قال الشيخ الفوزان - حفظه الله :
والفائدة الثانية: أنك إذا عرفت التوحيد الصحيح وعرفت الشرك القبيح فإن ذلك يُفيدك الخوف أن تقع فيما وقع فيه كثير من الناس بالمخالفة لهذا الأصل والوقوع في الشرك وأنت لا تدري فلا تأمن على نفسك من الفتنة فلا تغتر بعملك أو بفهمك ، ولكن قل لا حول ولا قوة إلا بالله واسأل الله الثبات ، فإن إبراهيم الخليل الذي أعطاه الله من العلم واليقين ما لم يعط غيره إلا نبيًا يقول: { وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ } (1) فإبراهيم لم يأمن على نفسه الفتنة مع علمه ويقينه وهو الذي كسَّر الأصنام بيده وألقي في النار بسبب ذلك ، ومع هذا يخاف على نفسه من الفتنة، فلا تغتر بعلمك وتأمن على نفسك من الفتنة ولكن كن دائمًا على حذر من الفتنة بأن لا تزلّ بك القدم وتغتر بشيء يكون سببًا لهلاكك وضلالك ، فإن بعض المغرورين اليوم يقول إن الناس تجاوزوا مرحلة الجهل والبدائية وصاروا مثقفين واعين لا يتصور أن يعودوا للوثنية ، أو نحوًا من هذا الكلام الفارغ ، ولم يفطن لعبادة الأضرحة التي تنتشر في كثير من البلاد الإسلامية ولم ينظر فيما وصل إليه كثير من الناس من الجهل بالتوحيد.
[ فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل ] قد يقول الإنسان كلمة من الكفر تُحبط عمله كله كالرجل الذي قال: « والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله جل وعلا : من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان . إني قد غفرت له وأحبطت عملك » (2) كلمة واحدة تجرأ فيها على الله وأراد أن يمنع الله أن يغفر لهذا المذنب ، فالله جل وعلا أحبط عمله وغضب عليه . والإنسان قد يتكلم بمثل هذه الكلمة ونحوها فيخرج من دين الإسلام ، فالذين مع النبي ( لما قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا وأكذب ألسنًا وأجبن عند اللقاء ) يزعمون أنهم قالوها من باب المدح ويقطعون بها الطريق بزعمهم قال الله فيهم : { قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } (3) دل على أنهم مؤمنون في الأول فلما قالوا هذه الكلمة كفروا والعياذ بالله مع أنهم يقولونها من باب المزح واللعب.
[ وقد يقولها وهو يظن أنها تقربه إلى الله تعالى كما كان يظن المشركون ] أي يقول كلمة الكفر وهو يظن أنها تقربه إلى مثل ما يقول المشركون : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } (4) { هَـؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ }(5).
المصدر : شرح كتاب كشف الشبهات .