منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > منبر الحديث الشريف وعلومه

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-06-2011, 01:36 PM
ابو علقمة يونس النحيلي ابو علقمة يونس النحيلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: ليبيا /حرسها الله /من توكرة
المشاركات: 311
شكراً: 82
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
افتراضي هل خلع النعال في المقابر من السنة ام بدعة؟

س2: هل خلع النعال في المقابر من السنة أم بدعة؟
ج2: يشرع لمن دخل المقبرة خلع نعليه؛ لما روى بشير بن الخصاصية قال: (بينا أنا أماشي رسول الله ( إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان، فقال: «ياصاحب السبتيتين ألق سبتيتيك» فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله ( خلعهما فرمى بهما)(45)، رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من علة، والعلة التي أشار إليها أحمد رحمه الله كالشوك والرمضاء ونحوهما، فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس

عبدالله بن غديان، عبدالرزاق عفيفي، عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-28-2012, 11:11 AM
أبو عبيدة طارق الجزائري أبو عبيدة طارق الجزائري غير متواجد حالياً
طرد لأنه من المتحزبين للحجوري المبتدع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 338
شكراً: 9
تم شكره 13 مرة في 12 مشاركة
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي يونس النحيلي .

السائل:
يقول ماحكم خلع النعلين في المقابر
الشيخ الألباني رحمه الله:
الجواب كما هو معلوم في كل أمر صدر من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الأصل فيه أنه للوجوب إلا إذا وجدت قرينة تصرف هذا الأمر من الوجوب إلى الإستحباب ولا قرينة هنا وعلى ذلك فينبغي البقاء على الأصل ألا وهو الوجوب.وعليكم السلام ورحمة الله /الشيخ رادا السلام / ولكني

أقول قد يمكن أن نتلمس قرينة تؤكد أن الأمر هاهنا على الوجوب من ذلك مثلا قوله عليه الصلاة والسلام:لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها/ ففي هذا الحديث وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع بين أمرين أو شيئين متباينين فهو من جهة يأمر باحترام الميت

وذلك بالنهي عن الجلوس على قبره ومن جهة أخرى ينهى عن المبالغة في احترام الميت فينهى عن الصلاة إلى القبر فقال عليه الصلاة والسلام: لا تجلسوا على القبور ولاتصلوا إليها/ والسؤال

السابق آنفا في الأمر فيما يتعلق بالمشي بين القبور يا صاحب السبتيتين إخلع نعليك كذلك هنا يرد السؤال نفسه في قوله عليه السلام: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها هل النهي هنا للتحريم أم

للتنزيه الجواب كالجواب السابق بالنسبة للأمر فكما أن الأصل في الأمر الوجوب فكذلك الأصل في النهي التحريم فقد يقول قائل نهيه عليه السلام عن الجلوس على القبر وعن الصلاة إلى القبر هل هو للتحريم أم للتنزيه؟ الجواب كما سبق بالنسبة للأمر الأصل فيه أنه للتحريم وحينئذ فيمكننا أن

نستنبط من نهيه عليه الصلاة والسلام عن الجلوس على القبر أنه يلتقي مع أمره لصاحب السبتيتين بخلعهما وذلك من باب إحترام المقبورين فالتقى هذا الحديث بذاك وصار هذا الثاني قرينة مؤيدة لكون الأمر في حديث السبتيتين هو على أصله أي الوجوب ,قد يورد بعض الناس بمثل هذه

المناسبة حديث / إن الميت إذا وضع في قبره إنه ليسمع قرع نعالهم وهم عنه مدبرين/ فيتوهمون أن هذا الحديث يدل على جواز المشي بين القبور في النعال وليس الأمر كذلك , ذلك لأنه ليس من الضروري أن نتصور أولا أن إخبار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الميت إذا وضع في

القبر أنه يسمع قرع نعال أنه يعني أن المشي بين القبور في النعال جائز لأنه يمكن أن نتصور الأمر بحيث لا يصطدم مع أمره لصاحب السبتيتين بخلعهما يمكن أن نتصور أمرين اثنين دفعا للتعارض .
الأمر الأول:
أنه لا تلازم بين سماع الناس عند إنصرافهم من دفن الميت أن يكون الدفن بين القبور بحيث يستلزم هذا الدفن المشي أيضا في النعال بين القبور يمكن أن يكون هذا السمع من الميت لقرع النعال في وضع خاص كأن يدفن في حافة المقبرة في جانب منها وحينئذ فلا يستلزم إذا ما استحضرنا هذه

الصورة أن يكون الناس قد ساروا بين القبور في نعالهم , هذا الشيء الأول والشيء الثاني :
أنه يوجد لدينا قاعدة أصولية تساعدنا على التوفيق بين الأحاديث التي قد يبدوا التعارض بينها أحيانا من هذه القواعد أنه إذا تعارض حاضر ومبيح قدم الحاضر على المبيح حديث السبتيتين يحضر

على المسلم أن يمشي بين القبور متنعلا, الحديث الثاني في ظاهره إذا لم نحمله المحمل الذي ذكرته آنفا في ظاهره يفيد إباحة المشي بين القبور في النعلين فإذا تعارض حاضر ومبيح قدم الحاضر على المبيح وهذه القاعدة بدهية جدا لمن يتتبع تدرج الأحكام الشرعية وطريقة ورودها ونزولها على قلب

النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فنحن نعلم جميعا أن العرب في الجاهلية كانوا في ضلال مبين وكانوا لا يعلمون شيئا مما يعرف بعد الإسلام بأنه حرام أو حلال وكذلك نعلم أن أول ما أنزل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنما هو الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له ثم بعد ذلك بدأت الأحكام الشرعية تنزل فحينما أمر عليه السلام بعبادة الله وحده لا شريك له وأمر الناس أن يعبدوه

كذلك وحده لا شريك له يومئذ لم يكن شيء إسموا لباس الحرير حرام , شرب الخمر حرام, المشي بين القبور بالنعال حرام و إنما كان الناس يمشون على ما كانوا عليه من الضلال وعلى ذلك فليس من المستبعد إطلاقا أن يكون المسلمون في العهد الأول من الإسلام يمشون على الإباحة الأصلية

فيدخلون القبور وفيها , وعلى أقدامهم النعال فحينما يأتي حكم جديد يتضمن خلع النعلين بالنسبة للماشي بين القبور نعرف بداهة حين ذاك بأن هذا النص أتى بحكم جديد ألغى ما كانوا عليه من قبل من عادة السير بين القبور من أجل هذا كله يقول علماء الأصول أنه إذا تعارض نصان أحدهما يحرم شيئا والآخر يبيحه حمل النص المبيح على الأصل على البراءة الأصلية وحمل النص المحرم على

