلامهم بالتكفير ويقول إما أن تكفرهم وإلا فأنت متناقض .

هذا بالإضافة إلى خياناته فيما ينقله من كلام ربيع، وعلى كل حال أنا لا أدعي العصمة لنفسي ولا لكبار العلماء من الوقوع في التناقض والخطأ.

فقد يكون للعالم المخلص المريد للحق المتجرد من الهوى اجتهاد في مسألة أو مسائل مما يسوغ الاجتهاد فيه، فيقع منه تناقض أو خطأ في اجتهاداته، فمثل هذا العالم المخلص يؤجر فيما أصاب فيه أجران وفيما أخطأ فيه أجر واحد في مقابل اجتهاده، ويعذر في خطئه.

وأما أهل الأهواء فلا يعذرون في أخطائهم ولا في تناقضاتهم؛ لأنهم إنما يتبعون أهواءهم .

وأنا أطلب من كل عالم مخلص أو طالب علم مدرك ومخلص إذا وجدوا لي أخطاء أو تناقضات في مؤلفاتي وأشرطتي أن يقدموها لي حتى أتراجع عن هذه الأخطاء والتناقضات قبل أن يتوفاني الله، وأسأل الله الثبات على الحق وأن يحسن خاتمتي، وأرفض أراجيف وافتعالات هذا المحتار .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في التناقض وأقسام أهله وأحكامهم:

"وهذا الاختلاف في عين المسألة أو نوعها من العلم قد يسمى تناقضا أيضا. لأن التناقض اختلاف مقالتين بالنفي والإثبات. فإذا كان في وقت قد قال: إن هذا حرام. وقال في وقت آخر فيه أو في مثله: إنه ليس بحرام، أو قال ما يستلزم أنه ليس بحرام فقد تناقض قولاه، وهو مصيب في كليهما عند من يقول: كل مجتهد مصيب، وأنه ليس لله في الباطن حكم على المجتهد غير ما اعتقده.

وأما الجمهور الذين يقولون: إن لله حكما في الباطن، علمه في إحدى المقالتين ولم يعلمه في المقالة التي تناقضها، وعدم علمه به مع اجتهاده مغفور له، مع ما يثاب عليه من قصده للحق واجتهاده في طلبه. ولهذا يشبه بعضهم تعارض الاجتهادات من العلماء بالناسخ والمنسوخ في شرائع الأنبياء، مع الفرق بينهما بأن كل واحد من الناسخ والمنسوخ ثابت بخطاب حكم الله باطنا وظاهرا، بخلاف أحد قولي العالم المتناقضين.

هذا فيمن يتقي الله فيما يقوله، مع علمه بتقواه، وسلوكه الطريق الراشد.

وأما أهل الأهواء والخصومات فهم مذمومون في مناقضاتهم لأنهم يتكلمون بغير علم، ولا حسن قصد لما يجب قصده.

وعلى هذا فلازم قول الإنسان نوعان:

أحدهما- لازم قوله الحق. فهذا مما يجب عليه أن يلتزمه، فإن لازم الحق حق، ويجوز أن يضاف إليه إذا علم من حاله أنه لا يمتنع من التزامه بعد ظهوره. وكثير مما يضيفه الناس إلى مذهب الأئمة من هذا الباب.

والثاني- لازم قوله الذي ليس بحق. فهذا لا يجب التزامه إذ أكثر ما فيه أنه قد تناقض. وقد بينتُ أن التناقض واقع من كل عالم غير النبيين، ثم إن عرف من حاله أنه يلتزمه بعد ظهوره له فقد يضاف إليه، وإلا فلا يجوز أن يضاف إليه قول لو ظهر له فساده لم يلتزمه. لكونه قد قال ما يلزمه. وهو لم يشعر بفساد ذلك القول ولا يلزمه.

وهذا التفصيل في اختلاف الناس في لازم المذهب: هل هو مذهب أو ليس بمذهب؟ هو أجود من إطلاق أحدهما. فما كان من اللوازم يرضاه القائل بعد وضوحه له فهو قوله. وما لا يرضاه فليس قوله. وإن كان متناقضا. وهو الفرق بين اللازم الذي يجب التزامه مع لزوم اللازم الذي يجب ترك الملزوم للزومه. فإذا عرف هذا عرف الفرق بين الواجب من المقالات والواقع منها. وهذا متوجه في اللوازم التي لم يصرح هو بعدم لزومها.

فأما إذا نفى هو اللزوم لم يجز أن يضاف إليه اللازم بحال، وإلا لأضيف إلى كل عالم ما اعتقدنا أن النبي e قاله، لكونه ملتزما لرسالته، فلما لم يضف إليه ما نفاه عن الرسول، وإن كان لازما له ظهر الفرق بين اللازم الذي لم ينفه واللازم الذي نفاه. ولا يلزم من كونه نص على الحكم نفيه للزوم ما يلزمه لأنه قد يكون عن اجتهادين في وقتين.

وسبب الفرق بين أهل العلم وأهل الأهواء -مع وجود الاختلاف في قول كل منهما-: أن العالم قد فعل ما أمر به من حسن القصد والاجتهاد، وهو مأمور في الظاهر باعتقاد ما قام عنده دليله، وإن لم يكن مطابقا، لكن اعتقادا ليس بيقيني، كما يؤمر الحاكم بتصديق الشاهدين ذوي العدل، وإن كانا في الباطن قد أخطآ أو كذبا، وكما يؤمر المفتي بتصديق المخبر العدل الضابط، أو باتباع الظاهر. فيعتقد ما دل عليه ذلك، وإن لم يكن ذلك الاعتقاد مطابقا. فالاعتقاد المطلوب هو الذي يغلب على الظن مما يؤمر به العباد، وإن كان قد يكون غير مطابق، وإن لم يكونوا مأمورين في الباطن باعتقاد غير مطابق قط.

