التعليق على كتابة لمتعالم متأثر بمنهج الخوارج
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فقد اطلعت على كتابة عجيبة وغريبة مبنية على الكذب والجهل لشخص يقال له "همام العواضي" سأذكر نصها ونقضها:
قال هداه الله: "أنكر العلماء تفرق الناس في الصلاة وإغلاق المساجد أيام كرونا فقالوا ( خوارج)،
أنكر العلماء إطفاء مكبرات الصوت في المساجد في الصلاة فقالوا (خوارج)،
أنكر العلماء الأغاني الصاخبة والحفلات الإختلاطية الماجنة،واستقبال فساق وشذاذ الآفاق فقالوا (خوارج)، أنكر العلماء تطبيع علاقات مع اليهود والنصارى فقالوا (خوارج)، أنكر العلماء بناء معابد في جزيرة العرب فقالوا (خوارج)، أنكر العلماء إعتلاء أخو اليهود والنصارى-كما قال بلسانه-إعتلاء منبر عرفة فقالوا (خواااااارج)، وهلّم جرا
بينما المجال مفتوح لنقد أي دولة أخرى وسلخ رئيسها ليل نهار".
والرد على أباطيله وانحرافاته من وجوه:
الوجه الأول: قوله: "أنكر العلماء تفرق الناس في الصلاة وإغلاق المساجد أيام كرونا فقالوا ( خوارج)"
باطل من جهات:
أولا: العلماء السلفيون في مشارق الأرض ومغاربها-إلا ما ندر- أجازوا الصلاة بالتباعد، وكذلك الصلاة بالبيوت أثناء جائحة كورونا عملا بالأدلة والقواعد الشرعية، ولم يجعلوا تلك المسألة سببا للشقاق ومنازعة السلطان ولم يخرجوا بسلاح ولم يحرضوا عليه، بل اعتمد الحكام المسلمون على أحكام العلماء في تنفيذ هذا الأمر حفاظا على المسلمين.
ثانيا: بعض العلماء لم يجز الصلاة بالتباعد وقت الجائحة، وأنكر إغلاق المساجد لكنه لم يؤلب على السلطان، ولم يجعل ذلك سببا للفتنة، وهؤلاء لم يصفهم أحد بأنهم خوارج.
ثالثا: قام بعض السفهاء والأوباش من رؤوس الخوارج مثل حاكم المطيري بالتحريض على السلاطين المسلمين، واتهامهم بأن هذه الأمور الاضطرارية لمحاربة الإسلام، وهذا الذي تكلم عليه العلماء وبينوا أن هؤلاء خوارج كذبة فجرة.
كذلك من صار يحرض الناس على المنازعة وعمل القلاقل والفتن في المساجد والتشكيك في العلماء والتشكيك في الجائحة ولوازمها كل هؤلاء حصل عندهم شيء من عمل الخوارج..
--------------
الوجه الثاني: قال هداه الله: "أنكر العلماء إطفاء مكبرات الصوت في المساجد في الصلاة فقالوا (خوارج)".
الرد على كذبه من جهات:
أولا: العلماء لم ينكروا إطفاء مكبرات الصوت في المساجد لأنهم يعلمون أن نقل الصلاة بالمكبرات ليس واجبا ولا سنة، وإنما هو مباح، والسلطان له منع هذا المباح لمصلحة يراها، فبعض العلماء الأكابر رأى أن المصلحة في عدم نقل الصلاة بالمكبرات.
ثانيا: قد كان بعض العلماء كالشيخ ابن باز رأى أن عدم نقل الصلاة بالمكبرات أفضل ثم تغير رأيه فرأى أن الأفضل النقل بالمكبرات، لكنه لم ينازع السلطان، ولم يخالفه، بل كاتبه والسلطان عمل بتوصيته في حياته رحمه الله.
ثالثاً: لا أعلم أحدا وصف عالما سلفيا بأنه من الخوارج لكونه طالب بنقل الصلاة بالمكبرات، بل هذا من كذب هذا الكاتب واختلاقه.
--------------------
الوجه الثالث: قال هذا الجاهل: "أنكر العلماء الأغاني الصاخبة والحفلات الإختلاطية الماجنة،واستقبال فساق وشذاذ الآفاق فقالوا (خوارج)".
الرد على كذبه من جهات:
أولا: ما زال العلماء ينكرون الأغاني المحرمة صاخبة وغير صاخبة، وحرموا الحفلات الاختلاطية، وأنكروا استقبال الفاسقين والفاسقات ولا نعلم أحدا قال عنهم إنهم خوارج سوى هذا الكاتب الكاذب قبحه الله..
