من مسائل الجرح والتعديل توضيح قاعدة : ( بلدي الرجل أعلم به من غيره ) للشيخ الفاضل أبي عمار علي الشرفي المعروف بالحذيفي
من مسائل " الجرح والتعديل "
توضيح قاعدة :
( بلدي الراوي أعلم به من غيره )
ومما يساء استخدامه من قواعد "الجرح والتعديل" قاعدة: "بلدي الراويأعلم به من غيره"، فإذا طولب بعض الفضلاء ببرهان على صحة قدحه في بعض الفضلاء من أبناء بلده وممن هم على طريقته في السلفية، ذهب يستدل بقاعدة: (بلدي الراويأعلم به من غيره) أو (أهل البلد أدرى بما فيه) أو بالمثل القائل: (أهل مكة أدرى بشعابها):
وهذه القاعدة قاعدة صحيحة لا غبار عليها، لكن ينبغي أن تفهم الفهم الصحيح، فالقاعدة سليمة لكن لا وجه للاستدلال بها هنا، وذلك لأمور، منها: أن القاعدة ليس موضعها في حال اختلاف شخصين معروفين من أهل السنة والعلم، وإنما تنزل هذه القاعدة في حال اختلاف عالمين في شخص غير معروف، فمن نقدم ؟! نقدم بلدي المجروح فهو أعلم به من غيره.
أما العالمان المعروفان فإنهما إذا اختلفا وتكلم أحدهما في الآخر، كان على المتكلم أن يقدم البرهان على ما ادعى، فهنا يلزم بالبينة لأن البينة كما في الحديث: ( البينة على المدعي )، ولا ينبغي أن يقول: ( أنا أعلم به من غيري )، فإن هذا لا يكون إلا مع جهالة المتكلم فيه، وخفاء أمره على الآخرين، وأما مع معرفة الناس به ووضوح أمره فلابد من أن يكون عنده براهين على كلامه.
قال أبو عمر ابن عبد البر في "جامع بيان فضل العلم وأهله ":
(هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس، وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته، وبانت ثقته وعنايته بالعلم، لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب تصديقه فيما قاله لبراءته من الغل والحسد والعداوة) أ.هـ
وبعد أن ساق ابن عبد البر قول جملة من العلماء تكلم بعضهم في بعض ختم ذلك الفصل بقوله:
(فمن أراد أن يقبل قول العلماء الثقات الأئمة الأثبات بعضهم في بعض، فليقبل قول من ذكرنا قول من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - بعضهم في بعض، فإن فعل ذلك ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا.
وكذلك إن قبل في سعيد بن المسيب قول عكرمة، وفي الشعبي والنخعي، وأهل الحجاز، وأهل مكة، وأهل الكوفة، وأهل الشام، على الجملة، وفي مالك والشافعي وسائر من ذكرنا في هذا الباب ما ذكرنا عن بعضهم في بعض، فإن لم يفعل ولن يفعل - إن هداه الله وألهمه رشده - فليقف عند ما شرطنا في أن لا يقبل فيمن صحت عدالته، وعلمت بالعلم عنايته، وسلم من الكبائر ولزم المروءة والتعاون، وكان خيره غالبا وشره أقل عمله فهذا لا يقبل فيه قول قائل لا برهان له به، فهذا هو الحق الذي لا يصح غيره إن شاء الله) أ.هـ
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.
كتبه : أبو عمار علي بن حسين الشرفي المعروف بالحذيفي
عدن - اليمن .
__________________
قال الشيخ الألباني رحمه الله و غفر له *** طالب الحق يكفيه دليل و طالب الهوى لا يكفيه ألف دليل , الجاهل يتعلم و صاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل ***
قال الإمام الأوزاعي - رحمه الله تعالى- :
اصبر نفسك على السنة ؛ و قف حيث وقف القوم ؛ و قل بما قالوا ؛ و كف عما كفوا ؛ و اسلك سبيل سلفك الصالح ؛ فإنه يسعك ما وسعهم
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد المصور مصطفى ; 09-09-2014 الساعة 05:39 AM
|