"الحلقة الثالثة" من بيان الجهل والخبال في مقال حسم السجال
رد على المسمى بـِ "مختار طيباوي"
هدم أباطيل وتعصب وجهالات الطيباوي وبيان بعض تناقضاته الشنيعة
رابعاً- قال المحتار في (ص 2-3): "وقد أوضح الشيخ صالح الفلاني هذا الأمر بصورة واضحة و جلية في كتابه (إيقاظ همم أولي الأبصار للإقتداء بسيد المهاجرين والأنصار)(1/28) حيث قال:
((مما قاله أبو السمح: فلقد طفت من أقصى المغرب، ومن أقصى السودان إلى الحرمين الشريفين فلم ألق أحدا يسأل عن نازلة فيرجع إلى كتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين، وآثار الصحابة والتابعين إلا ثلاثة رجال، وكل واحد منهم مقموع محسود يبغضه جميع من في بلده من المتفقهين، وغالب من فيه من العوام والمتسمين بسيم الصالحين، وموجب العداوة والحسد: تمسكهم بالكتاب، وسنة إمام المتقين صلى الله عليه وسلم، ورفضهم كلام الطائفة العصبية والمقلدين.)).
ثم ضرب أمثلة، و قال: ((فترى كل واحد منهم يعظم إمامه المجتهد تعظيما لا يبلغ به أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا وجد حديثا يوافق مذهبه فرح به وانقاد له وسلم ،وإن وجد حديثا صحيحا سالما من النسخ والمعارض مؤيدا لمذهب غير إمامه فتح له باب الاحتمالات البعيدة، وضرب عنه الصفح والعارض ويلتمس لمذهب إمامه أوجها من الترجيح مع مخالفته للصحابة والتابعين والنص الصريح، وإن شرح كتاباً من كتب الحديث حرف كل حديث خالف رأيه الحديث وإن عجز عن ذلك كله ادعى النسخ بلا دليل، أو الخصوصية، أو عدم العمل به أو غير ذلك مما يحضر ذهنه العليل، وإن عجز عن ذلك كله ادعى أن إمامه اطلع على كل مروي أو جله فما ترك هذا الحديث الشريف إلا وقد اطلع على طعن فيه برأيه المنيف، فيتخذ علماء مذهبه أربابا، ويفتح لمناقبهم وكراماتهم أبوابا، ويعتقد أن كل من خالف ذلك لم يوافق صوابا، وإن نصحه أحد من علماء السنة اتخذه عدوا، ولو كانوا قبل ذلك أحبابا.
وإن وجد كتابا من كتب مذهب إمامه المشهورة قد تضمن نصحه، وذم الرأي والتقليد، وحرض على اتّباع الأحاديث المشهورة نبذه وراء ظهره، وأعرض عن نهيه وأمره، واعتقده حجرا محجورا، وجعل مختصرات المتأخرين سعيا مشكورا لتركهم الدليل، وتعصبهم للتقليد، واعتقادهم أنه الرأي السديد.
وشاهد ذلك كله أن تتأمل مذهب مالك فترى كتب علمائهم المتقدمين قد ملئت بالأدلة،وحشيت بذم المقلدين، كـ (المبسوط) للقاضي إسماعيل، و(المجموعة) لابن عبدوس، و(التمهيد) لابن عبد البر، و(الطراز) لسند بن عنان.
وقد نبذها المتأخرون وراء ظهورهم، وأقبلوا كل الإقبال على ما ابتدعه المتأخرون من حذف الدليل في مختصراتهم، وأولعوا بالتقليد بلا دليل لاعتقادهم أن الاشتغال به عناء وتطويل، إنا لله وإنا إليه راجعون)).
قلت: فكل ما قاله الفلاني موجود في كثير من أتباع الشيخ ربيع، و قد يحملون لك حقدا في باطنهم ،وهذا أمر مفهوم إذ عانى منه المتقدمون كالشافعي ،بل قال بعض الشافعية أظنه ابن النقاش: ((الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية))،والحديث قياس.
وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء واختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية والمسالك المذهبية.
ولكن الإشكال عندما يقبله العلماء أو طلبة العلم كالبازمول و العتيبي و الظفيري و بعض أذنابهم، و يغذونه، ويشجعون عليه، و يبنون عليه أحكامهم في الناس فهؤلاء جهلة، و إن سمّوا زورا طلبة علم.