تشريع جديد بهذا نستطيع أن نفهم حين ذاك أن الحكم الذي ينبغي أن نمشي عليه هو أن لا نمشي في النعال بين القبور وهذا يتأيد كما ذكرت آنفا بقوله عليه السلام:/ لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها /فنهيه عليه السلام عن الجلوس على القبور من باب إحترامها كما قال عليه السلام في الحديث

الآخر:
/كسر عظم الميت ككسره حيا /.هذا كلو من باب إحترام الأموات لكن هذا الإحترام لا ينبغي أن يرتفع إلى مرتبة التقديس والغلو في التعظيم فهذا هو الأمر الوسط نحترم الأموات ولا نقدسهم , من إحترام الأموات أن نمشي حفاتا بين القبور إلا إذا كان هناك عذر فهذا بحث آخر.نعم


تفريغا من شريط للعلامة الألباني رحمه الله في السلسلة المباركة
\"سلسلة الهدى والنور شريط رقم317 من الدقيقة4.00 إلى الدقيقة15.18 \

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-28-2012, 07:01 PM
ابو علقمة يونس النحيلي ابو علقمة يونس النحيلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: ليبيا /حرسها الله /من توكرة
المشاركات: 311
شكراً: 82
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيكم وحفظكم الله
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 05-30-2012, 12:32 AM
ابو عبد الله محمد قيس العزاوي ابو عبد الله محمد قيس العزاوي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 2
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي غِراسُ الجَنَّتينِ في بيانِ مَعنى حَديثُ السَبتيتينِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على التنبيه لهذه المسألة التي قد غفل عنها كثير من الناس
وأود أن انقل لكم مقالة بعنوان (غراس الجنتين في بيان معنى حديث السبتيتين) لأحد مشايخنا طلاب العلم جزاه الله خيرا وهي تخص هذه المسألة
نسأل الله أن يوفقنا واياكم لما يحب ويرضى
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

غِراسُ الجَنَّتينِ
في
بيانِ مَعنى حَديثُ السَبتيتينِ

كتبه:
ابو حسام محمود الشمري
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الاحزاب:70-71]
أما بعد: فأن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد (صلى الله عليه وسلم), وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فقد روى ابن ماجة (رحمه الله) تعالى وغيره أحاديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في فضل إحياء سنته المطهرة بعدما يُميتها الناس بتركها وعدم العمل بها، حتى يصبح الداعي إليها غريباً كأنما يدعوا إلى أمر منكر, كما قال إبن مسعود رضي الله عنه: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَبِسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ، وَيَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَتَّخِذُهَا النَّاسُ سُنَّةً فَإِذَا غُيِّرَتْ، قَالُوا: غُيِّرَتِ السُّنَّةُ؟ " قِيلٌ: مَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: «إِذَا كَثُرَتْ قُرَّاؤُكُمْ، وَقَلَّتْ فُقَهَاؤُكُمْ، وَكَثُرَتْ أَمْوَالُكُمْ، وَقَلَّتْ أُمَنَاؤُكُمْ، وَالْتُمِسَتِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ)(1) فالمتمسك بسنة الرسول (عليه الصلاة والسلام) والداعي إليها في مثل هكذا أزمنة بعدما تكون معالم السنة قد إخلولقت وتلاشت, لمن أعظم الناس ثواباً وأكثرهم جهاداً في سبيل تبليغ دين الله جل وعلا و إحياء سنة الرسول (عليه الصلاة والسلام).
قال ابن ماجة: [عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني حدثني أبي عن جدي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها)(2).
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتبعين للسنة العاملين بها الداعين إليها, فإن العمل بسنة رسول الله (عليه الصلاة والسلام) ودعوة الناس إليها خصوصاً في هذه الأزمنة التي قل فيها العلم وكثر الجهل وتكلم الرويبضة, لمن أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى. ولابد أن يلحق الداعية بعض الأذى من اللمز والقيل والقال وغير ذلك، فلابد من الصبر والثبات, حتى يستريح بر أو يُستراح من فاجر.
وقد وعد رسول الله (عليه الصلاة والسلام) الغرباء المصلحون لما فسد من عقائد الناس وأعمالهم خيراً كثيراً.
فقد روى الإمام أحمد (رحمه الله) عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: «طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ، فَقِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُنَاسٌ صَالِحُونَ، فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ»(3).
ومن السنن المهجورة في بلادنا وغيرها إلا من رحم الله والتي نسأل الله أن يعيننا على إحيائها هي سنة نزع النعال لمن أراد زيارة القبور والمشي بينها, فأن هذه السنة قد ثبتت بما لايقبل الشك من قول الصادق الصدوق (عليه الصلاة والسلام) كما في الحديث الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وبفهم العلماء الراسخين بالعلم. وقد قمت بهذا العمل اليسير مشاركة بسيطة في خدمة سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم). نسأل الله الصدق والإخلاص في القول والعمل.

حديث بشير بن الخصاصية (رضي الله عنه).
• (عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ بَشِيرٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَحْمُ بْنُ مَعْبَدٍ، فَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: زَحْمٌ، قَالَ: «بَلْ، أَنْتَ بَشِيرٌ»، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» ثَلَاثًا ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» وَحَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظْرَةٌ، فَإِذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ» فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا)(4).

• وعند إبن ماجة : قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْخَصَاصِيَّةِ مَا تَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ؟ أَصْبَحْتَ تُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا، كُلُّ خَيْرٍ قَدْ آتَانِيهِ اللَّهُ، " فَمَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» ثُمَّ مَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» قَالَ: فَالْتَفَتَ، فَرَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْمَقَابِرِ فِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِهِمَا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ يَقُولُ: حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَرَجُلٌ ثِقَةٌ).(5)

• وعند أحمد (...كُنْتُ أُمَاشِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِذًا بيده...)(6).

