بســـــــــم الله الرحمن الرحيم
شرح منظومة النواقض العشرة - للشيخ الفاضل: زيد المدخلي- الجزء 02
قال الشيخ زيد المدخلي - حفظه الله تعالى -:
والثاني :من يبغي وسيطا يرتجى::: فذاك شرك واضح يا ذا الحجا
الناقض الثاني:
اتخاذ الوسائط.
هو ما يجعله العبد الجاهل بينه وبين خالقه - سبحانه - مما يظن أنه يقربه إليه أو يشفع له عنده، يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم، ويخشى غضبهم وانتقامهم، ويرجو عطفهم وخيرهم ولو كانوا حجرا، أو وثنا، أو قبرا مهجورا، أو ضريحا مهابا.
والوسائط: جمع واسطة، وهي ما يتوصل به إلى الشئ، والمقصود به في الشرع: ما يتخذه جهلة الناس مما يعتقدون أنه يقربهم إلى الله زلفى، أو يشفع لهم يوم القيامة، ويُعتقد فيهم أنهم يرزقون أو يشفون، أو ينفعون أو يضرون؛ هذا الفعل كفر أكبر بالإجماع.
قال الشيخ الإمام الصالح، صالح الفوزان - حفظه الله تعالى - في شرحه لهذه النواقض العشرة:
هذا الناقض ليس تكرارا للأول، فإن الأول عام، وهذا خاص، فهو من باب عطف الخاص على العام، وهذا لبيان خطورة الأمر، وكثرة وقوع الناس فيه من حيث لا يشعرون.اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -:
من جعل بينه وبين الله واسطة في جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يكون واسطة في رزق العباد، ونصرهم وهداهم، يسألهم ذلك ويرجو إليهم فيه، فهذا من أعظم الشرك الذي كفر الله به المشركين حيث اتخذوا من دون الله أولياء وشفعاء، يجتلبون بهم المنافع، ويدفعون بهم المضار، مثل: أن يسألهم غفران الذنوب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات، فهو كافر بإجماع المسلمين.اهـ
من الناس من يخلط بين معنى الوسائط ومعنى الأسباب، فالأسباب تتخذ مع التوكل على الله، ولا يتوكل عليها، كالمريض الذي يشرب الدواء ليكون سببا للعلاج، مع العلم والاعتقاد أن الله هو الشافي، وأن الدواء لا يشفي بذاته، والدواء ليس بواسطة ولا شفاء، وإنما هو سببٌ جعل الله فيه الشفاء، كما جعله سببا لرفع التواكل، فإذا مرضت فهو يشفين.. و كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لكل داء دواء، فإذا أصاب دواءٌ الداء، برئ بإذن الله تعالى. وهذا دليل على أن الشفاء متوقف - بعد الله - على موافقة الدواء للداء، فإذا وافق الدواء الداء أتى الله بالشفاء،علمه من علمه وجهله من
جهله.
وأما الوسائط فهي نوعان: ماهو كفرٌ اعتقاده، وهو الذي ذكرنا أنه من النواقض؛ والثاني ما هو كفرٌ إنكاره، كالمَلك المقرب جبريل - عليه السلام - هو وساطة بين الله وأنبيائه، والنبيون - عليهم السلام - وساطة بين الله وعباده، فمن أنكر وساطة هؤلاء الأطهار، فقد أنكر رسائل الله المنزلة، وجحد بالنبوة المرسلة، وكذب الغاية التي خُلق العبادُ لتحقيقها.
وشبه الواسطة نوع ثالث: وهم العلماء الذين يُعَلمون الناسَ الخير، فهم حقا وسائط بين الناس والحق، فلولاهم ما عرف الناس الحق لِيَتَّبعوه، وما عرفوا الباطل ليجتنبوه، وحكم هذه يختلف عن الأوليَيْن؛ والرجوع فيه إلى أهل العلم، ُيذهب الغشاوة، ويزيل الشك. والله اعلم.
المصدر: منتديات نور اليقين