تفريغ محاضرة الشيخ محمد هادي المدخلي في منزل الشيخ ربيع (حفظهما الله) في 13 رمضان/1431هـ

[ناصر أبو عبد]

تفريغ محاضرة الشيخ محمد هادي المدخلي في منزل الشيخ ربيع (حفظهما الله) في 13 رمضان/1431هـ

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان الى يوم الدين اما بعد فهذا الشهر شهر القران شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، قال بعض اهل العلم ان الصوم شرعه الله لحكمة لحكمة تعود على الانسان الا وهي حكمة التقوى لعلكم تتقون قالت طائفة اخرى انما شرع الصوم في هذا الشهر تعظيما له لكونه شهر القران (شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) فمن شهد منكم الشهر فليصمه الاية فعظم من اجل هذه النعمة التي هي نعمة انزال هذا الكتاب ولا شك ان لهذا القول وجاهة فان اعظم النعم على الاطلاق هي انزال هذا الكتاب الذي احيا الله به القلوب واخرج به هذه الامة من الظلمات الى النور فاصبحت امة عظيمة لها شان بعد ان لم تكن شيئا مذكورا في جانب الامم فعزت به بعد ذلة وقويت به بعد ضعف واغتنت به بعد فقر وظهرت به بعد اندثار فعلا شانها فلله الحمد والمنة فانزال هذا الكتاب هي اعظم نعمة على الاطلاق اذ حياة القلوب به (وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وانك لتهدي الى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الارض الا الى الله تصير الامور) فسماه الله تبارك وتعالى روحا لانه هو الحياة فمن لم يحيى بالايمان والقران فحياته ليست بحياة حقيقية وانما الحياة الصحيحة هي حياة اهل القران على ما جاء به القران وبالتدبر والترتيل فاتلوا كتاب الله لا سيما في حندس الظلم حكم براهينه واعمل بموجبه حلا وحظرا وما قد حده اقم فهذه الحياة الحقيقية ان يقوم الناس بكتاب الله تبارك وتعالى وان هذا الشهر الذي اختصه الله جل وعلا من بين الشهور فانزل فيه هذا الكتاب هو شهر القران ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدارس فيه القران مع جبريل عليه الصلاة والسلام كل سنة مرة حتى كان العام الذي قبض فيه صلوات الله وسلامه عليه فاتاه جبريل فدارسه القران مرتين ومن هنا اخذ اهل العلم او بعض اهل العلم مشروعية تكرار الختم وقراءة القران في هذا الشهر فان النبي صلى الله عليه وسلم في اخر حياته عارض جبريل مرتين لهذا الكتاب فينبغي للانسان ان يهتم بالقران في هذا الشهر واذا لم يهتم به في هذا الشهر فمتى عسى ان يكون ذلك ان هذا الشهر تنشط فيه النفوس وتنبعث فيه القوى وتقوى العزائم وتخف عن الانسان المثبطات والمعوقات او تقل او تنعدم فينشط لطاعة الله تبارك وتعالى فكثير من الناس يحرص على ان يفرغ نفسه وربنا جل وعلا قد اعاننا على عدونا فحبسه عنا في هذا الشهر العظيم والشهوة التي تطغي الانسان قد ضعفت فكل هذه الامور كلها معينة ومساعدة للانسان على ان يقبل على طاعة ربه تبارك وتعالى وهذا الكتاب تلاوته فيها اجر عظيم والناس فيه على اقسام كما جاء ذلك في حديث ابي موسى رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثل المؤمن الذي يقرا القران ويعمل بما فيه كمثل الاترجة رحيها طيب وطعمها حلو ومثل المؤمن الذي لا يقرا القران كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرا القران كمثل الريحانة ريحها طيب وطعهما مر ومثل المنافق الذي لا يقرا القران كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعهما