فصُول من لحنُ الحَركَةِ (أ)
بقلم :
الشَّيخ السَّلفي الدكتور
حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله
المقدمة :
الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله وبعد :
دلالة النَّاس إلى صراط الله المستقيم ، وهداية الخلق ونصحهم بالحكمة والموعظة الحسنة هو من أجل الطاعات كما قال تعالى : " وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ " [ فصلت :33]
أما سوء الظن بالمسلمين وتكفيرهم ، وممارسة الدَّعوة للتغلغل إلى بيوت المسلمين لتكون بعد ذلك ثورة شعبية للوثوب على السلطة فذلك من مفارقة الجماعة والمكر بها .
دين الله واضح لا سِرِّيَّة فيه ولا ريبة ضد المسلمين ، كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " إذا رأيت اثنين يتناجون في أمر العامة المسلمين فاعلم أنَّهم على باب ضلالة "
فالاسلام السياسي الَّذي أقام بنيانه البدعي حزب الإخوان المسلمون هو في الحقيقة دولة داخل دولة .
فواجب النُّصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم ، وواجب صيانة مجتمعنا عن الفوضى وحمايته من الأفكار الَّتي أوقعت في الديار الأخرى الفتن والشرور من هذا الشر ، وحسبي هنا أن أدوِّن في هذا المختصر أخطر تنظيرات حركة الإخوان المسلمين ، لتستبين سبيل المجرمين ، والحمد لله ربِّ العالمين
كتبه / حمد بن إبراهيم العثمان
حصر الخير في أنفسهم :
طبيعي من يعتقد في حزبه أنّه خير من الصَّحابة ، أن يحصر الخير في نفسه ، فهذا الارتفاع و التعالي الحركي هو الَّذي أوردهم الموارد ، و حملهم على سوء الظن بعموم المسلمين ، و الحكم على مجتمعاتهم بالجاهليَّة ، ناهيك عن حكمهم على الولاّة بالتَّكفير .
قال الشَّيخ حسن البنا رحمه الله (1) :
" فدعوتكم - لإخوان المسلمون - أحقُّ أن يأتيها النَّاسُ و لا تأتي أحدًا ، إذ هي جماع كلِّ خير ، و غيرها لا يسلم من النقص ".
أعوذ بالله من هذا الغرور ، والله المستعان على هذا التعالي ممَّن فارق الجماعة و شدَّ الرِّحال للقبور و فوَّض معاني الأسماء و الصِّفات .
إقصائيون حتَّى النخاع .
غرور الحركة:
تفضيل البنا على الصَّحابة:
غرور الحركة فوق ما نتصوره ، ممكن يزهو الإخوان المسلمون بأنفسهم ، و يقارنون أنفسهم بالأحزاب الأخرى ، مع ما هم عليه من انحراف في العقيدة و المنهج .
أمَّا أن يرى الإخوان المسلمون أنفسهم أو قيادتهم أفضل من الصَّحابة ، فذلك الغرور المتناهي ، الذي سيضحك عليهم كل من يُقدِّر الصَّحابة حقَّ قدرهم و يعرف سيرتهم .
يقول د.يوسف القرضاوي مبينا ما جرى في كليّة الأزهر من مساجلة بين الشَّيخ أحمدين ، و أتباع حسن البنا ، لما قرروا تفضيل حسن البنا على الصَّحابة (2) : " و هنا قال أحد الإخوة في الفصل [ و هو الأخ محمد حسن راضي ، من بسيون ] : مثل الشَّيخ حسن البنا و ما قام به من دعوة و جهاد - يعني : أفضل من بعض الصَّحابة -
و ما إن ذكر اسم حسن البنا حتى ثار الشَّيخ أحمدين ثورة عارمة ، و قال : تريد أن تجعل حسن البنا أفضل من الصَّحابة ؟و هاجم الأستاذ حسن البنا بعنفٍ .
و هنا قلت للشَّيخ : يا مولانا هذا رجل أفضى إلى ربه ، و قد نهينا عن سَبِّ الموتى ، و ما ذنب حسن البنا إذا اختار أحد تلامذته رأيًا يُخالف رأي فضيلتك ، أو رأي الجمهور ؟ "
و اعتراض القرضاوي على الشَّيخ أحمدين فاسد ، فأين حسن البنا من الصَّحابة ؟!!.
و المسألة اعتقادية ليست كما يريد توصيفها د.القرضاوي : " كلٌّ لهُ رَأْيُهُ ".
أئمَّة السَّلف ما رضوا بتفضيل عمر بن عبد العزيز رحمه الله على الصَّحابة مع تمام ورع و ديانة و عدل و تقوى عمر بن عبد العزيز رحمه الله و صحة اعتقاده
قيل لحماد بن سلمة : أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟
فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يُقاسُ بهم أحد (3) .
و قيل لابن المبارك رحمه الله : معاوية خير أو عمر بن عبد العزيز ؟.
فقال ابن المبارك رحمه الله : ترابٌ دخل في أنف معاوية رضي الله عنه مع رسول الله صلَّى الله عليه و سلَّم خير و أفضل من عمر بن عبد العزيز (4) .
فشرف صحبة النبي صلَّى الله عليه و سلَّم وحدها لا يدركها حسن البنا و لا أصحاب البنا جميعًا.
و نقاوة عقيدة الصَّحابة لا يدركها حسن البنا الذي يشد الرحال للقبور و يفوض معاني أسماء الله و صفاته ، و يُفارق الجماعة .