وعندما ننظر بعين العلم و العدل نجد أكثر تجريحات الشيخ ربيع قائمة في حقيقتها على العداوة لمخالفيه، وكذلك تزكياته جلّها ناجمة عن العصبية أو الحمية،ولا علاقة لها بأصول التعديل،كما بيّنته في مقال خاص[ـ يبدو أن هذا المقال قد هيّج القوم،فقد قام نائمهم ونام قائمهم، و بين النوم و القيام تجري الأيام،أصلح الله حالهم، وبدل جهلهم علما، وردهم إلى الصواب بلطف وحكمة إنه لطيف خبير.]".
أقول: استشهد المحتار بكلام العلامة الشيخ صالح الفلاني ونَقْلِهِ عن أبي السمح في ذم المقلدين المتعصبين الذين أعرضوا عن الكتاب والسنة وغلوا في أئمتهم وعظّموهم تعظيماً لا يبلغ به أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وردهم للأحاديث الصحيحة إذا خالفت مذاهبهم، إلى تفاصيل أخرى في ذم هؤلاء المقلدين المتعصبين .
استشهد هذا المحتار بهذا الكلام الذي تضمن بحق ذم المتعصبين المقلدين للأئمة المجتهدين ليتوصل به إلى ذم أهل الحق المتمسكين بكتاب ربهم وسنة نبيهم ومنهج سلفهم الصالح .
وأقول له: إنك لترمي زوراً أهل السنة والحق المتمسكين بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بتقليد ربيع، وهذا من أعظم أنواع الظلم والإفك، وهذا والله داؤكم: "رمتني بدائها وانسلت".
ما هو التقليد؟
التقليد هو قبول قول الغير بغير حجة.
والسلفيون لا يقبلون الأقوال إلا إذا قامت على الحجج والبراهين.
وإنكم لتسمون الأشياء بغير أسمائها، وترمون الأبرياء بأدوائكم المهلكة.
فما هي أدلة الحلبي على رد الحق والإشادة بالضلالات الكبرى المعروفة؟
وهل من يتابعه يكون من المجتهدين أو المتبعين للحق، أو يكون من شر أنواع المتعصبين المقلدين؟
إني لا أعرف تقليداً أعمى شراً من تقليد أتباع رؤوس هذه الزمرة، التي أطلت برؤوسها الجاهلة المتعالمة من غير دور العلم والعلماء، فلا شيوخ لهم، ولا جامعات تخرجوا منها، ولا ندري في أي الأوكار والشوارع تعلموا، ولا سيما الأخلاق.
ومنها الكذب والخيانة والغش في الدين والتطاول على أهل السنة والحق من علماء وطلاب علم شرفاء، والخنوع والانقياد والتبعية الدنيئة لأهل الضلال، والاستماتة في الذب عنهم.
أيها المحتار أنت ومن معك في التبعية العمياء من شر أنواع المقلدين في أسوء الضلالات والأباطيل.
فمهما سقط رؤساؤكم ، ومهما انحدروا سقطتم وانحدرتم وراءهم، وإذا نعقوا بأي باطل قلدتموهم تقليد الببغاوات.
فكم هي المسافات والمفاوز بينكم وبين المقلدين الذين انتقدهم الفلاني وأبو السمح وأبو شامة وابن تيمية وابن القيم وابن الوزير والصنعاني ومحمد بن عبد الوهاب ومدرسته.
كم هي الفروق بين من يقلد العلماء، وبين من يقلد الأوغاد المتعالمين البائعين لدينهم، المحاربين للحق وأهله والمناضلين عن الباطل وأهله.
وهل أنت وأمثالك تُصَدَّقون في محاربتكم للتقليد، وأنتم في حضيض حضيض التقليد المخزي؟
وأقول: هذه كتابات ربيع وإخوانه تزخر بالحجج والبراهين في الدعوة إلى كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومحاربة الهوى والتعصب والبدع والتقليد الأعمى، ومن يقول: إنهم مقلدون لربيع، فإنه والله من أكذب الكذابين، ولا سيما شيخك أبو الحسن الذي تقلده تقليد الببغاوات، فأنتم ممن يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا، فالمعروف عندكم منكر، والمنكر معروف، والحق باطل، والباطل حق، وأنكر المنكرات لا تنكرونها، بل تدافعون عنها.
وإذا رأيتم أهل السنة يحترمون الحق ويحترمون الحجج والبراهين ويتعاونون على البر والتقوى ونصرة الحق ورد الأباطيل والضلالات رميتموهم بالتقليد والغلو والشذوذ و..و...