• وعند النسائي (... يمشي بين القبور ...) الحديث (7),(8)

معنى السبتيتين:
قال السندي: (السِّبْتِيَّتَيْنِ: بِكَسْرِ السِّينِ نِسْبَةً إِلَى السِّبْتِ وَهُوَ جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ يُتَّخَذُ مِنْهَا النِّعَالُ لِأَنَّهُ سُبِتَ شَعْرُهَا أَيْ حُلِقَ وَأُزِيلَ وَقِيلَ لِأَنَّهَا انْسَبَتَتْ بِالدِّبَاغِ أَيْ لَانَتْ وَأُرِيدَ بِهِمَا النَّعْلَانِ الْمُتَّخَذَانِ مِنَ السِّبْتِ).(9)

فوائد الحديث الفقهية:
• الفائدة الأولى:
عدم جواز لبس النعلين لمن أراد زيارة المقابر والمشي بين القبور، وأنه لافرق بين النعال السبتية وغيرها فالعلة في كافة أنواع النعال واحدة والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, والشريعة لاتفرق بين متماثلين ولا تجمع بين متفرقين.
- قال الشوكاني (رحمه الله): (وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنَّعْلَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ عَدَمُ الْجَوَازِ بِكَوْنِ النَّعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا).(10)
وقال في (بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار): [قَوْلُهُ: (يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ) قَالَ الشَّارِحُ: ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنَّعْلَيْنِ].(11)
- قال العلامة ابن باز (رحمه تعالى) جواباً على السؤال التالي:
س: حديث: «يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك » لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في المقبرة بنعليه هل يعمل به؟ وهل ينكر على من مشى بنعليه في المقبرة؟
ج: (الحديث لا بأس به، ولا يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إلا عند الحاجة، مثل وجود الشوك في المقبرة، أو الرمضاء الشديدة، أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه، كما أنكر صلى الله عليه وسلم على صاحب السبتيتين، ويعلم الحكم الشرعي).(12)
وقال (رحمه الله) جواباً عن السؤال التالي:
س: ما قولكم في الأحاديث الواردة والناهية عن لبس النعلين حين دخول القبور أو المقبرة؟
ج: (جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: أنه رأى رجلا يمشي في نعليه بين القبور، فأمره بخلعها قال: «يا صاحب السبتيتين، ألقهما » احتج العلماء بأنه يكره المجيء إلى المقبرة بالنعال إلا عند الحاجة، إذا كان في المقبرة شوك، أو الشمس حارة في وقت الشمس فلا بأس، أما من غير حاجة فيكره ذلك المشي عليها، كما يكره الجلوس على القبر، أو الوطء عليه أو توسده، كل هذا ما يجوز: لا يطأ القبر، ولا يجلس عليه، ولا يتوسده، لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ولا يجصص القبر، ولا يبنى عليه قبة ولا مسجد، كله منكر.(13)
- وأفتت اللجنة الدائمة جواباً على السؤال التالي بما يأتي :
س2: هل خلع النعال في المقابر من السنة أم بدعة؟
ج2: (يشرع لمن دخل المقبرة خلع نعليه؛ لما روى بشير بن الخصاصية قال: «بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين، ألق سبتيتيك فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما » رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من علة، والعلة التي أشار إليها أحمد رحمه الله كالشوك والرمضاء ونحوهما، فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
فتاوى اللجنة الدائمة.(14)

- وقال الشيخ الألباني (رحمه الله):
(وقد ثبت أن الامام أحمد كان يعمل بهذا الحديث، فقال أبو داود في مسائله (ص 158): ((رأيت أحمد إذا تبع الجنازة فقرب من المقابر خلع نعليه)).فرحمه الله، ما كان أتبعه للسنة).(15)


• الفائدة الثانية :
هذا الحكم المتقدم يختص بالنعلين ولا يتعداهما الى غيرهما من الخفاف (الأحذية) أو الشمشكات أو مافي معناهما.
- قال إبن قدامة (رحمه الله تعالى):
(وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّيْهِ، مَعَ أَمْرِهِ بِخَلْعِ النِّعَالِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَتَعَدَّى النِّعَالَ إلَى الشِّمْشِكَاتِ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ غَيْرُ مُعَلَّلٍ، فَلَا يَتَعَدَّى مَحَلَّهُ).(16)

• الفائدة الثالثة:
يستثنى من الحكم السابق وجود علة تمنع من المشي حافيا , كشوك أو حجر يؤذي الرجل أو إرتفاع حرارة الأرض وما يشابهها.
- قال ابن قدامة (رحمه الله):
(قَالَ أَحْمَدُ، فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَقَابِرَ وَفِيهَا شَوْكٌ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ: هَذَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي الشَّوْكِ، وَإِنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ، هُوَ أَحْوَطُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ رَجُلٌ. يَعْنِي لَا بَأْسَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُذْرَ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَالِاسْتِحْبَابُ أَوْلَى).(17)

- قال الشيخ الألباني (رحمه الله):
ونقل عن الامأم أحمد أنه قال: (حديث بشير إسناده جيد، أذهب إليه إلا من علة).(18)

• الفائدة الرابعة:
النهي عن لبس النعال مختص بالمشي بين القبور, أما إذا كان الزائر يقف عند حدود المقبرة لغرض العبرة والسلام على الأموات والدعاء لهم من غير مشي بين القبور , فلا يلحقه النهي عن لبس النعال.
- قال العلامة ابن باز (رحمه الله تعالى) جواباً على هذا السؤال:
س: ما هو الضابط في خلع النعال عند دخول المقبرة؟
ج: (يخلعها إذا كان يمر بين القبور، أما إذا لم يمر بين القبور فلا يخلعها مثل أن يقف عند أول المقبره ويسلم فلا يخلع).(19)

• الفائدة الخامسة:
بيان سبب خلع النعال: وهو إحترام أموات المسلمين وعدم إيذائهم بلبس النعال بين قبورهم.
- قال الشيخ الألباني (رحمه الله تعالى) بعدما فند تعليل النزع بأنه كان في النعلين قذر، وذكر قول ابن حزم الآتي في رد هذا التعليل؛ قال: (والأقرب أن النهي من باب احترام الموتى، فهو كالنهي عن الجلوس على القبر).(20)
- وقال ابن قدامة (رحمه الله تعالى):
(وَلَنَا، أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ النَّدْبُ، وَلِأَنَّ خَلْعَ النَّعْلَيْنِ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ، وَزِيُّ أَهْلِ التَّوَاضُعِ، وَاحْتِرَامُ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ).(21)
وقال عبد الرحمن بن قاسم (رحمه الله) معلقاً على قول الماتن في زاد المستقنع: (ويكره ....والمشي بالنعل فبها) قال: (أي في المقبرة، لقوله صلى الله عليه وسلم لبشير بن الخصاصية «ألق سبتيتيك» رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناده جيد ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع، وزي أهل التواضع، واحترام أموات المسلمين، وذكر ابن القيم أن إكرامها عن وطئها بالنعال، من محاسن هذه الشريعة، وقال: من تدبر نهيه عن الجلوس على القبر، والإتكاء عليه، والوطء عليه، علم أن النهي إنما كان احترامًا لساكنها، أن يوطأ بالنعال على رؤوسهم).(22)

• الفائدة السادسة: وهي فائدة منهجية:
يتبين في هذه الفائدة شدة وسرعة إستجابة الصحابة (رضي الله عنهم) لإمر رسول الله عليه الصلاة والسلام, وذلك من خلال تصرف ذلك الصحابي (رضي الله عنه) عندما سمع نداء الرسول (عليه الصلاة والسلام) له (.. إخلع نعليك ..) فبادر الصحابي الى خلعهما ولم يكتف بذلك بل رماهما, فرضي الله عنهم ماكان أسرعهم وأطوعهم إلى تنفيذ شرع الله جل ذكره. وهم الأسوة والقدوة لنا, فحري بنا أن نحذوا حذوهم ونقول سمعنا وأطعنا, ولانضرب للسنة الأمثال ولا نعارضها بالآراء.

