منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-07-2010, 02:31 AM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف - هداه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,340
شكراً: 0
تم شكره 33 مرة في 31 مشاركة
افتراضي حقيقةُ حبِّ الوطن بقلم : أسرة التحرير لمجلة الإصلاح السَّلفية الجزائرية

حقيقةُ حبِّ الوطن
بقلم: أسرة التحرير لمجلة الإصلاح السَّلفية الجزائرية
صانَّها الله من كل سوء


كثيرٌ أولئك الَّذين سوَّدوا الصُّحف بوابل التُّهم والأراجيف ، وصوَّبوا سهامهم الممزوجة بالسُّمِّ إلى نُحور من اصطلحوا على تسميتهم بـ " الوهابيّن " أو " السَّلفيِّين " ، يجرِّدونهم من أدنى ما اتَّفقت المخلوقات على حبِّه والحنين إليه والارتباط به ، وهو الوطن بأرضه وسمائه وساكنيه ، ويجعلونهم في خانة أعداء الأمَّة ومبغضي الوطن ، وقليلٌ أولئك المنصفون الَّذين لا تستفزُّهم التُّهم الملفَّقة ، ولا تُغير على عقولهم الأحكامُ المسبقة ، إلاَّ بعد النَّظر في الدّعوى وما بُنيت عليه من دلائل وحجج ، وما حوته من حقائق أو أباطيل ، ومع هذا القليل يستعذب الحديث ، ويُثار النِّقاش، وتستبين الحقائق ، ويزال الغمط .
إنَّ غاية ما يرمي به الظَّالمون الأدعياء المظلومين الأبرياء ، قولهم المرجف :" هؤلاء لا يحبُّون وطنهم " ، وهي عبارة لو روعي فيها مجرَّد اللفظ لاستوجب إنزال العقاب الزَّاجر على من قال ذلك ، لكن العاقل يبحث ما وراء الألفاظ من المعاني والمدلولات إذ هي الحاكمة على المقاصد والنِّيات .
وسرُّ الأدِّعاء الآثم يرجع إلى مقولة يظنُّ الزَّاعمون المبطلون أنَّهم أحقُّ النَّاس بها ، وبفهم معناها ، وتجسيد مقتضاها ، وأنَّ غيرهم ممن يتَّهمونهم بالعمالة أو الخيانة عازفون عن التَّرتُّم بها ، زاهدون في الحديث عنها، بل يزعمون أنَّهم يُجهِّلون أو يبدِّعون أو يؤثَّمون كلَّ من نطق بها لسانُه أو خطَّها يراعُه مستشهدًا ومستدلاًّ بها ، أو متحاكمًا إليها ومؤسِّسًا عليها حديثًا أو خطابًا، تلكم هي المقولة الشَّهيرة المنسوبة ، كما قيل لبعض السلف رضي الله عنهم :" حبُّ الوطن من الإيمان "
وهذا الزَّعم في غاية التَّهافت البطلان ، وهو شبيه بما نسبه " العلِيوِيُّون " للمصلحين من " جمعيّة العلماء " حين نشروا مقالاً في جريدتهم تحت عنوان : " المصلحون يحاربون لا إله إلاَّ الله " ، وذلك لَمَّا تصدَّى علماءُ الجمعيَّة لبدعةِ القوم في رفع أصواتهم بالتَّهليل في تشنيع الجنازة ، فكان أن أنكروا عليهم فعلتهم المخالفة للسُّنَّة وما يُناسب جلال الموت ورهبته وهو الخشوع والتَّذكُّر والاعتبار بمن حملوا على الأعناق .
والخشوع معروف هو غير الصُّراخ والعويل والضَّجيج والتَّهويل، وقد كتب يومها العلاَّمة البشير الإبراهيمي رحمه الله مقاله الرَّائع بعنوان: " إمَّا سُنَّة وإمَّا بدعة « ، وكان ممَّا سطَّره يراعه الجريء النَّاطق بالحق : " إنَّ لا إله إلاَّ الله لا توضع في غير مواضعها يا قوم ! فمالكم إذا قيل لكم ، لا تضعوها في غير محلِّها ، ومنه الجهر بها في التَّشنيع قلتم متجرِّئين إنَّنا نحارب لا إله إلاَّ الله ، كبرت كلمة تخرج من أفواهكم " [الآثار (1/290)]