ثانيا: بعض الخوارج استغل وجود هذه المنكرات لتكفير ولاة الأمر، وسبهم والتشهير بهم مما هو معلوم من عقيدة الخوارج، وهذا لا يخالف فيه إلا منافق مغموص في دينه.
ثالثاً: السلفي يكون فطنا، فقيها في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ولا يكون حمارا لأهل البدع يمتطونه ويسخرونه لنشر بدعهم وضلالهم وخروجهم..
-------------
الوجه الرابع: وقال: "أنكر العلماء تطبيع علاقات مع اليهود والنصارى فقالوا (خوارج)".
الرد على تضليله من جهات:
أولا: العلماء لا يستخدمون كلمة تطبيع بل يفصلون، ويبينون قضية الصلح مع اليهود والنصارى والمشركين، ويبينون الحكم الشرعي، بخلاف الخوارج والدواعش وإخوان الشياطين فيستخدمون الألفاظ المجملة لتمرير باطلهم ونشر ضلالهم..
فلا يوجد عالم سلفي أنكر ما يسمى بالتطبيع حسب الشريعة الإسلامية.
ثانيا: الذين يستخدمون ما يسمى بالتطبيع كالنسيء يحلونه عاما ويحرمونه عاما هم الخوارج والإخونج، فأحلوا تطبيع (تركيا وقطر وفلسطين) وحرموا تطبيع (الإمارات والبحرين) في تلاعب واضح لا ينطلي على السلفيين وإنما ينطلي على الأغبياء ومن تأثر بالخوارج كهمام العواضي هذا الجاهل المتعالم.
ثالثا: من أنكر الصلح مع اليهود لاعتبارات شرعية لا يقال عنه خارجي، وإنما الخارجي تقال لمن يشكك في أحكام الشريعة الإسلامية، ويستخدم القضية للتلاعب، ولخدمة المبتدعة وأهل لضلال، ومن يستغل هذه القضية للكذب على حكام المسلمين..
--------------
الوجه الخامس: قال الجاهل: "أنكر العلماء بناء معابد في جزيرة العرب فقالوا (خوارج)".
الرد على كذبه من جهات:
أولا: علماء السنة متفقون على تحريم بناء معابد وثنية في جزيرة العرب قاطبة، ومتفقون على إنكار هذا المنكر، ولم أسمع أن أحدا من العلماء وصف نفسه ولا إخوانه بأنهم خوارج لكونهم أنكروا المنكر الظاهر بأنه منكر ..
فكف عن الكذب والتلاعب والمكر..
ثانيا: بعض عملاء الخوارج يستغلون قضية بناء المعابد الوثنية كقضية النسيء يحلونه عاما ويحرمونه عاما، كما فعلوا متلاعبين بقضية ما يسمى بالتطبيع، مع الفرق الشاسع بين القضيتين، لكن هكذا طريقة المبتدعة وهو التلاعب بالقضايا الشرعية لتحقيق أهدافهم الشيطانية، التي لا يريدون من ورائها نصرة حق ولا إبطال باطل..
فلما تبني تركيا وقطر المعابد الوثنية يرون ذلك من الحكمة وحسن السياسة، ولما تفعل الإمارات والبحرين نفس ما تفعله قطر وتركيا يصبح الأمر حراما، مع أنه حرام شرعا على تركيا وقطر والإمارات والبحرين وغيرها، فالحكم الشرعي واحد في القضية، داخل جزيرة العرب وخارجها.
ثالثا: فالذي يوصف بأنه خارجي هو من يستغل ذلك الأمر لنصرة الخوارج والدواعش، ويتلاعب الأحكام الشرعية، ويستغلها لتكفير الحكام المسلمين أو التشهير بهم والقدح في ولايتهم.
---------------
الوجه السادس: وقال هداه الله: "أنكر العلماء إعتلاء أخو اليهود والنصارى-كما قال بلسانه-إعتلاء منبر عرفة فقالوا (خواااااارج)، وهلّم جرا".
الرد على كذبه من جهات:
أولا: لا أعلم عالما واحدا أنكر اعتلاء العيسى منبر عرفة، وإنما الذي أنكر حقيقة هم رؤوس الخوارج وإخوان الشياطين وكتبوا في ذلك بيانات وتشكيكات وتكفيرات، وقضيتهم سياسية محضة، فهم في منهجهم يدعون إلى أخوة اليهود والنصارى ووحدة الأديان، وعندهم مؤتمرات ظاهرة في ذلك، ورؤوس الإخوان يؤيدون الديمقراطية وحرية الأديان كما هو ظاهر ومعلوم..
