منتديات منابر النور العلمية

العودة   منتديات منابر النور العلمية > :: الـمـــنابـــر الـعـلـمـيـــة :: > المـــنـــــــــــــــــــــبـــــــــر الــــــــعـــــــــــــــــــــام

آخر المشاركات جواب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لمن سأله: (ما سبحان الله؟) (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          الرد على الكلام المنسوب للشيخ لزهر حول فضيلة الشيخ طلعت زهران، وحول كتابات العتيبي (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          حكم الكلام أثناء قراءة القرآن (الكاتـب : أبو هريرة الكوني السلفي - )           »          خطب الجمعة والأعياد (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          مجالس شهر رمضان المبارك لعام 1445هـ (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تسجيلات المحاضرات واللقاءات المتنوعة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          جدول دروسي في شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ الموافق لعام2024م (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          تنبيه على شبهة يروجها الصعافقة الجزأريون الجدد وأتباع حزب الخارجي محمود الرضواني (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          صوتيات في الرد على الصعافقة وكشف علاقتهم بالإخوان وتعرية ثورتهم الكبرى على أهل السنة (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )           »          راجع نفسك ومنهجك يا أخ مصطفى أحمد الخاضر (الكاتـب : أسامة بن عطايا العتيبي - )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-04-2012, 08:16 PM
محمود الشمري محمود الشمري غير متواجد حالياً
العضو المشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
المشاركات: 21
شكراً: 1
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي الأدلة الجلية في بيان هل للجمعة سنة قبلية / كتبه عبيد الشمري



الادلة الجلية
في بيان هل للجمعة سنة قبلية





إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً }.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً}.
أما بعد :
فإن خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي ؛ هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار.
ان من مصائب هذا الزمان هو تبديل السنن بالبدع وتعصب اهل الاهواء والبدع لبدعهم حتى انهم اتخذوها شعارا لهم يوالون ويعادون عليها وبها يتعارفون ووقع ما كان يخافه ابن مسعود ويحذر منه بقوله:
( كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة إذا ترك منها شيء قيل : تركت السنة ؟ ) قالوا : ومتى ذاك ؟ قال : ( إذا ذهبت علماؤكم وكثرت قراؤكم وقلت فقهاؤكم وكثرت أمراؤكم وقلت أمناؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة وتفقه لغير الدين )
قال الامام الالباني صح عن ابن مسعود وهو مرفوع الى النبي eحكما. وقال[1] :
( رواه الدارمي ( 1 / 64 ) بإسنادين أحدهما صحيح والآخر حسن والحاكم ( 4 / 514 ) وغيرهما )
ونحن نذكر بعض الامثلة على ذلك فانظر كيف اتفقوا جميعا على ترك الاذان الاول للفجر مع كونه سنة ثابتة عن النبي e وفي نفس الوقت اتفقوا جميعا على قراءة القرءان والادعية المختلفة في مكبرات الصوت قبل اذان الفجر ثم اعلان الصلاة على النبي eبعد كل أذان باستخدام مكبرات الصوت ايضا وبهيئات كثيرة ومختلفة حتى انك لا تسطيع التمييز بين الاصوات بسب قرب المساجد وكثرتها والتشويش الحاصل من مسجد على اخر مع كون ذلك كله من البدع ولكنهم لايتركونها يوما واحدا ويحافظون عليها ويهتمون بها اهتماما كبيرا .
وكذلك ما يسمى بسنة الجمعة القبلية التي هي موضوع هذا البحث المختصر الذي نضعه بين يديك بيانا للحق وتوضيحا لادلة وتفاصيل هذه المسألة .
فقد اختلفت اقوال اهل العلم في هذه المسألة على قولين معروفين.
القول الاول:ليس للجمعة سنة قبليه:وهو قول الامام مالك و الشافعي وأكثر أصحابه ، وهو المشهور في مذهب أحمد وعليه أكثر أصحابه وعليه جماهير الأئمة.واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية ونصره في كلام علمي متين وبين ضعف وخطأ القول المخالف جاء ذلك في جوابه على سؤال عرض عليه رحمه الله كما في الفتاوى الكبرى له افرده بعضهم في رسالة مستقله.
بمعنى ليس لها سنة راتبة محددة بعدد او بوقت بل هي نافلة مطلقة في العدد والوقت. وهو كذلك قول طائفة من العلماء المعاصرين منهم العلامة ابن عثيمين[2] والامام الالباني[3]
القول الثاني :وذهب طائفة من العلماء إلى أن قبلها سنة، اي سنة راتبة فمنهم من جعلها ركعتين، كما قاله طائفة من أصحاب الشافعي، وأحمد . ومنهم من جعلها أربعا، كما نقل عن أصحاب أبي حنيفة، وطائفة من أصحاب أحمد وقد نقل عن الإمام أحمد ما استدل به على ذلك[4] .
قال مقيده : المنقول عن الامام احمد ليس كما فهموه انه رحمه الله كان يرى ان للجمعة سنة قبلية راتبة بل الذي يظهر عند التأمل انه يرى انها نافلة مطلقة .
قال ابن القيم[5]: قَال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري: رأيت أبا عبد الله إذا كان يوم الجمعة يصلي إلى أن يعلم أن الشمس قد قاربت أن تزول فإذا قاربت أمسك عن الصلاة حتى يؤذن المؤذن فإذا أخذ في الأذان قام فصلى ركعتين أو أربعا يفصل بينهما بالسلام فإذا صلى الفريضة انتظر في المسجد ثم يخرج منه فيأتي بعض المساجد التي بحضرة الجامع فيصلي فيه ركعتين ثم يجلس وربما صلى أربعا ثم يجلس ثم يقوم فيصلي ركعتين آخرين ، فتلك ست ركعات على حديث علي وربما صلى بعد الست ستا أخر أو أقل أو أكثر . وقد أخذ من هذا بعض أصحابه رواية أن للجمعة قبلها سنة ركعتين أو أربعا وليس هذا بصريح بل ولا ظاهر فإن أحمد كان يمسك عن الصلاة في وقت النهي ، فإذا زال وقت النهي قام فأتم تطوعه إلى خروج الإمام فربما أدرك أربعا وربما لم يدرك إلا ركعتين )) . اهـ

