منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام > منبر الردود السلفية والمساجلات العلمية

آخر المشاركات خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          [محاضرة] وقفات مع حادثة الإفك الجديدة | الشيخ عبد الله بن مرعي بن بريك (الكاتـب : أبو عبد الله الأثري - )           »          شرح كتاب (فتح القريب المجيب في شرح ألفاظ التقريب) وكتاب (عمدة السالك وعدة الناسك) في الفقه الشافعي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          التنبيه على خيانة الصعافقة الهابطين في نشرهم مقطعا صوتيا للشيخ محمد بن هادي بعنوان كاذب! (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-10-2013, 06:53 PM
أبو عمر عبد الباسط المشهداني أبو عمر عبد الباسط المشهداني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 21
شكراً: 0
تم شكره 5 مرة في 5 مشاركة
افتراضي دعوة الحلبيين للثناء على الفلاسفة والمنطقيين رد على من طعن بالشيخ ربيع بحجة عدم إنصاف الفلاسفة الملحدين

دعوة الحلبيين للثناء على الفلاسفة والمنطقيين
رد
على من طعن بالشيخ ربيع بحجة عدم إنصاف الفلاسفة الملحدين

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد:
فإن الثبات على السنة أمر في غاية الأهمية لمن عرف قدر السنة وخاف لقاء الله تعالى, فلذلك ترى العلماء الربانيين أكثر الناس خوفا من تقلب القلوب.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}.(سورة فصلت, آية 30).
ولذلك كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم هو قوله: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)) (أخرجه الترمذي، برقم 2140).
قال الشيخ صالح آل الشيخ –حفظه الله-: ((فالعبد أعظم المطالب التي يحرص عليها أن يسلم له دينه ، والله -جل وعلا- قد يبتلي العبد بخلل في دينه ، وشبهات تطرأ عليه لتفريطه في بعض ما يجب أن يُحفظ اللهُ -جل وعلا- فيه ؛ فلهذا العبد إذا حصل له إخلال في الدين ، فإنه قد أخل بحفظ الله -جل وعلا- ، وقد يعاقب بأن يُجعل غافلا ، وقد يُعاقب بحرمانه البصيرة في العلم ، وقد يُعاقب بأن تأتيه الشبهة ولا يحسن كيف يتعامل معها ، ولا كيف يردها, وقد يُعاقب بأنه تأتيه الشبهة فتتمكن منه)) (شرح الأربعين النووية).
لكن أهل البدع والضلال لا يقدرون هذا الأمر قدره بل تراهم يتخبطون في شبهات أهل الضلال فتراهم يتنقلون من بدعة إلى بدعة أخرى أعظم من الأولى وذلك بسبب إعراضهم عن السنة وأهلها وإقبالهم على البدعة والتأثر بأهلها.
ومما رأيته مقالا لأحد الحلبيين في موقعهم الكل والذي بعنوان: ((الكواسح المغيرة والروامح العتيدة : على أغلاط ربيع في مقالته (محمد عبدالستار يمجد أرسطو...)).
ففي هذا المقال بين الكاتب حقيقة منهج الحلبيين ودعوتهم إلى فكر المناطقة والفلاسفة والدفاع عن أرسطو معتمدين في ذلك على بعض الشبهات من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية كما سيأتي بيانها وإيضاحها في هذا المقال إن شاء الله.
وهذا المقال يبين حقيقة ما عليه الحلبيون من المنهج الباطل والفكر المنحرف منذ نعومة أظفارهم, لأن مما يتربى عليه السلفيون أنهم يعلمون حقيقة المضادة بين علم المنطق وعلم الكتاب والسنة, وأن علم الكلام من شر العلوم التي تضر بالدين ولا تنفع في الدنيا وأنه لا ينفع الذكي ولا يضر الغبي كما قرره علمائنا.
وهذه الأمور تؤيد كلام شيخنا ووالدنا الشيخ ربيع في الحلبيين من أنهم شر أهل البدع في هذا الزمان وأنهم أكثر من ناصر أهل البدع في حربهم على السنة وأهلها, وأنهم يؤيدون وينشرون عقيدة الجهمية, ولا زالوا يظهرون البدع الواحدة تلو الأخرى وأن ما سودوه في كلامهم هذا ليظهر حقيقة ما هم عليه من العقيدة والمنهج المخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة.
وسأقف مع الكاتب عدة وقفات لبيان جهله وضلاله وبعده عن منهج أهل السنة والجماعة وبيان تأثره بفكر الفلاسفة والمنطقيين, فأقول وبالله أستعين:


الوقفة الأولى: قرر الكاتب أمرا خطيرا للغاية ألا وهو: الثناء على الكفار بما عندهم من علوم وأخلاق, فيريد الكاتب من ذلك أن يعمم منهج الموازنات البدعي على الكفار أيضا, فالظاهر أن أهل التمييع لم يكتفوا بتطبيقه مع أهل البدع والضلال فاحتاجوا إلى تطبيقه مع أهل الكفر والإنحلال.
ولذلك قال الكاتب: ((أن الشيخ ربيعا المدخلي لم يقرأ هذا الكتاب ، وإلا لوجد فيه - وغيره أكثر - مايخالف قواعده التجريحة في التعامل مع البدع والضالات وأصحابها مما سيجعله ينقم علىابن تيمية - كما سيأتي في طعنه فيه من لفظه ! - ، وسيعلم أن ابن تيمية مدح أرسطو فيجانب معين من علومه بالمقابلة لكلامه في الإلهيات الذي خلط فيه !.)).
وقال أيضا: ((فإذا عرفت - رعاك الله - هذا النوع من العلوم التي اعتنى بها أرسطو طاليس؛ فاعلمأن مجمل كلام هذا الفيلسوف من الحق فيها ، فقد انهمك في دراستها وتتبع متعلقاتهاوكثر كلامه فيها أكثر من غيرها من التعاليم الفلسفية كالإلهيات ، فكان غلطه فيالإلهيات - مع قلة كلامه فيها - أعظم من خطئه في الطبيعيات .
وهذا من الإنصاف فيحق أرسطو طاليس ، تقلدناه من شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية - رحمه الله - ، فقد جودكلام أرسطو وصوبه في كثير من علوم الطبيعيات)) .
وقال في أحد تعليقاته: ((لم يفرق عبد الله الطرابلسي بين مدح وثناء شيخ الإسلام ابن تيمية - المعين المقيد - على أرسطو طاليس من جهة بعض علومه ، وبين كلام أبي العباس ابن تيمية عن حال هؤلاءعند الله تعالى يوم القيامة)) .
والكاتب جمع في كلامه هذا بين إنحرافه عن المنهج الحق وبين خوضه بالمناهج الباطلة وكذلك طعنه بأئمة الإسلام كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
حيث قرر أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد مدح الفلاسفة كأرسطو وأتباعه بما عندهم من علم وأخلاق وزهد.
وللرد عليه أقول:
أولا: أن شيخ الإسلام لم يُثنِ على الكافرين مطلقا وقد قرر شيخ الإسلام قاعدة عدم مدح الكفار والثناء عليهم في غير ما موطن من كتبه ورسائله.
ومن ذلك قوله -رحمه الله-: ((وأهل السنة والعلم والإيمان يعرفون الحق ويتبعون سنة الرسول ويرحمون الخلق ويعدلون فيهم ويعذرون من إجتهد فى معرفة الحق فعجز عن معرفته وإنما يذمون من ذمه الله ورسوله وهو المفرط فى طلب الحق لتركه الواجب والمعتدي المتبع لهواه بلا علم لفعله المحرم فيذمون من ترك الواجب أو فعل المحرم ولا يعاقبونه إلا بعد إقامة الحجة عليه كما قال تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } لا سيما فى مسائل تنازع فيها العلماء وخفى العلم فيها على اكثر الناس)).( المجموع 27/238).
ولذلك ذكر شيخ الإسلام الوجوه الكثيرة التي يستحق بها الفلاسفة والمنطقيين الذم, فقد وصفهم بالصفات الآتية:
بأنهم من المشركين, وأنهم من الملحدين, وأنهم بعيدون عن الوحي ونور الهداية, وأنهم واقعون في إنكار الرب تعالى وإنكار صفاته, ووصف الله تعالى بأضداد الكمال كوصف الله بالجهل وغير ذلك.
قال ابن تيمية –رحمه الله-: ((الوجه الرابع أن جميع العقلاء الذين خبروا كلام أرسطو وذويه في العلم الإلهي علموا أنهم من أقل الناس نصيبا في معرفة العلم الإلهي وأكثر الناس اضطرابا وضلالا فإن كلامه وكلام ذويه في الحساب والعدد ونحوه من الرياضيات مثل كلام بقية الناس والغلط في ذلك قليل نادر وكلامهم في الطبيعيات دون ذلك غالبه جيد وفيه باطل وأما كلامهم في الإلهيات ففي غاية الاضطراب مع قلته فهو لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقي ولا سمين فينتقل هو قليل كثير الضلال عظيم المشقة يعرفه كل من له نظر صحيح في العلوم الإلهية فكيف يستدل بكلام مثل هؤلاء في العلم الإلهي وحالهم هذه الحال)).( بيان تلبيس الجهمية، ص372).
وقال -رحمه الله-: ((والمقصود هنا أن ابن رشد هذا مع اعتقاده أقوال الفلاسفة الباطنية لا سيما الفلاسفة المشائين أتباع أرسطو صاحب التعاليم الذين لهم التصانيف المعروفة في الفلسفة ومع أن قول ابن رشد هذا في الشرائع من جنس قول ابن سينا وأمثاله من الملاحدة من أنها أمثال مضروبة لتفهيم العامة ما يتخيلونه في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر وأن الحق الصريح الذي يصلح لأهل العلم فإنما هو أقوال هؤلاء الفلاسفة وهذه عند التحقيق منتهاها التعطيل المحض وإثبات وجود مطلق لا حقيقة له في الخارج غير وجود الممكنات وهو الذي انتهى إليه أهل الوحدة القائلون بالحلول والاتحاد كابن سبعين وأمثاله ممن حقق هذه الفلسفة ومشوا على طريقة هؤلاء المتفلسفة الباطنية من متكلم ومتصوف وممن أخذ بما يوافق ذلك من كلام أبي حامد وأمثاله وزعموا أنهم يجمعون بين الشريعة الإلهية والفسلفة اليونانية كما زعم ذلك أصحاب رسائل إخوان الصفا وأمثالهم من هؤلاء الملاحدة)).( درء تعارض العقل والنقل 6/242).
وقال -رحمه الله-: ((وقول أرسطو وابن سينا فلا يمكن أن يقولهما مسلم ولهذا كان ذلك مما كفرهم به الغزالي وغيره فضلا عن أئمة المسلمين كمالك والشافعي وأحمد فإنهم كفروا غلاة القدرية الذين أنكروا علمه بالأفعال الجزئية قبل وجودها فكيف من أنكر علمه بالجزئيات كلها قبل وجودها وبعد وجودها)).(درء التعارض 9/402).