فإذا اعتقد العالم اعتقادين متناقضين في قضية أو قضيتين، مع قصده للحق واتباعه لما أمر باتباعه من الكتاب والحكمة عذر بما لم يعلمه وهو الخطأ المرفوع عنا، بخلاف أصحاب الأهواء فإنهم (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس)، ويجزمون بما يقولونه بالظن والهوى جزما لا يقبل النقيض، مع عدم العلم بجزمه. فيعتقدون ما لم يؤمروا باعتقاده، لا باطنا ولا ظاهرا. ويقصدون ما لم يؤمروا بقصده ويجتهدون اجتهادا لم يؤمروا به. فلم يصدر عنهم من الاجتهاد والقصد ما يقتضي مغفرة ما لم يعلموه، فكانوا ظالمين، شبيها بالمغضوب عليهم، أو جاهلين شبيها بالضالين.

فالمجتهد الاجتهاد العلمي المحض ليس له غرض سوى الحق. وقد سلك طريقه. وأما متبع الهوى المحض فهو من يعلم الحق ويعاند عنه.

وثم قسم آخر -وهم غالب الناس- وهو أن يكون له هوى. وله في الأمر الذي قصد إليه شبهة، فتجتمع الشهوة والشبهة. ولهذا جاء في حديث مرسل عن النبي e أنه قال: "إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات".

فالمجتهد المحض مغفور له، أو مأجور. وصاحب الهوى المحض مستوجب للعذاب، وأما المجتهد الاجتهاد المركب على شبهة وهوى فهو مسيء. وهم في ذلك على درجات بحسب ما يغلب وبحسب الحسنات الماحية.

وأكثر المتأخرين من المنتسبين إلى فقه أو تصوف مبتلون بذلك"([4]).

هذا هو كلام أهل العلم المنصفين الواعين، لا كلام أهل الجهل المتخبطين.

لقد جعل هذا الإمام المتناقضين أصنافاً كما ترى، ولا أرى زمرة هذا المحتار إلا من أصحاب الهوى المحض.

وأعود إلى شيء من كلام هذا الرجل لأبين تناقضه .

فقد صرح بقوله : " و التناقض يدل بداهة على بطلان أحد القولين المتناقضين". فقد صرَّح ببطلان أحد القولين المتناقضين .

ثم قال بعد قليل : "وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية".

أليس هذا تناقضاً في سياق واحد؟

ثم أقول: فإذا قال الشخص كلاماً باطلاً تارة وكلاماً حقاً تارة أخرى فهل يجوز أن نحمل الباطل على الحق حتى يصيرا أمرًا واحداً وحقاً في الوقت نفسه أليس هذا قولاً باطلاً؟

فإذا أصدر هذا العالم فتوى بأن الحلف بغير الله جائز ثم أصدر فتوى أخرى بأن الحلف بغير الله لا يجوز وأنه شرك بالله وساق الأدلة على ذلك فقد وقع هذا العالم في التناقض في هذه المسألة .

فهل من العدل أن نحمل كلام هذا المفتي بعضه مع بعض كما يقول؟

أو نقول: إن فتواه الأولى بجواز الحلف بغير الله باطلة والثانية حق وما بعد الحق إلا الضلال.

أليس هذا الخبط من هذا الرجل يدل على أنه جاهل وصاحب هوى ؟

وسلوك العلماء من مختلف المذاهب هو أنه إذا كان للمجتهد قولان مختلفان في المسألة أن يرجحوا أحد القولين على الآخر وهذا الترجيح إنما يقوم على الأدلة، فكم للإمام أحمد والإمام الشافعي وغيرهما من الأقوال المختلفة ومعالجة هذا الاختلاف عند العلماء المنصفين إنما تكون بتقديم وترجيح ما قام عليه الدليل ولا يجوز عندهم العمل بالقول المرجوح ولا يسلكون مسلك أهل الأهواء في حمل بعض الأقوال المتناقضة على بعض كما ينادي أهل الأهواء بحمل المجمل على المفصل، ومنهم هذا الرجل .

فإذا قال إنسان بالحلول أو وحدة الوجود أو بتعطيل صفات الله أو قال بخلق القرآن وحملنا مجمله على مفصله، وادعينا أنه عالم وداعية ويؤمن بالله وهذا مفصله فلا يمكن تبديع أحد ولا تخطئة أحد ويصير الناس بهذا المنهج معصومين من الكبائر والصغائر وهذا المنهج مخالف لكتاب الله وسنة رسوله ومنهج أهل السنة والجماعة أن الناس غير الأنبياء من البشر -ومنهم العلماء- غير معصومين من الأخطاء وغير معصومين من المعاصي كبائرها وصغائرها.

عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني قال: أدركت أبا الدرداء ووعيت عنه، وأدركت شداد بن أوس ووعيت عنه، وأدركت عبادة بن الصامت ووعيت عنه، وفاتني معاذ بن جبل، فأخبرني يزيد بن عميرة أنه كان يقول في كل مجلس يجلسه:

"... فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة، اتقوا زيغة الحكيم، فإن الشيطان يُلقي على في الحكيم الضلالة وقد يقول المنافق كلمة الحق، قال: قلت لمعاذ: وما يدرينا يرحمك الله أن المنافق يلقي كلمة الحق؟ وأن الشيطان يلقي على في الحكيم الضلالة؟، قال: اجتنبوا من كلام الحكيم كل متشابه، الذي إذا سمعته قلت: ما هذا؟، ولا يثنيك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتَلَقَّ الحق إذا سمعته، فإن على الحق نورا"([5]).

وقد قدمنا سلفاً قاعدة السلف: "كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
1- يفتري هذا الرجل ما يدعيه من تناقض ربيع، فأوقعه الله في الحفرة التي حفرها للأبرياء وعاقبه بنقيض قصده. 2- ما نسبه إلى ربيع فيه مبالغة في الكذب والتشويه، ومبالغة في البغي والعدوان؛ الأمور التي لا تصدر إلا من قلب قد أنهكه الهوى والبغي والحقد الأسود والبغض للحق وأهله. 3-لم يمثل المحتار لتناقض ربيع، وهذا من أوضح الأدلة أنه قد بلغ نهاية الكذب والبهت.

