قصيدة مؤثرة جدا لٱبن رحب ٱلحنبلي رحمه ٱلله
قال بن رجب الحنبلي:
أفي دار الخراب تظل بني ** وتعمر ما لعمران خلقتا
وما تركت لك الأيام عذرا ** لقد وعظتك لكن ما اتعظتا
تنادي للرحيل بكل حينٍ** وتعلن إنما المقصود انتا
وتسمعك النداء وأنت لاهٍ **عن الداعي كأنك ما سمعتا
وتعلم أنه سفر بعيد ** وعن إعداد زاد قد غفلتا
تنام وطالب الأيام ساع ** وراءك لا ينام فكيف نمتا؟
معائب هذه الدنيا كثير ** وأنت على محبتها طبعتا
يضيع العمر في لعب ولهو ** ولو أعطيت عقلا ما لعبتا
فما بعد الممات سوى جحيم ** لعاصٍ أو نعيمٌ إن أطعتا
ولست بآمل ٍ ردًا لدنيا ** فتعمل صالحا فيما تركتا
وأول من ألوم اليوم نفسي ** فقد فعلت نظائرَ ما فعلتا
أيا نفسي أخوضا في المعاصي ** وبعد الأربعين َ وفيت ستَّا
وأرجو أن يطول العمرُ حتى ** أرى زاد الرحيل وقد تأتى
أيا غصن الشباب تميل زهوًا ** كأنك قد مضى زمنٌ وشبتا
علمت فدع سبيل الدهر واحذر ** وصيحةَ قد علمتَ وما علمتا
ويا مَن يجمع الأموال قُل لي ** أيمنعك الردى ما قد جمعتا ؟
ويا من يبتغي أمرا مطاعا ** ليسمعَ نافذا من قد أمرتا
عججت الى الولاية لا تبالي ** اجرت على البرية أم عدلتا ؟
ألا تدري بأنك يوم صارت ** إليك بغير سكين ذبحتا
وليس يقوم فرحةُ قد تولى ** بترحةِ يومَ تسمعُ قدْ عُزلتا
ترى الأيامَ تُبلي كلَّ غصنٍ ** وتطوي من سرورك ما نشرتا
وتعلم أنما الدنيا منام ** فأحلى ما تكون به انتبهتا
فكيف تُصدُّ عن تحصيل باقٍ ** وبالفاني وزخرفه شغلتا
هى الدنيا إذا سرتك يومًا ** تسوءك ضعف ما فيها سُررتا
تغرك كالسراب فأنت تسري ** إليه وليس تشعر قد غررتا
وتشهدُ كَم أبادت من حبيبٍ ** كأنك آمنٌ مما رأيت
وتدفنهم وترجع ذا سرورٍ ** بما قد نلت من إرثٍ أخذتا
(((وحرثا)) كما وردت بالقصيدة ولكنها مخالفة للقافية الى حد ما )
وتنساهم وأنت غدًا ستفنى ** كأنك ما خلقت ولا وجدتا
تحدث عنهم وتقول كانوا ** نعم كانوا كما والله كنتا
حديُثكَ هُمْ ،وأنت غدًا حديثٌ ** لغيرهم فأحسن ما استطعتا
يعود المرء بعد الموت ذكرا ** فكن حسنَ الحديثِ إذا ذُكِرتا
سلِ الأيامَ عن عمٍ وخالٍ ** ومالكَ والسؤالِ وقد علمتا
أست ترى ديارهم خلاء ** فقد أنكرت منها ما عرفتا
وقلت متأثرا بأبياتهم
-وجاهد في سبيل الله حتى* يَكُفَّ اللهُ بأسًا قد مَلِلْتَ
-وإن تنصر فرب العرش أكبر* جهدت وقد أجرت وقد نصرتَ
-و لاتشغل بدار قد تفتها * في ذاك الحين أو حينٍ جهلتَ
- وإن تلقى الممات فإنَّ فيه * رضاء الله عنك وقد ربحتَ
- وإن تغنم ففضل الله أزكى * فلا تكنز وأنفق ما غنمتَ
فدار الخلد مأوى كل حىٍ * سليمِ القلبِ لا قلبٌ أمَتَّ
للاستماع للقصيدة
منقول
__________________
قال ٱلإمام ٱلبربهاري -رحمه ٱلله تعالىٰ-:
«مثلُ أصحاب ٱلبدع مثلُ ٱلعقارب يدفنون رؤوسَهم وأبدانهم فِي ٱلتّراب، ويخرجون أذنابهم، فإذا تمكّنُوا لَدَغُوا، وكذلك أهلُ ٱلبدع هم مختفون بين ٱلناس، فإذا تمكنوا بلَّغُوا ما يريدون»[طبقات ٱلحنابلة:(2/44)]، و[ٱلمنهج ٱلأحمد:(2/31)].
|