وهذا ليس هو موقف شيخ الإسلام فقط وإنما عليه اتفاق الأئمة ولم يخالف في ذلك إلا من تلوث قلبه وعقله بشبهات المتكلمين كما هو حال الحلبيين.
قال الإمام البغوي -رحمه الله-: ((واتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه)).(شرح السنة 1/216).
وقال -رحمه الله- في المصدر نفسه: ((روى عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، لو كان الكلام علما، لتكلم فيه الصحابة والتابعون، كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدل على باطل)).
وقال -رحمه الله- ايضاً: ((وسئل سفيان الثوري عن الكلام فقال : دع الباطل، أين أنت عن الحق، اتبع السنة، ودع البدعة. وقال: وجدت الأمر الاتباع، وقال: عليكم بما عليه الجمالون والنساء في البيوت، والصبيان في الكتاب من الإقرار والعلم)).
وقال -رحمه الله- كذلك: ((قال الشافعي: حكمي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد، ويحملوا على الإبل، ويطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأخذ في الكلام)).
قال شيخ الإسلام –رحمه الله-: ((فاعلم أن حاصل ما يشتمل عليه علم الكلام من الأدلة التي ينتفع بها فالقرآن والأخبار مشتملة عليه وما خرج عنه فهو إما مجادلة مذمومة وهي من البدع وإما مشاغبات بالتعلق بمناقضات الفرق وتطويل وقت بنقل المقالات التي أكثرها ترهات وهذيانات تزدريها الطباع وتمجها الأسماع وبعضها خوض فيما لا يتعلق بالدين ولم يكن شيء منها مألوفا في العصر الأول فكان الخوض فيه بالكلية من البدع)).( درء تعارض العقل والنقل 7/186).
قال الحافظ ابن عبد البر –رحمه الله-: ((أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ ، ولا يعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء ، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه ، ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم)).(جامع بيان العلم وفضله 2/942).
وقال الإمام البربهاري -رحمه الله-: ((وما كانت قط زندقة ولا بدعة ولا هوى ولا ضلالة إلا من الكلام والجدال والمراء والقياس وهي أبواب البدع والشكوك والزندقة)).( شرح السنة، ص55).
ثانيا: تعلق الكاتب بشبهات لا تُسمن ولا تغني من جوع حيث أنه تعلق ببعض العبارات من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من ذكره لبعض أوصاف الفلاسفة ومعلمهم الأول أرسطو, ومن ذلك ما ذكره شيخ الإسلام من علومهم ومن بعض صفاتهم كالذكاء والفطنة والزهد وغير ذلك.
والظاهر أن الكاتب بعيد كل البعد عن فهم كلام العلماء عموما وكلام شيخ الإسلام خصوصا, ومن باب أولى هو بعيد عن معرفة أصول علم الكتاب والسنة.
ومما يدل على أن شيخ الإسلام لم يرد بذلك مدحهم أو الثناء على علومهم عدة أمور من أهمها:
1-تحذير شيخ الإسلام من علم الكلام والمنطق:
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: ((وأما السلف والأئمة فينكرون صحتها في نفسها، ويعيبونها لاشتمالها على كلام باطل، ولهذا تكلموا في ذم هذا الكلام لأنه باطل في نفسه، لا يوصل إلى الحق، بل إلى باطل، كقول من قال: الكلام الباطل لا يدل إلا على باطل، وقول من قال: لو أوصى بكتب العلم لم يدخل فيها كتب علم الكلام، وقول من قال: من طلب الدين بالكلام تزندق، ونحو ذلك.
ونحن الآن في هذا المقام نذكر ما لا يمكن مسلما أن ينازع فيه، وهو أنا نعلم بالضرورة أن هذه الطريق لم يذكرها الله تعالى في كتابه، ولا أمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا جعل إيمان المتبعين له موقوفا عليها، فلو كان الإيمان بالله لا يحصل إلا بها لكان بيان ذلك من أهم مهمات الدين، بل كان ذلك أصل أصول الدين، لا سيما وكان يكون فيها أصلان عظيمان: إثبات الصانع، وتنزيهه عن صفات الأجسام، كما يجعلون هم ذلك أصل دينهم، فلما لم يكن الأمر كذلك علم أن الإيمان يحصل بدونها، بل إيمان أفضل هذه الأمة وأعلمهم بالله كان حاصلا بدونها)).( درء تعارض العقل والنقل 1/309-310).
وقال أيضا –رحمه الله-: ((فكل كلام هؤلاء النصارى يتضمن تعظيم الفلاسفة وأهل المنطق، وأن من قرأ كتبهم عرف بها من الحق في الإلهيات ما لا يعرفه سائر أهل الملل، وهذا يدل على جهل هؤلاء النصارى بما جاءت به الرسل، وبما يعرف بالعقل المحض.
أما الأول: فلأن المسيح وأتباعه كالحواريين ومن اتبعهم ليس فيهم من عظم هؤلاء الفلاسفة، ولا استعان بهم، ولا التفت إليهم، بل وهم عندهم من أئمة الكفر ورءوس الضلال، وكذلك موسى وأتباعه، وكذلك محمد وأتباعه، فليس في رسل الله وأنبيائه ولا في أتباعهم من يعظمهم ولا يستعين بكلامهم، بل الرسل وأتباعهم متفقون على تضليلهم وتجهيلهم. وأما العقليات: فإنما يعظم كلام هؤلاء الفلاسفة في العلوم الكلية والإلهية من هو من أجهل الناس بالمعارف الإلهية والعلوم الكلية؛ إذ كان كلامهم في ذلك، فيه من الجهل والضلال ما لا يحيط به إلا ذو الجلال، وإنما كان القوم يعرفون ما يعرفونه من الطبيعيات والرياضيات كالهندسة وبعض الهيئة وشيئا من علوم الأخلاق والسياسات المدنية والمنزلية التي هي جزء مما جاءت به الرسل، واليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل أعلم من هؤلاء بالعلوم الإلهية والأخلاق والسياسات، فضلا عما وراء ذلك.
فاعتضاد هؤلاء النصارى بهؤلاء المتفلسفة يدل على عظيم جهلهم بالشرعيات والعقليات، وهذا قد بسط الكلام عليه في مواضع متعددة؛ إذ كان الرد على الفلاسفة لا يختص به النصارى، بل الكلام في ذلك معهم ومع من يعظمهم من أهل الملل عموما)).( الجواب الصحيح 5/34-37).
وقال -رحمه الله- معلقا على قول الرافضي من أن عليا هو أصل علم الكلام ومن خطبه تعلم الناس فعلق قائلا: ((والجواب أن هذا الكلام كذب لا مدح فيه فإن الكلام المخالف للكتاب والسنة باطل وقد نزه الله عليا عنه ولم يكن في الصحابة والتابعين أحد يستدل على حدوث العالم بحدوث الأجسام ويثبت حدوث الأجسام بدليل الأعراض والحركة والسكون والأجسام مستلزمة لذلك لا تنفك عنه وما لا يسبق الحوادث فهو حادث ويبنى ذلك على حوادث لا أول لها بل أول ما ظهر هذا الكلام في الإسلام بعد المائة الأولى من جهة الجعد بن درهم والجهم بن صفوان ثم صار إلى أصحاب عمرو بن عبيد كأبي الهذيل العلاف وأمثاله وعمرو بن عبيد واصل بن عطاء إنما كانا يظهران الكلام في إنفاذ الوعيد وأن النار لا يخرج منها من دخلها وفي التكذيب بالقدر وهذا كله مما نزه الله عنه عليا وليس في الخطب الثابتة عن علي شيء من أصول المعتزلة الخمسة بل كل ذلك إذا نقل عنه فهو كذب عليه)).(منهاج السنة النبوية 8/1).
2- بيان ما اشتمل عليه علم المنطق من الضلال:
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: ((وهؤلاء موهوا على السالكين: التوحيد - الذي أنزل الله تعالى به الكتب وبعث به الرسل - بالاتحاد الذي سموه توحيدا وحقيقته تعطيل الصانع وجحود الخالق. وإنما كنت قديما ممن يحسن الظن بابن عربي ويعظمه: لما رأيت في كتبه من الفوائد مثل كلامه في كثير من " الفتوحات " " والكنة " " والمحكم المربوط " " والدرة الفاخرة " " ومطالع النجوم " ونحو ذلك. ولم نكن بعد اطلعنا حقيقة مقصوده ولم نطالع الفصوص ونحوه وكنا نجتمع مع إخواننا في الله نطلب الحق ونتبعه ونكشف حقيقة الطريق فلما تبين الأمر عرفنا نحن ما يجب علينا)).( المجموع 2/ 464-465).
وقال أيضا -رحمه الله-: ((و" المتفلسفة " أسوأ حالا من اليهود والنصارى فإنهم جمعوا بين جهل هؤلاء وضلالهم وبين فجور هؤلاء وظلمهم فصار فيهم من الجهل والظلم ما ليس في اليهود ولا النصارى حيث جعلوا السعادة في مجرد أن يعلموا الحقائق حتى يصير الإنسان عالما معقولا مطابقا للعالم الموجود ثم لم ينالوا من معرفة الله وأسمائه وصفاته وملائكته وكتبه ورسله وخلقه وأمره إلا شيئا نزرا قليلا فكان جهلهم أعظم من علمهم، وضلالهم أكبر من هداهم وكانوا مترددين بين الجهل البسيط والجهل المركب؛ فإن كلامهم في الطبيعات والرياضيات لا يفيد كمال النفس وصلاحها وإنما يحصل ذلك بالعلم الإلهي وكلامهم فيه: لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل)).( المجموع 7/586-587).
ووصف المناطقة أتباع أرسطو بالملاحدة فقال –رحمه الله-: ((وأما قدم الأفلاك ودوامها فهو قول طائفة قليلة كأرسطو وأتباعه وقد نقل أرباب المقالات أنه أول من قال بقدم ذلك من الفلاسفة وأن الفلاسفة المتقدمين كانوا على خلاف قوله في ذلك وقول أرسطو هذا وأتباعه هو من أقوال الملاحدة المخالفين للرسل فإن الأقوال التي تخالف ما علم من نصوص الأنبياء هي من أقوال الملاحدة ومن عارض نصوص الأنبياء بعقله كان من الملاحدة)).( المجموع 9/179).
ووصفهم بالمشركين فقال –رحمه الله-: ((وابن سينا ذكر هذه الشفاعة جريا على منهاج سلفه المشركين الصابئين أهل مقدونية كالإسكندر فيلبس المقدوني ووزيره أرسطو ونحوهم من المشركين الذين كانوا يؤمنون بالجبت والطاغوت و كانوا أهل شرك و سحر كما هو متواتر عنهم معروف من أخبارهم)).(تلخيص كتاب الاستغاثة 1/156).