يتبع
__________________

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 02-28-2011, 09:39 AM
أبو عبد الرحمن الجزائري أبو عبد الرحمن الجزائري غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 376
شكراً: 3
تم شكره 26 مرة في 23 مشاركة
افتراضي

سابعاً- قال مختار في (ص4-5) :

"وإن كان التناقض اختلاف القضيتين بالسلب والإيجاب على وجه يلزم من صدق أحدهما كذب الأخرى، وإن العكس جعل الموضوع محمولا والمحمول موضوعا مع بقاء الصدق، كيف نعمل مع مذهب الشيخ ربيع في الموازنة ،والجرح المفسر فإنه من أشد أنواع التناقض؟!

فالشيخ ربيع أولا لا يعرف ما هو التناقض و التضاد، و لذلك لا يفرق بين أنواعه، ويقع فيه كثيرا، فمثلا عندما قال في شريط (ندوة وقفات في المنهج):

((وفي كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- أننا نحب أهل البدع، يعني نحب منهم على قدر ما فيهم من الخير، ونكرههم بقدر ما فيهم من الشر، هذا الكلام لشيخ الإسلام رحمه الله، وجدنا في كلام السلف ما يخالفه، فقد نقل البغوي - رحمه الله- أن السلف اتفقوا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الإسلام على بغض أهل البدع وهجرانهم ومنابذتهم، عرفتم هذا، فالأمر يحتاج إلى نظر، ولا ينبغي لمسلم أن يتعلق بكلام إمام لنصرة ما فيه من باطل، فكثير من أهل الأهواء يتعلقون بكلام شيخ الإسلام هذا، ويشهرونه سلاحاً في وجه من يدعو إلى السنة...)).

فالشيخ ربيع بغض النظر عن عدم تحريره النقل عن ابن تيمية، فضلا عن فهم كلامه،ونقله ما لم يقله البغوي كما ستجده في المقال القادم عن الموازنة مشكلته في التناقض" .

التعليق :

1- أيها المجازف إن صغار طلاب العلم ليفهمون كلام شيخ الإسلام وكلام الإمام البغوي، فدع الأراجيف.

2- قولك : " فالشيخ ربيع أولا لا يعرف ما هو التناقض و التضاد، و لذلك لا يفرق بين أنواعه، ويقع فيه كثيرا" .

أقول : ما أجرأك على الكذب وقول الزور.

لقد عرفتُ التناقض والتضاد والتباين من دراستي في المرحلة الثانوية أي قبل ما يربو على خمسين عاماً ولعله قبل أن يولد هذا المحتار ولا أبني أحكامي في النقد والجرح والتعديل إلا على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومنهج السلف الصالح، وأتحرى في ذلك الصدق والعدل .

3- أن السلف الصالح من الصحابة فمن بعدهم بنوا نقدهم وجرحهم للرواة وأهل البدع على نصوص الكتاب والسنة ولغتهما العربية لا على المصطلحات الكلامية والمنطقية .

فكتاب الله وسنة رسوله هما الميزان للخير والشر والهدى والضلال والسنة والبدعة، الأمور التي يجهلها هذا المحتار وأمثاله الذين يتمردون على منهج السلف بجهلهم وأهوائهم وسفسطاتهم ودورانهم في فلك أهل الأهواء .

قال تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) الآية .

فمن يتبع هدى الله يحفظه الله من الضلال والشقاء ومن يعرض عن ذكر الله ينزل به هذا الوعيد الشديد .

وقال تعالى : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً) .

فمن يخالف سبيل المؤمنين والصحابة ومن اتبعهم بإحسان توعده الله بجهنم .

وقال تعالى : (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)، (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَالِمون)، (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الفاسِقون).

والأحكام في العقائد والعبادات والمعاملات والجرح والتعديل والسياسات على الأفراد والجماعات لابد أن تنطلق من الكتاب والسنة، ومن ينطلق في أحكامه من المنطق والفلسفة والكلام وغيرها من الضلالات فهو ضال مضل، ومن يرى أن أحكام أهل العلم بالكتاب والسنة لا تقبل منهم إلا أن يعتمدوا على تعريفات وحدود أهل الكلام والمنطق فهو محادٌّ لله غير مقتنع بالأحكام الشرعية القائمة على الكتاب والسنة وفقه السلف ومنهجهم .

4ـ أن هذا الطعن والتجهيل لربيع بدعوى أنه لا يعرف التناقض والتضاد إنما يتوجه إلى السلف الصالح الذين حاربوا الكلام والمنطق وضللوا أهلهما ولم يبنوا أحكامهم في المجالات كلها على الحدود المنطقية والكلامية التي ينطلق منها هذا الحائر ويُجهِّل من لا ينطلق منها .

5ـ لقد أجمع السلف على تحريم علم الكلام وذموه وأهله أشد الذم، ومن أقوال الإمام الشافعي: (لأن ألقى الله بكل ذنب ما عدا الشرك أحب إليّ من أن ألقاه بعلم الكلام)، وأما علم المنطق فقد كان يذمه حتى أهل الكلام حتى جاء الغزالي وأدخله في علم الأصول .

وألّف شيخ الإسلام كتابه "الرد على المنطقيين" هدم فيه أصول المنطق وبدد فروعه ومن كلامه في علم المنطق أنه "لا يحتاجه الذكي ولا يستفيد منه البليد"

قال شيخ الإسلام في نقد الحدود المنطقية وغيرها:

"....الثالث إن الأمم جميعهم من أهل العلم والمقالات وأهل العمل والصناعات يعرفون الأمور التي يحتاجون إلى معرفتها ويحققون ما يعانونه من العلوم والأعمال من غير تكلم بحد منطقي. ولا نجد أحدا من أئمة العلوم يتكلم بهذه الحدود، لا أئمة الفقه ولا النحو ولا الطب ولا الحساب ولا أهل الصناعات مع أنهم يتصورون مفردات علمهم فعلم استغناء التصور عن هذه الحدود .