إعتراضات وردها على ماتقدم من دلالة الحديث على عدم جواز المشي بين القبور بالنعال:
أورد البعض إعتراضات على دلالة الحديث المتقدمة وعللوا النهي بعلل غير صحيحة نذكر منها مايأتي:
• الإعتراض الأول:
قولهم ثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ،..) الحديث(23)
فقالوا هذا الحديث يدل على جواز لبس النعال في المقابر.
والجواب: أن يقال لهم هذا الحديث ورد بباب الإخبار وحديث النهي في باب الأمر فيقدم الأمر كما هو مقرر في أصول الفقه. ثم الإخبار لا يستفاد منه جواز ولا عدمه حتى يعارض به هذا الحديث.
- قال السندي (رحمه الله): (وَكَذَا قد يبْحَث فِي دلَالَة هَذَا الحَدِيث(24) على الْجَوَاز بِأَن يُقَال لَا يلْزم من ذَلِك جَوَاز مشيهم بهَا فَإِنَّهُ يجوز أَنه ذكر ذَلِك صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على عادات النَّاس وَلَا يلْزم من هَذِه الْحِكَايَة من غير إِنْكَار تَقْرِير مشيهم بهَا سِيمَا إِذا سبق مِنْهُ النَّهْي الَّذِي تقدم فعلى تَقْدِير تَسْلِيم دلَالَة الحَدِيث الْمُتَقَدّم على النَّهْي لَا يُعَارضهُ هَذَا الحَدِيث وَلَا يدل على خلافه وَالله تَعَالَى أعلم).(25)
- قال ابن قدامة (رحمه الله): (وَإِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ لَا يَنْفِي الْكَرَاهَةَ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ هَذَا مِنْهُمْ، وَلَا نِزَاعَ فِي وُقُوعِهِ وَفِعْلِهِمْ إيَّاهُ مَعَ كَرَاهِيَتِهِ.(26)
- قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: (لَيْسَ فِي الحَدِيث(27) سوى الْحِكَايَة عَمَّن يدْخل الْمَقَابِر، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إِبَاحَة وَلَا تَحْرِيمًا، وَيدل على أَنه أمره بِالْخلْعِ احتراما للقبور لِأَنَّهُ نهى عَن الِاسْتِنَاد وَالْجُلُوس عَلَيْهَا).(28)
- وقال الشيخ عبد المحسن العباد (حفظه الله) جواباً على السؤال التالي:
السؤال: كيف الجمع بين حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك فقد آذيت)، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليسمع قرع نعالكم)؟
الجواب: (لا يوجد تنافي بين هذا وهذا؛ لأن الناس في المقابر يبدءون بحفر القبور من مكان متأخر إلى أن يصلوا إلى الباب، فالناس يقبرون في أماكن متأخرة عن الباب، ثم بعد ذلك يمشون إلى أن يصلوا إلى الباب، ومن المعلوم أنهم إذا قبروا صاحب القبر ورجعوا في هذا المكان الذي ليس فيه قبور يمشون بنعالهم، أيضاً للإنسان أن يمشي بين المقابر إذا كان هناك طريق ليس فيه قبور، وأما المشي بين المقابر ولم يكن هناك ضرورة تلجئ إليه من رمضاء أو شوك أو حصى يلحق ضرراً بالإنسان فإن على الإنسان ألا يمشي بالنعال كما جاء في حديث صاحب السبتيتين).(29)
- قلت : ويحتمل أنهم كانوا واقفين عند حدود المقبرة ولم يخلعوا نعالهم فلما رجعوا سمع قرع نعالهم أو أنهم خلعوا نعالهم ودخلوا في المقبرة وعندما عادوا لبسوها خارج حدود المقبرة فسمع قرعها.
وعلى كل حال فدلالة الحديث على النهي باقية ولا معارض لها .
• الإعتراض الثاني:
قولهم : يحتمل أنه كان في تلك النعلين نجاسة, ولذلك فقد أمر (عليه الصلاة والسلام) بخلعهما لعلة القذر الذي بهما, أما نحن فأذا لم تكن في نعالنا نجاسة فلا وجه لخلعها.
والجواب: أن هذا القول تحكم بدون دليل وتقييد لما أطلقه الشارع بالرأي المجرد, ونصوص الشرع لايصح أن تعارض بالأراء ولا بالقياس ولا تضرب لها الأمثال.
- قال ابن حزم (رحمه الله): (وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يُبَالِي بِمَا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ فَقَالَ: لَعَلَّ تَيْنِكَ النَّعْلَيْنِ كَانَ فِيهِمَا قَذَرٌ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ قَطَعَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَوَّلَهُ مَا لَمْ يَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَقْطَعْ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَمَ بِالظَّنِّ، وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَكِلَاهُمَا خُطَّتَا خَسْفٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُمَا؟).(30)

• الإعتراض الثالث:
قولهم أن هذا النوع من النعال (السبتية) هي من زي أهل الترف والتنعم فلا يناسب أن يلبسا بين القبور, فلذلك أمر (صلى الله عليه وسلم) بخلعهما.
والجواب:
أن يقال إن هذا تحكم بغير دليل، وتعليل لإمر الشارع بمجرد الرأي بل هو تعليل خاطيء تماماً، فان هذه النعال السبتية ليست من زي أهل الترف والتنعم, فقد كان ابن عمر (رضي الله عنهما) يلبسها وأخبر أنه رأى رسول الله (عليه الصلاة ولسلام) يلبسها.
فقد أخرج البخاري ومسلم (رحمهما الله تعالى): (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قَالَ: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا الأَرْكَانُ: فَإِنِّي لَمْ «أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ»، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ: فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا»، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ: فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا»، وَأَمَّا الإِهْلاَلُ: فَإِنِّي «لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ»(31)
- قال ابن حجر (رحمه الله تعالى):
(وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنَ الْخُيَلَاءِ فَإِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ إبن عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَيَقُولُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ).(32)
- وكذلك رد الشيخ الألباني (رحمه الله) في أحكام الجنائز التعليل بالخيلاء بما رده به ابن حجر.(33)
- وأقول أخيراً: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. فقد تبين بالدليل الصحيح أن لبس النعال والمشي بها بين قبور المسلمين غير جائز إلا من عذر, وأقل أحواله الكراهة, فرحم الله مسلماً عرف هذا الحكم وعمل به, وأحيا سنة من سنن الرسول (عليه الصلاة والسلام) بعدما هجرها الناس وصارت نسياً منسياً.
والحمد لله الذي بعمته تتم الصالحات.