وذكر أن أرسطو ينكر أن الله هو الخالق والعالم فقال –رحمه الله-: ((وقال أيضا: وكونه مبدأ للعالم هو مما اتفق عليه الأمم من الأولين والآخرين ووافقهم على ذلك أئمة أتباع المشائين كابن سينا وأمثاله وأما أرسطو فليس في كلامه إلا أنه علة غائية بمعنى أن الفلك يتحرك للتشبه به ليس فيه أنه مبدع العالم, وهذا وإن كان في غاية الجهل والكفر فكلامه في علمه مبني على هذا وإبطال كلامه في العلم ممكن مع تقدير هذا الأصل الفاسد أيضا من وجوه فإن حقيقة قول أرسطو وأتباعه إن الرب ليس بخالق ولا عالم.(درء تعارض العقل والنقل 9/415).
وبين أن أرسطو ينكر علم الله وأن الله لو كان لا يعلم أفضل في حقه من أن يعلم فقال -رحمه الله-: ((ومعلم هؤلاء أرسطو زعم أنه سبحانه أن لا يعلم ولا يبصر أفضل في حقه من أن يعلم ويبصر وهؤلاء الذين خالفوا معلمهم واستقبحوا له هذا القول وأثبتوا له علما بذاته جعلوا حالة من يعلم ومن لا يعلم ومن يبصر ومن لا يبصر سواء لم يثبتوا له أمرا حال الرؤية والعلم يمتاز به عن حاله إذا لم ير ولم يعلم فذاك فضل الجاهل الأعمى على العالم المبصر وهؤلاء يلزمهم التسوية بينهما)).( درء التعارض10/90).
3- أن علم المنطق لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به الغبي.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: ((فإني كنت دائما أعلم أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد)).( الرد على المنطقيين صفحة 3).
وقال أيضا: ((أما كتب المنطق فتلك لا تشتمل على علم يؤمر به شرعا)).( المجموع 9/269).
4- نقد شيخ الإسلام ابن تيمية لمن درس علم المنطق.
عاب شيخ الإسلام على ابن عقيل -رحمه الله- دخوله في علم المنطق فقال: ((و لابن عقيل أنواع من الكلام فإنه كان من أذكياء العالم كثير الفكر والنظر في كلام الناس فتارة يسلك مسلك نفاة الصفات الخبرية وينكر على من يسميها صفات ويقول : إنما هي إضافات موافقة للمعتزلة كما فعله في كتابه ذم التشبيه وإثبات التنزيه وغيره من كتبه واتبعه على ذلك أبو الفرج بن الجوزي في كتابه كف التشبيه بكف التنزيه في كتابه منهاج الوصول وتارة يثبت الصفات الخبرية ويرد على النفاة والمعتزلة بأنواع من الأدلة الواضحات وتارة يوجب التأويل كما فعله في الواضح وغيره وتارة يحرم التأويل ويذمه وينهي عنه كم فعله في كتاب الأنتصار لأصحاب الحديث فيوجد في كلامه من الكلام الحسن البليغ ما هو معظم مشكور ومن الكلام المخالف للسنة والحق ما هو مذموم مدحور)).( درء تعارض العقل والنقل 4/133).
وقال ابن رجب -رحمه الله-: ((أن أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد، وابن التبان شيخي المعتزلة. وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة، وتأول لبعض الصفات، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الله)).( ذيل طبقات الحنابلة 1/322).
وذكر الذهبي -رحمه الله- قول ابن عقيل وعلق عليه:((ثم قال: وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علما نافعا.
قلت: كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة، ويأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجسر على تأويل النصوص -نسأل الله السلامة-)).(سير أعلام النبلاء 19/ 447).
فهل يمكن بعد ذلك لقائل أن يقول بأن شيخ الإسلام يمدح ويثني على الفلاسفة والمنطقيين كارسطو ومن تبعه من الملحدين.
ثالثا: أن الكاتب لا يفرق بين ذكر العلوم وبين اعتبارها والثناء عليها, فشيخ الإسلام يذكر ما عند الفلاسفة من علوم دنيوية لا تنفعهم ومع ذلك يبين ما حصل لهم من خذلان وانحراف وإلحاد في الأمور الدينية, فلا يمكن اعتبار ما لهم من معارف دنيوية مدحا وثناء إلا لمن لم يعرف حقيقة العلم وأهله.
وما يدل على ذلك عدة أمور من أهمها:
1- أن ما عندهم من العلم أو الصفات فإنما هي دنيوية لا تنفعهم عند الله تعالى, بل هم أعرضوا عن الله تعالى وعن وحيه بسبب انشغالهم بعلومهم الدنيوية.
قال تعال: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}( سورة الروم, آية رقم 7).
فجمع الله تعالى بين ما عندهم من العلم الدنيوي وبين غفلتهم عن الآخرة, فهل يمكن أن يكون هذا ثناء من الله تعالى عن هؤلاء الغافلين عن الله وعن اليوم الآخر.
قال العلامة السعدي –رحمه الله- واقفون مفسرا لهذه الآية: ((وهؤلاء الذين لا يعلمون أي: لا يعلمون بواطن الأشياء وعواقبها. وإنما { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فينظرون إلى الأسباب ويجزمون بوقوع الأمر الذي في رأيهم انعقدت أسباب وجوده ويتيقنون عدم الأمر الذي لم يشاهدوا له من الأسباب المقتضية لوجوده شيئا، فهم واقفون مع الأسباب غير ناظرين إلى مسببها المتصرف فيها.
{ وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } قد توجهت قلوبهم وأهواؤهم وإراداتهم إلى الدنيا وشهواتها وحطامها فعملت لها وسعت وأقبلت بها وأدبرت وغفلت عن الآخرة، فلا الجنة تشتاق إليها ولا النار تخافها وتخشاها ولا المقام بين يدي اللّه ولقائه يروعها ويزعجها وهذا علامة الشقاء وعنوان الغفلة عن الآخرة.
ومن العجب أن هذا القسم من الناس قد بلغت بكثير منهم الفطنة والذكاء في ظاهر الدنيا إلى أمر يحير العقول ويدهش الألباب.
وأظهروا من العجائب الذرية والكهربائية والمراكب البرية والبحرية والهوائية ما فاقوا به وبرزوا وأعجبوا بعقولهم ورأوا غيرهم عاجزا عما أقدرهم اللّه عليه، فنظروا إليهم بعين الاحتقار والازدراء وهم مع ذلك أبلد الناس في أمر دينهم وأشدهم غفلة عن آخرتهم وأقلهم معرفة بالعواقب، قد رآهم أهل البصائر النافذة في جهلهم يتخبطون وفي ضلالهم يعمهون وفي باطلهم يترددون نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون.
ثم نظروا إلى ما أعطاهم اللّه وأقدرهم عليه من الأفكار الدقيقة في الدنيا وظاهرها وما حرموا من العقل العالي فعرفوا أن الأمر للّه والحكم له في عباده وإن هو إلا توفيقه وخذلانه فخافوا ربهم وسألوه أن يتم لهم ما وهبهم من نور العقول والإيمان حتى يصلوا إليه، ويحلوا بساحته وهذه الأمور لو قارنها الإيمان وبنيت عليه لأثمرت الرُّقِيَّ العالي والحياة الطيبة، ولكنها لما بني كثير منها على الإلحاد لم تثمر إلا هبوط الأخلاق وأسباب الفناء والتدمير)).(تيسير الكريم الرحمن، ص637).
ولذلك فإن الصفات التي أعطوها الفلاسفة من الفطنة والذكاء ثم لم ينتفعوا بها كانت وبالا عليهم واستحقوا بذلك أشد العقوبة.
قال ابن تيمية –رحمه الله-: ((وبكل حال فالعبد مفتقر إلى الله في أن يهديه ويلهمه رشده وإذا حصل له علم بدليل عقلي فهو مفتقر إلى الله في أن يحدث في قلبه تصور مقدمات ذلك الدليل ويجمعها في قلبه ثم يحدث العلم الذي حصل بها.
وقد يكون الرجل من أذكياء الناس وأحدهم نظرا ويعميه عن أظهر الأشياء وقد يكون من أبلد الناس وأضعفهم نظرا ويهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه فلا حول ولا قوة إلا به فمن اتكل على نظره واستدلاله أو عقله ومعرفته خذل)).( درء تعارض العقل والنقل4/382).
وقال ابن القيم –رحمه الله-: ((هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (1/ 229)
(الصابئة والفلاسفة) : وأما زنادقة الصابئة وملاحدة الفلاسفة، فلا يؤمنون بالله ولا ملائكته ولا كتبه ولا رسله ولا لقائه، ولا يؤمنون بمبدأ ولا معاد، وليس للعالم عندهم رب فعال بالاختيار لما يريد، قادر على كل شيء، عالم بكل شيء، آمر ناه مرسل الرسل، ومنزل الكتب، ومثيب المحسن، ومعاقب المسيء، وليس عند نظائرهم إلا تسعة أفلاك، وعشرة عقول، وأربعة أركان، وسلسلة ترتبت فيها الموجودات هي بسلسلة المجانين أشبه منها بمجوزات العقول.
(دين الحنيفية) : وبالجملة فدين الحنيفية الذي لا دين لله غيره بين هذه الأديان الباطلة التي لا دين في الأرض غيرها - أخفى من السها تحت السحاب، وقد نظر الله إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، فأطلع الله شمس الرسالة في حنادس تلك الظلم سراجا منيرا، وأنعم الله بها على أهل الأرض نعمة لا يستطيعون لها شكرا، وأشرقت الأرض بنور ربها أكمل الإشراق، وفاض ذلك حتى عم النواحي والآفاق، وانشق القمر أتم الانشقاق، وقام دين الله الحنيف على ساق، فلله الحمد الذي أنقذنا بمحمد صلى الله عليه وسلم من تلك الظلمات، وفتح لنا به باب الهدى فلا يغلق إلى يوم الميقات، وأرانا في نوره أهل الضلال وهم في ضلالهم يتخبطون، وفي سكرتهم يعمهون، وفي جهالتهم يتقلبون، وفي ريبهم يترددون، يؤمنون ويعدلون ولكن بربهم يعدلون، ويعملون ولكن ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ويسجدون ولكن للصليب، والوثن والشمس يسجدون، ويمكرون وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون، {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}، {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}.
والحمد لله الذي أغنانا بشريعته التي تدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة، وتتضمن الأمر بالعدل والإحسان، والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، فله المنة والفضل على ما أنعم به علينا وآثرنا به على سائر الأمم)).( هداية الحيارى1/229-230).
