أما بعد فهذه محاضرة القاها فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله للإخوة في مدينة الريصاني بالمغرب من خلال الهاتف في 10 محرم 1431 وقد أذن لنا بنشرها بعد قراءتها عليه فجزاه الله خيرا فهذا نص المحاضرة
الحمد الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم أما بعد نحمد الله الذي يسرلنا هذا التواصل مع إخواننا ومن أجل الله وفي ذات الله تعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبروأكرم به وأنعم من تواصل من أجل الله رب العالمين ولا شك ولا ريب أن التناصح هو الدواء الكبير والشفاء والسبب في الشفاء العاجل للمنصوح ونسأل الله أن يأجر من كان السبب في هذا التواصل والله المستعان أيها الإخوة الكرام إعلموا حفظكم الله أن المسلم بحاجة إلى أن يصلح مابينه وبين الله ليصلح الله أحواله إذ أن المسلم لا يسعد حقيقة سعادة أبدية ألا إذا إتصل قلبه بخالقه وبارئه والمتصرف فيه فإذا اتصلت القلوب بمالك القلوب ومصرفها وجدت هنا كل خير بإذن الله فالمؤمنون الذين وجد عندهم برد اليقين وانشراح الصدور وطمأنينة القلوب وزكاة النفوس واستنارة العقول وهدوء البال وحقيقة الإستقرار هؤلاء نالوا هذا بسبب قوة إيمانهم بربهم وتقواهم وصلاحهم قال الله في كتابه الكريم وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم سورة/ الشعراء217 -220\ قال بعض العلماء أقوى الناس المتوكل على الله والتوكل على الله هو إعتماد القلب على الله لا على غير الله إعتماد القلب على الله في جلب الخير ودفع الضر في الرفع والخفض في العطاء والمنع في العافية والمرض في الفقر والغنى التوكل على الله عز وجل في شؤون العبد كلها ولهذا جاء من الحديث عمرعند الترمذي وغيره أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا هذا الحديث العظيم بين أن من أعظم أسباب الرزق بل من أصول الكسب والحصول على الرزق أن يكون الشخص متوكل على الله الذي بيده الفرج والمخرج على الله الذي يقول لشيء كن فيكون على الله الذي له الأمر كله وبيده الخير كله على الله الذي يقرب البعيد وييسر العسير وهو على كل شيىء قدير سبحانه وتعالى فكيف لا يتوكل المسلم على ربه ألا وإن التوكل على الله في التمسك بالدين وفي تحري الحق والصبر عليه والشور عليه هو أعظم أنواع التوكل وهذا التوكل يختص الله به من يشاء من العباد فمتى كان المسلم المتمسك بهدي الرسول عليه الصلاة والسلام قوي التوكل على الله لم يضره ما يرى من غفلت الناس وتلاعب الناس وإهمال الناس لكثير من أمور دينهم ويجد الصبر لتحمل أخطائهم وغمزهم ولمزهم وقد يجد ذلك لذيذا في سبيل الله فيسهل عليه أن يصبر عليهم وأن يعتذر لهم بأنهم جهال ألى غير ذلك فحياة القلوب ونعيم الأرواح وغذائها يتحقق ذلك بأن تكون قلوبنا عامرة بخشية الله ومراقبة الله وحب الله وتعظيمه وبالصدق معه والإخلاص له والثقة به والرضى بشرعه و التسليم لحكمه سبحانه وتعالى فمتى كانت القلوب هكذا فهذه هي القلوب التي ينال أصحابها الرفعة عند الله ما لا ينالها من كثرة صلاته وصيامه وأعماله الظاهرة مع عدم تحقق هذا في قلبه فحقيقية العبودية لله إنما هي عبودية القلوب وهذا ما يغفل عنه كثير من الناس بل وحتى بعض من يرى عليهم التمسك والإلتزام فيامعشر الحاضرين المطلوب تغذية القلوب بغذاء علام الغيوب بالقران وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام وبما كان عليه السلف رضي الله عنهم جميعا المطلوب التفتيش عما في القلوب من أمراض وآفات ومنغصات للإيمان والتقوى والورع فتشوا فإن دسائس القلوب كثيرة وهي التي تعسروا