صاحب الفضيلة الشيخ/ عبد الله بن إبراهيم القرعاوي.
حفظه الله تعالى بالإسلام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد.
سؤال: هل يجوز رفع اليدين في الدعاء عقب صلاة النافلة أم لا؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد.
فنقول:حسبنا الله لا إله إلا هو إنه هو الحسيب، ونسأله الصواب في القول والإخلاص في العمل، إنه هو الرقيب، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب.
رفع اليدين في الدعاء مشروع؛ دلت على مشروعيته الأحاديث الصحيحة التي في الصحيحين والسنن والمسانيد، حتى ذكر بعض أهل العلم -رحمهم الله- أن رفع اليدين في الدعاء متواتر تواترًا معنويًّا، رُوى فيه نحو مائة حديث، ثلاثون منها في الصحيحين أو أحدهما، وأما رفعهما للدعاء عقيب صلاة التطوع دون الفريضة فإنه مشروع وليس بواجب، وهو من آداب الدعاء.
والدليل على مشروعيته ما رواه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه وأبو داود الطيالسي والبيهقي وغيرهم عن الفضل بن عباس، والمطلب بن ربيعة رضي الله عنهما، فأما الإمام أحمد فرواه سبع مرات، نذكر منها واحدًا فإن، أردت الزيادة فارجع إلى «المحصل» (3/ 20، 21، 22)فقد جمعناها فيه. قال في «المسند»:
حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حثنا علي بن إسحاق أن عبد الله بن مبارك، أنبأنا ليث بن سعد، حثنا عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس قال: قال رسول الله : «الصلاة مثنى مثنى تشهد في كل ركعتين وتضرع وتخشع وتمسكن، ثم تقنع يديك، يقول: ترفعهما إلى ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك تقول: يا رب! يا رب! فمن لم يفعل ذلك فقال فيه قولاً شديدًا».
قال شُرَّاح هذا الحديث من أهل العلم رحمهم الله تعالى: معنى «تقنع يديك» أي: إذا فرغت من الصلاة فسلم ثم ارفع يديك للدعاء سائلاً حاجتك، والإقناع: هو الرفع ، ومنه قوله تعالى: ﴿ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾[سورة إبراهيم، الآية: 43].
ثم اعلم -وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه- أن هذا الحديث قد حقق طرقه وأسانيده أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد رحمه الله، حيث قال: في إسناده نظر، ولعله أن يكون صحيحًا إن شاء الله، ثم ذكر كلامًا طويلاً، واعلم أن الذي ليس بمشروع هو رفع اليدين عقب صلاة الفريضة، وهذا الذي أراده ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد في قوله: «وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو المأمومين فلم يكن ذلك من هديه أصلاً، ولا روي عنه بإسناد صحيح ولا حسن، وأما تخصيص ذلك بصلاتي الفجر والعصر فلم يفعل ذلك ولا أحد من خلفائه، ولا أرشد إليه أمته، وإنما هو استحسان رآه من رآه عوضًا من السنة بعدهما» والله أعلم.. انتهى ما أردنا ذكره.
هذا وأسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شر أنفسنا، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.