فإنكارهم ليس لأمر ديني، بل لأمر سياسي دنيوي محض..
وقد اغتر بهم بعض المغفلين من السلفيين وانساقوا وراء عبث الإخونج، وظنوا بالخوارج خيرا!!
ثانيا: العلماء كلهم أنكروا الصيحات الشيطانية التي أصدرها الخوارج ومن تأثر بهم التي كفروا فيها خطيب عرفة، أو أبطلوا الصلاة خلفه، لكونهم يصححون الصلاة خلف أردوغان الذي يصرح بأنه علماني، ويدعو إلى حرية الأدين، ومن كبار المطبعين مع اليهود، فكيف يصححون صلاته ولا يصححون صلاة العيسى؟
هذا تناقض وتلاعب واتجار بالدين..
ثالثا: السعودية مستهدفة من قبل الكفار وعملائهم من الإخونج والخوارج والدواعش، وللأسف انضم لهذه الحملة المسعورة بعض المنتسبين للسلفية جهلا منهم وغرورا..
فالواجب أن لا تكون عونا للكفار وعملائهم على المسلمين..
------------------------
الوجه السابع: قال الجاهل: "بينما المجال مفتوح لنقد أي دولة أخرى وسلخ رئيسها ليل نهار".
الرد على هذا الباطل من جهات:
أولا: زعم أو ظن أن تحريم الإنكار العلني على السلطان خاص بالسعودية كذب وزور، ومخالف لمنهج السلف، فالسلفيون متفقون على السمع والطاعة بالمعروف لولاة أمورهم في جميع الدول الإسلامية، وعلى تحريم الخروج وشق عصا الطاعة، والذي عليه الأكابر أن كل دولة للحاكم المسلم بيعة في عنق رعيته.
ثانيا: قضية كلام السلطان المسلم ورعيته في سلطان مسلم آخر الأصل فيه التحريم، وحفظ العرض، وعدم جواز الكلام بدون موجب شرعي لحفظ البيضة والولاية من اعتداء سلطان آخر على بلادنا وسلطاننا.
فليس في الموضوع إباحة الكلام والنقد ليلا ونهارا ولا صباحا ومساء، بل هي قضية لها ضوابطها الشرعية مبنية على النصوص وعلى قواعد الشرع وفعل السلف وإجماعهم بدون نزاع نعلمه بينهم..
فلما يأتي سفيه متخلف يصف حاكما مسلما بالخروج على حاكم دولة أخرى (لكون هذا الحاكم) يتآمر مع اليهود والنصارى ضد ولايته ودولته، وأن هذا الحاكم لا يجوز له التحذير من حاكم متآمر على ولايته تحت دعوى أن النصيحة تكون سرا، وأنه لا يجوز له الكلام في حاكم آخر فهذا جهل بالشرع، وخلاف للفطرة السوية، ودليل على السفه والجنون والخيانة للدين ولولي أمره..
ثالثا: متى رأيت سلفيا يطعن في سلطان مسلم لا يتآمر على بلاده، ولا يسعى للفساد فيها؟
فهل رأيت السلفيين يطعنون في حاكم الكويت أو مصر أو حاكم السودان الحالي أو حاكم اليمن الحالي أو غيرها من الدول التي لا يتآمر حكامها ولا أجهزتها الحكومية على غيرها من الدول؟
وإنما يتكلم السلفيون أو بعضهم في بعض من شغله الشاغل التآمر على بلاد المسلمين، وزعزعة أمنها، والعمل على قلب أنظمة الحكم، وعمل المظاهرات والقلاقل..
ولو أنكر فإنما ينكر المنكر دون سب ولا تشهير ..
فهذا الخلط والتلاعب الذي يقوم به همام العواضي ومن على شاكلته يندرج تحت الدفاع عن الإخونجية والقطبية والسرورية والخوارج، وتصديقهم للشائعات المغرضة..
فأنصحه بالتوبة إلى الله، وترك الضلال الذي هو عليه، وأن يسلك المنهج السلفي، وأن يبتعد عن الفتن ظاهرها وباطنها..
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
كتبه:
د. أسامة بن عطايا العتيبي
15/ 12/ 1443هـ