والمنقول عن النبي e والصحابه رضي الله عنهم ليس فيه دليل واحد صريح يثبت ان للجمعة سنة قبلية راتبة بل هي كما تقدم نافلة مطلقة في العدد والوقت نذكر من ذلك دليلين اثنين لبيان ماتقدم :
روى الامام البخاري عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قَال : قَال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((لايغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج لايفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى )) .
ورواه الامام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَال : (( من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام )) .
هذان الحديثان ومافي معناهما يدلان على استحباب التنفل قبل الجمعة بغير عدد محدد ولا بوقت محدد. ولم يثبت عن النبي e انه حدد للجمعة سنة راتبة بل ان جميع ما ذكروه من الادلة على ذلك اما ضعيف او ليس فيه دلالة على المراد . واليك البيان:
ادلة القائلين بوجود سنة راتبة قبل الجمعة والتعليق عليها:
اولا : استدلوا بمارواه ابو داود وابن خزيمة وغيرهما عن نافع قَال : (( كان ابن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ، ويصلي بعدها ركعتين في بيته ، ويحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك )) .
قَال الحافظ ابن حجر[6] : اِحْتَجَّ بِهِ اَلنَّوَوِيّ فِي اَلْخُلَاصَةِ عَلَى إِثْبَاتِ سُنَّة اَلْجُمُعَة اَلَّتِي قَبْلَهَا ، وتعقب بأن قوله :(( وكان يفعل ذلك)) عائد على قوله :(( ويصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته )) ويدل عليه رواية الليث عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فصلى سجدتين في بيته ثم قَال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك )) أخرجه مسلم .
قال مقيده : فتبين ان ابن عمر كان يعني بقوله (كان رسول الله e يصنع ذلك)كان يعني صلاته بعد الجمعة. ومما يوءكد ذلك انه كان يصلي الركعتين بعد الجمعة في بيته ولا يصليها في المسجد لان النبي e كان يصليها في بيته ولو علم ابن عمر ان النبيe كان يصلي قبل الجمعة في بيته لتابعه وصلى في بيته وكان النبي e اذا دخل المسجد لصلاة الجمعة لايصلي وانما يرتقي المنبر مباشرة فلم يبقى بهذا الاثر المروي عن ابن عمر حجة لمن تمسك به فتنبه زادك الله هدى.
قَال الحافظ ابن حجر[7] معلقا على حديث ابن عمر المتقدم أنه كان يطيل الصلاة قبل الجمعة : (( وأما قوله (( كان يطيل الصلاة قبل الجمعة )) فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون مرفوعا لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج إذا زالت الشمس فيشتغل بالخطبة ثم بصلاة الجمعة وإن كان المراد قبل دخول الوقت فذلك مطلق نافلة لاصلاة راتبة فلا حجة فيه لسنة الجمعة التي قبلها بل هو تنفل مطلق وقد ورد الترغيب فيه كما تقدم في حديث سلمان وغيره حيث قَال فيه (( ثم صلى ما كتب له )) اهـ