مر فالناس معشر الاخوان حيال هذا القران على اربعة اصناف اعلاها هو الصنف الاول وهو الذي طاب ظاهرا وباطنا مخبرا ومظهرا وهو المؤمن الذي عمر قلبه بايمانه بربه واستقام على اوامر الله جل وعلا ظاهرا فالتوحيد والاخلاص لله تبارك وتعالى من الشرك هذا قد عمر قلبه لا يؤمن بشيء من هذه المعبودات في هذه الدنيا بل يكفر بها ولا يعرف الا الها واحدا هو الذي خلقه سبحانه وتعالى فيخلص له العبادة فلا يؤمن الا به ولا يتوكل الا عليه ولا يذبح الا له ولا ينذر الا له ولا يقسم الا به ولا يرهب الا اياه ولا يخشاه الا هو سبحانه وتعالى الى غير ذلك من انواع العبادة فقلبه قد عمر بالتوحيد وظهر على جوارحه الانقياد فعمل بهذا القران فطاب مخبرا ومظهرا فاما طيبه في المخبر فهو شبيه بجوف الاترجة اذ طعمها في الداخل حلو والاترجة شبيهة بالليمون الكبير الاصفر لكنها كبيرة الحجم ورائحتها شذية وهي مكونة من ثلاث طبقات القشر الاصفر او الاصفر مع الاخضر ثم الطبقة الثانية وهي الطبقة البيضاء اشبه ما تكون بالفلين وهذه حلوة ايضا وهي اكثر شيء فيها والطبقة الثالثة هي ما جاء في بطن هذا اللب من حبيبات وبذور وحبيباتها طعمة جدا وحلوة جدا فهي مزة والى الحلى اقرب ومع هذا الباطن انك لو مررت بمكان فيه اترج يباع لشممت رائحته الزكية على بعد قبل ان تقترب منه فهكذا حال المؤمن طاب مظهرا وطاب مظهرا فباطنه معمور بالايمان وهو حلو ولهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم باطن المؤمن بالحلاوة وهذه الحلاوة لا يعرفها الا من ذاقها حقيقة فانها اذا تمكنت من القلب لا يعدل بها ذلك القلب شيئا وقد جاء في حديث هرقل الذي تعرفون حينما سال ابا سفيان قال ايرتد احد منهم سخطة لدينه يعني من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قال كذلك الايمان اذا خالطت بشاشته القلوب فهكذا الايمان اذا خالطت حلاوته القلوب وذاقته القلوب لم تعدل به شيئا وطاب مظهرا ايضا باستقامته على الاعمال الصالحة التي يراها الناس منه فرؤيتهم لاعماله الصالحة هي بمثابة شمهم للرائحة الطيبة من الاترجة فهذا هو المؤمن نسال الله جل وعلا ان يجعلنا واياكم من هؤلاء والثاني هو المؤمن الذي لا يقرا القران وهذا اخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالذي يشبهه وهو التمرة فقال كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو يعني ان الرائحة الطيبة الفاثة هذه التي تصل الى حواس الشم فيشمها الناس على بعد ليست موجودة عند هذا الانسان فلا يرون منه من ذلك شيئا ولكن باطنه عامرة بالايمان ومحبة الرحمان جل وعلا فحلاوة التوحيد والايمان في قلبه وفاته الخصلة الثانية وهو على خير والطبقة الثالثة من الناس من اهل النفاق عياذا بالله من ذلك وهم الذين يقرؤن القران ولا يعملون بما فيه فهؤلاء ايمانهم باللسان اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بان مثلهم مثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر فالريح هنا النفاث في الريحان يشمه الناس على بعد هذا هو الذي يقابله بالمنافق قرائته للقران حيث ان الناس يسمعون قرائته وربما اعجبوا بحسن تلاوته واتقانه للقراءة لكن الداخل خواء خال من الايمان فالمخبر لا يوافق المظهر طاب مظهرا وخبث مخبرا فباطنه مر وذلك لانه لم يعمل بهذا القران ولم يلتزم بما جاء فيه ولم يطبق حدوده