وقال أيضا –رحمه الله-: ((من حرم هذا وهذا وهم الموصوفون بقوله: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}، وبقوله: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا}، وبقوله: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}، وقوله: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}، وهذا الصنف شر البرية يضيقون الديار ويغلون الاسعار وعند انفسهم انهم يعلمون ولكن ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ويعلمون ولكن ما يضرهم ولا ينفعهم وينطقون ولكن عن الهوى ينطقون ويتكلمون ولكن بالجهل يتكلمون ويؤمنون ولكن بالجبت والطاغوت ويعبدون ولكن يعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويجادلون ولكن بالباطل ليدحضوا به الحق ويتفكرون ويبيتون ولكن مالا يرضى من القول يبيتون ويدعون ولكن مع الله الها آخر يدعون ويذكرون ولكن إذا ذكروا لا يذكرون ويصلون ولكنهم من المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤن ويمنعون الماعون ويحكمون ولكن حكم الجاهلية يبغون ويكتبون ولكن يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت ايديهم وويل لهم مما يكسبون ويقولون إنما نحن مصلحون ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، فهذا الضرب ناس بالصورة وشياطين بالحقيقة وجلهم إذا فكرت فهم حمير او كلاب او ذئاب)).(مفتاح دار السعادة1/114).
2- ان هذه العلوم والصفات الدنيوية كانت سببا لهلاكهم في الآخرة.
قال ابن القيم –رحمه الله-: ((وهذه الآفة قد هلك بها أمم لا يحصيهم إلا الله رأوا الفلاسفة قد برزوا في العلوم الرياضية والطبية واستنبطوا بعقولهم وجودة قرائحهم وصحة أفكارهم ما عجز أكثر الناس عن تعلمه فضلا عن استنباطه فقالوا للعلوم الإلهية والمعارف الربانية أسوة بذلك فحالهم فيها مع الناس كحالهم في هذه العلوم سواء فلا إله إلا الله كم أهلكت هذه البلية من أمة وكم ضربت من دار وكم أزالت من نعمة وجلبت من نقمة وجرأت كثيرا من النفوس على تكذيب الرسل واستجهالهم وما عرف أصحاب هذه الشبهة أن الله سبحانه قد يعطي أجهل الناس به وبأسمائه وصفاته وشرعه من الحذق في العلوم الرياضية والصنايع العجيبة ما تعجز عنه عقول أعلم الناس به ومعارفهم وقد قال النبي أنتم أعلم بدنياكم وصدق صلوات الله وسلامه عليه فإن العلوم الرياضية والهندسية وعلم الأرتماطيقي والموسيقى والجغرافيا وإيرن وهو علم جر الأثقال ووزن المياه وحفر الأنهار وعمارة الحصون وعلم الفلاحة وعلم الحميات وأجناسها ومعرفة الأبوال وألوانها وصفائها وكدرها وما يدل عليه وعلم الشعر وبحوره وعلله وزحافه وعلم الفنيطة ونحو ذلك من العلوم هم أعلم بها وأحذق فيها.
وأما العلم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتفاصيل ذلك فإلى الرسل قال الله تعالى: {وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}، قال بعض السلف يبلغ من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقر الدرهم بظفره فيعلم وزنه ولا علم له بشيء من دينه وقال تعالى في علوم هؤلاء واغترارهم بها : {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون})).( الصواعق المرسلة 2/477).
3- أن علوم الفلاسفة والمنطقيين كانت سببا للإعراض عن الوحي وبسببها انتشرت البدع وضل الناس عن صراط المستقيم, ودمرت البلاد بسبب آثارها.
قال ابن تيمية –رحمه الله-: ((ولهذا كان رءوسهم المتقدمون والمتأخرون يأمرون بالشرك . فالأولون يسمون الكواكب الآلهة الصغرى ويعبدونها بأصناف العبادات . كذلك كانوا في ملة الإسلام لا ينهون عن الشرك ويوجبون التوحيد ؛ بل يسوغون الشرك أو يأمرون به أو لا يوجبون التوحيد.
وقد رأيت من مصنفاتهم في عبادة الكواكب والملائكة وعبادة الأنفس المفارقة - أنفس الأنبياء وغيرهم - ما هو أصل الشرك. وهم إذا ادعوا التوحيد فإنما توحيدهم بالقول ؛ لا بالعبادة والعمل. والتوحيد الذي جاءت به الرسل لا بد فيه من التوحيد بإخلاص الدين لله . وعبادته وحده لا شريك له. وهذا شيء لا يعرفونه. والتوحيد الذي يدعونه: إنما هو تعطيل حقائق الأسماء والصفات وفيه من الكفر والضلال ما هو من أعظم أسباب الإشراك...)).
ثم بين شيخ الإسلام عقيدتهم تجاه الإيمان بالله وبرسله واليوم الآخر, ثم ذكر ضررهم قائلا:
((...وقد أضلوا بشبهاتهم من المنتسبين إلى الملل من لا يحصي عدده إلا الله . فإذا كان ما به تحصل السعادة والنجاة من الشقاوة ليس عندهم أصلا كان ما يأمرون به من الأخلاق والأعمال والسياسات كما قال الله تعالى : { يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون }.
وأما ما يذكرونه من العلوم النظرية : فالصواب منها منفعته في الدنيا . وأما " العلم الإلهي " فليس عندهم منه ما تحصل به النجاة والسعادة بل وغالب ما عندهم منه ليس بمتيقن معلوم بل قد صرح أساطين الفلسفة : أن العلوم الإلهية لا سبيل فيها إلى اليقين وإنما يتكلم فيها بالأحرى والأخلق؛ فليس معهم فيها إلا الظن { وإن الظن لا يغني من الحق شيئا })).(المجموع 9/34-36).
وقال ابن القيم –رحمه الله-: ((كما هي عادته سبحانه وسنته في عباده إذا أعرضوا عن الوحى وتعوضوا عنه بكلام الملاحدة والمعطلة من الفلاسفة وغيرهم كما سلط النصارى على بلاد المغرب لما ظهرت فيها الفلسفة والمنطق واشتغلوا بها فاستولت النصارى على أكثر بلادهم وأصاروهم رعية لهم وكذلك لما ظهر ذلك ببلاد المشرق سلط عليهم عساكر التتار فأبادوا أكثر البلاد الشرقية واستولوا عليها وكذلك في أواخر المائة الثالثة وأول الرابعة لما اشتغل أهل العراق بالفلسفة وعلوم أهل الإلحاد سلط عليهم القرامطة الباطنية فكسروا عسكر الخليفة عدة مرات واستولوا على الحاج واستعرضوهم قتلا وأسرا واشتدت شوكتهم واتهم بموافقتهم في الباطن كثير من الأعيان من الوزراء والكتاب والأدباء وغيرهم واستولى أهل دعوتهم على بلاد المغرب واستقرت دار مملكتهم بمصر وبنيت في أيامهم القاهرة واستولوا على الشام والحجاز واليمن والمغرب وخطب لهم على منبر بغداد)).(إغاثة اللهفان 2/270-271).
الوقفة الثانية: دلس الكاتب وحرف كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وذلك في موضعين وهما:
الأول: قول فهير: ((أن غالب صناعة أرسطو في العلوم الطبيعية - ولا يكاد يشتغل بالإلهيات - ، وجوده وصوبه في غالب كلامه فيها ، وسبق هذا في النقول الماضية)) .
وقوله أيضا: ((فإن كلامه - كما تقدم - في الإلهيات أسخف شيء يقال ، وليس له فيه كثير كلام ، ولذا قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية مقالته الشهيره : (لحم جمل غث على رأس جبل وعر لاسهل فيرتقى؛ ولا سمين فينتقى(( (.
فهذا فيه تحريف لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى, حيث أن فهيرا يقرر أن أقوى كلام يمكن أن يقال في أرسطو وكلامه في الإلهيات بأن ( ليس له كلام كثير, أو – ولا يكاد أن يشتغل بالإلهيات).
ومما يدل على أن فهير هذا من أهل التحريف والضلال أنه حرَّف كلام شيخ الإسلام وخالف قاعدته التي بنى عليها مقاله ومما يدل على ذلك أمور:
1- أن فهيرا ترك من كلام شيخ الإسلام شيئا كثيرا مما انتقد فيه أرسطو في علم الإلهيات لأنه يبين انحرافه وضلاله, وإليك كلام شيخ الإسلام –رحمه الله-:
قال -رحمه الله-: ((واعلم أنهم في المنطق الإلهي بل والطبيعي غيروا بعض ما ذكره أرسطو لكن ما زادوه في الإلهي خير من كلام أرسطو فاني قد رأيت الكلامين وأرسطو واتباعه في الإلهيات اجهل من اليهود والنصارى بكثير كثير وأما في الطبيعيات فغالب كلامه جيد وأما المنطق فكلامه فيه خير من كلامه في الإلهي)).(الرد على المنطقيين 234).
وقال أيضا: ((وأما الإلهيات فكلام أرسطو وأصحابه فيها قليل جدا ومع قلته فكثير منه بل أكثره خطأ ولكن ابن سينا اخذ ما ذكروه وضم إليه أمورا أخر من أصول المتكلمين واخذ يقول ما ذكره على بعض ألفاظ الشرع ...)).(الرد على المنطقيين 278).
وقال –رحمه الله- : ((يظهر به أن القوم في ظلمات بعضها فوق بعض فكلام سلفهم فيه خطأ كثير وقد حصل في النقل والترجمة ما حصل من الخطأ ويزيده متأخروهم خطأ فصاروا في شر من دين اليهود والنصارى فإن ذاك أصله حق جاء من عند الله ولكن هم بدلوا وغيروا وهؤلاء كان الأصل فاسد وكثر الفساد في الفروع فإن حاصل ما انتهى إليه أرسطو في الإلهيات فيه من الفساد ما لا يسعه هذا الموضع والقوم من أجهل الناس بذلك وفيه من الغلط أكثر مما في الطبيعيات)).( الصفدية 2/259).
وقال –رحمه الله-: ((وبحث أرسطو في كتابه يدل على ذلك وقد بسط الكلام على أرسطو نفسه وأقواله المنقولة عنه في الإلهيات وبين ما فيها من قلة العلم وكثرة الجهل وأنهم من أبعد الناس معرفة برب العالمين, والذي لا ريب فيه أنهم لا يؤمنون بالله ولا بملائكته ولا رسله ولا اليوم الآخر ولا يدينون دين الإسلام الذي بعث الله به جميع الرسل وهو عبادة الله وحده لا شريك له فإن هذا دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد من الأولين والآخرين دينا غيره)).( الصفدية 2/ 300-301).
وقال –رحمه الله-: ((وأما كلامه وكلام أتباعه : كالإسكندر الأفروديسي وبرقلس وثامسطيوس والفاربي وابن سينا والسهروردي المقتول وابن رشد الحفيد وأمثالهم في الإلهيات فما فيه من الخطأ الكثير والتقصير العظيم ظاهر لجمهور عقلاء بني آدم بل في كلامهم من التناقض ما لا يكاد يستقصى)).( درء تعارض العقل والنقل 1/85).
وقال –رحمه الله-: ((ولهذا كانت أقوالهم في الإلهيات من أعظم الأقوال فسادا بخلاف أقوالهم في الطبيعيات ؛ ولهذا كان قولهم أشد فسادا في العقل والدينمن قول ابن سينا وأتباعه)).(المجموع 2/154-155).
