موقف أعلام السنة بمصر من أهل البدع والأهواء

[أبو عاصم محمد المصري]

موقف أعلام أنصار السنة المحمدية
من أهل البدع والأهواء
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آل بيته وصحبه ومن والاه
ثم أمابعد
فإن أنصار السنة المحمدية منذ نشأتها حرص علمائها الكبار علي أن لايكونوا ممن يتخبطون بين الجهل والهوي ,بل حرصوا من اللحظة الأولي أن يطبقوا منهج أهل السنة الجماعة قول وفعل ,عقيدة ومنهاجا ,وواجهوا في سبيل ذلك الصعاب والأهوال ,فلم يتهاونوا ولم يضعفوا ,بل ثبتوا علي نهجهم ,وجعلوا ذلك شعارهم.
ولقد نبتت نابتة تدعي الانتساب إليهم ,والتسمي بهم ,وفي حقيقة الأمر أنهم قد خالفوا نهجهم,وما ساروا علي دربهم.
فإلي من انخدع بهم ,إليك بيان ببعض مواقف أسلافهم ,لتعرف حقيقة أمرهم.
يقول العلامة عبدالرحمن الوكيل –رحمه الله -:
إن الواجب علينا أن نبين - في صدق وحق - حقيقة كل امرئ دعته غاياته الدنيئة إلىٰ أن ينتسب يومًا إلىٰ الإسلام ليبدو - وهو الذئب - حملًا وديعًا...
ما يجوز لنا أن يعز علينا الأشخاص ويهون الإسلام.
إن الإسلام مظلوم ممن يدعون أنهم أهله؛ وقد آن له أن يناقش ظالميه الحساب. ([1])
وإن من خلال هذه السطور نقدم نماذج عملية قام بها هؤلاء الأعلام في تطبيق منهجأهل السنة والجماعة في التعامل مع أهل البدع والأهواء.

1- العلامة محمد حامد الفقي – رحمه الله -:
1- يقول والدنا الشيخ حسن عبد الوهاب البنا.
ولقد حدثنا بعض الإخوة من الموثوق بهم: تم لقاء بين حسن البنا ؟
- ومعه بعض قادة الإخوان في مقر جماعة أنصار السنة المحمدية (10 حارة الدمالشة بعابدين) - وبين فضيلة الشيخ محمد حامد الفقي ؟ - رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية - ومعه بعض إخوانه، وعرض عليه حسن البنا أمر التعاون في الدعوة، فسأله الشيخ حامد الفقي إلىٰ أي شيء ندعو؟ قال حسن البنا: إلىٰ الإسلام بعامة.
فقال الشيخ حامد: نبدأ أولًا نؤسس علىٰ التوحيد - عقيدة أهل السنة والجماعة -.
فرد عليه حسن البنا معترضًا: إذن ينفض عنا الناس.
وأصر كل منهما علىٰ موقفه؛ ثم تقابلا أكثر من مرة ولم يتفقا، واستقل كل منهما بأسلوبه الذي دأب عليه([2]).
ومِنَ الذين سمعت منهم فحوىٰ هذا اللقاء شقيقي الشيخ محمد، والأستاذ أحمد الغريب.
2-ويقول الشيخ عبد العزيز عاشور عن والده:
إن الشيخ محمد حامد الفقي التقىٰ حسن البنا مع جمع من أئمة المعطلة فقال له: «أنت حاطب ليل»([3]).
وقال لأئمة المعطلة: «لا تقولوا: إنكم تعبدون الله. فمعبودكم لا صفات له.
والله له أسماء وصفات ثابتة في الكتاب والسنة»([4]).
وقال لي الشيخ فتحي عثمان - مؤرخ أنصار السنة -: سمعت من أحد قدامىٰ أنصار السنة وهو الحاج محمود عبد العزيز أن الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله وجه نصيحة يومًا للأستاذ حسن البنا قائلًا: يا حسن انتقي إخوانك، ولا تكن كحاطب الليل يجمع الحبل مع الحية.
فقال الأستاذ البنا: أنا أجمعهم ثم أعرفهم.
فقال له الشيخ الفقي: إذا كثروا عليك يغلبوك.