الرابع أنه إلى الساعة لا يُعلم للناس حد مستقيم على أصلهم بل أظهر الأشياء الإنسان وحده بـِ "الحيوان الناطق" عليه الاعتراضات المشهورة، وكذلك حد الشمس وأمثال ذلك، حتى إن النحاة لما دخل متأخروهم في الحدود ذكروا لـِ"الاسم" بضعة وعشرين حدا، وكلها معترض عليها على أصلهم، وقيل إنهم ذكروا لـِ"الاسم" سبعين حدا لم يصح منها شيء، كما ذكر ذلك ابن الأنباري المتأخر. والأصوليون ذكروا لـِ"القياس" بضعة وعشرين حدا، وكلها معترض على أصلهم، وعامة الحدود المذكورة في كتب الفلاسفة والأطباء والنحاة والأصوليين والمتكلمة معترضة على أصلهم؛ وإن قيل بسلامة بعضها كان قليلا، بل منتفيا، فلو كان تصور الأشياء موقوفا على الحدود لم يكن إلى الساعة قد تصور الناس شيئا من هذه الأمور؛ والتصديق موقوف على التصور، فإذا لم يحصل تصور لم يحصل تصديق: فلا يكون عند بني آدم علم في عامة علومهم وهذا من أعظم السفسطة"([6]) .

فدع السفسطة، واستح منها بدل أن تصول وتتطاول بها على أهل القرآن والسنة ومنهج السلف الصالح.

قال المختار الجاهل بمنهج السلف بل بالكتاب والسنة والبعيد عن آداب السلف وأخلاقهم ومنها توقير الكبار ومنها العدل والصدق .

قال : " فالشيخ ربيع أولا لا يعرف ما هو التناقض و التضاد، و لذلك لا يفرق بين أنواعه، ويقع فيه كثيرا، فمثلا عندما قال في شريط (ندوة وقفات في المنهج):

((وفي كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أننا نحب أهل البدع، يعني نحب منهم على قدر ما فيهم من الخير، ونكرههم بقدر ما فيهم من الشر، هذا الكلام لشيخ الإسلام رحمه الله، وجدنا في كلام السلف ما يخالفه، فقد نقل البغوي ـ رحمه الله ـ أن السلف اتفقوا من الصحابة والتابعين وتابعيهم وأئمة الإسلام على بغض أهل البدع وهجرانهم ومنابذتهم، عرفتم هذا، فالأمر يحتاج إلى نظر، ولا ينبغي لمسلم أن يتعلق بكلام إمام لنصرة ما فيه من باطل، فكثير من أهل الأهواء يتعلقون بكلام شيخ الإسلام هذا، ويشهرونه سلاحاً في وجه من يدعوا إلى السنة...)).

فالشيخ ربيع بغض النظر عن عدم تحريره النقل عن ابن تيمية، فضلا عن فهم كلامه،ونقله ما لم يقله البغوي كما ستجده في المقال القادم عن الموازنة مشكلته في التناقض" .

التعليق :

1- الرجل يدندن حول المجمل والمفصل ومنهج الموازنات ويوسع دائرتهما لتشمل كل طوائف الضلال من الروافض والخوارج وأهل وحدة الوجود، وهذا الأصل الذي يقرره لم يسبقه إليه إلا سادته الإخوان المسلمون وزمرته البائسة .

أو قل أحد أفاكي الإخوان المسلمين ولد منهج الموازنات وحمل المحمل على المفصل في أوائل القرن الخامس عشر الهجري على يد من أشرنا إليه .

وكل الفرق الإسلامية المنحرفة لم تعرف هذين المنهجين لرد هجمات أهل السنة على أباطيلهم وجماعاتهم ورؤسائهم ولرد حجج أهل السنة وبراهينهم بدون موازنات بين الحسنات والسيئات للأشخاص والكتب والجماعات ولا حمل المجملات على المفصلات حتى جاء هذا الإخواني فاكتشف حمل المجمل على المفصل ومنهج الموازنات لأننا في عصر الاكتشافات .

ونسي دعاة الإخوان المسلمين حمل المجمل على المفصل وتشبثوا بمنهج الموازنات، فتصدى لهم ربيع بن هادي فدَّك بنيانهم القائم على الشبهات والمجازفات والتحريفات، دكها بالحجج والبراهين النيرة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نقد الأفراد وفرق الضلال من المشركين واليهود والنصارى والمنافقين من أول كتاب الله إلى آخره ومن سنة رسول الله من أولها إلى آخرها لا تجد فيها للموازنات بين الحسنات والسيئات خبراً ولا ذكراً، وتلا كتاب الله وسنة رسوله الصحابة الكرام ومن تبعهم بإحسان لا تجد في نقدهم وجرحهم للأفراد والفئات عيناً ولا أثراً لا للموازنات ولا لحمل المجمل على المفصل، وتلاهم أهل الحديث والسنة والفقه، وهم الطائفة المنصورة المشهود لهم بأنهم على الحق إلى أن يأتي أمر الله لا تجد في نقدهم وجرحهم للأفراد والفئات الضالة أي أثر للموازنات لا في كتب العقائد ولا في كتب الجرح والتعديل العام ولا في كتب الجرح الخاص، قام بذلك ربيع ودونه في كتابين هما:

كتاب "منهج أهل السنة والجماعة في نقد الرجال والكتب والطوائف" .

وكتاب "المحجة البيضاء في حماية السنة الغراء من زلات أهل الأخطاء وزيغ أهل الأهواء" .

جمعتُ فيها عشرات الأدلة والبراهين ومنها تطبيقات أئمة السنة وأئمة الجرح والتعديل بما يكفي اللبيب الناصح بعضُ بعضِه وأرسلت هذين الكتابين إلى علماء السنة في داخل المملكة العربية السعودية وخارجها فاستقبلوهما بكل تقدير واحترام وأيدوا مضمونهما وصرحوا بهذه التأييدات في إجاباتهم على أسئلة السائلين وعلى رأس هؤلاء "ابن باز والألباني ، والفوزان، وعبد العزيز السلمان ، والنجمي ، ومحمد أمان " فما كان بعد هذا وذاك إلا أن تراجع المؤلفون والدعاة إلى القول بعدم وجوب الموازنات ، وأعلنوا هذه التراجعات وانطفأت بحمد الله هذه الفتنة على امتداد سنوات وسنوات .