قال مقيده : وفي الاثار المنقولة عن ابن عمر دلالة واضحة انه كان يبكر الى المسجد ويصلي النافلة ويطيلها وليس كما يفعله الناس اليوم ينتظرون حتى اذا اذن الاذان الاول قاموا فنقروا ركعتين او اربع.
واليك البيان :
عن أيوب عن نافع :(( أن ابن عمر كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته فصلى ركعتين وقال: هكذا كان يفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )) .أخرجه أحمد وصححه الالباني[8] واخرج ابن أبي شيبة عن نافع قَال :(( كان ابن عمر يهجر يوم الجمعة فيطيل الصلاة قبل أن يخرج الإمام )). ورجال إسناده ثقات . وأخرجه الطحاوي
ثانيا: واستدلوا بماروى ابن ماجة عن أبي هريرة وجابر رضي الله عنهما قَالا : جاء سليك الغطفاني ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - :(( أصليت ركعتين قبل أن تجيء ؟ ))[9] قَال : لا . قَال : (( فصل ركعتين وتجوز فيهما ))
يقولون ان هاتين الركعتين هما السنة القبلية للجمعة.
قال مقيده : وهذا استدلال بعيد جدا .
فلم يرد هذا اللفظ(قبل ان تجيء)في الصحيحين وغيرهما وهو من افراد ابن ماجة ونقل ابن القيم في الزاد[10] عن شيخ الاسلام ان افراد ابن ماجة في الغالب غير صحيحة.
وجاء في الصحيحين بيان هاتين الركعتين وان المراد بهما تحية المسجد وذلك من حديث جابر: قَال : دخل رجل يوم الجمعة و رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب فقال : أصليت ؟ قَال : لا . قَال : فصل ركعتين . و قَال: (( إذا جاء أحدكم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين ، وليتجوز فيهما ))
وزاد الامام مسلم هذه الرواية وضوحا وذلك من حديث جابر نفسه: أَنَّهُ قَالَ جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِىُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَعَدَ سُلَيْكٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّىَ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ ». قَالَ لاَ. قَالَ « قُمْ فَارْكَعْهُمَا ».فان سليك جلس قبل ان يصلي ركعتي تحية المسجد فامره النبي صلى الله عليه وسلم بهما فلم يبقى بعد هذا الوضوح متمسك للاستدلال برواية ابن ماجة على ما يسمى بسنة الجمعة القبلية.
وهذا مطلق عند دخول المسجد لصلاة الجمعة وغيره كما في رواية الامام مسلم وغيره عن أَبِى قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَىِ النَّاسِ - قَالَ - فَجَلَسْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ ». قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ. قَالَ « فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ ».