لقد نسي هذا المسكين أنه وأمثاله من المقلدين للسفلة الساقطين المتاجرين بدينهم والمدافعين عن الضلالات الكبرى أحق بهذا الذم الذي ذم به أبو السمح والفلاني مقلدة الأئمة المجتهدين.
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إننا لا نعرف عن إخواننا إلا الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة والتمسك بمنهج السلف الصالح ومحاربة التعصب والتقليد الأعمى، والأخذ بقاعدة السلف: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) ويحاربون الغلو حتى في الصحابة وأهل البيت بل حتى في الرسول -صلى الله عليه وسلم- وسائر الأنبياء وأدلتهم نصوص الكتاب والسنة.
قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً)، [سورة النساء : 171].
وقال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ)، [سورة المائدة : 77].
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْد فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"([1])، ونحوه من الأحاديث الناهية عن الغلو في العبادات والأشخاص.
ولا أسفه وأشد غلواً وأقبح تعصباً ممن يعظم المهازيل المدافعين عن الضلالات الكبرى وأهلها.
ويدافع عن الخرافيين والقبوريين ويعدهم من أهل السنة.
ويحارب أهل السنة ويصفهم بالأوصاف القبيحة ومنها التعصب والتقليد والغلو، وهذا من هذه الزمرة ومقلديها من أفجر الفجور وقول الزور.
وأذكرك بمدح شيخك للمذاهب، ومنها مذهب الروافض والخوارج وغلاة الصوفية، فهل أحد من هذه العصابة أنكر عليه هذا المدح وهذه الشهادة، التي هي من أعظم شهادات الزور، بل هل أنكرت أنت عليه ذلك، وما هو أسوأ منه؟
ثم أقول: إنه بعد أن نقل هذا المحتار كلام الفلاني في ذم المقلدين وكشْفِ تعصبهم لمذاهبهم وردهم لنصوص الكتاب والسنة ونبذهم لهذه النصوص وراء ظهورهم ...الخ
قال هذا المحتار:
" قلت: فكل ما قاله الفلاني موجود في كثير من أتباع الشيخ ربيع، و قد يحملون لك حقدا في باطنهم ،وهذا أمر مفهوم إذ عانى منه المتقدمون كالشافعي ،بل قال بعض الشافعية أظنه ابن النقاش: ((الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية))،و الحديث قياس.
وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء و اختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية و المسالك المذهبية.
ولكن الإشكال عندما يقبله العلماء أو طلبة العلم كالبازمول و العتيبي و الظفيري و بعض أذنابهم، و يغذونه، ويشجعون عليه، و يبنون عليه أحكامهم في الناس فهؤلاء جهلة، و إن سمّوا زورا طلبة علم".
أقول:
وسق لنا عدداً من النصوص التي ردوها في العقائد والمناهج والعبادات وغيرها، وإلا فأنت من أهل الإفك المفترين.
أي أنه وزمرته ارتقوا إلى هذا المستوى الرفيع، وأما ربيع وإخوانه فجهال لا يعرفون شيئاً مما ذكر، وأقول له ولأمثاله المثل المشهور: "رمتني بدائها وانسلت"، وأتمثل بقول الشاعر: يشمر للج عن ساقه ويغمره الموج في الساحل
فهل يعقل أن يرتفع إلى هذا المستوى من لا يُدرى من أي الأوكار والشوارع تخرجوا.
ولا يصل إليه من درسوا الشريعة الإسلامية ولغتها وآلاتها من المراحل الابتدائية ثم المتوسطة ثم الثانوية ثم الجامعية ثم الدراسات العليا وحَمْل شهادتها العليا عن طريق كبار العلماء.
أي استكبار وحقد يحمله هذا الرجل على علماء المنهج السلفي؟
أليس الكِبر غمط الناس ورد الحق؟ فهو يرى هؤلاء النخبة التي أفنت حياتها في طلب العلم من مناهله جهلة ومقلدين.
ويرى نفسه في قمة المجتهدين، وهو في أحط دركات المقلدين للفاشلين، خريجي الأوكار والشوارع، ولذا فهو يحقد على أهل العلم الصحيح والمنهج الصحيح.
فهو وأمثاله من أشباه من قال الله فيهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ) [سورة الأحقاف : 11].
فالكفار ينتقصون المؤمنين وينتقصون القرآن منبع العلوم.
وهؤلاء ينتقصون العلماء وعلمهم بالكتاب والسنة، فيرمونهم بالجهل وبالتقليد.
ويضرب الناس لهذا الصنف مثلاً، وهو أن قرداً أراد أن يتناول عنقوداً من العنب، فعجز عنه ولم يلحقه، فقال: إنه حامض.