اوامره ونواهيه فهذا هو حال المنافق عياذا بالله من ذلك ولهذا من قال ان الايمان مجرد النطق باللسان فقوله من اخبث الاقوال اذ على هذا القول وهو قول الكرامية عليهم من الله ما يستحقون اذ بهذا القول يكون اهل النفاق مؤمنين وهذا قول باطل مصادم لصريح النصوص المتواترة المتظافرة من كتاب الله تبارك وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل الدين هو اعتقاد بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح والاركان يزداد بطاعة الرحمان وينقص بالعصيان واهله فيه متفاضلون ظلوم وسباق ومقتصد باذن الله تبارك وتعالى قال شيخ شيوخنا في نظمه والدين قول بالقلب واللسان واعمال بقلبه واركان معتمد يزداد بالذكر والطاعات ثم له بالذنب والغفلة النقصان مضطرد واهله فيه مفضول وفاضله منهم ظلوم وسباق ومقتصد وهاك ما سال الروح الامين رسول الله عن شرحه والصحب قد شهدوا فكان ذاك جواب الدين اجمعه فافهمه عقد الصفى ما شابهه عقد ، ما فيه تعقيدات هؤلاء المتنطعين المتكلمين الذين بعدوا عن طريق الحق والهدى فاوقعوا الناس في الظلال والردى عياذا بالله من ذلك فهذا الحديث حديث اصناف الناس بالقران من اعظم ما يرد به ايضا على هؤلاء فان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن هذا الصنف من الناس انهم قد طابوا مظهرا ولكن في الباطن الخبث وهو المرارة وذلك لان الايمان لم يلج الى قلوبهم فقال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ومثل المنافق الذي يقرا القران يعني ولا يؤمن بما فيه والصنف الرابع وهو اخبث هذه الانواع وهو المنافق الذي لا يقرا القران فهذا نسال الله العافية والسلامة لم يطب مظهرا ولا مخبرا شبهه النبي صلى الله عليه وسلم بالحنظلة التي هي الحدق او المرار باطنه مر ولا ريح لها فالباطن خواء لا ايمان فيه بهذا الكتاب ولا تصديق فيه لهذا النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر لا رائحة له فلا رائحة محبوبة ولا مذاق محبوب وانما خبث في الباطن وخبث في الظاهر وبعد هذا الحديث لينظر المسلم اين يضع نفسه من هذا الكتاب هل يرضى لها ان تكون مع المنافقين اظن ان كل عاقل يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويحب النجاة لنفسه سيقول لا لا اشك في ذلك واذا كان كذلك فالواجب علينا جميعا ان نقبل على هذا القران وان نتدبره وان نتامله ولنعلم ان هذا القران ياتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فالصوم والقران ياتيان يوم القيامة يحاجان عن العبد فيقول الصيام يا رب لقد حرمته طعامه وشرابه فشفعني فيه ويقول القران حرمته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان فهذا الكتاب هو الكتب الذي من قام يقراه كانما خاطب الرحمان بالكلم كيف لا وهو كلام الرحمان تبارك وتعالى ثم القران كلام الله ليس كما قال الذين على الالحاد قد مردوا جعد وجهم وبشر ثم شيعتهم الا فبعدا لهم بعدا وقد بعدوا تكلم الله رب العالمين به قولا وانزله وحيا به الرشد نتلوه نسمعه نراه نكتبه خطا ونحفظه بالقلب نعتقد وكل افعالنا مخلوقة وكذا الاتن الرب والاقلام والمدد وليس مخلوقا القران حيث تلي او خط فهو كلام الله مسترد والواقفون فشر نحلة وكذا لفظية ساء ما راموا وما قصدوا ، فاعتقاد اهل السنة والجماعة ان هذا القران كلانم الله تبارك وتعالى تكلم الله به حقيقة فسمعه جبريل عليه الصلاة والسلام