ثم ان هذه اللفظة (قبل ان تجيء) في رواية ابن ماجة قد تصحفت على بعض الرواة كما قال ابن القيم في زاد المعاد 1/435 : قَال شيخنا أبو الحجاج المزي : هذا تصحيف من الرواة إنما هو : أصليت قبل أن تجلس . فغلط فيه الناسخ وقال : وكتاب ابن ماجة إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيح البخاري ومسلم فإن الحفاظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما ، قَال : ولذلك وقع فيه أغلاط وتصحيف .انتهى
وقد مر معنا ان الامام الالباني حكم بشذوذ(هذه اللفظة) في رواية ابن ماجة.
ثالثا : واستدلوا بما نقل عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا )) .
أخرجه الطبراني. قال الحافظ ابن حجر[11]: وفي إسناده ضعف وانقطاع وقال النووي في الخلاصة : انه حديث باطل .وقال الامام الالباني[12] : منكر.
رابعا : واستدلوا بمارواه الامام عبد الرزاق في المصنف ( 5525 ) : عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال :
كان عبد الله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا.
قال الالباني في السلسلة الضعيفة تحت الحديث (1016) : وهذا سند صحيح لا علة فيه، وعطاء بن السائب وإن كان اختلط ؛ فالثوري قد روى عنه قبل الاختلاط.
قال مقيده : هذا الاثر عن ابن مسعود وكذلك الاثار المروية عن بعض الصحابة في الصلاة قبل الجمعة لا حجة فيها في الاستدلال على ما يسمى بسنة الجمعة القبلية بل ان جميع الادلة الواردة في ذلك انما تدل على مشروعية التنفل المطلق غير محصور بعدد ولا بوقت وليس السنة الراتبة ومن المعلوم عندنا ان التهجير والتبكير في يوم الجمعة مستحب ندب اليه النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليه في احاديث كثيره منها حديث سلمان الوارد في صدر هذه العجالة ومنها حديث ابن عمر و أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِىُّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنَ الإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا ». رواه ابو داود وصححه العلامة الالباني
خامسا : استدلالهم بحديث (بين كل اذنين صلاة)
قَال شيخ الإسلام ابن تيمية[13]: (( والصواب أن يقال : ليس قبل الجمعة سنة راتبة مقدرة ، ولو كان الأذانان على عهده فإنه قد ثبت عنه في الصحيح أنه قَال : (( بين كل أذانين صلاة بين كل أذانين صلاة بين كل ذانين صلاة ثم قَال في الثالثة : لمن شاء )) كراهية أن يتخذها الناس سنه فهذا الحديث الصحيح يدل على أن الصلاة مشروعة قبل العصر وقبل العشاء الأخرى وقبل المغرب وأن ذلك ليس بسنة راتبة وكذلك قد ثبت أن أصحابه كانوا يصلون بين أذاني المغرب وهو يراهم فلا ينهاهم ولا يأمرهم ولا يفعل هو ذلك فدل على أن ذلك فعل جائز .اه
قَال الحافظ ابن حجر[14] : وأما سنة الجمعة التي قبلها فلم يثبت فيها شيء.
وجاء في عون المعبود شرح صحيح ابي داود – باب الصلاة بعد الجمعة ما نصه :وقَال أبو بكر بن المنذر : روينا عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الجمعة اثنتى عشرة ركعة وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يصلي ثماني ركعات.
وهذا دليل على أن ذلك منهم من باب التطوع من قبل أنفسهم من غير توقيت من النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذلك اختلف العدد المروي عنهم . وباب التطوع مفتوح ، ولعل ذلك يقع منهم أو معظمه قبل الأذان ودخول وقت الجمعة لأنهم كانوا يبكرون ويصلون حتى يخرج الإمام وقد فعلوا مثل ذلك في صلاة العيد وقد علم قطعا أن صلاة العيد لاسنة لها ، وكانوا يصلون بعد ارتفاع الشمس في المصلى وفي البيوت ثم يصلون العيد ، روى ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين وبوب له البيهقي بابا في سننه .
ثم الدليل على صحة ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من بيته يوم الجمعة فيصعد منبره ثم يؤذن المؤذن فإذا فرغ أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في خطبته ولو كان للجمعة سنة قبلها لأمرهم بعد الأذان بصلاة السنة وفعلها هو - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الأذان الَّذِي بين يدي الخطبة وعلى ذلك مذهب المالكية إلى الآن))اهـ .
قال مقيده :
ومن المعلوم عند كل من له معرفة بالسنة ان النبيe لم يكن يؤذن في عهده للجمعة الا آذان واحد حين يرتقي المنبر وكذلك في عهد ابي بكر وعمر حتى زاد الآذان الثالث عثمان روى الامام البخاري في الصحيح عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الزَّوْرَاءُ مَوْضِعٌ بِالسُّوقِ بِالْمَدِينَةِ
فالصلاة مشروعة مطلقة من صبيحة الجمعة حتى يرتقي النبي eالمنبر غير محددة بعدد ولا بزمن معين.
ولا يقال ان الآذان الذي زاده عثمان أذان شرعي والنبيeيقول ما بين كل آذانين صلاة.فان آذان عثمان كان يؤذن به لاهل الاسوق على موضع يقال له الزوراء كما في رواية البخاري اعلاه لكي ينتبهوا لاقتراب الصلاة ولم يكن يؤذن به في المسجد وهو مثل الآذان الاول للفجر القصد منه التنبيه والتأهب وليس هناك من اهل العلم من يقول بوجود سنة راتبة بين آذاني الفجر.
هذا وقد ذهب بعض اهل العلم الى ان قوله e (بين كل آذانين صلاة) اي الآذان والاقامة وليس بين آذان وآذان. ولو سلمنا بصحة استدلالهم بحديث (بين كل آذنين صلاة) فلا يدل ذلك على وجود سنة راتبة مطلقا بل معناه ان الصلاة حينئذ مشروعة كما هو الشأن في صلاة المغرب والعشاء.
ملخص البحث:
اولا: ليس للجمعة سنة قبلية راتبة بل هي سنة مطلقة غير محددة بعدد ولا بوقت بل هي مشروعة من الساعة الاولى للجمعة حتى نهاية الساعة الخامسة وذلك عندما يرتقي الخطيب المنبر.وعلى ذلك دلت الاحاديث الواردة في هذا الباب ومنها ما رواه البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.
ومنها حديث (من غسل واغتسل وبكر وابتكر)
فالسنة يوم الجمعة التبكير والشروع بالعبادات من صلاة وذكر وقراءة قرءآن وبذلك جائت الروايات(فصلى ما شاء الله له ) (فصلى ماقدر له) (فيركع إن بدا له) (ثم يصلي ما كتب له) (وركع ما قضى له)