صاحبها في الطريق فلا يصل إلى الله بسلامة ولهذا روى البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال إن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس وإنه من أهل النار وفي البخاري وإنما الأعمال بالخواتيم قال الحافظ بن رجب رحمه الله قال هذا بسبب دسيسة في القلب أو في العمل يعني الشخص الذي يظهر للناس أنه خير وأنه صالح ولكن مآله إلى النار قال هذا بسبب دسيسة في القلب أو في العمل فكلنا معرضة قلوبنا لدسائس للكبر عياذا بالله وهو مرض عظال والحسد والحقد والرياء والعجب فهذه الأمراض لا يسلم منها إلا من إعتنا بإصلاح قلبه وأقبل على ذلك ومن أمراض القلوب حب الشهوات المحرمة والمنكرات وكذالك من أمراض القلوب الغرور وحب المال وحب الجاه وحب الملك إلى غير ذلك من أمراض القلوب وآفاتها فيامن تريد أن تلق الله بوجه أبيض فأصلح قلبك أنت بقلبك ورأس مالك قلبك وقوتك وضعفك ناتج عما في قلبك فلا تغتر بالمظهر فعليك بإصلاح المخبر قال ربنا في كتابه الكريم مخبرا عما قاله خليله إبراهيم ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم/ سورة الشعراء 88\ قال إبن القيم القلب السليم الذي حقق التوحيد وسلم من الشرك وحقق الإتباع وسلم من الإبتداع وحقق الطاعة وسلم من المعصية وحارب الهوى وحارب الهوى فمتى كان القلب سليما من الشرك ومن البدعة ومن المعصية ومن الهوى فهذا قلب مقبول عند الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون فنظر إلى ما ينفعك في ذلك اليوم العصيب فالمسلم بحاجة إلى أمرين اثنين إلى إصلاح قلبه وذلك بإخلاصه لله وبمراقبته وخشيته ورجائه وخوفه ورغبته ورهبته فيما عند الله والثاني بالإنضباط والإنقياد بالأحكام والأداب الشرعية والأداب الشرعية فمن أراد السلامة يوم الحصرت والندامة ويوم الخصارة والملامة ويوم الطرد والإبعاد في يوم القيامة فعليه أن يصلح قلبه حتى يلقى الله بقلب رضي عن الله فمتى رضيت قلوبنا عن الله فهذا سبب ليرضى الله عنا فالجزاء من جنس العمل قال الله والسابقون الأولون من المهاجرين واللأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهمورضوا عنه فالمؤمن راض عن ربه فيما قضاه وقدر وفيما شرع وأحكم راض عن ربه سبحانه وتعالى لأنه يعلم أن الله حكم عدل كريم رحيم حكيم سبحانه وتعالى فيالله مائحوجنا إلى إصلاح قلوبنا فبعضنا قد يغتر بالمظهر ويظن أنه قد حقق ما كان عليه أبو بكر وعمر وهو لا يبادر إلى إصلاح قلبه وينظر أين هو قلبه من ربه سبحانه وتعالى قال الله في كتابه الكريم وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمان بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذالك يوم الخلود لهم مايشاءون فيها ولدينا مزيد سورة ق / 30-35\هؤلاء الذين جاؤا أي ماتوا وقلوبهم منيبة إلى الله مخبتة مطمئنة مقبلة غير غافلة ولا معرضة ولا متئخرة ولا مدبرة هؤلاء هم الذين الدرجات العلى منازلهم والرضى من الله والإكرام والقبول ينتظرهم إذا أيها الإخوى نسعى بإصلاح قلوبنا والتمسك بمنهاج النبوة ولا يظرنا ما عند الناس من أمور وما يحصل منهم من غمز ولمز لمن تمسك بدينه فهذا يضرهم هم وأما المتمسك العارف بدينه الصادق معا ربه هذا لا يزيده إلا ثباتا ويعرف أن هؤلاء قد أتوا من قبل أنفسهم ومن قبل شيطانهم ولا حول ولا قوة إلا بالله والله المستعان
قام بتفريغ هذه المحاظرة أخوكم أبو أمين رشيد المغربي
07-19-2011, 11:41 PM
محاضرة القاها فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام حفظه الله للإخوة في مدينة الريصاني بالمغرب
العرض العادي