أبوحسام
7/7/1433

_____________________________

1 )) أخرجه الحاكم (8570) وقال على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، والدارمي (191)، وإبن وضاح (264).
صحيح : تحريم آلات الطرب (ص 16).
2)) سنن ابن ماجة (209)، صحيح لغيره : صحيح وضعيف ابن ماجة (209).
3)) أخرجه أحمد (6650)، صحيح: الصحيحة (1619) وصحيح الجامع (3921).
4)) أخرجه أبو داود (3230).
5)) أخرجه إبن ماجة (1568).
6)) أخرجه أحمد (20787).
7)) أخرجه النسائي (2048).
8)) وأخرجه إبن حبان (3170) والحاكم في مستدركه (1380) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأبو داود الطيالسي (1220) وألفاظهم متقاربة.
وحسنه الشيخ الالباني في الأرواء (760) وأحكام الجنائز (88).
9 )) حاشية السندي على سنن ابن ماجة (1/475).
10 )) نيل الأوطار (1479).
11 )) بستان الأحبار (1/517).
12 )) مجموع فتاوى ابن باز (13/355).
13 )) فتاوى نور على الدرب لابن باز (14/176).
14 )) فتاوى اللجنة الدائمة (9/123).
15 )) أحكام الجنائز (200).
16 )) المغني (2/420).
17 )) المغني (2/420).
18 )) أحكام الجنائز (200).
19 )) مجموع فتاوى ابن باز (13/355).
20 )) أحكام الجنائز (200).
21 )) المغني (2/420).
22 )) حاشية الروض المربع (3/130).
23 )) أخرجه البخاري (1338).
24 )) أي حديث سماع الميت قرع النعال.
25 )) حاشية السندي على سنن النسائي (2049).
26 )) المغني (2/420).
27 )) حديث سماع قرع النعال.
28 )) عمدة القاري (8/147).
29 )) موقع الشيخ عبد المحسن العباد.
30 )) المحلى (3/360).
31 )) البخاري (166) ومسلم (1187).
32 )) فتح الباري (3/206).
33 )) أحكام الجنائز (200).
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-07-2012, 12:14 PM
ابو عبد الله محمد قيس العزاوي ابو عبد الله محمد قيس العزاوي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2012
المشاركات: 2
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

تصحيح بعض الاخطاء المطبعية
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الله محمد قيس العزاوي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على التنبيه لهذه المسألة التي قد غفل عنها كثير من الناس
وأود أن انقل لكم مقالة بعنوان (غراس الجنتين في بيان معنى حديث السبتيتين) لأحد مشايخنا طلاب العلم جزاه الله خيرا وهي تخص هذه المسألة
نسأل الله أن يوفقنا واياكم لما يحب ويرضى
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين

غِراسُ الجَنَّتينِ
في
بيانِ مَعنى حَديث السَبتيتينِ

كتبه:
ابو حسام محمود الشمري
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الاحزاب:70-71]
أما بعد: فأن أصدق الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي محمد (صلى الله عليه وسلم), وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فقد روى ابن ماجة (رحمه الله تعالى) وغيره أحاديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في فضل إحياء سنته المطهرة بعدما يُميتها الناس بتركها وعدم العمل بها، حتى يصبح الداعي إليها غريباً كأنما يدعوا إلى أمر منكر, كما قال إبن مسعود رضي الله عنه: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا لَبِسَتْكُمْ فِتْنَةٌ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ، وَيَرْبُو فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَتَّخِذُهَا النَّاسُ سُنَّةً فَإِذَا غُيِّرَتْ، قَالُوا: غُيِّرَتِ السُّنَّةُ؟ " قِيلٌ: مَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: «إِذَا كَثُرَتْ قُرَّاؤُكُمْ، وَقَلَّتْ فُقَهَاؤُكُمْ، وَكَثُرَتْ أَمْوَالُكُمْ، وَقَلَّتْ أُمَنَاؤُكُمْ، وَالْتُمِسَتِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ)(1) فالمتمسك بسنة الرسول (عليه الصلاة والسلام) والداعي إليها في مثل هكذا أزمنة بعدما تكون معالم السنة قد إخلولقت وتلاشت, لمن أعظم الناس ثواباً وأكثرهم جهاداً في سبيل تبليغ دين الله جل وعلا و إحياء سنة الرسول (عليه الصلاة والسلام).
قال ابن ماجة: [عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني حدثني أبي عن جدي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها لا ينقص من أوزار من عمل بها)(2).
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتبعين للسنة العاملين بها الداعين إليها, فإن العمل بسنة رسول الله (عليه الصلاة والسلام) ودعوة الناس إليها خصوصاً في هذه الأزمنة التي قل فيها العلم وكثر الجهل وتكلم الرويبضة, لمن أفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى. ولابد أن يلحق الداعية بعض الأذى من اللمز والقيل والقال وغير ذلك، فلابد من الصبر والثبات, حتى يستريح بر أو يُستراح من فاجر.
وقد وعد رسول الله (عليه الصلاة والسلام) الغرباء المصلحين لما فسد من عقائد الناس وأعمالهم خيراً كثيراً.
فقد روى الإمام أحمد (رحمه الله) عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) أنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: «طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ، فَقِيلَ: مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أُنَاسٌ صَالِحُونَ، فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ»(3).
ومن السنن المهجورة في بلادنا وغيرها إلا من رحم الله والتي نسأل الله أن يعيننا على إحيائها هي سنة نزع النعال لمن أراد زيارة القبور والمشي بينها, فأن هذه السنة قد ثبتت بما لايقبل الشك من قول الصادق المصدوق (عليه الصلاة والسلام) كما في الحديث الآتي ذكره إن شاء الله تعالى، وبفهم العلماء الراسخين بالعلم. وقد قمت بهذا العمل اليسير مشاركة بسيطة في خدمة سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم). نسأل الله الصدق والإخلاص في القول والعمل.