ثانيا:تحديد السنة قبل الجمعة باربع ركعات او اثنتين وتحديدها بعد الاذان الاول من البدع الاضافية اذ البدع نوعان حقيقية واضافية فتحديد ما لم يحدده الشارع بعدد او بوقت او بهيئة او صفة هو من البدع الاضافية التي ينهى عنها ويحذر منها.
ولذلك قال ابن الحاج في كتابه المدخل ( 2 / 239 ) : " وينهي الناس عما أحدثوه من الركوع بعد الأذان الأول للجمعة لأنه مخالف لما كان عليه السلف رضوان الله عليهم لأنهم كانوا على قسمين : فمنهم من كان يركع حين دخوله المسجد ولا يزال كذلك حتى يصعد الإمام المنبر فإذا جلس عليه قطعوا تنفلهم ومنهم من كان يركع ويجلس حتى يصلي الجمعة ولم يحدثوا ركوعا بعد الأذان الأول ولا غيره فلا المتنفل يعيب على الجالس ولا الجالس يعيب على المتنفل وهذا بخلاف ما هم اليوم يفعلونه فإنهم يجلسون حتى إذا أذن المؤذن قاموا للركوع .
قال مقيده: ولذلك اختلف العدد المروي عن الصحابة كم كان يصلون قبل الجمعة فالمنقول عن بن عمر (اثنا عشر ركعة)[15] اخرجه عبد الرزاق في المصنف والمنقول عن ابن عباس (ثمان ركعات)[16] اخرجه ابن المنذر وعن ابن مسعود (اربع ركعات) اخرجه عبدالرزاق في المصنف وصححه الامام الالباني[17]
فدل ذلك ان النبي e لم يوقت لهم ذلك ولم يحدده بل هو مطلق قي العدد والوقت .
ثالثا: لم يكن النبي e يصلي قبل الجمعة شيء فان ذلك لم ينقل بحديث صحيح والاحاديث الصحيحة تدل على خلافه منها ما جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر (( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين )) .
فذكر الصلاة قبل الظهر وبعدها وبعد المغرب وبعد العشاء وبعد الجمعة ولم يذكر قبل الجمعة شيء وهذا انسب مكان لذكرها لو كان يصليها .ثم ان النبيeكان يخرج من بيته ويرتقي المنبر فيشرع المؤذن بالآذان فاذا سكت المؤذن شرع بالخطبة فمتى كان الصحابة يصلون ما يسمى بسنة الجمعة القبلية ولم يكن هناك غير آذان واحد.
رابعا : الآذان الذي زاده عثمان t كان قبل دخول الوقت وليس في المسجد بل في السوق لاهل السوق وهولاء المتمسكون به يجعلونه بعد دخول الوقت ويجعلونه في المساجد فذهب المقصد الذي اراده عثمان t من هذا الآذان .ثم انه ليس ثمت حاجة لهذا الاذان اليوم لامور كثيرة منها كثرة وسائل التنبيه من الاذاعات والساعات اليدوية وغيرها واتخاذ المسلمين يوم الجمعة عطلة رسمية في جميع البلاد الاسلامية ثم ان هؤلاء يقرأون القرءآن يوم الجمعة قبل الصلاة بنحو ساعة او نصف ساعة الا يكفي ذلك تنبيها لصلاة الجمعة.
وبعد ما تبينا لنا مما جاء في ثنايا هذا المبحث فلا يسع مريد الحق وطالب العلم الشرعي المنضبط باصول التلقي والاستدلال والبحث العلمي المعتبر لايسعه الا القول بعدم وجود سنة قبلية راتبة للجمعة بل هي نافلة مطلقة في العدد والوقت
قال شيخ الاسلام: وقد احتج بعض الناس على الصلاة قبل الجمعة بقوله : [ بين كل أذانين صلاة ] وعارضه غيره فقال : الأذان الذي على المنائر لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولكن عثمان أمر به لما كثر الناس على عهده ولم يكن يبلغهم الأذان حين خروجه وقعوده على المنبر ويتوجه أن يقال هذا الأذان لما سنه عثمان واتفق المسلمون عليه صار أذانا شرعيا وحينئذ فتكون الصلاة بينه وبين الأذان الثاني جائزة حسنة وليست سنة راتبة كالصلاة قبل صلاة المغرب وحينئذ فمن فعل ذلك لم ينكر عليه ومن ترك ذلك لم ينكر عليه وهذا أعدل الأقوال وكلام الإمام أحمد يدل عليه
