بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
أما بعد فقد وقفت على مقال عنوانه الفوائد الفرائد في حكم شراء واستعمال الجرائد
ووجدت فيه العجب العجاب من التأصيل العلمي الفريد والإجتهاد الفرعي البعيد فذكرت قول صاحبه في أحد مقالاته .... أغذوا وأروح وأصول ، وأقصّر وأجتهد في الفروع والأصول ...فهالني الخبط العشواء والمستوى الهزيل والقياس مع الفارق الشديد في مسألة لا يجهلها حتى العوام... فأنى لهذا أن يجتهد في الفروع وكيف به لو إجتهد في الأصول؟؟
. فأردت أن لا أؤخر البيان عن وقت الحاجة فأقول مستعينا بالله العظيم
قال الكاتب ...ولبيان وتوضيح الحكم الشرعي أذكر العلل التي من أجلها ينبغي أن ترفع وتحترم ويحافظ عليها ومن ثم يُبنى عليها ذلكم الحكم ،لأن القاعدة تقول : الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما ، وإليكموها باختصار
ما تحمله من الصور: لا تخلوا جريدة من الجرائد من صور بني آدم، وهذه الصور توضع للتعريف بأصحابها، أو للإشهار بها؛ أو بما عندها، وفيها صور لأناس كبراء وعلماء فضلاء ، ومفكرين نجباء ، من مبدعين وباحثين ومجتهدين عقلاء ،كل حسب اختصاصه، ولقد كرم الله سبحانه وتعالى بني آدم على غيره من المخلوقات قال سبحانه :{{ ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ..}} وذلك التكريم يشمل بني آدم كلهم، بغض النظر عن ألوانهم وأجناسهم ودياناتهم، وتكريمهم بالعقل الذي يميزون به بين الحق والباطل, ومن تكريمهم أيضا خلقهم في أحسن صورة, وفي أحسن تقويم فتبارك الله أحسن الخالقين.
وهذا فيه إقرار الجرائد على التصوير الفوتغرافي والتصوير بالرسم وغيره مما يظهر على تلك الجرائد
وقد دلت الأحاديث الصريحة على تحريم تصوير كل ذي روح ودلت على أن ذلك من كبائر الذنوب المتوعد عليها بالنار وأن فاعل التصوير وهو المصور ملعون بلعنة الله تعالى من سابع سماء ودلت أيضا على تحريم أي تصوير بأي وسيلة كانت والعبرة هنا بالنتائج والمسببات أي النظر إلى الصور ذاتها لا إلى الوسائل والأسباب في إيجادها فإنها تختلف بإختلاف الأزمان والأمكان ولذلك جائت النصوص مطلقة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأتي عنه حرف واحد في تحديد وتعين وسيلة دون أخرى بل أطلق الوصف فدل على عموم الوسائل فدخل التصوير النحتي والتصوير الفوتغرافي والرسم والتصوير بالألات الحديثة دون أستثناء شيئا منها وسواء كانت من ذوات الظل أو من غير ذوات الظل
وإنما نهت الشريعة عن تصوير ذوات الارواح لأن ذلك مفضي إلى تعظيمها والغلو فيها وربما جر ذلك إلى عبادتها ولسيما إذا كانت هاته الصور لمن يحبه الناس ويعظمونهم سواء تعظيم علم وديانة أو تعظيم سلطان ورياسة أو غيرهم فمثل هؤلاء يكون تعليق صورهم في المجالس من أعظم وسائل الشرك وعبادة الأوثان فعن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : « إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن حبان والبيهقي
ومنها أن فيها مضاهاة لخلق الله تعالى وتشبيه فعل المخلوق بفعل الخالق سبحانه فامأما إن قصد محاكاة خلق الله تعالى فإنه يكفر بهذا الفعل فعن أبي هـريرة رضـي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة" متفق عليه وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله"، ولهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم"، ولهما عنه مرفوعاً: "من صور صورة في الدنيا كُلِّف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ"، وفي صحيح البخاري عن أبي جحيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَعَن المصورين".
ومنها أن فيها تشيبه للمشركين الذين كانو يصنعون الصور ويضعونها في معابدهم تقديسا وتعظيما لها ومعلوم أن من مقاصد الشريعة قطع دابر المشابهة للكفار والمشركين فيما كان في عبادتهم وعادتهم
ومنها أن الصور مانعة لدخول الملائكة للبيت لأن جبريل إمتنع من دخول بيت النبي عليه الصلاة والسلاممن أجل الستر الذي فيه التصاوير ومن المعلوم عند كل عاقل أن الصور التي في الستر ليست مجسمة
وغيرها من العلل التي حرم التصوير لأجلها
وكلام العلماء في المسألة مشهور وإختصارا أحيل على فتوى للشيخ عبد الرحمان البراك في رده على من يستمسك بفتوى للشيخ العثيمين في الباب وكذا رسالة للشيخ حمود التويجري تحريم التصوير والرد على من أباحه فهي نافعة في بابها وكان مما قاله فيها... فإنه لم يأتي في الشريعة المطهرة إباحة التصوير البتة بل فيها تحريمه بإطلاق والتشديد فيه ولعن فاعليه والوعيد عليه بالنار
ثم قال الكاتب
لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم>>: إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه, ولا تقل قبح الله وجهك ووجه من شبه وجهك, فإن الله تعالى خلق آدم على صورته<< الصحيحة [862] ومن هنا أوجه نداء للعقلاء من المسلمين أن لا يرموا هذه الجرائد في المزابل وعلى الأرض حتى لا يداس مافيها من الآيات والأحاديث والصور بالأقدام , ولا يستعملوها في أغراض دنيئة،كالاستنجاء بها , و الجلوس عليها , وإزالة الأوساخ بها , وعليهم أن يكرموها تكريما لما كرمه الله تعالى , وتشريفا لما شرفه الله ورفع قدره إذ جعله خليفته في الأرض , فكل واحد منا لا يحب أن تداس صورته بالأقدام , ولا يحب أن ترمى هكذا على الأرض , وكذلك صورة أبيه, وأمه, ولو رأى أحدا من الناس يفعل بصورته أو صورة أحد أقاربه وأحبابه ذلك لغضب عليه غضبا شديدا ولا انتهره بقوة ، فلذلك يقال له لا تفعل بصورة غيرك ما لا ترضاه أن يفعل بصورتك ، وأحب للناس ما تحب لنفسك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم>>: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه<< أخرجه البخاري و مسلم .
وهذا الذي كتب بالأحمر يدل دلالة قاطعة على أن الكاتب يقر الجرائد على التصوير وعلى هذا قاس الصورة الفوتغرافية بالوجه الحقيقي في وجوب التعظيم واستدل بالحديث *إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه, ولا تقل قبح الله وجهك ووجه من شبه وجهك, فإن الله تعالى خلق آدم على صورته
ويقال له أثبت العرش ثم أنقش
وهذا القياس فساده يغني عن إفساده
فهل لمثل من قاس هذا القياس يجتهد في الأصول والفروع
هزلت فالله المستعان
كتبه أبو ماريا محمد مريمي الجزائري في22
شوال 1433