ومع أن الإخوان المسلمين أعرضوا عن حمل المجمل على المفصل فقد رفع رايته أحد المتربصين المدسوسين على المنهج السلفي والمرتزقة المتأكلين بدينهم ألا وهو أبو الفتن المصري المأربي فشفى بذلك غيظ ساداته ومستأجريه من أهل البدع والأهواء فرددت على تلفيقاته وشبهاته ومجازفاته التي برع فيها وكانت هذه الفتنة منه بعد موت العلماء الذين كان ينتظر فرصة موتهم هو وزمرته وبعد انتقالهم إلى رحمة الله -كما نرجو الله لهم- وثب هو وزمرته لتحطيم أقوى الأسلحة التي يواجه بها أهل السنة على مر التاريخ أهل الأهواء والضلال.

فرددتُ على شبهاته وتلفيقاته في بحث سميته : " إبطال مزاعم أبي الحسن حول المجمل والمفصل"، يجده القارئ في كتابي (المجموع الحسن لمؤلفات ومقالات الشيخ ربيع المدخلي في رد منهج وأصول المصري أبي الحسن)([7]) ط دار الفلاح من (ص101 ـ 154)، وأنصح أهل السنة وغيرهم بقراءة هذا المجموع الذي دفع بالحق والصدق ضلالات أبي الحسن وأصوله الباطلة.

واستدل هذا المحتار بحديثين على مشروعية الموازنات لكل فرق الضلال بما فيهم الروافض والخوارج والصوفية وأهل وحدة الوجود:

أولهما : قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خَلْقًا رَضِىَ آخَرَ" .مسلم (2/091)، وأحمد (2/329)،وغيرهما".

وهذا النص ليس فيه أي دلالة على منهج الموازنات والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الكلام نهياً للمؤمن عن بغض زوجته المؤمنة، ولم يقله لتشريع الموازنات، ومن قال هذا فإنه يرد عشرات الآيات وعشرات الأحاديث الصحيحة التي فيها الجرح بدون موازنات .

وهذه النصيحة في الحديث ليست داخلة في أبواب الجرح والتعديل بل هي من باب الآداب والأخلاق التي ينبغي أن يكون عليها الرجل في عشرته لزوجته ، ولو كان في هذا الحديث دلالة على الموازنات لوجدت الاستدلال به على الموازنات في تراجم رجال الحديث في دواوين السنة ولوجدته في كتب العقائد التي امتلأت بنقد وجرح أهل البدع بدون موازنات .

فالاستدلال به على وجوب الموازنات من الترهات ومن أنكر المحدثات وشر الأمور محدثاتها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم موعظته البليغة: "...فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ فَتَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ"([8])، وفي رواية "وكل ضلالة في النار" .

فلو كان في هذا النص دلالة خفية أو واضحة على الموازنات لما تأخر عن تطبيقه والاحتجاج به الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون .

ولما تأخر عن الاحتجاج به وتطبيقه الصحابة والتابعون وأئمة الهدى من بعدهم إلى عصرنا هذا .

وثانيهما: "الحديث المشهور: لما اقتتلت فارس والروم وانتصرت الفرس ، ففرح بذلك المشركون ؛ لأنهم من جنسهم ليس لهم كتاب، واستبشر بذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لكون النصارى أقرب إليهم ؛ لأن لهم كتابا، وأنزل الله تعالى : {الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم }.

فهؤلاء النصارى الذين فرح المسلمون بنصرهم،هو فرح من وجه واحد يعارضه غضب وبغض منهم من أوجه كثيرة، و أهم من هذا.

فهل يلزم من هذا الفرح ترك عداوتهم المتعيّنة أم هذا هو عين الموازنة([9])، فهكذا تفهم المسألة،فعندما تفاضل بين البيهقي و الرازي، و بين الجويني و الأشعري، وبين الأشاعرة و المعتزلة فما هو موجب المفاضلة إلا الحب و البغض".



أقول: هذه القصة ليس فيها مشروعية الموازنات التي طالب بها مخترعو هذا المنهج وهي أنك إذا انتقدت شخصاً أو جماعة وبينت مساوئه أو مساوئهم نصحاً وتحذيراً للمسلمين من شرهم وضررهم وبدعهم فلا بد أن تذكر محاسن هذا الشخص أو هذه الفئة ، فإن لم تفعل هذا فأنت عندهم ظالم؛ لأنك ذكرت نصف الحقيقة وكتمت النصف الآخر، ولابد من ذكر ما في الكفتين حتى يعتدل الميزان، كما قاله أحد كبار دعاة منهج الموازنات سابقاً.

وشيء آخر، وهو أن هذه الحادثة حصلت في العهد المكي، حينما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنون يأملون ويطمعون في أن يقبل النصارى الإسلام ويدخلوا فيه.

وحينما كان المهاجرون من المسلمين إلى الحبشة قد آواهم النجاشي وبعض القساوسة واحترموهم، بل أسلم النجاشي وبعض القساوسة، فهذا أطمع المؤمنين في أن يدخل النصارى في الإسلام.

ثم لما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وقامت دولة الإسلام، وكاتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الملوك يدعوهم إلى الإسلام، ومنهم كسرى وقيصر، فلم يستجيبا لهذه الدعوة، بل جيّش قيصر جيوشه وحشدهم على حدود الشام لقتال الرسول -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين، وأصر النصارى على كفرهم وعنادهم.

أنزل الله فيهم آيات كثيرة تبين كفرهم وشركهم بدون موازنات، كقوله تعالى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ...)، [سورة المائدة:17].

وكقوله تعالى: (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، [سورة المائدة : 73].

وقال تعالى: (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)، [سورة التوبة : 29].

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، [سورة المائدة : 51].

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في مرض موته: " لَعْنَةُ اللَّهِ على الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"([10]).

وعن عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فيها تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ e فقال: "إِنَّ أُولَئِكَ إذا كان فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا على قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فيه تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يوم الْقِيَامَةِ"([11]).

وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: " قَاتَلَ الله الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، ومن طريق آخر: " لَعَنَ الله الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"([12]).