فشيخ الإسلام –رحمه الله- مع ما وصف كلام أرسطو بالقلة وصفه أيضا:
((أجهل من اليهود والنصارى بكثير)).
((أكثره خطأ)).
((فإن حاصل ما انتهى إليه أرسطو في الإلهيات فيه من الفساد ما لا يسعه هذا الموضع)).
وبين ما فيها من قلة العلم وكثرة الجهل وأنهم من أبعد الناس معرفة برب العالمين.
((والذي لا ريب فيه أنهم لا يؤمنون بالله ولا بملائكته ولا رسله ولا اليوم الآخر ولا يدينون دين الإسلام)).
((فما فيه من الخطأ الكثير والتقصير العظيم ظاهر لجمهور عقلاء بني آدم بل في كلامهم من التناقض ما لا يكاد يستقصي)).
((ولهذا كانت أقوالهم في الإلهيات من أعظم الأقوال فساداً)).
وكل هذا الكلام من كلام شيخ الإسلام قد تركه فهير ليدلس على القراء ويهون من خطأ أرسطو في الإلهيات مع أنه كان من الملحدين.
2- و مما يدل على تدليسه وتحريفه أن ترك كلام ابن القيم الذي يقرر فيه أن كلام أرسطو
كله خطأ من أوله إلى آخره كما نقلته عنه آنفا.
وكذلك قال ابن القيم –رحمه الله-: ((وقول هؤلاء الملاحدة أصلح من قول معلمهم الأول إرسطو. فإن هؤلاء أثبتوا وجودا واجباً ممكنا، هو معلول له وصادر عنه صدور المعلول عن العلة، وأما إرسطو فلم يثبته إلا من جهة كونه مبدأ عقليا للكثرة، وعلة غائية لحركة الفلك فقط، وصرح بأنه لا يعقل شيئا، ولا يفعل باختياره.
وأما هذا الذى يوجد فى كتب المتأخرين من حكاية مذهبه، فإنما هو من وضع ابن سينا. فإنه قرب مذهب سلفه الملاحدة من دين الإسلام بجهده، وغاية ما أمكنه أن قربه من أقوال الجهمية الغالين فى التجهم، فهم فى غلوهم فى تعطيلهم ونفيهم أشد مذهبا وأصح قولا من هؤلاء)).(إغاثة اللهفان 2/ 261-262).
3- وأن فهيرا قد خالف قاعدته التي ذكرها في أول مقاله المسموم بفكر المناطقة والفلاسفة, من أن الكلام يقيد بالمقابلة فلا يطلق, وهنا أطلق فهيرا الكلام في خطأ أرسطوا في الإلهيات وأنه قليل ودلس على القراء حجم الخطأ والفساد الذي فيه.
مع أن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر قلة الكلام مقابل كلامه في الطبيعيات, ولا يقصد أن كلامه قليل على إطلاقه فليتنبه.
ولو كان كلامه قليلا كما يدعي فهيرا فمن أين جاء الفساد والضلال الكبيرين والذي أخرج لنا أنواعا من البدعة وأصنافا من الضلال من إنكار الله تعالى وصفاته وأسمائه والإلحاد فيهما كما أظهره شيخ الإسلام من كلامهم ورد عليهم.
وأين يذهب فهير بكلام ابن القيم –رحمه الله- حين قال: ((والمقصود: أن الفلاسفة اسم جنس لمن يحب الحكمة ويؤثرها.
وقد صار هذا الاسم فى عرف كثير من الناس مختصا بمن خرج عن ديانات الأنبياء، ولم يذهب إلا إلى ما يقتضيه العقل فى زعمه.
وأخص من ذلك: أنه فى عرف المتأخرين اسم لأتباع إرسْطو، وهم المشاؤون خاصة. وهم الذين هذب ابن سيْنا طريقتهم وبسطها، وقررها، وهى التى يعرفها، بل لا يعرف سواها، المتأخرون من المتكلمين.
وهؤلاء فرقة شاذة من فرق الفلاسفة، ومقالتهم واحدة من مقالات القوم، حتى قيل: إنه ليس فيهم من يقول بقدم الأفلاك غير إرَسْطو وشيعته، فهو أول من عرف أنه قال بقدم هذا العالم. والأساطين قبله كانوا يقولون بحدوثه، وإثبات الصانع، ومباينته للعالم، وأنه فوق العالم وفوق السماوات بذاته كما حكاه عنهم أعلم الناس فى زمانه بمقالاتهم: أبو الوليد بن رشد فى كتابه "مناهج الأدلة")).(إغاثة اللهفان 2/ 257-258).
الثاني: قول فهير فيما نقله عن شيخ الإسلام حيث قال: ((وبين ابن تيمية أن في كتب الفلاسفة كأرسطو - وكان طبيبا - ما لا يضر ، فقال -رحمه الله - في " بيان تلبيس الجهمية " ( 2 / 339 ) : " وفيها من أمور الطب والحساب ما لا يضر)).
وهنا قد دلس أيضا حيث أطلق هو الكلام من أن في كتب الفلاسفة ما لا يضر, وشيخ الإسلام قيد أمور الطب والحساب فقط.
ومع أن فهيرا استدرك أمره وأكمل كلام شيخ الإسلام لكن دلس في المعنى والمضمون وهذا يتضح من خلال جمع كلام شيخ الإسلام ومعرفة مراده على الحقيقة لا على التدليس والتلبيس.
وتمام كلام شيخ الإسلام –رحمه الله- هو: ((ثم إنه لما عربت الكتب اليونانية في حدود المائة الثانية وقبل ذلك وبعد ذلك وأخذها أهل الكلام وتصرفوا فيها من أنواع الباطل في الأمور الإلهية ما ضل به كثير منهم وفيها من أمور الطب والحساب مالا يضر كونه في ذلك وصار الناس فيها أشتاتا: قوم يقبلونها وقوم يحلون ما فيها وقوم يعرضون ما فيها على أصولهم وقواعدهم فيقبلون ما وافق ذلك دون ما خالفه وقوم يعرضونها على ما جاءت به الرسل من الكتاب والحكمة وحصل بسبب تعريبها أنواع من الفساد والاضطراب مضموما إلى ما حصل من التقصير والتفريط في معرفة ما جاءت به الرسل من الكتاب والحكمة)).
فشيخ الإسلام ذكر الفساد والضلال الذي حصل بسبب تعريب كتب الفلاسفة بحيث ضل فيها كثير من الناس, ثم ذكر أن في هذه الكتب من أمور الطب والحساب ما لا يضر.
ومراد شيخ الإسلام أن أمور الطب والفلاسفة لا تضر من جهة العموم, أما من جهة وجودها في كتب الفلاسفة وممزوجة مع الضلال في الإلهيات فهي تضر قطعا لا بذاتها وإنما لما خالطها من أنواع الضلال.
ولذلك ذكر ابن تيمية في آخر كلامه ما حصل بسبب تعريب كتب الفلاسفة من الضلال والفساد مع التقصير في معرفة ما جاءت به الرسل.
ومما يدل على ذلك قول شيخ الإسلام: ((فإن ذكر ما لا يتعلق بالدين مثل مسائل " الطب " و " الحساب " المحض التي يذكرون فيها ذلك وكتب من أخذ عنهم مثل : محمد بن زكريا الرازي وابن سينا ونحوهما من الزنادقة الأطباء ما غايته : انتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا فهذا جائز)).( المجموع 4/114).
وتنبه لكلمة ( المحض ) أي غير الممزوج بكلام الإلهيات, ومع ذلك سماهم (الزنادقة الأطباء) وهذا في الرازي وابن سينا فكيف بأرسطو.
الوقفة الثالثة: قال الكاتب: ((أن الشيخ ربيعا المدخلي لم يقرأ هذا الكتاب ، وإلا لوجد فيه - وغيره أكثر - مايخالف قواعده التجريحة في التعامل مع البدع والضالات وأصحابها مما سيجعله ينقم علىابن تيمية - كما سيأتي في طعنه فيه من لفظه ! - ، وسيعلم أن ابن تيمية مدح أرسطو فيجانب معين من علومه بالمقابلة لكلامه في الإلهيات الذي خلط فيه!)).
والكاتب قد جمع في مقاله هذا بين الجهل وسوء الأدب فهو مع جهله بحقيقة منهج أهل السنة والجماعة وخصوصا جهله بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى, فهو قد خالف اتفاق الأمة في الموقف من الفلسفة وعلم المنطق, وأضاف إلى ذلك سوء الأدب في تعامله مع العلماء ممن اتفق العلماء على علمهم وصحة منهجهم.
وأقول لك أيها الكاتب: إما أنك لا تعرف الشيخ ربيعا وإما أنك كاذب فيما تقول, لأن من عرف الشيخ ربيعا وقرأ كتبه ورسائله ليقطع جازما بأن الشيخ حفظه الله عنده من المعرفة بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ما يفوق كثير ممن عاصره, لكن هذا الكاتب يريد أن يوهم القراء بما توهمه في عقله المتفلسف, وفكره المنحرف, وإلا فالموافق والمخالف يعرف الشيخ ربيعا ويكِنُّ له كل التقدير والإحترام.
ومع ذلك فإن العجيب من هذا الكاتب قد انتقد الشيخ ربيعا بأنه يطعن وينتقد الفلاسفة أمثال أرسطو ولا يثني عليهم ومنع من دراسة كتبهم وإحراقها.
وكلام الشيخ ربيع الذي انتقده الكاتب هو قوله حفظه الله بعد أن أظهر حقيقة ما عليه الفلاسفة من الكفر والشرك والإلحاد:
ولا يجوز الاعتداد بمؤلّفاته القائمة على الفلسفة الهدّامة والمنطق الباطل، وإنما يجب على المسلم حربها والتحذير بشدة منها، ومما تحويه من الكفر والضلال.
والشيخ ربيع لم ينفرد بالحكم على الفلاسفة بهذا الحكم بل هو اتفاق أهل السنة والجماعة على ذلك.
قال الإمام الطبري –رحمه الله- عن أحداث سنة تسع وسبعين ومائتين: ((فمن ذلك ما كان من أمر السلطان بالنداء بمدينه السلام، الا يقعد على الطريق ولا في مسجد الجامع قاص ولا صاحب نجوم ولا زاجر، وحلف الوراقون الا يبيعوا كتب الكلام والجدل والفلسفه)).(تاريخ الملوك والأمم 6/ 467).
وقال ابن الصلاح –رحمه الله-: ((مسألة في جماعة من المسلمين المنتسبين إلى أهل العلم والتصوف هل يجوز أن يشتغلوا بتصنيف ابن سينا وأن يطالعوا في كتبه وهل يجوز لهم أن يعتقدوا أنه كان من العلماء أم لا:
أجاب رضي الله عنه لا يجوز لهم ذلك ومن فعل ذلك فقد غرر بدينه وتعرض للفتنة العظمى ولم يكن من العلماء بل كان شيطانا من شياطين الإنس وكان حيران في كثير من أمره...))(فتاوى ابن الصلاح1/208-209).