ميكافــيلية الحركة :
مصانعة الحركة لدول الكفر والتودُّد إليهم وتقديم أنفسهم على أنَّهم خيار حاضر للحكم متى ما أراد الغرب إيصالهم لسدَّة الحكم باتت بوادره واضحة
ودلالات هذا اللحن الحركـــي معلومة ، فلهم اجتماعات خاصة مع رؤساء الغرب ، وقبولهم لوزارتين في أول الحكومة صنعها الأمريكان في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين معلوم .
والعلماء الصادقون العارفون بحقيقة حركة الإخوان المسلمين يذكرون من لحن الحركة تعاملهم المشبوه مع اليهود ، وتلقيهم المساعدات المالية للقيام بعمليات إجرامية .
قال علامة مصر أحمد شاكر رحمه الله (5) : " حركة الشَّيخ حسن البنا وإخوانه المسلمين الَّذين قلبوا الدعوة الإسلامية دعوة إجرامية هدامة ، ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين "
وهل يحتاج أحد إلى برهان تعاونهم مع إيران ؟!!
فهل المقصود التزام الإسلام أو القيادة والحكم ؟!!
دولة قوام عقيدتها سبُّ الصَّحابة وتكفيرهم واعتقاد نقص وتحريف القرآن ما لنا ولها ؟!!!
وهؤلاء استغلوا مسارعة الإخوان المسلمين إليهم في اختراق مجتمعاتنا وتصدير عقيدتهم والتوطئة للهيمنة المستقبلية .
وهل نحتاج إلى برهان أعظم مما نشاهد من خروج الحوثيين على الجماعة في اليمن ؟!
والصنيعة الإيرانية في لبنان " حزب الله " مثال صارخ لحكومة الظل والاختراق على الأساس الطائفي ، فهي نسيج وحدة لطائفة واحدة .
إيران تدعم فلسطين إلا لتهيمن عليها مستقبلاً وتصدِّر عقيدتها ، وأحداث غزة خير برهان على نقول .
فإيران اختارت التفرُّج على غزة طوال عدوان اليهود عليها مع امتلاكها ترسانة مهولة من الصواريخ الباليستية بعيدة المدى ، والغواصات النووية والطائرات المقابلة ، وأصناف الأسلحة الأخرى المتنوعة الَّتي مقصود إيران من ورائها الهيمنة على الخليج لذلك يطالبون بالبحرين ، فإيران طوال تاريخها لم تدعم فلسطين ، الآن لما سارعت إليها حماس دعمتهم لتصدِّر ثورتها إلى فلسطين ، وليكون لها موطئ قدم لنشر عقيدتها .
هذا الدعم الإيراني في الحقيقة عود على الفتح العمري بالنقض، فكيف ننسى أن فلسطين أدخلها في الإسلام الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحكومة إيران تكفِّره ؟!!
فهل نستيقظ من هذه الغفلة ؟!!
باطنية الحركة :
حركة الإخوان المسلمون ليست كإسلام أهل الكويت الفطري ، فالإخوان المسلمون لهم وجه مع الولاة والشعب ، ولهم في خلواتهم واجتماعاتهم السرية ترتيبات أخرى يتكتمونها عن كلِّ النَّاس إلاَّ خاصة حزبهم ، وهذا باعترافهم أنفسهم .
يقول محمد الراشد الَّذي استدل بكلامه كثيرًا د. جاسم المهلهل في كتابه – للدعاة فقط - : " فالدعوة دار لها داخل وظاهر ، فالظاهر يَسَعُ كلَّ أمة محمَّد ، لكن الداخل حَرَم (6) ، وهو مأوى الأشد الثقات النبلاء فقط ، لأنَّه موطن اتخاذ القرار واختيار الخطة والأسرار ، وأي تساهل في ذلك قد ينتج عنه الانحراف ، ولذلك لن يصل له إلاَّ القديم الولاء العابد المتواضع .
ولابد من وجود الصفوف الخلفية التربوية حيث أهل النقاء والالتزام وحيث الثوابت والاستقرار ، بل وفي معظم الأحوال يجب استنار هذه الصفوف بسبب الضرورات الأمنية .
والحل الَّذي هو خير من ذلك كله : أن يبقى مصنع الرجال الخلفي مستنــرًا لا يمسُّه ترخيص ولا إعلان ولا تبديل ولا تسهيل ، وأن يبقى مصدرًا للقرار ، وأن تكون هناك واجهة من بعض المقيمين على شكل حزب أو جمعية ، وأهمية القيادة في العمل الإسلامي وأن جودة عمل صُنَّاع الحياة لا يلغي دورها ، ولابد من طاعتها والصدور عن أمرها ، فهي قلب العمل ، وأداة الانسجام والتـناغم وطريق المناقلة وحزام الربط " (7)
الحواشي :
(1) : مذكرات الدعوة و الداعية (ص232) بواسطة:رفقًا أهل السنة بأهل السنة (ص5) .
(2) : ابن القرية (1/491)
(3) : رواه الآجري في الشريعة (3/520) وإسناده صحيح
(4) : رواه الآجري في الشريعة (3/520) وإسناده صحيح
(5) : شؤون التعليم والقضاء (ص47) ، وهذا ذكره بعد قيام الإخوان بمصر باغتيال رئيس الوزراء النقراشي .
(6) : ثالث الحرمين : الحرم الحركي !!!
(7) : صناعة الحياة (ص:113 ،116) ، باختصار بواسطة فكر الإرهاب (ص:73) .
........
(أ) :لحنُ الحَركَةِ تأليف الشَّيخ الدكتور حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله [ ط- الدار الأثرية ، مكتبة وتسجيلات الغرباء الأثرية ]
يُتبع إن شاء الله ...