والحقيقة الَّتي ينشدها أهل الإنصاف ، ويأباها أهل الإرجاف ،ولا يرضونها إلاَّ نقيصة يذمُّون بها من لا يريدون إشراكه في حبِّ الوطن ، ولو كان من أبنائه ، هي أنَّ مقولة :
"حبَّ الوطن من الإيمان " ليست حديثًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، يتواصى المسلمون بذيعه في مجالس الوعظ والتَّذكير ، وتسطيره في كتب العلم مع التَّسليم بصحَّة نسبته إلي النَّبيِّ المعصوم صلي الله عليه وسلم ، لأنَّ المرجع في قبول الأحاديث أو ردِّها هي الأصول المعتمدة عند أهل الصِّناعة الحديثيَّة ، وقد حَكمُوا بوَضْعه ، فلا نُخالف ما قالوه وهم العلماء وغيرهم تَبع لهم وآخذ منهم وعنهم .
بيد أنَّهم مع اعتقادهم عدم صحَّة الحديث يؤمنون بمعناها ، ويرون من أدلة الشَّرع ما يخدم معناها
فهناك قدرٌ مشترك بين المسلم والكافر في حبِّ الوطن مَهْد النَّشأة والولادة فكلٌّ يحبُّ وطنه كحبِّه لنفسه وماله وأهله ، وهذا لا يمكن أن يكون من لوازم الإيمان ، لأنَّه غريزيٌّ في الإنسان ، وقد فطر الله عليه المخلوقات ، فالإبل تحنُّ إلى أوطانها والطُّيور تحنُّ إلى أوكارها وهكذا كلُّ نفس مخلوقة ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" والنَّفس تحنُّ إلى الوطن إذا لم تعتقد أن المقام به محرم أو به مضرَّة أو ضياع دنيا " [( " المجموع " 27/463) ]
وهناك ما يتميَّز به المسلم عن الكافر وعن الحيوان وهذا شرُّ الحديث وهو أنَّه يجتمع في المسلم الحبُّ الفطريُّ الغريزيُّ والحبُّ الشَّرعيُّ ، باعتبار أنَّ حبَّه لوطنه نابعٌ من أنَّ أرضه موطنٌ لإقامة أكثر الشَّعائر كالجمعة والجماعات والأذان وغير ذلك ،ومن حبِّ العلم وإن كان ضئيلاً الَّذي يكتسبه المسلم فيه ،ومن حبَّ اجتماع المسلمين وتنظيم أمورهم لعمارة الأرض على ترابه ، ومن حبِّ الأهل والأقارب والجيران وما يتولَّد من ذلك من الطَّاعات والقربات كَبرِّ الوالدين وصلة الأرحام وكفالة الأيتام والإحسان إلى الجيران ونحو ذلك .
فحبُّ الوطن الإسلامي مشروع، ولا يجوز لمسلم أن يتنكَّر له بحجَّة عدم ثبوت ما يفيد ذلك باللَّفظ الصَّريح أو المعني الصَّحيح، فقد جاء من نصوص الشَّرع ما يدلُّ على أنَّ حبَّ الوطن مشروع، ومحبُّه مأجور غير مأزور إذا احتفت بهذا الحبِّ عوامل القيام بالطاعة الله وعبادته وعمارة أرضه والإحسان إلي خلقه .
فهذا الحافظ ابن حجر رحمه الله يقول عند حديث أنس بن مالك رضي الله عنه :" كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أَوْضَعَ ناقته أي أسرع بها وإن كانت دابَّة حرَّكها من حبِّها [ البخاري ( 1802)].
قال رحمه الله :" فيه دلالة على مشروعيَّة حبِّ الوطن والحنين إليه "
[" الفتح (3/782)]
وأشار العلاَّمة المناوى في لَفْتَةٍ بديعة إلى حبِّ الأوطان عند شرحه لقول النَّبي صلي الله عليه وسلم :" إذَا قَضَى أَحَدُكمْ حَجَّهُ فَلْيُعَجِّلِ الرُّجَوعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لأَجْرِهِ " [ صحيح الجامع (734)] .