وعن عُبَيْد اللَّهِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ عَائِشَةَ وابن عَبَّاسٍ -رضي الله عَنْهُمْ- قالا: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ e طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً على وَجْهِهِ فإذا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عن وَجْهِهِ فقال وهو كَذَلِكَ: "لَعْنَةُ اللَّهِ على الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ"، يُحَذِّرُ ما صَنَعُوا"([13]).

فأين الموازنات في هذه الآيات المحكمات الواضحات، والأحاديث الصحيحة النيرات؟

أعتقد أنك تجهلها لاشتغالك عن القرآن والسنة بالسفسطات التي تجرك إلى حضيض الجهل بالبدهيات، في الوقت الذي يخيل لك شيطانك أنك في قمة العلم، وغيرك من أهل السنة والعلم في حضيض الجهل.

قال تعالى في أسلافك من الفلاسفة : (فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)، [سورة غافر : 83].

فعلمهم علم فاسد يدفعهم إلى تكذيب الرسل ورد ما عندهم من الآيات الباهرات، وأنا لا أُكفرك، ولكن أُبين أن فيك مشابهة لهم لأنك أخذت نصيباً من حالهم.

ثامناً- قال مختار في (ص5): " والتناقض هو: إثبات صفة لموصوف، ونفيها عنه في نفس الوقت، ومن نفس الجهة، بحيث لا تجتمع هاتان الصفتان معا في الموصوف، ولا ترتفعان عنه معا([14])، فالحب و البغض ليس من هذا النوع، لأنهما يتبعضان، ويتفاضلان".

وساق الحديث: "لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خَلْقًا رَضِىَ آخَرَ".

أقول: إن هذا الرجل لما كان يجادل بالباطل، ولم يجد الأدلة الواضحة على دعاواه، لجأ إلى حدود وتعريفات المناطقة وأهل الكلام الضالين في دينهم وتعريفاتهم وحدودهم للأشياء.

وغطى هذا بحديثين لا دلالة فيهما على إثبات منهج الموازنات بين الحسنات والسيئات لأهل الباطل.

وقوله: "فالحب والبغض ليس من هذا النوع، لأنهما يتبعضان، ويتفاضلان".

أما قوله: "يتبعضان"، فلا، وأما قوله: "ويتفاضلان"، فنعم.

ومن الأدلة على تفاضل الحب: قوله -صلى الله عليه وسلم-: " لاَ يُؤْمِنُ أحدكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه من وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"([15]).

فزيادة حب المؤمن لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- على نفسه وولده ووالده تدل على تفاضل الحب وتفاوته، ولا تدل على تبعضه.

ولا يقتضي قصور حبه لولده ووالده عن حب الرسول على أنه يحبهم من جهة ويبغضهم من جهة أخرى.

وسأل عمرو بن العاص رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الناس أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: عَائِشَةُ، فقلت: من الرِّجَالِ؟، فقال: أَبُوهَا، قلت: ثُمَّ من؟، قال: عُمَرُ بن الْخَطَّابِ، فَعَدَّ رِجَالًا"([16]).

فكونه -صلى الله عليه وسلم- يحب عائشة أكثر من حبه لأبي بكر وسائر الصحابة لا يدل قصور حبهم عن حبها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحبهم من جهة ويبغضهم من جهة أخرى، وإنما يدل فقط على تفاوت الحب.

وكونه يحب أبا بكر وعمر أكثر من سائر الصحابة لا يدل قصور حبه –صلى الله عليه وسلم- لهم عن حب أبي بكر وعمر على أنه يحب بقية الصحابة من جهة ويبغضهم من جهة أخرى.

وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: " ولو كنت مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا"([17]).

يدل على عظيم حبه لأبي بكر، ولا يقتضي زيادة حب رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر، وقصور حبه لعمر وسائر الصحابة على أنه يبغض باقي الصحابة من وجه ويحبهم من وجه.



تاسعاً- قال مختار في (ص5): " أما المبتدع المسلم فقد خلط عملا صالحا بآخر فاسد فكيف نبغضه كله([18]) كما نبغض الكافر، هذا لا يقوله مسلم".

أقول: إن البغض أيضاً يتفاضل ويتفاوت فبغض من عنده بدع كثيرة وكبيرة أشد من بغض من عنده بدعة واحدة كبيرة أو صغيرة.

وبغض الرافضي أشد من بغض الجهمي والمعتزلي.

وبغض الجهمي والمعتزلي أشد من بغض القدري.

وبغض القدري أشد من بغض المرجئ غير الغالي.

وهذا الرجل يريد أن يخالف العقل والفطرة وما يجده الناس في أنفسهم، وأشد من ذلك أنه يخالف السلف الذين لا يوازنون بين حب المبتدع وبغضه ولا بين حسناته وسيئاته على امتداد تأريخهم، فهم ظالمون عنده.

قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني في كتابه "عقيدة السلف أصحاب الحديث" (ص114-115) خلال بيانه لصفات أهل الحديث وآدابهم:

"ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين من الدين المتين والحق المبين .

ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه ، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم ولا يجالسونهم، ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم ، ويَرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضَرَّت وجَرَّت إليها من الوساوس والخطرات الفاسدة ما جرَّت ، وفيه أنزل الله عز وجل قوله : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) [ سورة الأنعام ، الآية : 68 ]" .

وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في كتابه "شرح السنة ( 1/224 )بعد أن أورد عدداً من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية والآثار السلفية في مجانبة أهل الأهواء :

" قد أخبر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) عن افتراق هذه الأمة ، وظهور الأهواء والبدع فيهم ، وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته ، وسنة أصحابه رضي الله عنهم ، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئاً من الأهواء والبدع معتقداً ، أو يتهاون بشيء من السنن أن يهجره ،ويتبرأ منه ، ويتركه حياً وميتاً ، فلا يسلم عليه إذا لقيه ولا يجيبه إذا ابتدأ إلى أن يترك بدعته ، ويُراجِع الحق.

والنهي عن الهجران فوق الثلاث فيما يقع بين الرجلين من التقصير في حقوق الصحبة والعشرة دون ما كان ذلك في حق الدين ، فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة إلى أن يتوبوا".

