بسم الله الرحمن الرحيم
فأضع في هذه الصفحة إن شاء الله أقوال العلامة الألباني رحمه الله في الدفاع عن الحافظين ابن حجر والنووي رحمهما الله وأبدأ بهذا السؤال الذي وجه للشيخ رحمه الله.
يقول السائل: كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر يرى بعض العلماء أنه من أعظم دواوين الإسلام وأجلها فائدة وأنه لا يستغني عنه طالب علم وهناك تجاهل آخر لبعض طلبة العلم من السلفيين يرون أن ابن حجر قد أضر بالصحيح وأفسده بما حشده فيه من التأويلات والتحريفات التي تخالف منهج السلف وتوافق معتقدات المبتدعة وهؤلاء لا يرحبون بإلقاء الألقاب التي تمدح ابن حجر كالحافظ وشيخ الإسلام ونحو ذلك ويقولون إن أمثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم ومن نحى نحوهم غير جديرين بالمديح بل ولا بالتقدير بل يستحقون البغض في الله لمنهجهم غير السوي فما قولكم بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله: قولي أن هذا الكلام ناشئ من المتحمسين وليس من علماء المسلمين وهؤلاء جماعة لا يمكن أن يكونوا عونا لتحقيق المجتمع الإسلامي إلا بالسيف وعندنا في الشام يقولوا كلمة: "دين محمد دين السيف"، هذا كذب يعني دين محمد دين دعوة وإرشاد وهداية ويسروا ولا تعسروا، ومثل المؤمن كمثل السنبلة تفيئ مرة وإيش؟ وتتكسر مرة، فهم يريدون عالما لا مغمز فيه "تريد صديقا لا عيب فيه وهل عود يفوح بلا دخان"، هذا أمر مستحيل، الحافظ حافظ، شاءوا أم أبوا، وكونه أنه تأول بعض الآيات أو بعض الأحاديث أو بعض الصفات، هذا لا يخسره هذا اللقب في خصوص ما هو متلبس، متحقق فيه فحسبنا أن نعترف لهذا الرجل بعلمه وفضله ليس في الحديث فقط، في الحديث واللغة والأدب ومعرفة مذاهب العلماء، علماء الكلام وعلماء الفقه والفرق وما إلى آخره لكن صحيح أنه فيه عنده بعض الانحراف وليس كل الانحراف عن منهج السلف.
فنحن ما نريد أن نخسر العالم الاسلامي فضل وعلم هذا الرجل بسبب هذا الانحراف الموجود فيه بمثل هذه المبالغة من الكلام الذي يصدر من ناس نشأوا حديثا في الدعوة التي نسميها بالدعوة السلفية، دعوة الرجوع إلى الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ولكنهم ما درسوا الكتاب والسنة، ما يعلمون أن أي عالم هم يشيرون إليه بالبنان أنهم سوف يجدون في تضاعيف كتبه أو بحوثه شيء من الانحراف ونحن نأخذ الآن مثالا.
الكتاب المشروح من هذا الشارح العظيم هذا وهو صحيح البخاري، ترى ما قولهم بما فعل البخاري حينما قال: "يجوز أن يقول المسلم لفظي بالقرآن مخلوق"، نسقط بالاعتبار نقول، هذا غلو في البخاري حينما قلنا أنه أمير المؤمنين وإمام المحدثين وأن كتابه أصح كتاب لأنه قال كلمة خالف فيها إمامه في الحديث وفي العقيدة وهو أحمد بن حنبل، هل نرد هذا الفضل بمثل هذه الزلة إن كانت منه زلة وإلا فذلك ممكن تأويله لكن هؤلاء المتشددون بلا شك سيرون إمامين، شيخا وتلميذا، الشيخ ينكر ما يقوله التلميذ والتلميذ يقر ما ينكره الشيخ، لا بد أن الإنسان العاقل أن ينحاز إلى أحد الفريقين حياد الرأي، ولكن ذلك لا يحمله على أن يهضم حق كل من المختلفين سواء كان مع هذا أو ذاك فيما هو مشهور بعلمه وتخصصه كما قال تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}، هؤلاء ليسوا متقين، هؤلاء من أهل الأهواء، هؤلاء من أهل الخوارج القدامى ما ماتوا، الخروج تسلسل حتى وصل إلى يومنا هذا ولا نزال نسمع ما بين آونة وأخرى ولو أن هذه الآونة موش ضروري تفهموها، شبر أو متر أو شبرين أو مترين، قد يكون بين الآونة والأخرى سنين طويلة لأنه هذا دهر، نشوفهم خرجوا وأفسدوا في الأرض وأهلكوا الحرث والنسل، وكانوا سبب تأخير الدعوة التي كانت متقدمة بسبب أنهم ثاروا كالخيل الشمس الهوج بدون وعي، بدون تربية إسلامية بدون علم صحيح، الذي يقرأ البخاري وشرح البخاري لا يمكن أن يسعه إلا أن يقول بفضل هذا الرجل لكن بنبغي أن يأخذ حذره من بعض تأويلاته وهذا والحمد لله يمكن.
المصدر: سلسلة الهدى والنور، الشريط رقم: 285