قال رحمه الله :" "فَلْيُعَجِّلِ" أي فليسرع ندبًا ، " الرُّجَوعَ إِلَى أَهْلِهِ" أي وطنه وإن لم يكن له أهل " فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لأَجْرِهِ" لِما يدخله على أهله وأصحابه من السُّرور بقدومه لأنَّ الإقامة بالوطن يسهل معها القيام بوظائف العبادات أكثر من غيرها ، وإذا كان هذا في الحجِّ الَّذي هو أحد دعائم الإسلام ،فطلب ذلك في غيره من الأسفار المندوبة والمباحة أولى .... وفيه ترجيح من الإقامة على السَّفر غير الواجب : اهـ . ["من فيض القدير "(1/418)]
وقد نبَّه الحافظ ابن كثير وغيره في سيرته على أنَّ دعاءه صلى الله عليه وسلم أنْ يحبِّب اللهُ إليهم المدينة كحبِّهم مكَّةَ أو أشَّدّ، إنَّما هو لِما جبلت عليه النُّفوس من حبِّ الوطن والحنين إليه ، وفي قصَّة الوحي وهي في "الصَّحيح " أنَّ ورقة بنَ نوفل لَمَّا قال للنَّبيصلي الله عليه وسلم : لَيْتَنى أكون حيًّا إذْ يُخرجك قومك ! قال النَّبي صلي الله عليه وسلم :" أوَمُخْرِجيِّ هُمْ ؟!" قال :نعم ، قال السُّهيلي : ففي هذا دليل حبِّ الوطن ، وشدَّة مفارقته على النَّفس [الروض الأنف (1/413) ]
فحبُّ الوطن ليس نشيدًا تستعذبه الألحانُ، وليس لافتة تَزْيين تعلَّق على الجدران ،
ولا وقفة تخشع لها الصُّور والأبدان، فالحبُّ رخيصٌ حين يكون زعمًا وكلامًا، ولكنَّه غالٍ وثقيلٌ حين يكون عملاً وتضحية وإقدامًا .
وإنَّما حبُّ الوطن المفعم بالإيمان والمشبَع بالتَّفاخر به والاعتزاز به حقًا وصدقًا إنَّما يكون بالحفاظ على أَمْنِه وسلامته، والابتعاد عن ترويع أهله وإشاعة القتل والنَّهب والفوضى وجميع الإفساد في رُبُوعه تحت أيِّ غطاء كان ، ويكون بنبذ العصبيَّات والنَّعرَات والتَّحزُّبات الَّتي تسعى إلى تَفْرِقَتِه وتشتيته ، وتَحُول دون اجتماعه ووحدته ، ويكون بلوزام جماعة المسلمين المنتظمة تحت لواء وليِّ الأمر ، والانضمام في سِلْكِها والاجتماع على كلمتها وعدم التَّشجيع على مفارقتها وشقِّ عصاها ومخالفة سبيلها والإفْتِيَاتِ عليها ، ويكون بطاعة من أوكل له تسيير شؤون الأمّة وإعانته على ما حمل القيام به وجمع الكلمة عليه ، وردِّ القلوب النَّافرة إليه ، والدُّعاء له ولأعوانه بالصَّلاح والتَّوفيق والسَّداد ، كما يكون حبُّ الوطن باستغلال خيراته وثرواته وصيانتها من عبث المفسدين وخدمة أرضه ومن عليها من العباد والممتلكات والمكاسب والإنجازات ، ليستغني عن غيره ، ويعظم في عين أعدائه الطَّامعين فيه ، والسَّعى به نحو الأكمل والعيش الأفضل إذ ليس من شرط الوطن أن يكون كاملاً لا نقصَ فيه ، هذا أمر مستحيل لكن حسبنا القرب من الكمال والتَّقدُّم نحو الأحسن .
فهذه وطنيَّة أهل الإسلام ، ليس فيها تدليس ولا إيهام ، بل هي وطنيَّة تحفظ الثَّوابت وتقوِّي الارتباط بشرع الله تعالى ، إذ هو المخرج من جميع الفتن والمصائب الّتي تحلُّ بالأمَّة
والله نسأل أن يحفظ أوطان المسلمين عامَّة ووطننا خاصَّة من كيد الكائدين وتربُّص المعتدين ، وأن يعين ولاة أمورنا على استتباب الأمن وإقامة العدل ونشر الخير وأن يهدي من ضلَّ عن سواء السَّبيل ويوفَّقه للتَّوبة والرُّجوع إلى الله ، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين .

كتبه على الجهاز:سفيان ابن عبد الله الجزائري
غفر الله له
قبيل العصر ليوم الثلاثاء الموافق 2009/05/19م
منطقة القبائل - حرسَّها الله من الفتن
الجزائر الغرّاء
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-08-2010, 06:05 PM
ياسين بن محمود الأرهاطي ياسين بن محمود الأرهاطي غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: الأرهاط [الجزائر]
المشاركات: 46
شكراً: 3
تم شكره 2 مرة في مشاركة واحدة
افتراضي

جزاك الله خيرا.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-13-2010, 12:37 AM
سفيان الجزائري سفيان الجزائري غير متواجد حالياً
موقوف - هداه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,340
شكراً: 0
تم شكره 33 مرة في 31 مشاركة
افتراضي بارك الله فيك

وإياك أخي الكريم
وفقك الله
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-13-2010, 02:43 AM
أبو الغريب السلفي أبو الغريب السلفي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 150
شكراً: 2
تم شكره 10 مرة في 9 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيك أخي ونفع بك...
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-13-2010, 03:34 PM
عماد بن سعدي عماد بن سعدي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: الجزائر -شرق البلاد-
المشاركات: 12
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي

بارك الله فيك أخي سفيان وبارك الله في مشايخنا القائمين على المجلة

أحببت أن أذكر مقال لفضيلة الشيخ عبد الحميد العربي -حفظه الله- بعنوان-


الوطنية في المنظور الشرعي(1).
بقلم: أبي عبد الباري عبد الحميد أحمد العربي الجزائري.
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله.


أما بعد:
إنّ حبَّ الوطن غريزةٌ متأصلة في النُّفوس السّليمة، وفطرةٌ جُبل عليها الخلق، تجعل المرء العاقل يستريح حين يعيش فيه، ويحن إليه عندما يغيب عنه، ويدافع عنه إذا هاجمه عدو صائل، ويغضب له إذا انتقصه المبطلون، ويصيبه الحُزن والأسى حين يرى نيران الفتن تمزقُ أطرافه، والأفكار الفاسدة تلوث عقول أبنائه، والإرهاب الأعمى، والجريمة المنظمة تقوض بنيانه، وتنخر وتدمر اقتصاده، والطفيليون تحت غطاء المنصب يبتزون أمواله، ويَعدلون باقتصاده القومي عن مساره الشرعي والوطني إلى فيافِي الرشوة وقفار الفقر، ويتألم حين يجد القوانين الوضعية والجائرة والخاطئة تنافس الشريعة الغراء وتزاحمها، وتضر بمآل الفرد في عاجل أمره ويوم مِعاده، وحملات اليهود والنصارى المسمومة تُشين سمعته، وتَطعن في ثوابته، وتسعى إلى غرس بذور الفتن في ربوعه، كما هو الشأن في الشرق الأوسط والعراق الجريح.
فقد أخرج الإمام الترمذي، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي في "الشعب"، والمقدسي في "المختارة" بسندٍ صحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال في حقّ مكة عند هجرته منها: (ما أطيبك من بلدة وأحبك إليّ، ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك)(2).
ولمّا كان حبُّ الوطن غريزةًً نافعةًً في الإنسان دعا النبي صلى الله عليه وسلم ربّه أن يرزقه حُبّ المدينة لما هاجر إليها، فقد أخرج الشيخان(3) من حديث عائشة رضي الله عنها أنّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اللهمّ حبّب إلينا المدينة كحبِّنا مكّة أو أشدّ)، ويظهر حبّ الإنسان لوطنه(4) ، والشوق إلى العيش في أحضانه؛ حين يغيب عنه ويقدم عليه ساكنٌ من ربوعه، حديث العهد بأحواله؛ فإنّه يسأله عن وضع الوطن، ويشرع في التماس أخباره، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم سألَ أُصيل الغفاري عن مكة لما قدم عليه المدينة، فقد أخرج الأزرقي في (أخبار مكة) عن ابن شهاب قال: قدم أُصيل الغفاري قبل أن يُضرب الحجاب على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فدخل على عائشة رضي الله عنها فقالت له: يا أُصيل! كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، قالت: أقم حتى يأتيك النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يلبث أن دخل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: (يا أُصيل! كيف عهدت مكة؟) قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق إذخرها، وأسلت ثمامها، وأمشّ سلمها، فقال صلى الله عليه وسلم: (حسبك يا أصيل لا تحزنا).
وأخرجه باختصار أبو الفتح الأزدي في كتابه (المخزون في علم الحديث)، وابن ماكولا في (الإكمال)، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ويها يا أصيل! دع القلوب تقر قرارها).
ومما يدلُّ على مشروعية حبّ الوطن -كما قرره الأئمة الأعلام- الحديثُ الذي أخرجه الإمامُ البخاري في صحيحه(5)، وأحمد، وغيرُهما من مسند أنس بن مالك رضي الله عنه أنّه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته، وإن كانت دابة حركها) قال أبو عبد الله: زاد الحارث بن عمير عن حميد: (حرّكها مِن حبّها).
وقوله: (أوضع ناقته): يقال: وضع البعير، أي: أسرع في مشيه، وأوضعه راكبُه، أي: حمله على السير السريع.
قال الحافظ ابن حجر(6)، والعيني في (عمدة القارئ): (وفي الحديث دِلالة على فضل المدينة، وعلى مشروعية حُبّ الوطن والحنين إليه).
وقال العيني في قوله: (حرّكها من حبّّها)؛ أي (حرك دابته بسبب حبّ المدينة، وهذا التعليق وصله الإمام أحمد).
وفي الحديث عند أحمد بسند صحيح عن علي رضي الله عنه قال: (لما قدمنا المدينة أصبْنا من ثمارها، فاجتويناها، وأصابنا بها وعكٌ وكان النّبي صلى الله عليه وسلميتخبّر عن بدر).
قال الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار(7): (وفيه بيان ما عليه أكثرُ النّاس من حنينهم إلى أوطانهم، وتلهفهم على فراق بلدانهم التي كان مولدهم بها ومنشأهم فيها).
وجاء في صحيح البخاري كتاب الوحي من حديث ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير، عن عائشة أمّ المؤمنين، وفيه أن ورقة بن نوفل بن أسد، ابن عمّ خديجة وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية قال للنبي : هذا الناموس الذي نزَّل الله على موسى، ياليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله : (أوَمُخرجي هم)، قال نعم لم يأت رجل قطُّ بمثل ما جئت به إلاّ عوديَ.
قال السهيلي: (ففي هذا دليل على حبّ الوطن، وشدّة مفارقته على النفس)(8).
إنّ الوطنيةَ صفةٌ قائمةٌ بكلّ حريص على وطنه، وهي: العاطفة المنضبطة بالشّرع الحكيم والعقل السليم التي تُعبِّر عن ولاء المرء لبلده، والمقصود هنا أن يكون ولاء المرء المسلم لبلده من أجل كلمة التوحيد الظاهرة، وشرائع الدين المطبقة من صلاة وصوم وزكاة، وإن كان يعتري وطنَه بعضُ النّقص، وظهرت فيه بعض الكبائر؛ اجتهد بالعلم والحكمة في تكميل النّقص، ورفع الجهل عن أبنائه، وتحذير أبناء الأمة من أضرار البدع والمعاصي على اقتصادها وأخلاقها وقيمها، مجنبا وطنه كُلّ أسباب الضَعف والفُرقة، مراعيا مقصد الشّرع من جلب المصالح ودفع المفاسد، بعيدا عن أسلوب التهييج والعصيان المدني، بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد قال أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما ذكر ذلك البيهقي في (المحاسن والمساوئ): (لولا حبّ الوطن لخرب البلد السوء)، وفي رواية: (عمّر الله البلدان بحب الأوطان)، وصدق الشاعر حين قال:


