باسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله بالسلام
فهذه مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الشيخين رحمهما الله من كتاب "
الرسائل المتبادلة بين الشيخ ابن باز والعلماء " للشيخ محمد بن إبراهيم الحمد.
نفعنا الله و إيكم بما فيها من خير، و حسن خلق و شيم.
الرسالة الأولى:
كتابٌ من الشيخ الألباني إلى الشيخ ابن باز حول ترشيح الشيخ الألباني ليَقُومَ على تصحيح نسخة «فتح الباري» المُعَدَّةِ للطَّبْعِ.
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد ناصر الدين الألباني إلى فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛
فإنِّي أحْمَدُ إليكُمُ اللهَ الذي لا إله إلا هو، وأسْأَلُهُ أنْ يُدِيمَ عليْنا وعليْكُم نِعَمَهُ ظاهِرَةً وبَاطِنَةً،
أما بعد؛
فقد تلقَّيْتُ منذُ أمَدٍ كتابَكُم الكريمَ المؤرَّخَ في 20 شوال سنة 1378هـ، وقد عَلِمْتُ ما فيه مِنْ عَزْمِكُم على طبْعِ «فتح الباري» طبْعَةً جيِّدَةً، وأشْكرُ لكُم حُسْنَ ظنِّكُم بأخيكم؛ حيْثُ رشَّحْتُمُوني لأقومَ على تصْحيحِ نُسْخَتِه المُعَدَّةِ للطَّبْع، ومقابَلَتِها بالنُّسَخِ المطبوعة، والمخطوطة.
ولكنِّي أرَى أنْ تعْفُونِي مِنَ القيامِ بذلك، وتُكَلِّفُوا به غيْري؛ لا لِشَيْءٍ إلاَّ لِأنِّي أرَى أنَّ الوقتَ الذي يتطلَّبُه هذا العملُ الهامُّ، إذَا صَرَفْتُهُ فيما هو أمَسُّ باخْتِصَاصي ـ من خِدْمَةِ السُّنَّةِ، وتمْييزِ الصَّحِيح من الضَّعِيفِ منها، واسْتِنْبَاط الأحكام، والتفقُّهِ فيها أوْلَى مِنْ ذلك.
ولهذا أقْتَرِحُ عليكم أنْ تَنْظُروا في اقْتِرَاحِنا الآتي:
أنْ تأمُروا بإرْسَالِ المَلْزَمَةِ بعد الانتهاءِ من تصحيحِها، وإعدادِها للطبع؛ لأُلْقِيَ عليها نظرةً سريعةَ؛ لعَلِّي أعْثُرُ على بعض الأخطاء؛ فأُصَحِّحَها، ثم أعلِّقَ على بعْضِ المواطن التي يبْدُو لي ضرورةُ التَّعليق عليها، ويُمْكِنُ حَصْرُ ذلك بالأُسُسِ التَّالية:
1- التنبيه على حديث صحيح ضعَّفَه المؤلِّفُ، أو سكَتَ عنه.
2- التنبيه على حديث ضعيف قوَّاه المؤلِّفُ، أو سَكَتَ عنه.
3- التَّصْرِيحُ بالحَقِّ الموَافِقِ للكتاب والسنَّة في المسائِلِ الَّتي تَعَرَّضَ الشَّارِحُ لها بتفْصيلٍ دُون أنْ يُرَجِّحَ قوْلاً.
4-تَوْضِيحُ بعْضِ الموَاطِنِ التي تحتاجُ إلى إيضاح ـ لا سيَّما ما كان فيها ذا صِلَةٍ بالعقيدة السلفية ـ، وليس ذلك على طريقة الاسْتِقْصَاء والتَّتَبُّعِ؛ فإنَّ هذا يَتَطَلَّبُ فرَاغاً وجهداً كبيراً، وإنَّمَا على قَدْرِ ما يتيَسَّرُ لنا.
وباختصار: نرَى أنَّ إخْرَاجَ الشَّرْحِ بهذه التَّحْقيقَاتِ أنْفَعُ للنَّاس، لا سِيَّماَ وقد بَلَغَني مِنْ مَصْدَرٍ ثِقَةٍ، أنَّ أحَدَ المغَارِبَةِ مِنَ المُحَدِّثِين مِنَ المُتَصَوِّفَةِ، قَدْ أعَدَّ العُدَّةَ لطَبْعِ هذا الكتاب ـ أيضاً ـ، ولا شكَّ أنَّه سيُعَلِّقُ عليه تعليقاً يوجِّهُ فيه القُرَّاءَ إلى ضلالاتِه وبِدَعِهِ، التي مِنْها: حَمْلُهُ الحديثَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَ...» قالوا: وفي نجْدِنَا يا رسول الله؟ قال: «هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ » الحديث... ممَّا يحْمِلُهُ على إخواننا المُوَحِّدِين من أهل نجد، ويُسَمِّيهِم؛ بَلْ يُلَقِّبُهُم بالقَرْنِيين.
وهذا الحديثُ في البخاري ـ كما تعلمون ـ، أفلا ترَوْنَ ضرورةَ التَّعْليقِ عليْهِ، وعلى أمْثَالِه ممَّا يصْرِفُهُ المُبْتَدِعُون عنْ حقيقته، ويسْتَغِلُّونَهُ للردِّ على الموَحِّدِين، وتَأْييدِ إشْرَاك الضَّالين من المسلمين؟
ثُمَّ إنَّنا نغْتَنِمُ هذه المناسبةَ لنُقَدِّمَ إليْكُم بعْضَ الاقتراحَاتِ المتعَلِّقَةِ بطَبْعِ الكتاب، حتَّى يَخْرُجَ أنيقاً مَرْضِيًّا:
1-ذِكْرُ الباب في نصف السطر.
2-ترقيم الكتب والأبواب بأرقام متسلسلة بحيث ينحصر عدد أبواب كل كتاب؛ فإنَّ ذلك ممَّا يُسَاعِدُ على الانتفاعِ من الفهارس الموضوعة للبخاري ككتاب «مفتاح كنوز السنة».
3-إعطاءُ كُلِّ حديثٍ رقماً متسلسلاً إلى آخر الكتاب ـ وبذلك يتَّضِحُ عددُ أحاديثِ البخاري ـ على أن يكون أول السطر.
4-ذكر الباب كعنوان في منتصف الشرح.
5-ذكر الباب في رأس كل صفحة.
6-تشْكيلُ ما يُشْكِلُ من الشَّرْحِ.
7-إصدارُ كُلِّ مجلَّدٍ على عِدَّة أجزاءٍ، كما فعلوا أخيراً بلسان العرب، والطبقات الكبرى؛ تيسيراً على الرَّاغبين في شراء الكتاب أنْ يَشْتَروه.
8-تغْليفُ كُلِّ جُزْءٍ بغلاف ملوَّنٍ منْقُوشٍ، على نمط «اللسان» و«الطبقات».
هذا ممَّا يحْسُنُ لنا ذِكْرُه، ونسألُ اللهَ تعالى أنْ يُوفِّقَكُم لطبْعِ الكتاب على غايةٍ من الصِّحَةِ والكمال، واللهُ تبارك وتعالى يتولَّى جزاءَكُم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعلى مَنْ كان عندكُم من الشيوخ والأساتذة والإخوان.
أخوكم/محمد ناصر الدين الألباني
دمشق 28/11/1378هـ