مشروعية الشدة على المخالف مع مراعاة المصلحة الشرعية
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
بين الفينة والأخرى يطلع إلينا بعض الناس بعبارات ينفرون بها من أهل السنة ، ويصدون الناس عنهم ، ويبعدونهم عن الاستفادة منهم .
وتجد الواقع لكثير من أولئك هو الحنين لأهل البدع ، والحب لهم ، ونفرة قلوبهم من سماع الحق واتباعه .
وقد وصفهم الشيخ العلامة الشمس السلفي –رحمه الله- بـ(المثلجين المثبطين) وصدق والله ونصح .
والشدة في السنة ، وكذلك الشدة على أهل البدع والزيغ والانحراف مما دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة ودرج عليه السلف الصالح .
والشدة لها موضع ، واللين له موضع ، والحكيم هو الذي يضع الأمور في مواقعها اللائقة بها .
وإني في هذا المقال إنما أردت كتابة كلمات بديعة للشيخ الشمس السلفي –رحمه الله- سطرها في كتابه النفيس : [جهود علماء الحنفية في إبطال عقائد القبورية] .
وقبل ذكر كلام الشيخ شمس -رحمه الله- أذكر بعض كلمات الإمام أحمد في أحمد الشراك ، وقد كان هذا الرجل من أصحاب الإمام أحمد ، ومن أهل السنة إلا أنه حسن قول من يقول: لفظي بالقرآن مخلوق ، مع أن هذا الشراك يقول بأن القرآن كلام الله .
قال الإمام أحمد في هذا الرجل :
[ قاتله الله هذا كلام جهم بعينه.
الشراك أخزاه الله
كذبَ ]
وأمر بهجره وعدم مجالسته وهجر من يدافع عنه إن لم يكن هذا المدافِع جاهلاً فيعلم حينئذٍ.
السنة للخلال(7/63، 64 67 ،66-71) .
قال الشيخ العلامة شمس الدين السلفي الأفغاني –رحمه الله- :
[ والتشبث بشبهة الشدة دأب عامة المثلجين المثبطين المسالمين لأهل البدع ، فهم قديما وحديثاً يتهمون أهل التوحيد والسنة والحديث بالشدة والعنف والتطرف وسوء الأدب ، مع أنهم أشد الناس على أهل التوحيد وألينهم لأهل البدع؟؟
ولنعم ما قيل في الرد على هؤلاء المثلجين المتشبثين بشبهة الشدة :
ولو كان تشديداً بيان كتابه #### وإظهار قول للنبي محمد
فإني بحمد الله ربي مشدد #### هلم شهوداً فاشهدوا كل مشهد .].
الجهود (3/1761)
ونقل قول الشيخ ابن باز في الكوثري وهو:
قال الشيخ ابن باز –رحمه الله- : [المجرم الآثم محمد زاهد الكوثري ... ذاك الأفاك الأثيم عليه من الله ما يستحق]
براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمةللشيخ بكر أبو زيد(ص/3)
الجهود(3/1772)
وقال الشيخ شمس الدين السلفي الأفغاني عند كلامه على داود بن جرجيس القبوري الخرافي :
[ ولشدة خبثه ودجله ووثنيته وصفه العلامة شكري الآلوسي بكلمات الجرح الشديدة ، منها على سبيل المثال :
اعتقاده الوثني،
عقيدته الوثنية الضالة ،
من الشياطين الزائغين،
أحد الإباحية الطغام ،
الملحد ،
معدوم الحياء ،
من الملحدين ،
ونحوها من الأوصاف التي يستحقها ، انظر فتح المنان (340، 378، 411، 439، 476)
وفي هذا كله عبرة للمثلجين الباردين .
واللين حق ، لكن في محله ، ولكل مقام مقال].
جهود علماء الحنفية (3/1810).
وانظر كلام الشيخ الشمس السلفي على رد شيخ الإسلام على البكري (3/1839) ومنه:
[ فالشدة في محلها ، واللين في موضعه ؛ وهذا من الحكمة الصحيحة ، بخلاف حكمة المثلجين المثبطين ؛ فإنها من حكم أهل البدع].
فمن أقوال الشيخ العلامة (أبو المعالي) محمود شكري الآلوسي -رحمه الله- في القبوري المخرف يوسف النبهاني مؤلف كتاب "شواهد الحق..." :
[ أيها النبهاني والشيخ الشيطاني ،
والنبهاني الخبيث ،
اخسأ يا عدو الله ،
والملحد الزائغ ،
وممار عنود ،
نبح الكلاب ،
جهله مركب على رعونة ونقصان عقل ودين وقلة إيمان وعدم حياء ،
ولا يرتدع عن بغيه ،
ولا ينتهي عن جهله ،
وهذا الزائغ لولا حسده وجهله ،
وقد ضيعت عمرك بالضلال وفاسد الأعمال والحكم بالطاغوت ].
انظر غاية الأماني في الرد على النبهاني(2/76، 282، 79، 80، 94، 5، 14، 44، 47، 48، 63) كما في جهود علماء الحنفية للشيخ العلامة شمس الدين السلفي (3/1809).
وكلام السلف في وصف أهل البدع بأقبح الأوصاف وأشد العبارات لا يحصى ولا يعد .
فارجع إلى السنة لعبد الله بن الإمام أحمد ، والسنة للخلال ، والإبانة لابن بطة ، وغيرها من كتب السلف لعرفت كيفية تعامل أهل السنة مع أعداء السلفية وأهل البدع .
وراجع ردود علماء الدعوة النجدية ووصفهم لأهل البدع بأقبح الأوصاف .
وراجع ردود الدكتور بكر أبو زيد على (أبو غدة) الصوفي الكوثري .
وأما النقول عن السلف الصالح من الصحابة وأصحاب القرون المفضلة فكثيرة تعج بها كتب العقيدة لمن كان سلفياً يقرأ ويطلب العلم وليس متمسحاً بالدين وهو يرتكب ما يخالفه ، ويعمل على محاربته باسم الدين!!
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
كتبت هذا المقال تقريباً في عام 1423 هـ (2003م) .