وقال -رحمه الله- في "شرح السنة" (1/226-227) خلال شرحه لحديث كعب ابن مالك -رضي الله عنه- في تخلف الثلاثة عن غزوة تبوك ومنهم كعب -رضي الله عنه-:

"وفيه دليل على أن هجران أهل البدع على التأبيد ، وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه، فأمر بهجرانهم إلى أن أنزل الله توبتهم ، وعرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- براءتهم ، وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم ، وعلماء السنة على هذا مجمعين متفقين على معاداة أهل البدعة ، ومهاجرتهم" .

فهذا هو واقع الصحابة والسلف، وهذا إجماعهم على بغض أهل البدع وهجرانهم، فأين هو منهج الموازنات أيها المحاربون لمنهج السلف؟





عاشراً- قال مختار في (ص6):

" وهنا مسألة أخرى لم ينتبه إليها الشيخ ربيع و أتباعه، وهي مسألة تناقض مواقف أهل العلم مع بعضهم البعض، و أقصد بالتناقض هنا اختلاف أحكامهم في الرجال ومواقفهم منهم.

ولذلك تجد أتباع الشيخ ربيع نظرا لهذا المنهج لم يفهموا تعدد مواقف أهل العلم في الرجال، فيعتبرونها تناقضا ،فإذا خالف أحدهم موقف الشيخ الألباني في رجل اعتبروا ذلك تناقضا منه، إذ في عقولهم يلزم إن كان على منهج الألباني أن يوافقه في كل مواقفه من أهل العلم و الدعاة ، وهذا خلط فاحش لا تجده إلا عند أتباع الشيخ ربيع.

ومنتدياتهم مملوءة به، و عندما يظفرون بمثال منه تجدهم قد أقاموا الأفراح كأنهم اكتشفوا حديثا نسيه البخاري ـ رحمه الله ـ في مسودة يذم ذاك الرجل!

فهم يعتبرون مواقف شيخهم أو غيره من بعض العلماء من ثوابت الشريعة ،ومن المسلمات عند أهل العلم !

ومشكل الشيخ ربيع أنه إما محاط بأتباع كسالى في العلم لا يبحثون، ولا يناقشونه فيطور مواقفه و يحسنها، و إما هو ضيق الخاطر لا يتحمل المخالفة.

نعم مواقف أهل العلم من بعضهم البعض محترمة، ومفهومة الأسباب و العلل ولكنها قابلة للنقاش، و أكثر من ذلك لا تلزمهم إلا هم و من يقلدهم.

و أهل العلم يبنون مواقفهم بناء على علمهم، وليس على علم غيرهم.

وعليه،فإن الاجتهاد يكون في الأدلة و القواعد الشرعية ليس في مواقف أهل العلم،وليس شرطا أن يصيب العالم في كل شيء ليكون سنيا،فلا نقابل موقف ابن جبرين بموقف الألباني أو باز([19])ـ رحمهم الله ـ ثم نزعم أننا أقمنا دليلا أو أبطلنا قول المخالف، بل نقابل بين أدلتهم الشرعية، و إلا كنا مستحسنين الاستحسان الباطل".

أقول: هذا الكلام فيه ذم للشيخ ربيع ومن يسميهم أتباعه، وطعن في منهجهم، وكله تمويه وغمغمة.

فكم هي المسائل التي خالف فيها ابن جبرين العلامة ابن باز والعلامة الألباني وغيرهما من العلماء كالشيخ صالح الفوزان والشيخ عبد الله الغديان والشيخ صالح اللحيدان والشيخ أحمد بن يحيى النجمي والشيخ زيد بن محمد هادي، وكل السلفيين في كل مكان؟، الجواب: لم يذكر شيئاً، وهذا من تمويهاته وكتمانه للحق!

وأقول: من ذلك دفاع ابن جبرين عن جماعة التبليغ وجماعة الإخوان المسلمين المخالفين للكتاب والسنة والمخالفين لعقائد السلف، ودفاعه عن سيد قطب والقطبيين وابن لادن، وطعنه وشدته على السلفيين، كل هذا عند هذا الرجل من اختلاف العلماء الذي يجب أن يُحترم فلا يُفرق بين حقه وباطله.

فالذين يؤيدون موقف ابن باز والألباني وغيرهما من أعيان السلف في الدنيا كلها في تضليل هذه الأصناف إنما ينطلقون من الجهل، وليس لديهم أدلة شرعية، ولم يقابلوا بين الأدلة الشرعية بين المختلفين فما هي الأدلة الشرعية لمن يدافع عن هذه الجماعات وضلالاتهم؟

الظاهر أن هذا الرجل يرى أن جماعة التبليغ القائمة على أربع طرق صوفية فيها الحلول ووحدة الوجود والشركيات.

وجماعة الإخوان المسلمين القائم تنظيمهم على الصوفية المدمرة وعلى الرفض المهلك بل على بعض النصارى.

وإلى جانب ذلك يتحالفون مع الاشتراكيين والبعثيين والناصريين، وأحياناً مع الشيوعيين، ويقيمون مؤتمرات لوحدة الأديان.

ويقرر زعماؤهم في كتاباتهم وحدة الأديان وأخوة الأديان وحرية الأديان.



فالظاهر أن هذا الرجل يرى أن هاتين الجماعتين على حق وسنة، وأن انتقاد السلفيين لهم قائم على الجهل، لا يستغرب هذا ممن يقلد أبا الحسن المأربي، فيصدق عليه وعلى أمثاله قول الشاعر:

ومن يكن الغراب له دليلاً يمر به على جيف الكلاب

وكذلك لم يذكر المسائل التي اختلف فيها ربيع وإخوانه مع الحلبي وزمرته التي ينصرها في كل باطل، وهم ينصرونه كذلك.

فهل التعاون على الإثم والعدوان عند المختار يعد اختلافاً معتبراً من اختلاف علماء السنة المجتهدين، للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد؟

وهل من يقول في الصحابة: إنهم غثاء وأصاغر، والأصاغر تحت الأقدام.

وهل من يحارب أهل السنة ويكيل لهم الطعون والشتائم في الوقت الذي يعتبر أهل الأهواء الغليظة من أهل السنة، فهل هذا النوع من الناس يعتبر في ميزان الله من العلماء المجتهدين المحترمين؟ وهل هو من أهل الاجتهاد في ميزان السلف من الصحابة والتابعين وأتباعهم كمالك والأوزاعي والثوري والحمادين والشافعي وأحمد والبخاري وعلماء المقادسة وابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب ومدرسته.

هل هذا الصنف في ميزانهم من العلماء ومن أهل السنة؟، وهل ضلالاتهم محترمة في ميزان الله؟

إن مخالفات هؤلاء لا تعد من مخالفات العلماء، بل من مخالفات أهل البدع والأهواء، فالبون شاسع جداً بين منهج السلف وبين منهج هؤلاء، والبون شاسع بينهم وبين النبلاء المجتهدين وبين أهل السنة الصادقين من السابقين واللاحقين.

سارت مشرقة وسرت مغربا شتان بين مشرق ومغرب



إن هذا المحتار لا يطيق أقوال السلف ولا مواقفهم من أهل البدع، ولا يرضى بأقوالهم العادلة في أهل البدع، ولهذا لا ينقل منها شيئاً، إمعاناً منه في الكتمان والتمويه والتضليل.




--------------------------------------------------------------------------------



الحواشي:

[1] - أخرجه البخاري في "أحاديث الأنبياء" حديث (3445)، وأحمد في "مسنده" (1/23).

[2] - كذا.

[3] - كذا.

[4] - "القواعد النورانية" (ص149-152).

[5] - أخرجه عبد الرزاق في"مصنفه" حديث (20750)، و أبو داود بنحوه في "سننه"، "كتاب السنة" حديث (4611) بإسناد صحيح.

[6] - "الرد على المنطقيين" (ص8).

[7] - جمع هذه الردود الأخ الأستاذ أحمد بن يحيى الزهراني في مجلد واحد، جزاه الله خيراً.

[8] - أخرجه أحمد (4/126)، وأبو داود حديث (4609)، والترمذي حديث (2676).

[9] - عجباً لهذا الرجل حيث يرى حب النصارى من بعض الوجوه بفضل منهج الموازنات.

[10] - أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (435، 436)، ومسلم في "المساجد"حديث (531).

[11] - متفق عليه، أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (427)، وفي مواضع أخر، ومسلم في "المساجد" حديث (528).

[12] - أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (437)، ومسلم في "المساجد" حديث (530)و (531).

[13] - أخرجه البخاري في "الصلاة" حديث (435).

[14] - في كلامه هذا تخبط، فهو يقول: " والتناقض هو: إثبات صفة لموصوف، ونفيها عنه في نفس الوقت" ، ثم يقول: بحيث لا تجتمع هاتان الصفتان معا" ، فالصفة أصبحت صفتين ..الخ

[15] - أخرجه البخاري في "الإيمان"،حديث (15)، ومسلم في "الإيمان" حديث (44).

[16] - أخرجه البخاري في "فضائل الصحابة"، حديث (3662)، ومسلم في "فضائل الصحابة"حديث (2384).

[17] - أخرجه البخاري في "مناقب الأنصار" حديث (3904)، ومسلم في "فضائل الصحابة" حديث (2382).

[18] - هذا تعبير ركيك، والظاهر أنه يريد: فكيف نبغضه بغضاً كاملاً.

[19] - كذا، يقصد العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، فلعل الرجل لا يعرف اسم هذا الإمام.
__________________

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 03-01-2011, 10:52 AM
أبو عبد الرحمن الجزائري أبو عبد الرحمن الجزائري غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 376
شكراً: 3
تم شكره 26 مرة في 23 مشاركة
افتراضي

بارك الله في الشيخ ربيع على نصرته الحق
ربيع ربيع أما تسأمون***أما ثم شيخ سوى المدخلي
__________________

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 03-01-2011, 08:26 PM
أبو عبد الله بلال يونسي أبو عبد الله بلال يونسي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 194
شكراً: 10
تم شكره 7 مرة في 5 مشاركة
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن الجزائري مشاهدة المشاركة
بارك الله في الشيخ ربيع على نصرته الحق
ربيع ربيع أما تسأمون***أما ثم شيخ سوى المدخلي

أحسن الله إليك أخي أبا عبد الرحمن وبارك فيما تنقل من رد قوي مفحم لشيخنا الإمام العلامة ربيع الخير والسنة أطال الله في عمره وزاده من عظيم فضله ..
آمين
آمين
آمين

وهل هذا البيت الجميل من وضعك ؛ ...

وكما أدعوك للمشاركة في منتديات الشعر السلفي ؛ كي نستفيد منك ؛ ....

وكما أسأل أخانا أباعبيدة زياني تثبيت هذا الموضوع ؛ ...
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 03-01-2011, 09:37 PM
أبو عبد الرحمن الجزائري أبو عبد الرحمن الجزائري غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 376
شكراً: 3
تم شكره 26 مرة في 23 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيك أخي جزاك الله خيرا
وهذا البيت حفظته من قصيدة''المثيرة في أخبار دجال الجزيرة''وهي موجودة في رسالة في الرد على المصري أبي الحسن،للشيخ أبي عبد السلام حسن بن قاسم الريمي-حفظه الله-
وسأنضم إليكم إن شاء الله في منتديات الشعر السلفي
وهذه أيضا أبيات من القصيدة:
وما قد رأيت كحلم الربيع***عليك وبالنصح لم يبخل(عني أبا الحسن)
فليتك تعرف قدر الربيع***ولكن جهلت فلم تعدل
تهلهل شعري بذكر الربيع***ففاح عبيرا ولم يجهل
أحب الربيع ونهج الربيع***وكل ربيع فلا تعذل
.......................................
محبكم في الله:
أبو عبد الرحمن الجزائري
__________________

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 04-03-2011, 08:54 PM
السلفي الأبيني السلفي الأبيني غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 21
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 3 مشاركة
افتراضي

لك الله يا شيخ ربيع
أسأل الله أن يبارك فيك وفي عمرك
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:46 PM.


powered by vbulletin