وحينئذ فقد يكون تركها أفضل إذا كان الجهال يظنون أن هذه سنة راتبة أو أنها واجبة فتترك حتى يعرف الناس أنها ليست سنة راتبة ولا واجبة لا سيما إذا داوم الناس عليها فينبغي تركها أحيانا حتى لا تشبه الفرض كما استحب أكثر العلماء أن لا يداوم على قراءة السجدة يوم الجمعة مع أنه قد ثبت في الصحيح أن النبى صلى الله عليه و سلم فعلها فإذا كان يكره المداومة على ذلك فترك المداومة على ما لم يسنه النبي صلى الله عليه و سلم أولى وإن صلاها الرجل بين الأذانين أحيانا لأنها تطوع مطلق أو صلاة بين الأذانين كما يصلي قبل العصر والعشاء لا لأنها سنة راتبة فهذا جائز وإن كان الرجل مع قوم يصلونها فإن كان مطاعا إذا تركها - وبين لهم السنة - لم ينكروا عليه بل عرفوا السنة فتركها حسن وإن لم يكن مطاعا ورأى أن في صلاتها تأليفا لقلوبهم إلى ما هو أنفع أو دفعا للخصام والشر لعدم التمكن من بيان الحق لهم وقبولهم له ونحو ذلك فهذا أيضا حسن .
قال مقيده : قوله (ورأى أن في صلاتها تأليفا لقلوبهم ) يعني النافلة المطلقة فتنبه.
فائدة اصولية ومنهجية من كلام شيخ الاسلام:
فالعمل الواحد يكون فعله مستحبا تارة وتركه تارة باعتبار ما يترجح من مصلحة فعله وتركه بحسب الأدلة الشرعية والمسلم قد يترك المستحب إذا كان في فعله فساد راجح على مصلحته كما ترك النبي صلى الله عليه و سلم بناء البيت على قواعد إبراهيم وقال لعائشة : [ لولا أن قومك حديثو عهد بالجاهلية لنقضت الكعبة ولألصقتها بالأرض ولجعلت لها بابين بابا يدخل الناس منه وبابا يخرجون منه ] والحديث في الصحيحين فترك النبي صلى الله عليه و سلم هذا الأمر الذي كان عنده أفضل الأمرين للمعارض الراجح وهو حدثان عهد قريش بالإسلام لما في ذلك من التنفير لهم فكانت المفسدة راجحة على المصلحة
ولذلك استحب الأئمة أحمد وغيره أن يدع الإمام ما هو عنده أفضل إذا كان فيه تأليف المأمومين مثل أن يكون عنده فصل الوتر أفضل بأن يسلم في الشفع ثم يصلي ركعة الوتر وهو يؤم قوما لا يرون إلا وصل الوتر فإذا لم يمكنه أن يتقدم إلى الأفضل كانت المصلحة الحاصلة بموافقته لهم بوصل الوتر أرجح من مصلحة فصله مع كراهتهم للصلاة خلفه وكذلك لو كان ممن يرى المخافتة بالبسملة أفضل أو الجهر بها وكان المأمومون على خلاف رأيه ففعل المفضول عنده لمصلحة الموافقة والتأليف التي هي راجحة على مصلحة تلك الفضيلة كان جائزا حسنا وكذلك لو فعل خلاف الأفضل لأجل بيان السنة وتعليمها لمن لم يعلمها كان حسنا مثل أن يجهر بالاستفتاح أو التعوذ أو البسملة ليعرف الناس أن فعل ذلك حسن مشروع في الصلاة كما ثبت في الصحيح أن عمر بن الخطاب جهر بالاستفتاح فكان يكبر ويقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك قال الأسود بن يزيد : صليت خلف عمر أكثر من سبعين صلاة فكان يكبر ثم يقول ذلك رواه مسلم في صحيحه ولهذا شاع هذا الاستفتاح حتى عمل به أكثر الناس وكذلك كان ابن عمر وابن عباس يجهران بالاستعاذة وكان غير واحد من الصحابة يجهر بالبسملة وهذا عند الأئمة الجمهور الذين لا يرون الجهر بها سنة راتبة كان يعلم الناس أن قراءتها في الصلاة سنة كما ثبت في الصحيح أن ابن عباس صلى على جنازة فقرأ بأم القرآن جهرا وذكر أنه فعل ذلك ليعلم الناس أنها سنة وذلك أن الناس في صلاة الجنازة على قولين :
منهم من لا يرى فيها قراءة بحال كما قاله كثير من السلف وهو مذهب أبي حنيفة ومالك