خامساً-قال مختار في (ص3):
"قال السرخسي في أصوله (2/11): " وأما الطعن المفسر بما يكون موجبا للجرح، فإن حصل ممن هو معروف بالتعصب أو متهم به لظهور سبب باعث له على العداوة، فإنه لا يوجب الجرح، وذلك نحو طعن الملحدين والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة، وطعن بعض من ينتحل مذهب الشافعي ـ رحمه الله ـ في بعض المتقدمين من كبار أصحابنا، فإنه لا يوجب الجرح لعلمنا أنه كان عن تعصب وعداوة".
قال هذا المحتار معلقاً على كلام السرخسي :
"وعليه، فإن هؤلاء ولو جرحوا جرحا مفسرا أو مشروحا بمئات المجلدات، وأقسموا عليه اليمين المغلظة لا يقبل منهم، وقد بانت منهم العداوة لمخالفيهم فتركوا الأدلة وأقبلوا على الكذب والإشاعة وتشييخ المجاهيل الجهال حتى عند أمهاتهم وآبائهم، فكيف نقبل قول هؤلاء في الناس، وقولهم في شعرة لا يسوى بعرة!".
أقول:
وقوله " وذلك نحو طعن الملحدين والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة".
هذا حق، فلا يقبل طعن الملاحدة والمتهمين ببعض الأهواء المضلة في أهل السنة.
وأما قوله : " وطعن بعض من ينتحل مذهب الشافعي -رحمه الله- في بعض المتقدمين من كبار أصحابنا، فإنه لا يوجب الجرح لعلمنا أنه كان عن تعصب وعداوة" .
فهذا القول فيه نظر، لأن فيه تعصباً على الشافعية، ولو كان متجرداً من التعصب لبدأ بمتعصبي الحنفية، فإنهم أشد تعصباً سابقاً ولاحقاً أكثر من الشافعية وغيرهم وأكثر مخالفة للنصوص من سائر أهل المذاهب المنتسبة إلى السنة، فلو كان متجردًا لمثَّل بهم للتعصب الأعمى .
حتى لقد قال قائلهم :
فلعنة ربنا أعداد رمل على من رد قول أبي حنيفة
وقال شاعر آخر متعصب :
إن الذين بجهلهم لم يقتدوا بمحمد بن كرام غير كرام
الفقه فقه أبي حنيفة وحده والدين دين محمد بن كرام
وكثير من الأحناف إن لم يقلها بلسانه يقولها بلسان حاله.
فلماذا يرمي السرخسي الشافعية وحدهم بالتعصب ويرد طعنهم في زعمه ولا يعرج على من هو أشد منهم تعصباً ورداً للنصوص، وكتبهم تشهد بذلك؟
ويذكرنا موقف هذا الحاقد المنطوي على الكذب والتعصب الأعمى للباطل وأهله بقول أئمة السنة: "من علامات أهل البدع الطعن في أهل السنة"، وأقوال شديدة لأهل السنة فيمن طعن في أهل السنة، وما رأيت في أهل الأهواء أشد عداوة وطعناً في أهل السنة وفي منهجهم من هذه الزمرة .
ومن أساسيات أهل السنة الولاء والبراء الذي منه الحب في الله والبغض فيه ومن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه.
وهذه الزمرة تتولى أهل البدع الكبرى وتدافع عن بدعهم بكل حماس، وتؤصل الأصول الباطلة للذب عنهم ولحرب أهل السنة فبأي ميزان يكونون من أهل السنة؟
أقول:
أ- إن هذا الكلام قد تجاوز نهايات الكذب والفجور والمكابرة.
فأهل السنة ما تكلموا في هذه العصابة الباغية المأجورة المتأكلة بدينها إلا بالأدلة والبراهين التي تدل على بطلان أصولهم الفاسدة، ودفاعهم الباطل عن الضلالات الكبرى، وعن ضلال مرتكبيها.
وكل منصف وصاحب دين وخلق يعترف بصدق أهل السنة وأمانتهم، ويعترف بصحة استدلالهم، ويعترف ببطلان دفاع هؤلاء المأجورين الأفاكين وتلبيساتهم وسوء سلوكهم في مقاومة الحق والصدق وردهما.
ب- لا يحتاج الذكي المنصف في كشف ضلالهم إلى مئات المجلدات، ولا إلى الأيمان المغلظة، فالذكي يستفيد من المثال الواحد ما لا يستفيده الغبي من ألف شاهد.