وقال أيضا: ((الفلسفة رأس السفه والانحلال ومادة الحيرة والضلال ومثار الزيغ والزندقة ومن تفلسف عميت بصيرته عن محاسن الشريعة المؤيدة بالحجج الظاهرة والبراهين الباهرة ومن تلبس بها تعليما وتعلما قارنه الخذلان والحرمان واستحوذ عليه الشيطان وأي فن أخزى من فن يعمي صاحبه أظلم قلبه عن نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم كلما ذكره ذاكر وكلما غفل عن ذكره غافل مع انتشار آياته المستبينة ومعجزاته المستنيرة حتى لقد انتدب بعض العلماء لاستقصائها فجمع منها ألف معجزة وعددناه مقصرا إذا فوق ذلك بأضعاف لا تحصى فإنها ليست محصورة على ما وجد منها في عصره صلى الله عليه وسلم بل لم تزل تتجدد بعده صلى الله عليه وسلم على تعاقب العصور وذلك أن كرامات الأولياء من أمته وإجابات المتوسلين به في حوائجهم ومغوثاتهم عقيب توسلهم به في شدائدهم براهين له صلى الله عليه وسلم قواطع ومعجزات له سواطع ولا يعدها عد ولا يحصرها حد أعاذنا الله من الزيغ عن ملته وجعلنا من المهتدين الهادين بهديه وسنته.
وأما المنطق فهو مدخل الفلسفة ومدخل الشر شر وليس الاشتغال بتعليمه وتعلمه مما أباحه الشارع ولا استباحه أحد من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين والسلف الصالحين وسائر من يقتدي به من أعلام الأئمة وسادتها وأركان الأمة وقادتها قد برأ الله الجميع من مغرة ذلك وأدناسه وطهرهم من أوضاره.
وأما استعمال الاصطلاحات المنطقية في مباحث الأحكام الشرعية فمن المنكرات المستبشعة والرقاعات المستحدثة وليس بالأحكام الشرعية والحمد الله فالافتقار إلى المنطق أصلا وما يزعمه المنطقي للمنطق من أمر الحد والبرهان فقعاقع قد أغنى الله عنها بالطريق الأقوم والسبيل الأسلم الأطهر كل صحيح الذهن لا سيما من خدم نظريات العلوم الشرعية ولقد تمت الشريعة وعلومها وخاض في بحار الحقائق والدقائق علماؤها حيث لا منطق ولا فلسفة ولا فلاسفة ومن زعم أنه يشتغل مع نفسه بالمنطق والفلسفة لفائدة يزعمها فقد خدعه الشيطان ومكر به فالواجب على السلطان أعزه الله وأعز به الإسلام وأهله أن يدفع عن المسملين شر هؤلاء المشائيم ويخرجهم من المدارس ويبعدهم ويعاقب على الاشتغال بفنهم ويعرض من ظهر منه اعتقاد عقائد الفلاسفة على السيف أو الاسلام لتخمد نارهم وتنمحي آثارها وآثارهم يسر الله ذلك وعجله ومن أوجب هذا الواجب عزل من كان مدرس مدرسة من أهل الفلسفة والتصنيف فيها والإقراء لها ثم سجنه وألزامه منزله ومن زعم أنه غير معتقد لعقائدهم فإن حاله يكذبه والطريق في قلع الشر قلع أصوله وانتصاب مثله مدرسا من العظائم جملة والله تبارك وتعالى ولي التوفيق والعصمة وهو أعلم)).(فتاوى ابن الصلاح1/209-210).
وقال ابن خلدون –رحمه الله-: ((اعلم أنّ هذا الفنّ قد اشتدّ النكير على انتحاله من متقدّمي السلف والمتكلّمين، وبالغوا في الطعن عليه والتّحذير منه، وحظّروا تعلّمه وتعليمه.
وجاء المتأخّرون من بعدهم من لدن الغزاليّ والإمام ابن الخطيب، فسامحوا في ذلك بعض الشّيء. وأكبّ النّاس على انتحاله من يومئذ إلّا قليلا، يجنحون فيه إلى رأي المتقدّمين، فينفرون عنه ويبالغون في إنكاره. فلنبيّن لك نكتة القبول والردّ في ذلك...))( تاريخ ابن خلدون1/647).
وقال ابن تيمية –رحمه الله-: ((ولهذا ما زال علماء المسلمين وأئمة الدين يذمونه ويذمون أهله وينهون عنه وعن أهله حتى رأيت للمتأخرين فتيا فيها خطوط جماعة من أعيان زمانهم من أئمة الشافعية والحنفية وغيرهم فيها كلام عظيم في تحريمه وعقوبة أهله حتى إن من الحكايات المشهورة التي بلغتنا : أن الشيخ أبا عمرو بن الصلاح أمر بانتزاع مدرسة معروفة من أبي الحسن الآمدي وقال : أخذها منه أفضل من أخذ عكا . مع أن الآمدي لم يكن أحد في وقته أكثر تبحرا في العلوم الكلامية والفلسفية منه وكان من أحسنهم إسلاما وأمثلهم اعتقادا . ومن المعلوم أن الأمور الدقيقة : سواء كانت حقا أو باطلا إيمانا أو كفرا لا تعلم إلا بذكاء وفطنة فكذلك أهله قد يستجهلون من لم يشركهم في علمهم وإن كان إيمانه أحسن من إيمانهم إذا كان فيه قصور في الذكاء والبيان وهم كما قال الله تعالى : { إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون } { وإذا مروا بهم يتغامزون } { وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين } { وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون } { وما أرسلوا عليهم حافظين } { فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون } { على الأرائك ينظرون } { هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون } . فإذا تقلدوا عن طواغيتهم أن كل ما لم يحصل بهذه الطريق القياسية فليس بعلم وقد لا يحصل لكثير منهم من هذه الطريق القياسية ما يستفيدبه الإيمان الواجب فيكون كافرا زنديقا منافقا جاهلا ضالا مضلا ظلوما كفورا ويكون من أكابر أعداء الرسل الذين قال الله فيهم : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا } . { وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا } { ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا } وربما حصل لبعضهم إيمان إما من هذه الطريق أو من غيرها . ويحصل له أيضا منها نفاق فيكون فيه إيمان ونفاق ويكون في حال مؤمنا وفي حال منافقا ويكون مرتدا : إما عن أصل الدين أو عن بعض شرائعه : إما ردة نفاق وإما ردة كفر وهذا كثير غالب لا سيما في الأعصار والأمصار التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق . فلهؤلاء من عجائب الجهل والظلم والكذب والكفر والنفاق والضلال ما لا يتسع لذكره المقام)).( المجموع 9/7-8).
ثم ذكر شيخ الإسلام كلاما طويلا عن ضلال وجهل وتناقض أهل المنطق ومن تبعهم وما أفسدوه في الأمة بسسب عقائدهم الباطلة وكلامهم المنحرف ثم قال –رحمه الله-:
((فإذا كانت صناعتهم بين علوم لا يحتاج فيها إلى القياس المنطقي . وبين ما لا يمكنهم أن يستعملوا فيه القياس المنطقي : كان عديم الفائدة في علومهم بل كان فيه من شغل القلب عن العلوم والأعمال النافعة ما ضر كثيرا من الناسكما سد على كثير منهم طريق العلم وأوقعهم في أودية الضلال والجهل فما الظن بغير علومهم من العلوم التي لا تحد للأولين والآخرين . وأيضا لا تجد أحدا من أهل الأرض حقق علما من العلوم وصار إماما فيه مستعينا بصناعة المنطق لا من العلوم الدينية ولا غيرها فالأطباء والحساب والكتاب ونحوهم يحققون ما يحققون من علومهم وصناعاتهم بغير صناعة المنطق . وقد صنف في الإسلام علوم النحو واللغة والعروض والفقه وأصوله والكلام وغير ذلك . وليس في أئمة هذه الفنون من كان يلتفت إلى المنطق بل عامتهم كانوا قبل أن يعرب هذا المنطق اليوناني . وأما العلوم الموروثة عن الأنبياء صرفا وإن كان الفقه وأصوله متصلا بذلك فهي أجل وأعظم من أن يظن أن لأهلها التفاتا إلى المنطق إذ ليس في القرون الثلاثة من هذه الأمة - التي هي خير أمة أخرجت للناس - وأفضلها القرون الثلاثة : من كان يلتفت إلى المنطق أو يعرج عليه مع أنهم في تحقيق العلوم وكمالها بالغاية التي لا يدرك أحد شأوها كانوا أعمق الناس علما وأقلهم تكلفا وأبرهم قلوبا . ولا يوجد لغيرهم كلام فيما تكلموا فيه إلا وجدت بين الكلامين من الفرق أعظم مما بين القدم والفرق بل الذي وجدناه بالاستقراء أن من المعلوم : أن من الخائضين في العلوم من أهل هذه الصناعة أكثر الناس شكا واضطرابا وأقلهم علما وتحقيقا وأبعدهم عن تحقيق علم موزون وإن كان فيهم من قد يحقق شيئا من العلم)).( المجموع 9/22-24).
وقال ابن القيم –رحمه الله-: ((والمقصود : أن الملاحدة درجت على أثر هذا المعلم الأول حتى انتهت نوبتهم إلى معلمهم الثاني : أبي نصر الفارابي فوضع لهم التعاليم الصوتية كما أن المعلم الأول وضع لهم التعاليم الحرفية ثم وسع الفارابي الكلام في صناعة المنطق وبسطها وشرح فلسفة أرسطو وهذبها وبالغ في ذلك وكان على طريقة سلفه : من الكفر بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فكل فيلسوف لا يكون عند هؤلاء كذلك فليس بفيلسوف في الحقيقة وإذا رأوه مؤمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه متقيدا بشريعة الإسلام نسبوه إلى الجهل والغباوة فإن كان ممن لا يشكون في فضيلته ومعرفته نسبوه إلى التلبيس والتنميس بناموس الدين استمالة لقلوب العوام, فالزندقة والإلحاد عند هؤلاء جزء من مسمى الفضيلة أو شرط)).( إغاثة اللهفان 2/260).