ومنهم من يرى القراءة فيها سنة كقول الشافعي وأحمد لحديث ابن عباس هذا وغيره
ثم من هؤلاء من يقول القراءة فيها واجبة كالصلاة
ومنهم من يقول : بل هي سنة مستحبة ليست واجبة وهذا أعدل الأقوال الثلاثة فإن السلف فعلوا هذا وهذا وكان كلا الفعلين مشهورا بينهم كانوا يصلون على الجنازة بقراءة وغير قراءة كما كانوا يصلون تارة بالجهر بالبسملة وتارة بغير جهر بها وتارة باستفتاح وتارة بغير استفتاح وتارة برفع اليدين في المواطن الثلاثة وتارة بغير رفع اليدين وتارة يسلمون تسليمتين وتارة تسليمة واحدة وتارة يقرأون خلف الإمام بالسر وتارة لا يقرأون وتارة يكبرون على الجنازة أربعا وتارة خمسا وتارة سبعا كان فيهم من يفعل هذا وفيهم من يفعل هذا كل هذا ثابت عن الصحابة
كما ثبت عنهم أن منهم من كان يرجع في الأذان ومنهم من لم يرجع فيه
ومنهم من كان يوتر الإقامة ومنهم من كان يشفعها وكلاهما ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم
فهذه الأمور وإن كان أحدها أرجح من الآخر فمن فعل المرجوح فقد فعل جائزا وقد يكون فعل المرجوح أرجح للمصلحة الراجحة كما يكون ترك الراجح أرجح أحيانا لمصلحة راجحة وهذا واقع في عامة الأعمال فإن العمل الذي هو في جنسه أفضل قد يكون في مواطن غيره أفضل منه كما أن جنس الصلاة أفضل من جنس القراءة وجنس القراءة أفضل من جنس الذكر وجنس الذكر أفضل من جنس الدعاء ثم الصلاة بعد الفجر والعصر منهي عنها والقراءة والذكر والدعاء أفضل منها في تلك الأوقات وكذلك القراءة في الركوع والسجود منهى عنها والذكر هناك أفضل منها والدعاء في آخر الصلاة بعد التشهد أفضل من الذكر وقد يكون العمل المفضول أفضل بحسب حال الشخص المعين لكونه عاجزا عن الأفضل أو لكون محبته ورغبته واهتمامه وانتفاعه بالمفضول أكثر فيكون أفضل في حقه لما يقترن به من مزيد عمله وحبه وارادته وانتفاعه كما أن المريض ينتفع بالدواء الذي يشتهيه ما لا ينتفع بما لا يشتهيه وإن كان جنس ذلك أفضل
ومن هذا الباب صار الذكر لبعض الناس في بعض الأوقات خيرا من القراءة والقراءة لبعضهم في بعض الأوقات خيرا من الصلاة وأمثال ذلك لكمال انتفاعه به لا لأنه في جنسه أفضل
وهذا الباب باب تفضيل بعض الأعمال على بعض إن لم يعرف فيه التفضيل وأن ذلك قد يتنوع بتنوع الأحوال في كثير من الأعمال وإلا وقع فيها اضطراب كثير فإن في الناس من إذا اعتقد استحباب فعل ورجحانه يحافظ عليه ما لا يحافظ على الواجبات حتى يخرج به الأمر إلى الهوى والتعصب والحمية الجاهلية كما تجده فيمن يختار بعض هذه الأمور فيراها شعارا لمذهبه
ومنهم من إذا رأى ترك ذلك هو الأفضل يحافظ أيضا على هذا الترك أعظم من محافظته على ترك المحرمات حتى يخرج به الأمر إلى اتباع الهوى والحمية الجاهلية كما تجده فيمن يرى الترك شعارا لمذهبه وأمثال ذلك وهذا كله خطأ
والواجب أن يعطى كل ذي حق حقه ويوسع ما وسعه الله ورسوله ويؤلف ما ألف الله بينه ورسوله ويراعي في ذلك ما يحبه الله ورسوله من المصالح الشرعية والمقاصد الشرعية ويعلم أن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه و سلم وأن الله بعثه رحمة للعالمين بعثه بسعادة الدنيا والآخرة في كل أمر من الأمور وأن يكون مع الإنسان من التفصيل ما يحفظ به هذا الإجمال وإلا فكثير من الناس يعتقد هذا مجملا ويدعه عند التفصيل : إما جهلا وإما ظلما وإما اتباعا للهوى فنسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.انتهى كلامه رحمه الله.