وما أشبه تكذيبك للحق وأهله بمن قال الله فيهم: (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ)، [سورة الأنعام : 111].
فهؤلاء كذبوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذبوا كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد.
فلا يستغرب أن يكون لهم أشباه ونظراء يكذبون بالحق والصدق وأدلته وبراهينه، ولو بلغ -على حد قوله-: "مئات المجلدات".
وإذا كان بغض أهل الحق لأهل الأهواء يبطل أقوالهم وحججهم، فيلزمك أن تبطل أقوال الرسل في أقوامهم المكذبين لهم، وتبطل حججهم، ولا سيما إبراهيم ومن معه، الذين قالوا لأعدائهم: (إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ..)، [سورة الممتحنة : 4].
ويلزمك أن تبطل حجج أهل السنة على الروافض وغيرهم من أهل الأهواء، ويلزمك إبطال كل ما نسبوه إلى هؤلاء الضلال من عقائد باطلة وأقوال فاجرة، وإبطال حججهم وبراهينهم.
وهكذا يفعل الهوى بأهله يهوي بهم إلى أحط الدركات.
جـ- إن عداوة وبغض أهل الحق لأهل الباطل والمنكرات لأمر مشروع، ومن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض فيه.
وعداوة أهل البغي والباطل للحق وأهله من أعظم الجرائم، ومن أوضح علامات أهل الزيغ والهوى.
سادساً- قال مختار في (ص4):
"من المعلوم أن التناقض جائز على العلماء، وهو من الاضطراب الناشئ عن عدم طرد الأصول، أو عن الوهم والنسيان، أو عن التزام القواعد العلمية الباطلة.
والتناقض يدل بداهة على بطلان أحد القولين المتناقضين، ومع ذلك فهو أيسر على أهل العلم من مخالفة الضرورة، والتناقض قد يكون سائغا لا يعبر إلا عن آدمية المتناقض، ولكنه في حال آخرين يدل على عظيم الجهل والبغي، وشدة العداوة.
وممن لا يعقل نظير تناقضهم في القواعد العلمية الشيخ ربيع أحسن الله إليه وختم لنا وله بخير.
ومعلوم أنه لا يوجد بشر غير نبي يسلم من التناقض، و لذلك كان دفع التناقض عن الشرع ضرورة بالنسبة لأهل العلم، بخلاف تناقض أهل العلم فإننا لسنا ملزمين بدفعه ،وإن كان من باب العدل أن نحمل كلامهم بعضه مع([2]) بعض بحيث ينتفي عنهم التناقض البشع أو الهادم لأصولهم الكلية.
ولكن في كلام الشيخ ربيع من التناقض و الفساد ما فاق به كل ما يحتمل من تناقض في غيره من علماء السنة، و لذلك استحال دفعه عنه -عند حاشيته- إلا بالكذب، و إنكار الحقائق الثابتة". 2- وانظر إلى قوله: " وهذا حال من لم يعرف أقوال العلماء و اختلافهم، ولم يعرف المدارك العقلية و المسالك المذهبية". 2- إن السرخسي من كبار الأحناف وهم معروفون بالتعصب لأقوال أبي حنيفة. 1- هات الأدلة والبراهين من أعمال ومواقف من تسميهم زوراً بأتباع ربيع على أنهم يردون نصوص الكتاب والسنة وينبذونها وراء ظهورهم. 1- لقد بلغت نهاية العناد والاستكبار، وتجاوزت حدود الشرع والحق في الاستعلاء ورفض الحق. 3- وتنـزيلك كلام السرخسي على السلفيين وطعنك فيهم ومبالغتك في إسقاطهم وإسقاط أقوالهم يشبه طعن الملاحدة في أهل السنة، وأما التهمة بالهوى فإليك وإلى زمرتك المنتهى في الهوى والكذب والغش والتدليس وقلب الحقائق وجعل الباطل حقاً والحق باطلاً، فأنتم من أحق الناس أن ينـزل عليكم هذا الكلام. 4- وقولك: " وعليه، فإن هؤلاء ولو جرحوا جرحا مفسرا أو مشروحا بمئات المجلدات، و أقسموا عليه اليمين المغلظة لا يقبل منهم، و قد بانت منهم العداوة لمخالفيهم فتركوا الأدلة و أقبلوا على الكذب و الإشاعة و تشييخ المجاهيل الجهال حتى عند أمهاتهم وآبائهم ،فكيف نقبل قول هؤلاء في الناس، و قولهم في شعرة لا يسوى بعرة!".
يتبع