حديث بشير بن الخصاصية (رضي الله عنه).
• (عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ بَشِيرٍ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَحْمُ بْنُ مَعْبَدٍ، فَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: زَحْمٌ، قَالَ: «بَلْ، أَنْتَ بَشِيرٌ»، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» ثَلَاثًا ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» وَحَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظْرَةٌ، فَإِذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ» فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا)(4).

• وعند إبن ماجة : قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ الْخَصَاصِيَّةِ مَا تَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ؟ أَصْبَحْتَ تُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ» فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا أَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا، كُلُّ خَيْرٍ قَدْ آتَانِيهِ اللَّهُ، " فَمَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» ثُمَّ مَرَّ عَلَى مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا» قَالَ: فَالْتَفَتَ، فَرَأَى رَجُلًا يَمْشِي بَيْنَ الْمَقَابِرِ فِي نَعْلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ أَلْقِهِمَا» حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ يَقُولُ: حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَرَجُلٌ ثِقَةٌ).(5)

• وعند أحمد (...كُنْتُ أُمَاشِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِذًا بيده...)(6).

• وعند النسائي (... يمشي بين القبور ...) الحديث (7),(8)

معنى السبتيتين:
قال السندي: (السِّبْتِيَّتَيْنِ: بِكَسْرِ السِّينِ نِسْبَةً إِلَى السِّبْتِ وَهُوَ جُلُودُ الْبَقَرِ الْمَدْبُوغَةُ بِالْقَرَظِ يُتَّخَذُ مِنْهَا النِّعَالُ لِأَنَّهُ سُبِتَ شَعْرُهَا أَيْ حُلِقَ وَأُزِيلَ وَقِيلَ لِأَنَّهَا انْسَبَتَتْ بِالدِّبَاغِ أَيْ لَانَتْ وَأُرِيدَ بِهِمَا النَّعْلَانِ الْمُتَّخَذَانِ مِنَ السِّبْتِ).(9)

فوائد الحديث الفقهية:
• الفائدة الأولى:
عدم جواز لبس النعلين لمن أراد زيارة المقابر والمشي بين القبور، وأنه لافرق بين النعال السبتية وغيرها فالعلة في كافة أنواع النعال واحدة والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, والشريعة لاتفرق بين متماثلين ولا تجمع بين متفرقين.
- قال الشوكاني (رحمه الله): (وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنَّعْلَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ عَدَمُ الْجَوَازِ بِكَوْنِ النَّعْلَيْنِ سِبْتِيَّتَيْنِ لِعَدَمِ الْفَارِقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا).(10)
وقال في (بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار): [قَوْلُهُ: (يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ) قَالَ الشَّارِحُ: ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَشْيُ بَيْنَ الْقُبُورِ بِالنَّعْلَيْنِ].(11)
- قال العلامة ابن باز (رحمه تعالى) جواباً على السؤال التالي:
س: حديث: «يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك » لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في المقبرة بنعليه هل يعمل به؟ وهل ينكر على من مشى بنعليه في المقبرة؟
ج: (الحديث لا بأس به، ولا يجوز أن يمشى بالنعال في المقبرة إلا عند الحاجة، مثل وجود الشوك في المقبرة، أو الرمضاء الشديدة، أما إذا لم يكن هناك حاجة فينكر عليه، كما أنكر صلى الله عليه وسلم على صاحب السبتيتين، ويعلم الحكم الشرعي).(12)
وقال (رحمه الله) جواباً عن السؤال التالي:
س: ما قولكم في الأحاديث الواردة والناهية عن لبس النعلين حين دخول القبور أو المقبرة؟
ج: (جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: أنه رأى رجلا يمشي في نعليه بين القبور، فأمره بخلعها قال: «يا صاحب السبتيتين، ألقهما » احتج العلماء بأنه يكره المجيء إلى المقبرة بالنعال إلا عند الحاجة، إذا كان في المقبرة شوك، أو الشمس حارة في وقت الشمس فلا بأس، أما من غير حاجة فيكره ذلك المشي عليها، كما يكره الجلوس على القبر، أو الوطء عليه أو توسده، كل هذا ما يجوز: لا يطأ القبر، ولا يجلس عليه، ولا يتوسده، لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ولا يجصص القبر، ولا يبنى عليه قبة ولا مسجد، كله منكر.(13)
- وأفتت اللجنة الدائمة جواباً على السؤال التالي بما يأتي :
س2: هل خلع النعال في المقابر من السنة أم بدعة؟
ج2: (يشرع لمن دخل المقبرة خلع نعليه؛ لما روى بشير بن الخصاصية قال: «بينا أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل يمشي في القبور وعليه نعلان، فقال: يا صاحب السبتيتين، ألق سبتيتيك فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما » رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناد حديث بشير بن الخصاصية جيد أذهب إليه إلا من علة، والعلة التي أشار إليها أحمد رحمه الله كالشوك والرمضاء ونحوهما، فلا بأس بالمشي فيهما بين القبور لتوقي الأذى.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
فتاوى اللجنة الدائمة.(14)

- وقال الشيخ الألباني (رحمه الله):
(وقد ثبت أن الامام أحمد كان يعمل بهذا الحديث، فقال أبو داود في مسائله (ص 158): ((رأيت أحمد إذا تبع الجنازة فقرب من المقابر خلع نعليه)).فرحمه الله، ما كان أتبعه للسنة).(15)


• الفائدة الثانية :
هذا الحكم المتقدم يختص بالنعلين ولا يتعداهما الى غيرهما من الخفاف (الأحذية) أو الشمشكات أو مافي معناهما.
- قال إبن قدامة (رحمه الله تعالى):
(وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجِنَازَةِ لَبِسَ خُفَّيْهِ، مَعَ أَمْرِهِ بِخَلْعِ النِّعَالِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَتَعَدَّى النِّعَالَ إلَى الشِّمْشِكَاتِ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ غَيْرُ مُعَلَّلٍ، فَلَا يَتَعَدَّى مَحَلَّهُ).(16)

• الفائدة الثالثة:
يستثنى من الحكم السابق وجود علة تمنع من المشي حافيا , كشوك أو حجر يؤذي الرجل أو إرتفاع حرارة الأرض وما يشابهها.
- قال ابن قدامة (رحمه الله):
(قَالَ أَحْمَدُ، فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ الْمَقَابِرَ وَفِيهَا شَوْكٌ يَخْلَعُ نَعْلَيْهِ: هَذَا يُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ حَتَّى يَمْشِيَ الرَّجُلُ فِي الشَّوْكِ، وَإِنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ، هُوَ أَحْوَطُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ رَجُلٌ. يَعْنِي لَا بَأْسَ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُذْرَ يَمْنَعُ الْوُجُوبَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَالِاسْتِحْبَابُ أَوْلَى).(17)