والله المسؤول ان يهدينا الى الحق ويجنبنا التعصب واتباع الهوى












[1]- قيام رمضان

[2]- نور على الدرب – الشريط 324 الوجه الثاني

[3]- الاجوبة النافعة

[4] - الفتاوى الكبرى (2/351)

[5]- زاد المعاد – باب – السنة بعد الجمعة

[6] - الفتح (2/426 )

[7] - فتح الباري - باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها

[8] - صحيح ابي داود – الصلاة بعد الجمعة

[9]- حكم الامام الالباني بشذوذ هذه الزيادة(قبل ان تجيء) – صحيح وضعيف سنن ابن ماجة(1114)

[10]- 1/434

[11]- الفتح (426/2)

[12]- السلسلة الضعيفة _ (1016)

[13] - الفتاوى (24/193-194)

[14]- فتح الباري - باب اذا راى الامام رجلا جاء وهو يخطب امره ان يصلي ركعتين

[15]- انظر الاجوبة النافعة

[16]- المصدر اعلاه

[17]- السلسلة الضعيفة تحت الحديث (1016)
__________________
أبو حسام الزوبعي
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-07-2012, 09:39 PM
العباسي العباسي غير متواجد حالياً
طالب في معهد البيضـاء العلميـة -وفقه الله-
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 62
شكراً: 1
تم شكره 3 مرة في 3 مشاركة
افتراضي

جزاكم الله خيرا و بارك فيكم

أخوكم في الله
أبو عبد الرحمن العباسي
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:26 AM.


powered by vbulletin