وقال السيوطي –رحمه الله-: ((فن المنطق فن خبيث مذموم يحرم الاشتغال به مبني بعض ما فيه على القول بالهيولي الذي هو كفر يجر إلى الفلسفة والزندقة وليس له ثمرة دينية أصلاً بل ولا دنيوية نص على مجموع ما ذكرته أئمة الدين وعلماء الشريعة فأول من نص على ذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه ، ونص عليه من أصحابه إمام الحرمين ، والغزالي في آخر أمره ، وابن الصباغ صاحب الشامل وابن القشيري ، ونصر المقدسي ، والعماد بن يونس ، وحفده ، والسلفي ، وابن بندار ، وابن عساكر ، وابن الأثير ، وابن الصلاح ، وابن عبد السلام ، وأبو شامة ، والنووي ، وابن دقيق العيد ، والبرهان الجعبري ، وأبو حيان ، والشرف الدمياطي ، والذهبي ، والطيبي ، والملوي ، والأسنوي ، والأذرعي ، والولي العراقي ، والشرف بن المقري ، وأفتى به شيخنا قاضي القضاة شرف الدين المناوي ، ونص عليه من أئمة المالكية ابن أبي زيد صاحب الرسالة والقاضي أبو بكر بن العربي ، وأبو بكر الطرطوشي ، وأبو الوليد الباجي ، وأبو طالب المكي صاحب قوت القلوب وأبو الحسن بن الحصار ، وأبو عامر بن الربيع ، وأبو الحسن بن حبيب ، وأبو حبيب المالقي ، وابن المنير ، وابن رشد ، وابن أبي جمرة ، وعامة أهل المغرب . ونص عليه من أئمة الحنفية أبو سعيد السيرافي ، والسراج القزويني ، وألف في ذمه كتاباً سماه نصيحة المسلم المشفق لمن ابتلى بحب علم المنطق ونص عليه من أئمة الحنابلة ابن الجوزي ، وسعد الدين الحارثي ، والتقي ابن تيمية وألف في ذمة ونقض قواعده مجلداً كبيراً سماه نصيحة ذوي الأيمان في الرد على منطق اليونان وقد اختصرته في نحو ثلث حجمه وألفت في ذم المنطق مجلداً سقت فيه نصوص الأئمة في ذلك)).( الحاوي 1/244-245).
وأقول لفهير ورغم انفك يا فهير فالشيخ ربيع إمام الجرح والتعديل ومن أعلم أهل زمانه بالفرق والجماعات والأقوال المنحرفة, وبهذا زكاه أعلم أهل زمانه كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوازان والشيخ اللحيدان والشيخ مقبل وغيرهم.
ولقد وافق الشيخ ربيعا في كلامه في علم المنطق أجلة علماء هذا الزمان كالشيخ محمد بن إبراهيم, والشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ, والشيخ عبد العزيز بن باز, والشيخ محمد بن صالح العثيمين, والشيخ صالح الفوزان, وغيرهم كثير, وسأنقل لك كلام الشيخ ابن عثيمين ليتبين لك عنادك وجهلك.
قال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله-: ((هذه مسائل منطقية تتعلق بالمنطق والمؤلف رحمه الله أتى بها مُلجأً إليها, وإلا فنحن في غنىً عن المنطق الصحابة ما درسوا المنطق ولا عرفوا المنطق والتابعون كذلك, والمنطق حدث أخيراً لا سيما بعد افتتاح بلاد الفرس والرومان حيث انتشرت كتب الفلاسفة ولا سيما أنها دُعِّمت بعملٍ من الخلافة،كما فعل المأمون الذي قال عنه شيخ الإسلام: لا أعتقد أن الله يغفل المأمون عما صنع بهذه الأمة أو كلمةً نحوها والعياذ بالله, فقد جر الناس إلى سوء ودعاهم إلى ضلالة والله حسيبه قدم على ربه لكن علم المنطق كتب فيه العلماء وحذروا منه, وممن كتب في الرد على أهل المنطق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, شيخ الإسلام ابن تيمية كتب في الرد عليهم كتابين مطولاً ومختصراً, المطول : الرد على المنطقيين, والمختصر : نقض المنطق وهذا أحسن لطالب العلم, لأنه أوضح وأحسن ترتيباً، ذكر في مقدمة الرد على المنطقيين قوله : ( كنت أظن دائماً أو قال اعتقد أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد ), الذكي لا يحتاج إليه والبليد لا ينتفع به ، إذن دراسته مضيعة وقت, وهذا الكلام من كلام شيخ الإسلام يدل على أن أقل أحواله الكراهة...))(شرح العقيدة السفارينية).
وتأمل ما في كلام الكاتب من الضلال والإنحراف حيث قال: ((وسيعلم أن ابن تيمية مدح أرسطو في جانب معين من علومه بالمقابلة لكلامه في الإلهيات الذي خلط فيه)).
وفي كلام فهير هذا ضلال بعيد وبعد كبير عن منهج أهل السنة والجماعة إضافة إلى الطعن الكبير بشيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ربيع.
فهو يقرر أن ابن تيمية مدح أرسطو في جانب معين من علومه.
وهذا جهل كبير حيث أنه لا يفرق بين مدح الشخص وبين تصويب قوله إن كان صائبا, ومما يرد على فهير ما يلي:
1-أن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وسائر علماء أهل السنة والجماعة بينوا حقيقة أرسطو من جهة عقيدته ومن جهة أخطائه ومن جهة ما أحدثه من ضلال في الأقوال والأعمال, ولذا حكم عليه شيخ الإسلام بأنه من المشركين, وأنه من الملحدين, وأنه بعيد عن الوحي ونور الهداية, وأنه وقع في إنكار الرب تعالى وإنكار صفاته, ووصف الله تعالى بأضداد الكمال كوصف الله بالجهل وغير ذلك, ونقلت من كلام شيخ الإسلام في أول المقال ما يغني عن إعادته هنا.
وأنظر إلى كلام شيخ الإسلام الذي يعتبر الفصل في باب الثناء على الفلاسفة وأرسطو فقال –رحمه الله-: ((والمقصود أن ما عليه جميع الأمم من حكمة علمية وعملية إذا لم يكونوا ممن يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل صالحا فان الله لا يمدحهم ولا يثني عليهم وهؤلاء الفلاسفة أرسطو وقومه كانوا مشركين يعبدون الأوثان ويبنون الهياكل للكواكب فليست حكمتهم من الحكمة التي أثنى الله عليها وعلى أهلها ومن كان من الفلاسفة الصابئة المشركين فهو من جنسهم)).( الرد على المنطقيين، ص454).
فإن كان الله لا يثني على حكمتهم فهل يحق لأحد أن يخالف ذلك؟!
وذكر ابن القيم كلاما رائعا في الفرق بين الرسل وأتباعهم وبين الفلاسفة وأتباعهم وبين حقيقة هؤلاء الفلاسفة وزعيمهم أرسطو فقال -رحمه الله-: ((فالشريعة مشتملة على أعلى أنواع الحكمة علما وعملا التي لو جمعت حكم جميع الأمم ونسبت إليها لم يكنى لها إليها نسبة وهي متضمنة لأعلى المطالب بأقرب الطرق وأتم البيان فهي متكفلة بتعريف الخليقة ربها وفاطرها المحسن إليها بأنواع الإحسان بأسمائه وصفاته وأفعاله وتعريف الطريق الموصل إلى رضاه وكرامته والداعي لديه وتعريف حال السالكين بعد الوصول إليه ويقابل هذه الثلاثة تعريفهم حال الداعي إلى الباطل والطرق الموصلة إليه وحال السالكين تلك الطرق وإلى أين تنتهي بهم ولهذا تقبلها العقول الكاملة أحسن تقبل وقابلتها بالتسليم والإذعان واستدارت حولها بحماية حوزتها والذب عن سلطانها, فبين ناصر باللغة السائغة وحام بالعقل الصريح وذاب عنه بالبراهين ومجاهد بالسيف والرمح والسنان ومتفقه في الحلال والحرام ومعني بتفسير القرآن وحافظ لمتون السنة وأسانيدها ومفتش عن أحوال رواتها وناقد لصحتها من سقيمها ومعلولها من سليمها فهي الشريعة ابتداؤها من الله وانتهاؤها إليه فمنه بدأت وإليه تعود ليس فيها حديث المنجم في تأثيرات الكواكب وحركات الأفلاك وهيآتها ومقادير الأجرام ولا حديث التربيع والتثليث والتسديس والمقارنة ولا حديث صاحب الطبيعة الناظر في آثارها واشتباك الاستقصات وامتزاجها وقواها وما يتعلق بالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وما الفاعل منها وما المنفعل وكم درجاتها وإلى أين تسري قواها ولا فيها حديث المهندس الباحث عن مقادير الأشياء ونقطها وخطوطها وسطوحها وأجسامها وأضلاعها وزواياها ومعاطفها وما الكرة وما الدائرة وما الخط المستقيم والمنحني ولا فيها هذيان المنطقيين وتحذلقهم في النوع والجنس والفصل والخاصة والعرض العام والمقولات العشر والمختلطات والموجهات الصادرة عن رجل مشرك من يونان كان يعبد الأوثان ولا يعرف الرحمن ولا يصدق بمعاد الأبدان ولا أن الله يرسل رسولا بكلامه إلى نوع الإنسان فجعل هؤلاء المعارضين بين العقل والنقل عقل هذا الرجل عيارا على كتب الله المنزلة وما أرسل به رسله فما زكاه منطقه وآلته وقانونه الذي وضعه بعقله قبلوه وما لم يزكه تركوه ولو كانت هذه الأدلة التي أفسدت عقول هؤلاء وأتباعهم صحيحة لكان صاحب الشريعة يقوم شريعته بها ويكملها باستعمالها وكان الله سبحانه يثيبه عليها ويحض على التمسك بها ويتقدم إلى عباده بالتمسك بها وبعلمها وتعليمها ويفرض عليهم القيام بها فيا للعقول التي لم يخسف بها أين الدين من الفلسفة ؟ وأين كلام رب العالمين إلى آراء اليونان والمجوس وعباد الأصنام والصابئين وأين المعقولات المؤيدة بنور النبوة إلى المعقولات المتلقاة عن أرسطو وأفلاطون والفارابي وابن سينا وأتباع هؤلاء ممن لا يؤمن بالله ولا صفاته ولا أفعاله ولا ملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ؟ وأين العلم المأخوذ عن الوحي النازل من عند رب العالمين من الشبه المأخوذة عن آراء المتهوكين والمتحيرين ؟ فإن أدلوا بالعقل فلا عقل أكمل من عقول ورثة الأنبياء وإن أدلوا برؤسائهم وأئمتهم كفرعون ونمرود وبطليموس وأرسطاطاليس ومقلدتهم وأتباعهم)).( الصواعق المرسلة 3/811-817).
2- ولو كان تصويب المقالات ثناء لكان يثنى على كل قائل خرج من فيه مقالا صحيحا حتى لو كان الشيطان اللعين, ولو كان قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه عن الشيطان اللعين فيما أخرجه البخاري برقم (3275) ((صدقك وهو كذوب)) ثناء وهل يصح أن يثني النبي عليه الصلاة والسلام على الشيطان الرجيم.
وكذلك يلزم الثناء على فرعون لأنه نطق بالإيمان قبل موته كما أخبر الله تعالى عنه فقال: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.(سورة يونس, آية رقم 90).
وهذا يدل على فساد معيار فهير في اعتبار تصويب الأقوال ثناء, وعلى معيار فهير لابد أن يثنى على كل أحد من كافر أو ملحد أو مشرك أو مبتدع أو غير ذلك.