- قال الشيخ الألباني (رحمه الله):
ونقل عن الامأم أحمد أنه قال: (حديث بشير إسناده جيد، أذهب إليه إلا من علة).(18)

• الفائدة الرابعة:
النهي عن لبس النعال مختص بالمشي بين القبور, أما إذا كان الزائر يقف عند حدود المقبرة لغرض العبرة والسلام على الأموات والدعاء لهم من غير مشي بين القبور , فلا يلحقه النهي عن لبس النعال.
- قال العلامة ابن باز (رحمه الله تعالى) جواباً على هذا السؤال:
س: ما هو الضابط في خلع النعال عند دخول المقبرة؟
ج: (يخلعها إذا كان يمر بين القبور، أما إذا لم يمر بين القبور فلا يخلعها مثل أن يقف عند أول المقبره ويسلم فلا يخلع).(19)

• الفائدة الخامسة:
بيان سبب خلع النعال: وهو إحترام أموات المسلمين وعدم إيذائهم بلبس النعال بين قبورهم.
- قال الشيخ الألباني (رحمه الله تعالى) بعدما فند تعليل النزع بأنه كان في النعلين قذر، وذكر قول ابن حزم الآتي في رد هذا التعليل؛ قال: (والأقرب أن النهي من باب احترام الموتى، فهو كالنهي عن الجلوس على القبر).(20)
- وقال ابن قدامة (رحمه الله تعالى):
(وَلَنَا، أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ النَّدْبُ، وَلِأَنَّ خَلْعَ النَّعْلَيْنِ أَقْرَبُ إلَى الْخُشُوعِ، وَزِيُّ أَهْلِ التَّوَاضُعِ، وَاحْتِرَامُ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِينَ).(21)
وقال عبد الرحمن بن قاسم (رحمه الله) معلقاً على قول الماتن في زاد المستقنع: (ويكره ....والمشي بالنعل فبها) قال: (أي في المقبرة، لقوله صلى الله عليه وسلم لبشير بن الخصاصية «ألق سبتيتيك» رواه أبو داود، وقال أحمد: إسناده جيد ولأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع، وزي أهل التواضع، واحترام أموات المسلمين، وذكر ابن القيم أن إكرامها عن وطئها بالنعال، من محاسن هذه الشريعة، وقال: من تدبر نهيه عن الجلوس على القبر، والإتكاء عليه، والوطء عليه، علم أن النهي إنما كان احترامًا لساكنها، أن يوطأ بالنعال على رؤوسهم).(22)

• الفائدة السادسة: وهي فائدة منهجية:
يتبين في هذه الفائدة شدة وسرعة إستجابة الصحابة (رضي الله عنهم) لإمر رسول الله عليه الصلاة والسلام, وذلك من خلال تصرف ذلك الصحابي (رضي الله عنه) عندما سمع نداء الرسول (عليه الصلاة والسلام) له (.. إخلع نعليك ..) فبادر الصحابي الى خلعهما ولم يكتف بذلك بل رماهما, فرضي الله عنهم ماكان أسرعهم وأطوعهم إلى تنفيذ شرع الله جل ذكره. وهم الأسوة والقدوة لنا, فحري بنا أن نحذوا حذوهم ونقول سمعنا وأطعنا, ولانضرب للسنة الأمثال ولا نعارضها بالآراء.

إعتراضات وردها على ماتقدم من دلالة الحديث على عدم جواز المشي بين القبور بالنعال:
أورد البعض إعتراضات على دلالة الحديث المتقدمة وعللوا النهي بعلل غير صحيحة نذكر منها مايأتي:
• الإعتراض الأول:
قولهم ثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في حديث أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (العَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ،..) الحديث(23)
فقالوا هذا الحديث يدل على جواز لبس النعال في المقابر.
والجواب: أن يقال لهم هذا الحديث ورد بباب الإخبار وحديث النهي في باب الأمر فيقدم الأمر كما هو مقرر في أصول الفقه. ثم الإخبار لا يستفاد منه جواز ولا عدمه حتى يعارض به هذا الحديث.
- قال السندي (رحمه الله): (وَكَذَا قد يبْحَث فِي دلَالَة هَذَا الحَدِيث(24) على الْجَوَاز بِأَن يُقَال لَا يلْزم من ذَلِك جَوَاز مشيهم بهَا فَإِنَّهُ يجوز أَنه ذكر ذَلِك صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على عادات النَّاس وَلَا يلْزم من هَذِه الْحِكَايَة من غير إِنْكَار تَقْرِير مشيهم بهَا سِيمَا إِذا سبق مِنْهُ النَّهْي الَّذِي تقدم فعلى تَقْدِير تَسْلِيم دلَالَة الحَدِيث الْمُتَقَدّم على النَّهْي لَا يُعَارضهُ هَذَا الحَدِيث وَلَا يدل على خلافه وَالله تَعَالَى أعلم).(25)
- قال ابن قدامة (رحمه الله): (وَإِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ الْمَيِّتَ يَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ لَا يَنْفِي الْكَرَاهَةَ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ هَذَا مِنْهُمْ، وَلَا نِزَاعَ فِي وُقُوعِهِ وَفِعْلِهِمْ إيَّاهُ مَعَ كَرَاهِيَتِهِ.(26)
- قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: (لَيْسَ فِي الحَدِيث(27) سوى الْحِكَايَة عَمَّن يدْخل الْمَقَابِر، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إِبَاحَة وَلَا تَحْرِيمًا، وَيدل على أَنه أمره بِالْخلْعِ احتراما للقبور لِأَنَّهُ نهى عَن الِاسْتِنَاد وَالْجُلُوس عَلَيْهَا).(28)
- وقال الشيخ عبد المحسن العباد (حفظه الله) جواباً على السؤال التالي:
السؤال: كيف الجمع بين حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (يا صاحب السبتيتين اخلع نعليك فقد آذيت)، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليسمع قرع نعالكم)؟
الجواب: (لا يوجد تنافي بين هذا وهذا؛ لأن الناس في المقابر يبدءون بحفر القبور من مكان متأخر إلى أن يصلوا إلى الباب، فالناس يقبرون في أماكن متأخرة عن الباب، ثم بعد ذلك يمشون إلى أن يصلوا إلى الباب، ومن المعلوم أنهم إذا قبروا صاحب القبر ورجعوا في هذا المكان الذي ليس فيه قبور يمشون بنعالهم، أيضاً للإنسان أن يمشي بين المقابر إذا كان هناك طريق ليس فيه قبور، وأما المشي بين المقابر ولم يكن هناك ضرورة تلجئ إليه من رمضاء أو شوك أو حصى يلحق ضرراً بالإنسان فإن على الإنسان ألا يمشي بالنعال كما جاء في حديث صاحب السبتيتين).(29)
- قلت : ويحتمل أنهم كانوا واقفين عند حدود المقبرة ولم يخلعوا نعالهم فلما رجعوا سمع قرع نعالهم أو أنهم خلعوا نعالهم ودخلوا في المقبرة وعندما عادوا لبسوها خارج حدود المقبرة فسمع قرعها.
وعلى كل حال فدلالة الحديث على النهي باقية ولا معارض لها .
• الإعتراض الثاني:
قولهم : يحتمل أنه كان في تلك النعلين نجاسة, ولذلك فقد أمر (عليه الصلاة والسلام) بخلعهما لعلة القذر الذي بهما, أما نحن فأذا لم تكن في نعالنا نجاسة فلا وجه لخلعها.
والجواب: أن هذا القول تحكم بدون دليل وتقييد لما أطلقه الشارع بالرأي المجرد, ونصوص الشرع لايصح أن تعارض بالأراء ولا بالقياس ولا تضرب لها الأمثال.
- قال ابن حزم (رحمه الله): (وَقَالَ بَعْضُ مَنْ لَا يُبَالِي بِمَا أَطْلَقَ بِهِ لِسَانَهُ فَقَالَ: لَعَلَّ تَيْنِكَ النَّعْلَيْنِ كَانَ فِيهِمَا قَذَرٌ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَنْ قَطَعَ بِهَذَا فَقَدْ كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ قَوَّلَهُ مَا لَمْ يَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَقْطَعْ بِذَلِكَ فَقَدْ حَكَمَ بِالظَّنِّ، وَقَفَا مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَكِلَاهُمَا خُطَّتَا خَسْفٍ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُمَا؟).(30)

