أخي أبوالحسين بارك الله فيك على هذا الجهد, أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك, لاشك كما ذكرت ان الأدلة راجحة في وجوب قراءة الفاتحة للأمام والمأموم والمنفرد في الصلاة الجهرية والسرية, وأحببت أن أضيف شيئا وهو في قوله تعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ), لاشك أنه نص عام في وجوب الأستماع والأنصات في كل حال, ولكن من خلال جمع الأدلة وبيان العام والخاص كما هو معلوم في علم أصول الفقه, أن العام يحمل على الخاص, والخاص ولله الحمد قد تبين في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب), وهذا في الحقيقة هو فهم السلف وهو أن الآية مخصوصة كما بين ابن كثير رحمه الله في تفسيره قال:
وقال ابن جرير: حدثنا حُمَيْد بن مَسْعَدة، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا الجريري، عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيزَ قال: رأيت عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدثان، والقاص يقص، فقلت: ألا تستمعان إلى الذكر وتستوجبان الموعود؟ قال: فنظرا إلي، ثم أقبلا على حديثهما. قال: فأعدت فنظرا إلي، وأقبلا على حديثهما. قال: فأعدت الثالثة، قال: فنظرا إلي فقالا إنما ذلك في الصلاة: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا }, فهذا يعني أن الآية ليست على عمومها كما يفهم البعض, وقد بين ابن كثير رحمه الله في التفسير أن الآية هي في الصلاة والخطبة قال:
وقال شعبة، عن منصور، سمعت إبراهيم بن أبي حرة يحدث أنه سمع مجاهدا يقول في هذه الآية: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا } قال: في الصلاة والخطبة يوم الجمعة.
وقد جاء في الحديث :
[ اركع ركعتين ولا تعودن لمثل هذا . يعني الإبطاء عن الخطبة . قاله لسليك الغطفاني ] . ( حسن ) عن جابر بن عبدالله قال : دخل سليك الغطفاني المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فذكره ) وقال ابن حبان : أراد الإبطاء),
ففي هذا الحديث بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سليك بالصلاة حال الخطبة التي يجب الأنصات لها بنص الآية فدل على أن أمر النبي بالصلاة خصص عموم الآية, وكذلك فيه بيان متى يقرأ الماموم الفاتحة وان كان الأمام يقرأ فانه يشرع له القراءة وان كان الامام يقرأ ثم ينصت بعد الأنتهاء الى الأمام, وقد أحتج البخاري في جزء القراءة بهذا الحديث المخصص لعموم الآية وبيان أن المأموم يشرع في القراءة مباشرة ولاينتظر انتهاء الأمام, وفيه بيان جواز القياس في العبادات بضوابطها, كما ذكر أهل العلم (ماورد في النوافل يكون في الفرائض الا اذا جاء مخصص), كما بين الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي النافلة على الدابة ولاينزل الا اذا صلى فرضا, فقد قايسوا بين النافلة والفرض وخصصوا عند مجئ الدليل والله أعلم.
|