وكُنَّا أَلِفناها ولم تكن مَألَفًا *** يُؤلف الشيءُ الذي ليسبالحسن
كما تؤلف الأرض التي لم يصـل *** بها هواء ولا ماء ولا كأنها وطن.


وقد جاء في الحِكم: تربة الصّبا تغرس في النفوس حرمة، كما تغرس الولادة في القلب رِقّة.
قلت: فهلا عقل هذا المثل دعاةُ الإرهاب والإقصاء(9) الذين يدمرون أوطانهم بالشبه والظنون الكاذبة.
فالوطنية إذا هي: قيامُ الفرد المسلم بحقوق وطنه المشروعة في الإسلام بدافع الشّرع والفطرة.
ومن لوازم محبّة الوطن، أن يُشارك الجميعُ في بنائِه، وتعليمِ أبنائه، وتوجيههم الوجهة الشرعية المستقاة من الكتاب والسنة على فــــهم السّلف الصّالح.
فالمُعلمُ مسؤولٌ عن التّعليم والتّوجيه في ميدان عمله، سواء كان يعمل في المرحلة الابتدائية، أو في غيرها، ومُوَّكلٌ بالإبداع في تطوير البرامج التعليمية، ومُثابرٌ في تنمية ملكة الطلاب، وتحسين ذكائهم.
وطلبةُ العلم الشرعي عليهم مسؤولية ثقيلة في نشر العلم الصحيح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعلم والحلم، والموعظة الحسنة، وتوجيه الأمّة الوِجهة الصّحيحة، ووعظهم بالحسنى للتي هي أحسن وأقوم.
وأئمة المساجد مطالبون أولاً: برفع مستواهم العلمي حتى يتسنى لهم تربية الجيل تربية روحية متينة، عمودها الكتاب والسنّة على فهم السّلف، فإنني وللأسف الشديد أصلي أحيانا وراء بعض أئمة المساجد فأجد الإمامَ الخطيبَ في وادٍ، والمصلين هائمين في واد آخر، وآلف خطبته سيئة للغاية لا تحمل علما ولا هدفا، وأجده ضعيفا في حفظ القرآن، وهزيلا في اللغة العربية، وغائبا عن قضايا أمته الهامّة، لا يفرق بين حديث صحيح وآخر ضعيف، وناشطا في إيقاد نار الفتنة بين طلاب العلم وكبار السّن، وغارقا في البدع وبعض الشركيَّات، وأجده يتقوَّتُ من كتابة التمائم البدعية والتدليس على النّاس، وهذه الحالة المؤلمة والمزرية لا تخدم الأمة، ولا ترفع عنها الغمّة، بل تزيدها ارتكاسا في الباطل، وبعدا عن جادّة الصّواب، فعلى أئمة المساجد-وفقهم الله إلى نفع المسلمين- أن يُنَمُّوا مادتهم العلمية بالمثابرة على قراءة كتب السّلف في جميع الفنون، وأن يجتهدوا في مزاحمة العلماء بالركب إذا سنحت لهم الفرصة؛ إذا أرادوا رفعَ الجهل عن أنفسهم وأبناءِ أمتهم، وبناءَ أوطانِهم بناء متينا.
وأصحابُ القلمِ في الصُّحف والمجلات، ورُوّادُ التأليف وصُنّاعُ الكتابة، لهم وظيفة كبرى، وهامّة في تعليم الأمة، وحمايتها من الأفكار الوافدة والبائرة، والآفات السّامّة، ويجب أن يكونوا سبّاقين إلى عقول أبناء الأمة، قبل أن تغزى في عُقر دارها، فيصقلونها بأنصع المعارف، وأرقى العلوم، من خلال نشر الكتاب النّافع، والشّريط العلمي، والمجلة الرزينة، وإنني قد فتشت في وطني الحبيب الجزائر عن مجلة علمية، تُعنى بمآثر السّلف في التوحيد والفقه والتربية، وتربط أبناء الأمة بتاريخها المشرق، وتقوم بجمع البحوث العلمية النافعة، وتفتح المجال للعصاميين من طلبة العلم الشرعي لتدوين بحوثهم الهادفة؛ فلم أهتد إلى وجودها، في عهد كثرت فيه وسائل الفساد، وتعددت المجلات التي تبث الخلط والخبط والخرط في أوساط الأمة، والله تعالى المستعان.
ولا أنسى جُهد التّاجرِ ورجلِ الأعمال، إذ المال له نصيبٌ بالغٌ في بناء الأوطان، وعِزّةِ أهله(10)، ونشرِ الكلمة الطيبة، وذلك بالمساهمة في طبع الكتب النافعة وتوزيعها على الفقراء والمساكين، وبالاعتناء بطلبة العلم النجباء وتفريغهم للبحث والدراسة والدعوة إلى الله، وبجلب مختلف الصناعات النافعة للوطن، وبناء المساجد والمعاهد على مختلف تخصصاتها، والمدارس لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم السنة، وإنشاء المساحات الخضراء، والحدائق الخلابة، التي تكون نقطة تنفس للمواطن بعد أسبوع من الجهد والعمل والمثابرة، وهذه المشاريع قد لمست آثارها الإيجابية على الفرد والجماعة حين تواجدي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وغيرها من المشاريع الخيرية النافعة والمصرَّح بها.
وأمّا رجال الأمن باختلاف أقسامهم، وتنوع وحداتهم، جواً وبراً وبحراً، فعليهم يُعوِّل المجتمع بعد الله تعالى في حفظ الأمن والاستقرار، وازدهار الوطن وبنائه، فهم حُرّاس العقيدة، وحراس الفضيلة، وحماة للوطن من كلّ عابث وحاقد وحاسد، ودرعه ضدّ أهل الباطل، وقاعدته المتينة لبث الأمن والسكينة في أنفس المواطنين؛ فالله الله يا رجال الأمن في أن يُؤتى الإسلام من قِبَلِكم، فقد عرفنا لكم مواقف عدة؛ تُشكرون عليها، وتسجل في سجلكم الحافل بالإنجازات الكبرى، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النّار لا تمسّ عينا باتت تحرس في سبيل الله.
وأختم قائلا: الله أسأل أن يحمي وطني الجزائر من جميع الفتن والمحن والإحن، وأن يرزق أهله العلم النافع والحلم والإيمان وراحة البال، إنّه جواد كريم حليم عليم.