ثم نزل به على رسولنا صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، الحمد لله الذي انزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر به باسا شديدا من لدنه الاية ، وقرانا فرقانه لتقراه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا الاية ، فهذه الايات وغيرها كثير كلها دالة على ان القران كلام الله منزل انزله الله جل وعلا لحياة الناس تحيا به قلوبهم وتصح بعد ان كانت مريضة غارقة في ظلمات الشرك والجهل والظلام وكما قلنا في اول الكلام ما هي الا سنوات يسيرة فرفعهم الله بهذا الكتاب فهو كلام الله جل وعلا المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ليس بمخلوق ولامقترى وليس هو حكاية ولا عبارة عن حكاية زعموا القران حكاية وعبارة قلنا كما زعموه قرانان وليس هو تخيلات كما يقول ابن سينا الزنديق وامثاله واتى ابن سينا القرمطي مصانعا للمسلمين بافك ذي بهتان فراه فيضا فاض من عقل هو الفعال علة هذه الاكوان حتى تلقاه زكي فاضل حسن التخيل جيد التبيان فاتى به للعالمين خطابة ومواعظا عليت عن البرهان ولا ابن سينا وفارا به قدوتنا ولا الذي لفصوص الشر يستند مؤسس الزيغ والالحاد حيث يرى كل الخلائق بالباري قد اتحدوا فالشاهد هو كلام الله المعجز المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم تعبدنا الله بتلاوته واقام الحجة علينا بانزاله على خاتم انبيائه ورسله صلوات الله وسلامه عليهم فيجب علينا ان نعتني به في هذا الشهر خاصة وان نحاول ختمه واعلى ما نصل اليه ثلاث : فانه لا يفقهه من قراه في قلب ثلاث لان المطلوب القراءة مع التدبر والتامل والتفهم فلو كان لك في كل يوم عشرة اجزاء مع التفرغ فطيب وان لم تستطع فبسبع وان لم تستطع فبعشر وان لم تستطع فلا اقل من ان لا يخرج هذا الشهر وقد ختمته يا عبد الله والنبي صلى الله عليه وسلم كما نعلم في الحديث الصحيح يقول: اقرأوا القران فان لكم بكل حرف تقرأونه حسنة والحسنة بعشر امثالها لا اقول الم حرف ولكن الف حرف ولام حرف وميم حرف فالف لام ميم فيه ثلاثون حسنة ومضاعفتها عند الله لا يعلم كم فكيف بقراءة اية فكيف بالسورة فكيف بالقران كله فينبغي لنا ان نجتهد في الختم لهذا القران في هذا الشهر مع التامل والتدبر لاياته وان هذا المجلس الذي تعودتموه وتعودتم القراءة فيه وسماع تفسير ما يقرأ او بعض ما يقرأ من شيخنا جزاه الله خيرا لمن اعظم ما يغتبط فيه ويتسابق اليه نسال الله سبحانه وتعالى باسمائه الحسنى وصفاته العلا ان يجعلنا واياكم من اهل القران وان ينفعنا واياكم بهذا القران وان يفقهنا وايكم في هذا القران وان يرزقنا واياكم تلاوته اناء الليل واطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا كما نساله سبحانه وتعالى ان يجعله شاهدا لنا لا شاهدا علينا وان يجعلنا ممن يقيم حروفه وحدوده ويعمل بمحكمه ويؤمن بمتشابهه انه ولي ذلك والقادر عليه واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان
كلمة الشيخ ربيع (حفظه الله) : جزى الله الشيخ محمد خيرا وبارك الله فيه ونفعنا الله واياكم بما سمعناه منه انه قريب سميع الدعاء ونقرا القران بارك الله فيكم .

منقول من :http://noor-elislam.net//vb/showthread.php?p=22323#post22323

[ابو حسان الاثري المغربي]

جزاك الله خيرا

[أبو الغريب السلفي]

جزاك الله خيرا وبارك الله في شيخنا محمد المدخلي