2- العلامة أحمد شاكر –رحمه الله -:
يقول:«حركة الشيخ حسن البنا وإخوانه المسلمين، الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلىٰ دعوة إجرامية هدامة، ينفق عليه الشيوعيون واليهود، كما نعلم ذلك علم اليقين»([5]).

3- العلامة عبدالرزاق عفيفي –رحمه الله - :
ونقده لكثير من كتابات المخالفين لمنهج أهل السنة والجماعة,وأضرب في ذلك مثال عملي يرويه ولده محمود:
فقدزارهم شيخ الأزهر السابق عبدالحليم محمود في المنزل,ولم يجالسه الشيخ عبدالرزاق –رحمه الله – وترك ولده محمود يقدم له واجب الضيافة وانصرف.
وقد كتب –رحمه الله - في تقرير رفع لجامعة أم القري عن علي جريشة بأنه إخواني عنده غلو في حسن البنا.

4- العلامة عبدالرحمن الوكيل –رحمه الله -:
فقد سبق له أن وجه نقد لرؤس البدع في عصره,صوفية وأشعرية وإخوان مسلمين وغيرهم,ولقدبين رحمه الله منهجه في ذلك فيقول:
«إنني أسمي الأشياء بأسمائها، وأعبر عن المعنىٰ بالكلمة الدقيقة التي تدل عليه، فهل علينا من معتبة إذا قلنا عن الباطل: إنه باطل؟
أو يا ترىٰ يُراد مني أن أدهن في القول، وأداري فيما أكتب عن خطر يلم بديني وعروبتي ووطني، فأقول عن الشر: إنه ابتسامة الخير، وعن غيهب الليل المركوم: إنه وضاءة الصبح الجميل، أو أقول كما اعتاد المخادعون: إنه ليل، ومن الليل ما هو جميل؟! كلا، فمثل هذه المداهنات نفاق يغتال القلب، نفاق يجتاح العقيدة، نفاق يجرد الدعوة من كل سلاح وقوة، وهي أيضًا ازدراء، واستخفاف بالعقول وبالقيم، وعدوان منكر علىٰ الحق، والتواءٌ بالبحث عن منهج الصدق والصواب والاستقامة، وجَبَانة قد يرتضيها من مُرنوا عليها، أو اعتادوا أن يقولوا القول، وهم يتخيلون أن يدًا خفية ستمتد إليهم بشيء ما! ولكن هذه الجبانة لا يرتضيها الحق الذي يوجب الله علينا أن نتعصب له عن بصيرة، وأن نجرد أنفسنا من الرغبة في رضا الناس الذين يودون طمس معالم الحق»([6]).
وبعد فهذه قطوف ونزر يسير ذكرت بإختصار من سير أعلام الدعوةبمصر ,فهم السلف لنا,وما لنا إلا نقتفي آثارهم ونلزم غرزهم عسانا أن نلحق بهم.
ومن خالفهم فليس منهم ,حتي وإن انتسب لهم ورفع شعارهم,فالعبرة بالفعال لاالأقوال.

وإن التاريخ كما سطر لهؤلاءالأعلام مواقفهم النقية ,سيذكر لغيرهم مواقفهم المخزية,ودليل المحبة الإتباع و ليس الإدعاء.

اللهم ها قدبلغت ...اللهم فأشهد
وكتبه:
محمد بن عوض بن محمد بن عبد الغني المصري



([1])مقالة المعز ونسبه –مجلة الهدي النبوي).

([2]) من كتاب الإخوان المسلمون؛ للشيخ علي الوصيفي وفقه الله صـ( 53).

([3]) حاطب الليل هو الذي يجمع الحطب بالليل في الظلام، فلا يتحقق مما يجمع، فربما جمع مع حطبه ثعبانًا وهو لا يدري.
ومعناه: أنه لا يفرق بين الغث والسمين، ولا الغالي والرخيص.

([4]) المصدر السابق صـ(38).

([5]) تقرير عن شؤون القضاء صـ(48).

([6]) كتابه: البهائية، ص (39).