ولي وطنٌ لا يرى مثلُه *** يُقرّ بذلك لي من عرف.


وقد قيل في الأوطان أشعار أذكر منها ما وقفت عليه الآن، وقد ذكر بعضها ابنُ عبد البر في الاستذكار، ومنها ما قال الرماح بن ميادة:


ألا ليت شعري هل أبيت ليلةً *** بحرّة ليلى حيث ربتـني أهلي
بلاد بها نيطت عليّ تـمائمي *** وقطعن عني حين أدركني عقلي


وقال الآخر: أحبّ بلاد الله ما بين منيح *** إليّ وسلمى أن تصوب سحابها

بلاد بها حلّ الشباب تمائمي *** وأوّل أرض مسّ جلدي ترابها.
الهامش:


(1)ينظر كتابُ زيد بن عبد الكريم الزيد بعنوان: (حبّ الوطن من المنظور الشرعي)، بتقديم سماحة المفتي العام عبد العزيز آل الشيخ والشيخ صالح السدلان حفظهما الله تعالى، وبحثٌ للأخ الفاضل جمال فريحان، كما أنصح بالاستماع إلى شريط (حبّ الوطن) للشيخ الفاضل والأخ الكريم عبد السلام البرجس العبد الكريم رحمه الله تعالى.
(2)انظر صحيح الجامع للعلاّمة الألباني رحمه الله (برقم5536).
(3) البخاري (برقم1889)، ومسلم (برقم1376).
(4)إنّ كثيرا من الأحزاب إلا مَن رحم ربي، -إسلامية كانت أو علمانية-؛ سَعت بقصد أو بغير قصد وأحلاهما مرّ -من خلال مشاريعها المخرومة- إلى طمس وإماتة الغريزة الطيّبة التي خلقها اللهُ في العباد اتجاه أوطانهم، فنمَّت في عقول بعض الشّباب فكرة التمرد، والمعارضة من أجل المعارضة، والمخالفة من أجل الظهور، وغرست فيهم الحسّ بالغربة في الوطن الأم، والعزلة الشعورية، والتنكّر لكل ما هو أصيل، فتجد الشابَ الغارقَ في أفكار حزبٍ من الأحزاب يمر على أقوام قائمين على إفساد مشروع حضاري يعود نفعه على الجميع، وكلّف الدولة الـملايين من الدولارات، أو يمر على جمع من النّاس يطوفون بقبر ويذبحون عند عتبته القرابين؛ فيسلم عليهم!، وقد يقول لهم بلهجة أهل البلد: (الله يعينكم)!، ولا تتحرك له شعرة مِن خُبث ما يصنع القوم، ولا يفكر بالاتصال بالجهات المسئولة عن قمع أمثال هؤلاء، فوالله لو تَركَ الأحزابُ الناسَ على فطرتهم السليمة لكانت كافية إن شاء الله في حماية الوطن من الشّرك، والإلحاد، والبدعة، والأفكار المتطرفة، والإرهاب، والتنصير، وفكر الاستئصال، والعنف الأعمى، والجريمة المنظمة، وترويج المخدرات، وغيرها من الأعمال السيئة والباطلة.
ثم ننظر بمقلة فاحصٍ ونتساءل: هل لبعض الأحزاب السياسية جهدٌ في رفع مستوى ذكاء أبناء الوطن، وتربيتِهم على خُلقِ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وترويضِ أذهانهم على سلوك التعايش في الوطن الواحد، وتنمية الحسّ الأمني لديهم، أو (الشرطة المجتمعية)، والذي معناها التحسس والشعور بكل شيء يخل بالأمن ويدعو إلى الخوف، إذ الفرد مسئول عن أمن بلده، كما هو مسئول عن أمن نفسه وماله وأهل.
وهل أقنعوا النّاس بالنظرية التي تقول: إنّ الوطن سفينةٌ عظيمةٌ تشق أمواجا متلاطمة في عصر العولمة، والتكتلات العالمية، والهجمات الصليبية، فتقاسم الأدوار فيه حكما وتسييرا لا يبيح التصرُّف في الثوابت، ومقومات الوطن من دين ولغة وانتماء، أو إحداث ثلمة فيه بإثارة الفتن، أو ترويج الأفكار الانفصالية من تمرد وخروج وعصيان دموي، إن كانوا صادقين في وطنيتهم؟. وقد ضرب نبيُّ المرحمة والملحمة صلى الله عليه وسلم مثلا فقال كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه (برقم 2493) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما: (مثلُ القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قوم استهمُّوا على سفينة، فأصاب بعضُهم أعلاها وبعضُهم أسفلها، فكان الّذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإنْ أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا).