3- وقول فهير: ((وسيعلم أن ابن تيمية مدح أرسطو في جانب معين من علومه بالمقابلة لكلامه في الإلهيات الذي خلط فيه ((!.
فيه من الجرأة الكبيرة التي تجعله يرد الحق ويحاربه, ويقبل الباطل ويدافع عنه, وما هذا إلا لفساد العقيدة وسوء المنهج والبُعد والإنحراف عن الكتاب والسنة وكلام السلف.
فهو يريد أن يثني على أرسطو فيما أصاب به, ويخطأه فيما أخطأ به, وكأنه يتعامل من أحد العلماء أو الدعاة إلى منهج أهل السنة والجماعة, والأغرب من ذلك أنه قال عن خطأ أرسطو في الإلهيات بأنه ( خلط فيه), كل ذلك دفاع عن أرسطو الذي مرَّ كلامه في الإلهيات ويكفي لبيان منهجه في الإلهيات قول ابن القيم -رحمه الله-: ((وقد حكى أرباب المقالات أن أول من عرف عنه القول بقدم هذا العالم أرسطو وكان مشركا يعبد الأصنام وله في الإلهيات كلام كله خطأ من أوله إلى آخره وقد تعقبه بالرد عليه طوائف المسلمين حتى الجهمية والمعتزلة والقدرية والرافضة وفلاسفة الإسلام أنكروه عليه وجاء فيه بما يسخر منه العقلاء, وأنكر أن يكون الله سبحانه يعلم شيئا من الموجودات وقرر ذلك بأنه لو علم شيئا لكمل بمعلوماته ولم يكن كاملا في نفسه وبأنه كان يلحقه التعب والكلال من تصور المعلومات, فهذا غاية عقل هذا المعلم والأستاذ.
وقد حكى ذلك أبو البركات وبالغ في إبطال هذه الحجج وردها فحقيقة ما كان عليه هذا المعلم لأتباعه : الكفر بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ودرج على أثره أتباعه من الملاحدة ممن يتستر باتباع الرسل وهو منحل من كل ما جاءوا به وأتباعه يعظمونه فوق ما يعظم به الأنبياء ويرون عرض ما جاءت به الأنبياء على كلامه فما وافقه منها قبلوه وما خالفه لم يعبئوا به شيئا ويسمونه المعلم الأول لأنه أول من وضع لهم التعاليم المنطقية)).(إغاثة اللهفان 2/259).
فهل الكفر بالله تعالى وملائكته ورسله واليوم الآخر يعتبر خلطا في باب الإلهيات, وهل الإلحاد يعتبر خلطا في باب الإلهيات.
الوقفة الرابعة: وأما ما زعمه الكاتب من أن الشيخ ربيعا يطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: تحت عنوان: (طعن الشيخ ربيع بشيخ الإسلام ابن تيمية).
فقد أظهر فيه عناده للحق وتكبره عنه, فالمهم عنده أن يخالف الشيخ ربيعا وإن كان الحق مع الشيخ وهو الواقع.
وعنوانه هذا هو الكذب الصراح, والبهتان الكبير, وإلا أين طعن الشيخ ربيع بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, إلا إذا سمى فهير رد الخطأ وبيانه طعنا فهذا يكون على أساس قاعدته المنطقية التي أخذها وتعلمها من شيخه أرسطو في قلب الحقائق وتغييرها.
وعلى قاعدة فهير هذه فلم ينفرد الشيخ ربيع بالطعن في شيخ الإسلام على حد زعمه, بل شاركه كثير من الأئمة منهم ابن رجب الحنبلي والذهبي والألباني وغيرهم كثير.
ولكن الصحيح أن فهيرا هو الطاعن الحقيقي بمنهج أهل السنة والجماعة عموما وبشيخ الإسلام خصوصا, وذلك من خلال تحريفه وبتره وتدليسه كما بينته.
ففهير هو الذي قرر:
أن شيخ الإسلام يثني على أرسطو, وأن شيخ الإسلام يدعوا لدراسة المنطق, وأن شيخ الإسلام يصوب علومهم, إلى غير ذلك من الطعن الحقيقي بشيخ الإسلام وهو منه بريء.
ولم يفهم أحد من العلماء ما فهمه فهير هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية, بل أن جميع من اطلع على كلام شيخ الإسلام في رده على الفلاسفة عرف موقف ابن تيمية منهم, ومدى قوة كلامه فيهم وشدة التحذير منهم.
ولذلك فقد حكى قول ابن تيمية رحمه الله في الفلاسفة ابن القيم والذهبي وابن الصلاح والسيوطي وغيرهم كثير كما تقدم من كلامهم السابق.
الوقفة الرابعة: وأما ما استدل به الكاتب وغيره من أن شيخ الإسلام قد تعلم علم المنطق فإنما كان للرد عليهم وبيان ضلالهم ومناظرتهم وإقامة الحجة عليهم وكشف شبهاتهم وتحذير الأمة منهم ومن علومهم, ومع ذلك فشيخ الإسلام كان متحصنا بعلم الكتاب والسنة وآثار السلف مع ولذلك كشف شيخ الإسلام حقيقة الفلاسفة وما هم عليه من البدعة والضلال.
ومع هذا كله فقد عاب بعض العلماء على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى دخوله في علم الكلام واطلاعه على كتب الفلاسفة ومعرفة شبهاتهم, وذلك لأنه يخالف طريقة السلف في الرد على أهل البدع.
قال ابن رجب -رحمه الله-: ((وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقهائهم: كانوا يحبون الشيخ ويعظمونه، ولم يكونوا يحبون له التوغل مع أهل الكلام ولا الفلاسفة، كما هو طريق أئمة أهل الحديث المتقدمين، كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم)).(ذيل طبقات الحنابلة4/505).
وقال الذهبي –رحمه الله-: ((ولقد نصر السنة المحضة والطريقة السلفية واحتج لها ببراهين ومقدمات وأمور لم يسبق إليها وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا وجسر هو عليها)).(الرد الوافر صفحة 34).
وقال الشيخ الألباني –رحمه الله- ضمن كلامه على حديث(إن أول شيء خلقه الله تعالى القلم و أمره أن يكتب كل شيء يكون): ((و لقد أطال ابن تيمية رحمه الله الكلام في رده على الفلاسفة محاولا إثبات حوادث لا أول لها و جاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول و لا تقبله أكثر القلوب حتى اتهمه خصومه بأنه يقول بأن المخلوقات قديمة لا أول لها مع أنه يقول و يصرح بأن ما من مخلوق إلا و هو مسبوق بالعدم و لكنه مع ذلك يقول بتسلسل الحوادث إلى ما لا بداية له .
كما يقول هو و غيره بتسلسل الحوادث إلى ما لا نهاية فذلك القول منه غير مقبول بل هو مرفوض بهذا الحديث و كم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية رحمه الله هذا المولج لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة و علم الكلام الذي تعلمنا منه التحذير و التنفير منه و لكن صدق الإمام مالك رحمه الله حين قال : " ما منا من أحد إلا رد و رد عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم " )).(السلسة الصحيحة 1/132).
والخلاصة: أن الكاتب وشيخه الحلبي قد انحرافا انحرافا واضحا في مقالهم هذا حيث بنوا مقالهم على عدة أسس من أهمها:
1- مدحهم وثنائهم على رؤوس الفلاسفة والمنطقيين أمثال أرسطو ومن تبعه, بحجة أن عندهم من العلوم والصفات ما يمدحون به, مع ظهور إلحادهم وكفرهم بالله تعالى, وإنكارهم للرسل واليوم الآخر.
2- مدحهم وثنائهم على علم الفلسفة والمنطق بحجة أنه نافع في الأمور الدنيوية, ولذلك صرحوا بدراستة والدعوة إلى ذلك, مع أن الأئمة متفقون على تحريم دراسته وأنه من اسباب الضلال والهلاك والإنحراف عن منهج أهل السنة والجماعة.
3- ابتداعهم للمناهج الباطلة المضادة لمنهج الكتاب والسنة ومن ذلك ما ابتدعوه من بدعة الموازنات حتى مع الكفار والمشركين والملحدين.
4- رفضهم لما اتفق عليه أئمة الإسلام من وجوب التحذير من البدع وأهلها.
5- طعنهم بمن انتقد الفلاسفة وحذر منهم ويلزم من ذلك طعنهم بأئمة الدعوة السلفية ومنهم الشيخ ربيع حفظه الله تعالى.
وفي الختام أسأل الله الثبات على الإسلام والسنة, وأسأله العافية في الدين والدنيا, إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-10-2013, 08:52 PM
أبو الحسين الحسيني أبو الحسين الحسيني غير متواجد حالياً
طالب علم - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 154
شكراً: 1
تم شكره 5 مرة في 4 مشاركة
افتراضي

لله درك شيخي وابن عمي
الله يحفظك من كيد الحلبيين
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-10-2013, 10:14 PM
أبو معاوية مجدي الصبحي أبو معاوية مجدي الصبحي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 29
شكراً: 1
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي

وأقول لفهير ورغم انفك يا فهير فالشيخ ربيع إمام الجرح والتعديل ومن أعلم أهل زمانه بالفرق والجماعات والأقوال المنحرفة, وبهذا زكاه أعلم أهل زمانه كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوازان والشيخ اللحيدان والشيخ مقبل وغيرهم.
الله يحفظكم ويبارك فيكم شيخ عبدالباسط.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-10-2013, 10:15 PM
أبو معاوية مجدي الصبحي أبو معاوية مجدي الصبحي غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
المشاركات: 29
شكراً: 1
تم شكره 2 مرة في 2 مشاركة
افتراضي

وأقول لفهير ورغم انفك يا فهير فالشيخ ربيع إمام الجرح والتعديل ومن أعلم أهل زمانه بالفرق والجماعات والأقوال المنحرفة, وبهذا زكاه أعلم أهل زمانه كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوازان والشيخ اللحيدان والشيخ مقبل وغيرهم.
الله يحفظكم ويبارك فيكم شيخ عبدالباسط.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-10-2013, 10:47 PM
أبو محمد أحمد بوشيحه أبو محمد أحمد بوشيحه غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 12
شكراً: 2
تم شكره مرة واحدة في مشاركة واحدة
إرسال رسالة عبر مراسل MSN إلى أبو محمد أحمد بوشيحه إرسال رسالة عبر مراسل Yahoo إلى أبو محمد أحمد بوشيحه إرسال رسالة عبر Skype إلى أبو محمد أحمد بوشيحه
افتراضي

أحسن الله إليك ايها الشيخ المفضال وذب الله عن وجهك النار
__________________
عن ابن سيرين قال : لم يكونوا يسالون عن الاسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر الى اهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر الى اهل البدع فلا يؤخذ حديثهم

الخير كل الخير في اتباع من سلف والشر كل الشر في ابتداع من خلف

أبو محمد أحمد بوشيحه الليبي

[email protected]
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:36 PM.


powered by vbulletin