• الإعتراض الثالث:
قولهم أن هذا النوع من النعال (السبتية) هي من زي أهل الترف والتنعم فلا يناسب أن يلبسا بين القبور, فلذلك أمر (صلى الله عليه وسلم) بخلعهما.
والجواب:
أن يقال إن هذا تحكم بغير دليل، وتعليل لإمر الشارع بمجرد الرأي بل هو تعليل خاطيء تماماً، فان هذه النعال السبتية ليست من زي أهل الترف والتنعم, فقد كان ابن عمر (رضي الله عنهما) يلبسها وأخبر أنه رأى رسول الله (عليه الصلاة ولسلام) يلبسها.
فقد أخرج البخاري ومسلم (رحمهما الله تعالى): (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ، أَنَّهُ قَالَ: لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا، قَالَ: وَمَا هِيَ يَا ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ: رَأَيْتُكَ لاَ تَمَسُّ مِنَ الأَرْكَانِ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ، وَرَأَيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ، وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ، وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلاَلَ وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَّا الأَرْكَانُ: فَإِنِّي لَمْ «أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا اليَمَانِيَّيْنِ»، وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ: فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا»، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا، وَأَمَّا الصُّفْرَةُ: فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا»، وَأَمَّا الإِهْلاَلُ: فَإِنِّي «لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ»(31)
- قال ابن حجر (رحمه الله تعالى):
(وَأَمَّا قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْهُمَا لِمَا فِيهِمَا مِنَ الْخُيَلَاءِ فَإِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ إبن عُمَرَ كَانَ يَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَيَقُولُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْبَسُهَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ).(32)
- وكذلك رد الشيخ الألباني (رحمه الله) في أحكام الجنائز التعليل بالخيلاء بما رده به ابن حجر.(33)
- وأقول أخيراً: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. فقد تبين بالدليل الصحيح أن لبس النعال والمشي بها بين قبور المسلمين غير جائز إلا من عذر, وأقل أحواله الكراهة, فرحم الله مسلماً عرف هذا الحكم وعمل به, وأحيا سنة من سنن الرسول (عليه الصلاة والسلام) بعدما هجرها الناس وصارت نسياً منسياً.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

أبوحسام
7/7/1433

_____________________________

1 )) أخرجه الحاكم (8570) وقال على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، والدارمي (191)، وإبن وضاح (264).
صحيح : تحريم آلات الطرب (ص 16).
2)) سنن ابن ماجة (209)، صحيح لغيره : صحيح وضعيف ابن ماجة (209).
3)) أخرجه أحمد (6650)، صحيح: الصحيحة (1619) وصحيح الجامع (3921).
4)) أخرجه أبو داود (3230).
5)) أخرجه إبن ماجة (1568).
6)) أخرجه أحمد (20787).
7)) أخرجه النسائي (2048).
8)) وأخرجه إبن حبان (3170) والحاكم في مستدركه (1380) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأبو داود الطيالسي (1220) وألفاظهم متقاربة.
وحسنه الشيخ الالباني في الأرواء (760) وأحكام الجنائز (88).
9 )) حاشية السندي على سنن ابن ماجة (1/475).
10 )) نيل الأوطار (1479).
11 )) بستان الأحبار (1/517).
12 )) مجموع فتاوى ابن باز (13/355).
13 )) فتاوى نور على الدرب لابن باز (14/176).
14 )) فتاوى اللجنة الدائمة (9/123).
15 )) أحكام الجنائز (200).
16 )) المغني (2/420).
17 )) المغني (2/420).
18 )) أحكام الجنائز (200).
19 )) مجموع فتاوى ابن باز (13/355).
20 )) أحكام الجنائز (200).
21 )) المغني (2/420).
22 )) حاشية الروض المربع (3/130).
23 )) أخرجه البخاري (1338).
24 )) أي حديث سماع الميت قرع النعال.
25 )) حاشية السندي على سنن النسائي (2049).
26 )) المغني (2/420).
27 )) حديث سماع قرع النعال.
28 )) عمدة القاري (8/147).
29 )) موقع الشيخ عبد المحسن العباد.
30 )) المحلى (3/360).
31 )) البخاري (166) ومسلم (1187).
32 )) فتح الباري (3/206).
33 )) أحكام الجنائز (200).
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-07-2012, 12:53 PM
ابو علقمة يونس النحيلي ابو علقمة يونس النحيلي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
الدولة: ليبيا /حرسها الله /من توكرة
المشاركات: 311
شكراً: 82
تم شكره 9 مرة في 9 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيكم وجزآكم الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:12 AM.


powered by vbulletin