فإذا أردنا النجاة، والسّلامة للسفينة، والقائمين عليها وما حملت، فعلينا جميعا سدُّ أيّ ثُلم يصيب كيانها، ومن سوّلت له نفسُه العبثَ بقوائم السِّفينة ضُرب على يده كائنا من كان.
وهل أطلق بعضُ رؤوس الأحزابِ العنانَ لسواعدهم في جانب التضامن، والتكافل الاجتماعي، ورفعِ البؤس عن وجوه المعوزين في المناسبات وغير المناسبات، وهل... وهل..؟ والجواب يكون بالنفي، بل لا نكاد نجد لهم حسا أو ركزا في أوساط الأمّة، ولا ظهورا في ساحتها إلا عند حملة انتخابية يكررون نفس العبارات التي استهلكت معانيها وصارت من حديث الشوارع، ليزيدوا المجتمع فرقة إلى فرقتهم، وجهلا إلى جهلهم والله المستعان!.
قال العلاّمة محمدُ البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى كما في عيون البصائر (2/291): (أوصيكم بالابتعاد عن هذه الحزبيات التي نجمَ بالشرّ ناجمُها، وهجمَ -ليفتك بالخير والعلم-، هاجمُها، وسجم على الوطن بالملح الأُجاج ساجمُها، إنّ هذه الأحزاب كالميزاب؛ جمع الماء كدرا وفرقه هدرا، فلا الزّلال جمع، ولا الأرض نفع).
(5)(برقم1802).
(6)الفتح (3/783).
(7)(9/515ط/مؤسسة النداء).
(8) الروض الأنف (1/413).
(9)إنّ علاجَ الغلوِّ والفساد، والوقوفَ على الانحراف الفكري يجبُ أن يكون جذريًّا وشاملاً، وبالطُّرق الشرعية وِفق الأنظمة المرعية، فلا يُدْفع الباطل، ولا يرد الإرهاب إلا بالحقّ المبين كما قال تعالى: [بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ]، ويقول جلّ وعز: [وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم من حديث جابر في صحيح مسلم كتاب الطب: (لكلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أُصيبَ دواءُ الداءِ برأَ بإذن الله عزوجل)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنّة (3/77): (...وليس لأحد أن يردّ بدعة ببدعة، ولا يقابل باطلا بباطل)؛ ومن رام علاج الإرهاب والفساد المنهجي بغلو آخر أنكى منه، وأشد وطأة على كبد الأمة؛ فإنّه يكون قد وضع القواعد والأعمدة لمنهج جديد، سماته الطمس والرّمس والرّفس لكل مخالف، كما هو الشّأن عند أقوام هداهم الله، وقد جاء في حديث أبي ذر الذي حسّنه علاّمةُ الشام رحمه الله في الصحيحة (برقم2046)، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يُجْتَنَى من الشَّوْكِ العِنَب)، ومنهج الإقصائيين يولد عنفا آخر في أوساط الأمة؛ يعسرُ معه ضبط الأمور، وتنوير العقول، ويعقدُ عملية الإصلاح على المخلصين من أبناء الأمة، الذين يسعون إلى تنظيف السّاحة بالعلم بالحق، والرحمة بالخلق، مُتَّصفين بالحكمة والموعظة والحسنة، ومتحلِّين بالصّبر على جور المخالف.
(10) قال سفيان الثوري إنْ ضبط الرواية عنه روّاد بن الجراح العسقلاني: (كان المال فيما مضى يكره، فأما اليوم فهو ترس المؤمن).
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:38 AM.


powered by vbulletin